تحديات الاقتصاد الجزائري.. تأثير العوامل الخارجية واتباع إصلاحات اقتصادية وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد ابرز عناوينها

 تحديات الاقتصاد الجزائري.. تأثير العوامل الخارجية واتباع إصلاحات اقتصادية وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد ابرز عناوينها

الإنتشار العربي :تحتل الجزائر المرتبة التاسعة بين دول منظمة أوبك من حيث إيرادات النفط، وتُعد واحدة من الدول الرائدة في هذا المجال. تم تصنيف الجزائر في المرتبة التاسعة بالنسبة لصافي عائدات صادرات النفط لدول أوبك خلال النصف الأول من عام 2008، حيث بلغت عائداتها حوالي 4 مليارات دولار وفقًا لتقديرات إدارة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية.
هذه الإحصائيات تؤكد دور الجزائر كلاعب رئيسي في صناعة النفط والغاز، وتبرز أهمية قطاع الطاقة في الاقتصاد الوطني. تعد الجزائر من الدول الرائدة في إنتاج النفط وتصديره، وتسعى جاهدة لتعزيز استدامة هذا القطاع وتنويع اقتصادها بواسطة تطوير قطاعات أخرى.
بفضل مواردها الطبيعية الوفيرة والتزامها بتطوير صناعة الطاقة، توفر الجزائر فرصًا اقتصادية هامة وتعزز دورها في المشهد العالمي للنفط والغاز. إن هذه الإحصائيات تسلط الضوء على أهمية الجزائر كدولة منتجة للنفط وتعزز مكانتها كلاعب رئيسي في سوق الطاقة العالمية.
اكتشافات النفط في الجزائر

في عام 2022، تمكنت الجزائر من تحقيق 7 اكتشافات نفطية وغازية، مما جعلها عامًا مميزًا لقطاع الوقود ودعم مكانة البلاد كمصدر موثوق لتصدير الغاز المسال، وهذا يساعدها على استغلال فرص التصدير بشكل أكبر.
وتم تحقيق أول اكتشاف نفطي للجزائر في شهر مارس/آذار، عندما عثرت شركة سوناطراك الجزائرية بالتعاون مع شركة إيني الإيطالية على بئر جديدة في منطقة زملة العربي بحوض بركين، وتقدر التقديرات الأولية لهذا الاكتشاف بحوالي 140 مليون برميل من النفط.
وتم اكتشاف العديد من الاحتياطيات النفطية والغازية في الجزائر. في حقل حاسي مسعود في شمال البلاد، تم العثور على الكشف الثاني في بئر ترسيم غرب عقلة الناصر-2، وتمت ملاحظة زيادة إجمالي احتياطي النفط في غرب عقلة الناصر 2 إلى 961 مليون برميل وفقًا للبيانات الرسمية.
أما الكشف الثالث فتم في منطقة “العوابد” بولاية البيض، حيث تم اكتشاف بئر “أولاد سيدي الشيخ-1” الذي ينتج يوميًا 925 برميل من النفط و 6,456 ألف متر مكعب من الغاز.
في منطقة عين إكر جنوب البلاد، تم العثور على مكمن للغاز بتدفق يبلغ 300 ألف متر مكعب من الغاز يوميًا و26 مترًا مكعبًا من المكثفات.
وفي نفس المنطقة، تم العثور أيضًا على الكشف الخامس بتدفق يبلغ 213 ألف متر مكعب من الغاز يوميًا و17 مترًا مكعبًا من المكثفات.
وبالتعاون مع شركة إيني الإيطالية، نجحت شركة سوناطراك الجزائرية في الكشف السادس بعد حفر بئر استكشافية في غرد أولاد جمعة غرب-1، حيث بلغ إنتاج النفط اليومي منها 1300 برميل و 51 ألف متر مكعب من الغاز المصاحب.
وفي أغسطس/آب 2022، تم العثور على الكشف السابع في بئر حاسي إيلاتو شرق بولاية أدرار، وهو يشكل مكامن جديدة للنفط بإنتاج يتراوح بين 48 و150 مليون برميل.
هذه الاكتشافات المتعددة تدعم قطاع الوقود في الجزائر وتعزز مكانتها كدولة موثوقة في تصدير الغاز المسال، وتتيح لها فرصًا جديدة في التصدير.
حصة إنتاج النفط في الجزائر ضمن تحالف أوبك+

