نظام أم لا نظام عالمي جديد؟

 نظام أم لا نظام عالمي جديد؟

اسيا العتروس

اسيا العتروس
على وقع الاحداث و التطورات المتسارعة شرقا و غربا وفي ظل استمرار تداعيات الحرب الروسية في اوكرانيا وما يمكن أن تؤول اليه لاحقا بعد انتهاء المعارك و في ظل موسم الانقلابات في القارة الافريقية و ما سبقها من شراكات جديدة تسعى لاستباق الاحداث والتاسيس لتحالفات مالية واقتصادية و امنية وعسكرية من البريكست الى مجموعة العشرين وطريق الحرير تتواتر التقارير والدراسات التي ينكب عليها النخب في مراكز البحوث والدراسات لاستشراف القادم والتفرد بموقع ضمن النظام العالمي الجديد الذي يبدو واضحا أنه في حالة مخاض مستمر وهو مخاض عسير و معقد و قد لا تتضح ثماره قريبا بل قد يكون له تصنيف جديد ضمن الانظام بالنظر الى حالة الفوضى و الانفلات الحاصلة في المشهد الدولي وحمى التنافس الحاصل بين القوى الكبرى المنفلتة في مسار القبض على مصالحها الاستراتيجة و الحد ربما من طموحات مفرطة لقوى بدأت تفرض نفسها على المشهد و تخرج من دائرة المهادنة الى دائرة القيادة والتموقع بعد ان قطعت خطوات عملاقة في مجال النمو الاقتصادي و التطور …ومن ذلك الدور الصيني النشيط على أكثر من جبهة بعد أن باتت الصين القوة الاقتصادية الثانية عالما و الهند التي باتت تنتافس القوى الاقتصادية و العسكرية بما تحقق لها من قدرات في مختلف المجالات الاقتصادية والعسكرية والنووية والفضائية …
نقول هذا الكلام على وقع مرور ستين عاماً على انشاء ما يعرف بالخط الاحمر أو ما يعرف بهاتف إدارة الأزمات بين واشنطن وموسكو.. وهو الخط الذي استحدث بعد أزمة الصواريخ في كوبا في 1962 إذ اتفق الرئيس الأميركي جون كينيدي والزعيم السوفييتي نيكيتا خروتشوف على أن العالم كاد يدخل في نزاع نووي جراء هذه الأزمة…

وسمح خط الاتصال الشهير بتوجيه رسائل تحذير بين واشنطن وموسكو, في البداية، عمدت وزارة الدفاع الأميركية الذي كانت تدير هذه الاتصالات من الجانب الأميركي إلى إرسال معلومات متفرقة مثل نتائج مباريات رياضة البيسبول، في حين كان الكرملين يفضل إرسال مقتطفات أدبية روسية لاختبار الخط ..
استخدم الخط للمرة الأولى في نوفمبر 1963، فقد جاء في الرسالة الصادرة من الولايات المتحدة أن الرئيس كينيدي اغتيل…ويفيد مسؤولون أميركيون بأن الرئيس الأميركي ليندون جونسون والزعيم السوفييتي أليكسي كوسيغين تبادلا 19 رسالة خلال هذا النزاع…
ويبدو انه تم في 2008 استبدال الخط الأحمر بخدمة بريد إلكتروني يخضع لإجراءات أمنية مشددة. و سبق للرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما استخدام هذه الخدمة للاحتجاج لدى نظيره الروسي ڤلاديمير بوتين على تدخل موسكو المفترض في الانتخابات الرئاسية الأميركية…
الوضع الراهن دوليا يؤكد أن زمن الخط الاحمر تجاوزه الزمن و أن حرب التصريحات حلت محلها منذ اندلاع الحرب الروسية في اوكرانيا لاختبار النوايا و ما يمكن أن تصل اليه التهديدات بشأن حرب نووية قد لا تبق و لا تذر …و هو ما يعني أن نتائج الحرب في اورانيا ستكون مصيرية لكل الاطراف فواشنطن تراهن على اضعاف روسيا و تدفع اوروبا الى تبني توجهاتها في اوكرانيا و تواصل تسليح اوكرانيا و تصر على دعمها حتى الانتصار ترفض في المقابل انضمام كييف الى الحلف الاطلسي تجنبا للمواجهة مع موسكو التي تصر في المقابل على توسيع شراكاتها و البحث عن تحالفات عسكرية جديدة شرقا تمنحها مع الصين حصانة قوية و تجعلها محطة مغرية للدول النامية و دول العالم الثالث التي تبحث عن مظلة خارج المظلة الامريكية و هو ما يتضح عبر شراكة البريكس التي قد تنضج ثمارها بعد عقود من الان …
في الجانب الاخر تبقى كوريا الشمالية مصرة على تحدي النظام العالمي القائم من خلال مواصلة التحدي و تكرار عمليات اطلاق الصواريخ و تنشيط البرنامج النووي لبيونغ يانغ ..
و سبق للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ ان صرح بان بلاده قوة نووية و هو امر لا رجعة فيه …
الصين و في المنظور القريب تستعد لعقد منتدى الحزام و الطريق في دورته الثالثة و هي مبادرة عالمية وجب التذكير انها تعمل على ربط الصين مع اسيا و افريقيا و اوروبا برا و بحرا ..اللقاء ربما يسبقه زيارة مرتقبة للرئيس الروسي بوتين الى بيكين بما يمكن ان يحدد في المدى القريب التوجهات الاستراتيجية لموسكو و بيكين و لكن ايضا للهند التي تستضيف بعد ايام قمة مجموعة العشرين التي ستحتضنها العاصمة نيودلهي على مدى يومين بمشاركة قادة العالم و بينهم الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان..الى جانب زعماء اليابان وأستراليا وفرنسا وألمانياو روسيا …
كما ستشهد القمة حضور الأمين العام للأمم المتحدة و الامم المتحدة …و ببساطة سيجمع الحضور قادة العالم ممثلي النظام العالمي الحالي بكل صراعاته و تناقضاته و لكن ايضا مهندسي ما هو قادم لنظام عالمي قد يكون ابعد ما يكون عن مفهوم النظام و قد يدفع بالعالم الى مزيد الفوضى و مزيد العسكرة و الهيمنة على الاضعف …الاكيد انه ازاء كل هذه المواعيد و التحركات التي تسبق موعد المخاض النهائي هناك غياب الى درجة الموت السريري لما يعرف بالعالم العربي الذي يظل خارج التاريخ و الجغرافيا و خارج السياسة و خارج اطار التاثير على سياق التأثير على الاحداث بين الماضي و الحاضر و المستقبل ايضا و هو الغارق في ازماته الابدية و اصراره على الانهيار و السقوط والقبول بالامر الواقع في انتظار ما سيقرره قادة العالم و حلفائهم في اطار الخارطة الجديدة للعالم …
كاتبة تونسية

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *