هل فقد الجيش الإسرائيلي السّيطرة على الضفّة الغربيّة مثلما تنبّأ أحد جِنرالاته؟ ومن هو البديل الأكثر حظًّا لخِلافة عبّاس وسُلطته؟ ولماذا تتصاعد العمليّات الفدائيّة التي تستهدف تل أبيب هذه الأيّام؟
الإنتشار العربي :عبد الباري عطوان
مُعظم التطوّرات في الأراضي الفِلسطينيّة المُحتلّة تسير على غير ما تشتهيه السّلطة الفِلسطينيّة ورئيسها محمود عبّاس، ابتداءً من فشل مؤتمر أمناء الفصائل في العلمين الأسبوع الماضي، وانتهاءً بقرارات المجلس الوزاري الإسرائيلي المُصغّر التي صدرت أمس الأحد بتجميد تحويل أموالٍ لها (أي السّلطة) ووقف تقديم أيّ تسهيلاتٍ أُخرى تتعلّق بتنقّل قِيادتها، وتشغيل مُؤسّساتها.
هذه القرارات الإسرائيليّة تُصيب السّلطة في مقتل، لأنّ المال هو العمود الفقري لبقائها، وبُدونه ستعجز عن دفع مُخصّصات أكثر من 160 ألف مُوظّف مُقيّدين في دفاترها، ممّا يُعجّل بانهِيارها، وتبخّر شعبيّتها، أو ما تبقّى منها، وهي على أيّ حال لا تزيد عن 5 بالمِئة حسب التّقديرات الإسرائيليّة، ولهذا فإنّ هذا الانهِيار سيكون هديّة قيّمة للنّسبة الباقية التي تُعارضها من الشّعب الفِلسطيني في الدّاخل المُحتل، والتي لا تقلّ عن 95 بالمِئة.
البحث عن بَديلٍ للسّلطة يتزايد هذه الأيّام، للأسبابِ المذكورة آنفًا، علاوةً على تدهور صحّة رئيسها محمود عبّاس، وتراجُع قُدراتها، وقوّاتها الأمنيّة (60 ألفًا) في تقديم الخدمات اللّازمة لتوفير الحِماية للمُستوطنين ومنْع العمليّات الفدائيّة بالتّالي.
غضبة نِتنياهو وقادة أجهزته الأمنيّة على السّلطة، التي تمثّلت في تجميد الأموال المُخصّصة لها، جاءت بعد العمليّة الأخيرة (يوم السّبت الماضي) التي تمثّلت في إقدام شاب بإطلاق النّار على رجالِ أمنٍ إسرائيليين في قلب مدينة تل أبيب، وقتل أحدهم، وإصابة اثنين آخرين، إحداهما خطيرة.
عمليّات إطلاق النّار على جُنود ومُستوطنين إسرائيليين، وفي قلبِ العاصمة الاقتصاديّة لدولة الاحتِلال (تل أبيب) والمُستوطنات الكُبرى في غلافِ القدس المُحتلّة مِثل معاليه أدوميم (أُصيب خمسة في مُستوطنيها في عمليّةٍ مُماثلةٍ قبل أُسبوعين)، باتت شِبه يوميّة، وربّما تتصاعد في الأيّام والأسابيع المُقبلة حيث نشرت صُحف عبريّة نقلًا عن مسؤولين كِبار في الأمن قولهم إن حركتيّ “حماس” والجهاد الإسلامي” ستُكثّفان عمليّاتهما في قلب تل أبيب لمُضاعفة الهزائم النفسيّة والمعنويّة لمُستوطني دولة الاحتِلال، وهزّ أمنِها واستِقرارها، ولهذا السّبب حذّر العقيد احتِياط كوبي ميروم من أنّ الجيش والشّرطة وجهاز الأمن الدّاخلي الشّاباك قد فقدوا السّيطرة في الضفّة الغربيّة، والدّاخل المُحتل، ولعبت جرائم المُستوطنين دورًا مُهِمًّا في هذا الصّدد.
المآزق الإسرائيليّة كثيرةٌ هذه الأيّام، في ظِل التحدّيات المُتصاعدة، خاصّةً في جنوب لبنان، حيث تتصاعد تهديدات “حزب الله” واستِفزازاته بكثرةٍ على الحُدود، لكنّ المأزق الأهم في الوقتِ الحاضِر هو كيفيّة التّعاطي مع حالةِ الفوضى التي يُمكن أن تسود الضفّة الغربيّة في حالِ انهِيار السّلطة، ويبدو أنّه باتَ وشيكًا، ووفاة رئيسها عبّاس في ظِل التّقارير المُتواترة عن تدهور أوضاعه الصحيّة، حيث بات يتحرّك بصُعوبةٍ بالغة، وبمُساعدة اثنين من مُساعديه، والأعمار بِيَدِ الله.
جميع المُرشّحين المُتنافسين على الخِلافة غير مُؤهّلين لمَلء الفراغ، ومهما تبارزوا في استِعداداتهم، ووعودهم، وتودّدهم، لدولة الاحتِلال، وأكّد لنا مصدر مُقرّب من قيادة السّلطة الأردنيّة، إنّ الفوضى الدمويّة قد تكون هي البديل، وأن البحث جارٍ وبجديّة عن انعكاساتِ هذا السّيناريو على الأردن وآمنِه واستِقراره، وأبرزها “التّرانسفير” وإبعاد مِئات الآلاف إلى الجانبِ الشرقيّ من نهرِ الأردن.
بعض خُلفاء الرئيس عبّاس، مِثل حسين الشيخ أمين سِر اللجنة التنفيذيّة والمدعوم أمريكيًّا وإسرائيليًّا، لم يتلقّ أيّ دعوةٍ من حُكوماتٍ عربيّةٍ لزيارتها، بِما في ذلك الأردن، وما زالت القِيادة السوريّة تبحث طلبًا تقدّم به لزيارة دمشق، وهُناك من يهمس بأنّ هذا البحث سيطول، أمّا اللواء ماجد فرج حليفه العسكري ورئيس المُخابرات وقوّات الأمن، فمن غير المُعتقد أنه سيزور بيروت مرّةً أُخرى، بعد الضجّة التي ترتّبت على زيارته الأخيرة قبل أُسبوعين، وجرى ربطها من قِبَل البعض بالصّدامات الدمويّة التي وقعت في مُخيّم “عين الحلوة” الأُسبوع الماضي.
لا تُتعِبوا أنفسكم، ووفّروا جُهودكم، لأنّ بديل السّلطة هي كتائب القسّام، وسرايا القدس، وعرين الأسود، وكتائب شُهداء الأقصى، وأيّ بدائل أُخرى يبحث عنها نِتنياهو وبعض حُلفائه في دُول الجِوار فحُظوظها معدومة.. والأيّام بيننا.