في إطار تحالف أوبك+، قررت الجزائر تخفيض إنتاجها النفطي بشكل طوعي بمقدار 48 ألف برميل يوميًا. وبناءً على ذلك، تغيرت حصة الجزائر في إنتاج النفط ضمن تحالف أوبك+، حيث انخفضت من 1.007 مليون برميل يوميًا إلى 959 ألف برميل يوميًا، وذلك وفقًا لسياسة الإنتاج التي تمت الموافقة عليها في تحالف أوبك+ بدءًا من نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
يذكر أن تحالف أوبك+ قد اتفق على خفض إجمالي إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 حتى ديسمبر/كانون الأول 2023. هذا القرار يهدف إلى تعزيز استقرار أسواق النفط وتوازن العرض والطلب، وقد شاركت الجزائر بنشاط في هذا الجهد العالمي لضبط إنتاج النفط وضمان استدامة السوق العالمية للمحروقات.
يعتبر قطاع النفط والغاز الطبيعي هو المحرك الرئيسي للاقتصاد الجزائري، حيث يشكل الإيرادات النفطية نسبة كبيرة من الإيرادات العامة للبلاد. تصدر الجزائر كميات كبيرة من النفط والغاز، وتعد من أكبر المنتجين والمصدرين للغاز الطبيعي في العالم. وتعمل الحكومة على استغلال هذه الموارد بشكل فعال وزيادة الاستثمارات في قطاع الطاقة لتحقيق النمو الاقتصادي.
علاوة على ذلك، يشهد قطاع التعدين في الجزائر تطورًا ملحوظًا. تمتلك البلاد موارد ثرية من المعادن مثل الفوسفات والزنك والرصاص والحديد، وتعمل على زيادة الاستثمارات في هذا القطاع لتعزيز صادرات المعادن وتوفير فرص عمل جديدة.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى الجزائر إلى تعزيز قطاع الصناعة والتحول الصناعي لتحقيق التنمية الشاملة. تتركز الجهود على تطوير الصناعات التحويلية مثل الصناعات الغذائية والمنسوجات والكيماويات والسيارات، وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية في هذه القطاعات.
قطاع الخدمات أيضًا يشهد نموًا ملحوظًا في الجزائر، حيث تتطور البنية التحتية وتوسعت القطاعات المالية والتجارية والسياحية. تعتبر السياحة مجالًا مهمًا لتنويع الاقتصاد وتعزيز العائدات غير النفطية.
الوضع المعيشي في الجزائر
أعلنت السلطات الجزائرية مؤخرًا عن زيادات في أجور العمال ومعاشات المتقاعدين، ومنحة العاطلين عن العمل، وذلك في إطار موازنة عام 2023 التي تعتبر الأكبر في تاريخ البلاد بقيمة تقارب 98 مليار دولار.
تهدف هذه الزيادات إلى حماية جيوب المواطنين في ظل التحديات التي تواجه الاقتصاد الجزائري، مثل ارتفاع تكاليف المعيشة وارتفاع معدلات التضخم. وقد صادق الرئيس عبد المجيد تبون على هذه الزيادات التي تأتي بنسبة 47% للقطاع العام على مدى السنتين 2023 و 2024.
وتشمل الزيادات رواتب العاملين بما يتراوح بين 4500 و8500 دينار (32 و62 دولارًا)، وهذه الزيادات ستتم على مدى السنوات الثلاث 2022، 2023، و 2024. كما ستشهد معاشات المتقاعدين زيادة مرتبطة بالحد الأدنى المضمون للأجور في الجزائر، ومنحة البطالة سترتفع أيضًا.
تعتبر هذه الزيادات الأولى من نوعها في الجزائر منذ أكثر من 15 عامًا، حيث يعود آخر زيادات في الرواتب إلى عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة في عام 2007.
من المتوقع أن تستفيد زيادات الأجور من حوالي 2.8 مليون عامل في القطاع العام، و1.9 مليون شخص بطالة، ونحو مليوني متقاعد يتلقون معاشات ضعيفة والذين ساهموا في صندوق التقاعد لمدة تزيد عن 15 سنة. هذه الزيادات تأتي في إطار الجهود الحكومية لتحسين الأوضاع المعيشية لهؤلاء الفئات وتحفيز الاقتصاد المحلي.
القطاع الخاص في الجزائر
موازنة عام 2023 ستغطي تكاليف الزيادات التي تمت الموافقة عليها، وذلك بفضل ارتفاع إيرادات النفط والغاز بشكل كبير، إذ من المتوقع أن تتضاعف هذه الإيرادات مقارنة بالعام الحالي، حيث ارتفعت الموازنة من 46 مليار دولار في العام الحالي إلى 98 مليار دولار في العام المقبل. يعود ذلك جزئياً إلى انخفاض الواردات بنسبة حوالي 40 بالمائة، مما يؤدي إلى زيادة الاحتياطي النقدي إلى 60 مليار دولار في الوقت الحالي.
من المتوقع أن تتأثر زيادات الأجور في القطاع العام بالرقم الاستدلالي، الذي يؤدي إلى ترقية الموظفين وزيادة منحة المردودية. وقد أدى هذا التأثير إلى تنافس الموظفين في توقعاتهم للزيادات القادمة في الرواتب قبل تنفيذها في يناير/كانون الثاني 2023.
التضخم في الجزائر
تأتي الزيادات التي وعد بها الرئيس عبد المجيد تبون في منتصف فترة رئاسته كهدية للجزائريين. ومع ذلك، تتزامن هذه الزيادات مع ارتفاع مستويات التضخم التي تجاوزت توقعات الحكومة. وفقًا للديوان الجزائري الحكومي، بلغت نسبة التضخم 9.7 بالمائة في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. ويستمر الدينار الجزائري في استقراره على مستويات منخفضة مقابل العملات الأجنبية، حيث فقد نحو 37 بالمائة من قيمته أمام الدولار واليورو خلال عام 2022.

تشير التحليلات إلى أن ثروة الجزائر الهائلة من الموارد الطبيعية لم تعد كافية لإخفاء تخلف اقتصاد البلاد عن جيرانها، ومن المتوقع أن تواجه البلاد صعوبات خطيرة في المستقبل، حيث يتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي للفرد أدنى مستوى في المنطقة بحلول عام 2028.
في عام 2021، سجلت الجزائر أدنى مستوى للناتج المحلي الإجمالي للفرد بين الدول المغاربية الثلاثة، وهذا يشير إلى تراجع الأداء الاقتصادي. وعلى الرغم من ارتفاع مؤقت في الناتج المحلي الإجمالي للفرد في العام التالي بسبب زيادة أسعار المحروقات، إلا أن التحليل يشير إلى أن هذا الارتفاع كان استثنائيًا ومؤقتًا.
تأثرت أسعار المحروقات بشكل كبير بالأحداث العالمية، مثل الغزو الروسي لأوكرانيا وتدابير خفض الإنتاج التي اتخذتها منظمة أوبك و”أوبك بلس”. وهذا يعكس تأثير العوامل الخارجية على الاقتصاد الجزائري، وقد يزيد من التحديات التي تواجهها البلاد في المستقبل.
لذا، ينبغي على الجزائر أن تعمل على تعزيز وتنويع اقتصادها وتحسين بيئة الاستثمار، والاستفادة بشكل أفضل من مواردها الطبيعية لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستوى معيشة سكانها. كما يتطلب الأمر تنفيذ إصلاحات اقتصادية وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، وذلك للتغلب على التحديات الاقتصادية المستقبلية وتحقيق تقدم حقيقي في البلاد.

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *