نشرة “كنعان”، 4 مايو 2023
كنعان النشرة الإلكترونية
السنة الثالثة والعشرون – العدد 6536
4 أيّار (مايو) 2023
في هذا العدد:
■ شيخ أنظمة الفساد والاحتلال، عادل سماره
■ القنبلة الديموغرافية داخل الكيان الإسرائيلي، موفق محادين
■ بايدن يترشّح لولاية رئاسية ثانية .. ولكن المسار محفوف بالمفاجآت، د. منذر سليمان وجعفر الجعفري
■ كيف تواجه سورية الصعوبات في مرحلة” إزالة اثار العدوان”؟ د. أمين محمد حطيط
✺ ✺ ✺
شيخ أنظمة الفساد والاحتلال
عادل سماره
كثير من رجال الدين خدم للساسة ضد الشعب. شاهدت لقيس الخزعلي تفاخراً بأنه من شعب عظيم. ربما.
ولكن يا شيخ، أي شعب عظيم الذي لا يقبض على لحيتك، ويُلقي عمامتك على الأرض كي لا يجد تحتها راساً، ولا يقبض لحيتك قائلاً: أية عظمة لشعب وهو تحت أحذية الأمريكي والتركي؟ وأي شيخ أنت حيث تغطي على لصوص السلطة وتجويع الشعب والارتشاء من الإمارات البريطانية الصهيونية والكويت على حساب بغداد الرشيد؟
قد يكون من سنة العراق هنوداً ومن شيعة العراق زنوجاً، فما العيب في هذا؟ لا سيما وأن الهند أمامنا بفراسخ وإفريقيا كذلك!
إذا لم تخجل من الشعب ألا تخجل من العتبات!
ترى! هل يعلم جياع العراق كم من الدم الفاسد في جنبيك. هل تذكر قول شاعر العراق والعروبة محمد مهدي الجواهري:
نامي جياع الشعب نامي…حرستك آلهة الطعام
للأسف إنها نائمة ولكن ليست نومة أهل الكهف.
✺ ✺ ✺
القنبلة الديموغرافية داخل الكيان الإسرائيلي
موفق محادين
العمليات الفدائية الصغيرة في قلب الكيان الإسرائيلي تربك كل حساباته وأجهزته، والعدو يفقد ميزة التفوق الجوي مع تطور القوة الصاروخية عند حزب الله ومحور المقاومة عموماً.
بحسب حوار أجراه شين بيرلي مع سمدار لافي في الآونة الأخيرة، ثمة مؤشرات قوية على أنَّ التفسخ داخل الكيان الصهيوني يتعدى حدود اللعبة في القشرة إلى البنية نفسها.
سمدار لافي، باحثة أنثروبولوجيا مزراحية أميركية لديها كتاب بعنوان “ملفوفة بعلم إسرائيل”، ومحاورها بيرلي كاتب يلاحق “معاداة السامية” وينشر في مواقع أميركية، وذلك وفق ترجمة في جريدة “الغد” الأردنية الصادرة بتاريخ 4 نيسان/أبريل 2023.
بحسب سمدار، فإن حركة الاحتجاجات الأخيرة داخل الكيان تعكس مصالح النخبة الأشكنازية التي تقدم نفسها نخبة علمانية وليبرالية، إلى جانب مجاميع صغيرة، مثل التجمع المدني المزراحي الذي لا يعكس المزاج المزراحي العام، ومثل حركة نسوية صغيرة تركز على قضايا النساء ومجتمع الميم، هي الحركة المعروفة باسم “شوفروت كيروت” أو “كسر الجدران”.
بهذا المعنى، ثمة انشقاق عمودي لا تقلّل منه اصطفافات استثنائية خارج القوى السائدة (أشكنازيم يخشون أن تتقلص مكاسبهم التقليدية مع تقلّص نسبتهم السكانية)، وشرقيون يتقدمون بالاتكاء على التيار الأكثر إجراماً من الأشكنازيم، كما يمثله الليكود، فماذا عن هذه التحولات؟ وما حدودها وآفاقها؟ وهل تشكل قيمة سياسية مختلفة، سواء في ضوء المراهنة عليه لمزيد من التصدع داخل الكيان أو في ضوء استعادة مراهنات قديمة على تصدع الكيان في مواجهة أزماته الداخلية، كما كتب الباحث الفلسطيني، نزيه قورة، عام 1976؟
تنبع الإشكالية الأساسية من المفاهيم نفسها السامية. والمقصود أيضاً باليهود الشرقيين والغربيين على حد سواء:
– السامية: مصطلح غير علمي وغير تاريخي، لكنه استقر عند الباحثين بصيغته الشائعة. وإذا أخذناه بهذه الصيغة نفسها أو بأي صيغة، فغالبية اليهود في الخطاب الصهيوني غير ساميين، إذ يربط هذا الخطاب الأشكنازيم بالغرب، فيما هم ليسوا ساميين في الحقيقة، فقد برهنت دراسات يهودية على أنهم ليسوا غربيين أصلاً، وأن لا صلة لهم بكذبة الأرض الموعودة في فلسطين.
ومن هذه الدراسات التي تردهم إلى الخزر الأتراك، دراسة بينامين فريدمان، وآرثر كوستلر في كتابه “إمبراطورية الخزر”، وكذلك ما جاء في رحلة ابن فضلان وإرساله من الخليفة في بغداد لدعم البلغار ضد مملكة الخزر التركية المتهودة آنذاك. ومن المعروف أنَّ هذه المملكة التي ازدهرت بسبب تحول طرق التجارة سرعان ما جرى تدميرها على يد أمراء روسيا وغزوات المغول، فتشتّت في أوروبا الوسطى والشرقية.
واللافت للانتباه أن حكومة الاتحاد السوفياتي، رداً على مطالب اليهود في فلسطين، أقامت لهم عام 1928 حكماً ذاتياً في بيرو أبيدجان شمال بحر الخزر (أرض أجدادهم الحقيقية).
– من الشائع أيضاً، إضافة إلى اليهود الغربيين الأشكنازيم، أن اليهود قُسموا أيضاً بين يهود سفارديم من شبه جزيرة أيبيريا (إسبانيا والبرتغال) ويهود البلقان، وبين يهود مزراحيم شرقيين، يشملون شمال أفريقيا وبقية اليهود العرب، وكذلك يهود آسيا الوسطى.
في التعقيب على ذلك:
– إنّ اليهود السفارديم بعد سقوط الأندلس التي كانوا من أركان سلطتها المالية، لم يذهبوا إلى تركيا فقط، إذ شكلوا القوة المالية فيها، وصولاً إلى دورهم في تأسيس البنك العثماني في القرن التاسع عشر، بل ذهب قسم منهم إلى شمال أفريقيا، ما يطرح تساؤلات حول دقة المفهوم الخاص بالسفارديم، فيما يدرج يهود شمال أفريقيا مع اليهود المزراحيم الشرقيين.
– كل ذلك يشكّك في الدراسات الشائعة التي استقر عليها باحثون كثيرون، وبينهم باحثون عرب وفلسطينيون، الأمر الذي يحتاج إلى مراجعة يمكن أن تتم بعناوين جديدة تدحض الرواية الصهيونية من أساسها. ومن العناوين المطروحة برسم النقاش بدل الأشكنازيم والسفارديم والمزراحيين: الخزريون والأيبيريون والعرب والآسيويون.
* أيضاً لغايات متابعة ما يجري، وتجنباً للاشتباك المفاهيمي، سنحافظ على المصطلحات الشائعة مع التأكيد على دلالاتها ومضامينها المختلفة.
يشكل اليهود الشرقيون، السفارديم والمزراحيم، 16% من يهود العالم، والأغلبية اليوم من اليهود الذين يحتلون فلسطين. وقد ظل تمثيلهم في الكنيست الصهيوني في العقود الأولى من إنشاء الكيان ضعيفاً جداً، كما تولوا حقيبة رئاسة الكيان مرة واحدة عبر إسحاق نافون. أما مشاركتهم في الكنيست، فكانت إما كملحقين في الأحزاب القوية آنذاك مثل العمل (الماباي) والعمال (المابام) أو حزب حيروت، وإما عبر قوائم شرقية، مثل اتحاد يهود اليمن.
إضافة إلى موجات السفارديم المباشرة بعد سقوط الأندلس أو عبر شمال أفريقيا، ثم الكيان الصهيوني، سنستعرض الموجات الخاصة باليهود العرب، وكيف طُردت أوساط منهم بالقوة والتآمر، في مقابل أوساط أخرى هاجرت طوعاً وتورطت في أعمال تخريبية في بلادها قبل هجرتها.
يهود العراق
كان يهود العراق يشكلون 25% من سكان العاصمة سنة 1920 (يوسف رزق الله، نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق، صفحة 210)، وكانوا يسيطرون على غرفة تجارة بغداد (9 أعضاء من أصل 18 عضواً، بحسب حنا بطاطو في كتابه الطبقات الاجتماعية القديمة في العراق)، كما كانوا يسيطرون على 35 مكتب صرافة من أصل 39 مكتباً (خيرية قاسمية، يهود البلاد العربية، صفحة 105).
وكانوا يسيطرون على معظم الوكالات التجارية والمصارف (كريديت بنك وعبودي وزلخة، بحسب حسام عبد الكريم، هجرة اليهود من البلاد العربية، صفحة 270). وقد برز منهم في العراق الملكي، وزير المالية ساسون حسقيل، وسليم ترزي مفتش البريد والبرق، وهارون شوحيط أول مدير ضريبة للدخل، ومير بصري سكرتير الخارجية، وعائلات تجارية مثل لاوي، وخضوري، وساسون (مأمون كيوان، اليهود في الشرق الأوسط، صفحة 30).
في مقابل نشاطات صهيونية إجرامية ظهرت في أوساطهم، بما في ذلك فروع للهاغاناه والبيتار (حسام عبد الكريم، صفحة 70 – 71)، انخرط بعضهم في الحزب الشيوعي العراقي، واندمجوا في الحياة العراقية، وظلت أوساط واسعة منهم تتصرف كأوساط عراقية، ما جعلهم عرضة لعمل مدبر لإجبارهم على الهجرة بدأ بإصدار قانون إسقاط الجنسية العراقية عنهم في آذار/مارس 1950، وانتهى بهجمات بالقنابل على أحيائهم، ثبت لاحقاً أنها مدبرة بين حكومة نوري السعيد في العهد الملكي وجهاز الاستخبارات الصهيونية والاستخبارات البريطانية تحت عنوان عملية “علي بابا” (حسام عبد الكريم، صفحات 79 – 83).
ومن الحيثيات الأخرى لتلك العملية أنها جرت باتفاق مع شركة نقل أميركية باسم شركة الشرق الأدنى للنقل، وفق اقتراح للتبادل السكاني تقدم به نوري السعيد، وذلك وفق ما ورد في كتابين: “بغداد أمس” لليهودي العراقي ساسون صوميح (2007)، و”ذكريات من عدن” لليهودية العراقية فيوليت شماش (2008).
يهود مصر
يعود يهود مصر إلى مصدرين، الأول هم المصريون الذين يشكلون 15%، ومعظمهم في القاهرة. أما المصدر الثاني فهم مزدوجو الجنسية وخاصة من أوروبا ومعظمهم كان يعيش في الإسكندرية مثل: ساسون، نجار، سويرس، مينشة، قطاوي، وكانوا يعيشون في حي الجمارك وحي محرم بك (حسام عبد الكريم، صفحة 135)، ومن العائلات اليهودية الأخرى في مصر، موصيري، عدس، شيكوريل، باروخ، صنوع.
ومثل غالبية اليهود في العالم كانوا يسيطرون على الوكالات التجارية والبنوك وصناعة الورق والصحف، وقد انخرط قسم منهم في الحركة السياسية المصرية، مثل حزب الوفد والحركة الشيوعية، كما انخرطوا في الحركة الأدبية والفنية، مثل داوود حسني وليلى مراد ونجمة وراقية إبراهيم، كما احتلوا مكانة هامة في البلاط الملكي مثل يوسف قطاوي وزير المالية ونظموا لقاءات للملك مع الوكالة اليهودية (حسام عبد الكريم، صفحة 137 وصفحة 145).
حافظت فئة من اليهود على هويتها المصرية، لكن غالبيتهم أظهرت تعاطفاً مع الصهيونية وانخرط بعضهم في النشاطات الصهيونية، مثل جمعية “الشبان العبرانيين” التي تزامن تأسيسها مع تأسيس جمعية “الإخوان المسلمين” وكانت تتلقى دعماً من شركة قناة السويس أيضاً، وجمعية “مكابي”، بالإضافة إلى نشاطات تجسسية انتهت إلى تفجيرات 1954 والتي عرفت بفضيحة لافون ضد مصالح أوروبية وأميركية لاتهام حكم جمال عبد الناصر (كيوان، صفحات 115 – 123).
ويشار هنا إلى تعاطفهم مع محمد نجيب ضد جمال عبد الناصر (خيرية قاسمية، صفحة 264).
يهود سوريا ولبنان
انحاز يهود سوريا للجهد البريطاني ضد وجود القوات المصرية في سوريا خلال حملة محمد علي لتوحيد مصر وبلاد الشام، وهو الجهد الذي انتهى بمؤتمر لندن 1840 بدعم روتشيلد وأجبر محمد علي على سحب قواته من سوريا، وقد تزامنت تلك الفترة مع ما عرف بجريمة قتل الطبيب ورجل الدين المسيحي الأب توما التي نسبت إلى اليهود ضمن الطقس اليهودي المعروف بفطير صهيون (كيون، صفحات 39 – 41).
بالمجمل، لم يشكل اليهود حضوراً ملموساً أو مؤثراً في سوريا وظلوا يعيشون في حي خاص بهم، بالإضافة إلى بعض العائلات التجارية والحرفية مقابل الحضور القوي لتجار وصناع دمشق وحلب، ومن العائلات اليهودية في سوريا وفق كتاب نهاد نعيسة، يهود دمشق، صفحة 129، ووفق كتاب خيرية قاسمية، يهود البلاد العربية: حاصباني، ساعاتي، شناعة، اللاطي، هراري، فارحي، كباريتي، ابو العافية، فتال، إسلامبولي، شمعة، شلاح، عطار، قواص، ترك، سلمون، بغدادي، صايغ، بقاعي، خضر، سلامة، صبان، حكيم، طوطح، لوزة، شامية، جليلاتي، داوود، نجار، دبدوب.
أما يهود لبنان، فكانوا مجموعة صغيرة في وادي أبو جميل، وحول كنيس ماغن أبراهام (رممته حكومة الحريري الأب)، وخرج منهم يساريون ضد “إسرائيل” كما خرج منهم جواسيس لها، ومن عائلاتهم: معتوق، خياط، مزراحي، مغربي، شماس (خيرية قاسمية، صفحة 178).
يهود اليمن والجزيرة
ظهر يهود اليمن على مسرح الأحداث عندما طلب حاخام اليهود هناك من موسى بن ميمون، طبيب صلاح الدين الأيوبي ومستشاره، التدخل لدعمهم ضد المملكة الزيدية، وهو ما جرى فعلاً بحسب ما جاء في الرسالة اليمنية للحاخام ابن ميمون.
شكل اليهود 20% من سكان صنعاء أواخر القرن التاسع عشر، وكانوا يسيطرون على مفاتيح التجارة فيها، وخلال أحداث 1948 نشطت الوكالة اليهودية في صفوفهم وأحدثت انشقاقاً بينهم، بين من ظل يتصرف كيمني وبين من انخرط في الحركة الصهيونية.
بسبب أعدادهم الكبيرة، نظمت الحركة الصهيونية على غرار ما فعلته في العراق وبالتنسيق مع المخابرات البريطانية مجموعة هجمات ضد اليهود الرافضين للهجرة إلى فلسطين، وكان اسم العملية “بساط الريح”، ويهود اليمن في فلسطين اليوم يشكلون نحو ربع مليون شخص يعمل معظمهم في قطاعات البناء والزراعة (كيوان، صفحات 142 – 143).
أما يهود شبه الجزيرة العربية (السعودية) الذين كانوا يعيشون في يثرب وخيبر وتيماء وفدك، وتعود مصادرهم إلى قبائل يمنية متهودة، فتوزعوا مبكراً على المناطق المجاورة.
يهود شمال أفريقيا
يشكل يهود شمال أفريقيا بين 20 – 25% من سكان الكيان نصفهم من المغرب، وقد استقر معظمهم في بيسان وعسقلان وآشدود وبئر السبع، ومنهم عدد من الوزراء السابقين مثل ديفيد ليفي، شمعون شكريت، وفي تفاصيل أكثر حولهم:
– يهود المغرب وهم من مصدرين: الأول يهود دولة المخزن المغربية وهم مقربون من البلاط الملكي وخاصة الإدارة المالية، أما المصدر الثاني فهو يهود السيبة الفقراء، وباستثناءات قليلة من اليهود اليساريين، يجمع يهود المغرب بين الولاء للبلاط الملكي وللكيان الصهيوني، وقد مرت هجراتهم إلى الكيان بأكثر من مرحلة، الأولى بدعم الاحتلال الفرنسي وبلغت 100 ألف مهاجر، والثانية في عهد الحسن الثاني حين شهدت العلاقة مع الكيان درجات غير مسبوقة من التنسيق (حسام عبد الكريم، صفحات 180 – 203، صفحة 206، صفحة 217).
– يهود الجزائر وهم من مصدرين: جزائريون أصليون (توباشيم) وسفارديم إسبان (ميغوراشيم) وكانوا يتركزون في العاصمة الجزائر ومدن وهران وقسنطينة ومنطقة غرداية (حسام عبد الكريم، صفحات 250 – 251).
– يهود تونس وهم من مصدرين: توانسة أصليون وخاصة في القيروان، ووافدون من إيطاليا وإسبانيا، وباستثناءات قليلة انخرطت مع اليسار التونسي، انخرط بعضهم في النشاطات الصهيونية مثل جمعية صهيون والبيتار ومزراحي والتنظيم الصهيوني المسلح (حسام عبد الكريم، صفحات 227 -228).
اليهود الشرقيون الآخرون
من اليهود الآخرين غير الأشكنازيم وغير العرب:
– اليهود الأكراد ويتركزون في المستوطنات اليهودية حول القدس، ومستوطنات زخروف يعقوب وزخروف يوسف وعجور (كيوان، صفحات 151 – 152).
– اليهود الأفغان وكان عددهم حتى نهاية عام 2000 يقدر بـ 10 آلاف يهودي.
– اليهود الأحباش وكانوا ضمن 15 ألف يهودي جرى تهجيرهم باسم يهود الفلاشا بدعم الرئيس السوداني الأسبق، جعفر النميري، منذ انضمامه إلى الانقلاب الساداتي على الناصرية.
– يهود بخارى ويتركزون في حي البخارية في القدس.
– يهود إيران وقد هاجر معظمهم من شيراز وبرز منهم موشي كاتساف الرئيس الأسبق للكيان.
المتدينون
المقصود بالمتدينين الذين يجاهرون بأفكارهم التوراتية بخلاف الطائفيين الذين يستخدمون الدين ويوظفونه سياسياً من دون أن يكونوا مؤمنين، أمثال: هرتزل وبيريز ومعظم قادة أحزاب العمل والعمال وميريتس وتجمع المعراخ عموماً.
يبلغ عدد المتدينين في الكيان نحو مليون ونصف بينهم أكثر من 300 ألف طالب في المدارس الدينية (يشكلون خمس الطلبة في الكيان)، وينقسم المتدينون بين جماعات دينية صرفة مثل ناطوري كارتا والقرائين الذين يؤمنون فقط بالأسفار الخمسة، أو ما يُعرف بـ”أسفار موسى”، ويتركزون في الرملة وأسدود وبئر السبع، بالإضافة إلى نحو ألف من السامريين الذين يؤمنون بالأسفار الخمسة مضافاً إليها سفر يهشوع، ويتركزون في جبل جرزيم في نابلس وحولون قرب “تل أبيب” (خيرية قاسمية، صفحة 357).
أما الكتل الأكبر من الجماعات الدينية فأبرزها:
– الحريديم، وهم يهود متعصبون هاجروا من ليتوانيا ويعرفون بلباسهم الأسود والأبيض ولحاهم الطويلة كما برفضهم الخدمة العسكرية وأية أفكار مستمدة من الهساكالا (المتنورون الذين دعوا إلى دمج اليهود في أوروبا)، كما عرفوا بخلافاتهم مع الفرقة اليهودية التي تنسب نفسها إلى التصوف وتعرف بالحسيديم.
يشكل الحريديم 13% من اليهود ويمتازون بمعدل إخصاب كبير داخل العائلة الواحدة.
– الحسيديم، جماعة يهودية تنسب نفسها إلى حركة تصوف تعود أصلاً إلى مصدر سرياني هي (القابالاه) والشائعة خطأ بـ الكابالا، وقد ظهرت هذه الجماعة اليهودية في القرن السابع عشر على يد الرابي موسى بن نحمان في جبال الكاربات، ولا يأكلون إلا من جزار حسيدي.
– حركة غوش ايمونيم، التي أسسها الحاخام موشي ليفينغر 1974، وتدعو إلى يهودية الأرض والدولة، وهي شديدة الصلة بالمركز أو المعهد الديني، هراف، الذي أسسه الحاخام افراهام يتسحاق كوك 1924.
– الصهيونية الروحية، كما أسسها أحدهاعام (أحد العوام).
اليهود الشرقيون والكنسيت
مقابل تمثيل ضئيل لليهود الشرقيين في دورات الكنيست الأولى (9 نواب عام 1949) بدأ تمثيل اليهود الشرقيين بالارتفاع، سواء عبر أحزاب وتكتلات مثل الليكود، أو مثل أحزاب وروابط شرقية إلى درجة أصبح اليهود الشرقيون فيها عاملاً حاسماً في رسم خارطة الكنيست، وقد ارتبط هذا الارتفاع بزيادة نسبة اليهود الشرقيين في الكيان الناجمة عن عدة عوامل بينها انخفاض نسبة الإنجاب وسط ما يُعرف باليهود الغربيين.
قبل الذهاب إلى خارطة القوى الشرقية، نذكر أولاً بالجماعات الأشكنازية مثل “إسرائيل بيتنا” وهي من مهاجري مولدافيا، وثانياً بأن القوى السياسية التي توصف بأنها غير دينية (لا ينفى البعد الطائفي السياسي عنها) تتركز في القوى التقليدية المتآكلة مثل العمل وتجمعه الانتخابي القديم (المعراخ) ومثل حركة ميرتس وشينوى، وكذلك تجربة كاديما التي جمعت خليطاً من سياسيين سابقين من العمل أو الليكود، مثل ليفني، أولمرت، بيريز، موفاز، رامون.
وهناك من يصنف الليكود ضمن (قوى اليمين الطائفي المتشدد غير الديني)، وهو تحالف من حيروت والليبرالي وهاتحيا وتسومت وموليدت وجماعة أبو حصيرة، ومن قادته بيغن، شامير، شارون، ونتنياهو.
بالعودة إلى اليهود الشرقيين وتعبيراتهم السياسية، فمن أبرزها:
– المفدال، الحزب القومي الديني (سفارديم) الذي تشكل أصلاً من اتحاد همزراحي وهبوعيل مزراحي وانتقل من التحالف مع حزب العمال (المابام) إلى التحالف مع الليكود ومن قادته السابقين، يورغ، يستحاق ليفيل (خيرية قاسمية، صفحة 410).
– حركة شاس (حراس التوراة) السفارديمية، تأسست عام 1984 على يد عوفاديا يوسف، من قادتها السابقين، إيلي يشائي، ومعروفة بنزاعاتها مع اليهود الروس (خيرية قاسمية، صفحة 418).
– حركة كاخ، مؤسسها مائير كاهانا ومن قادتها الوزير الحالي إيتمار بن غفير، وهو من أصول كردية.
– بوعالي إسرائيل وأغودات إسرائيل وحركة موريا.
القوى العربية المشاركة في انتخابات الكنيست
يشكل العرب الفلسطينيون بعد الاحتلال الصهيوني لأرضهم نحو 25% من سكان منطقة 1948، ويقيمون على أقل من 4% من أرضهم التاريخية، وتقيّد مشاركتهم في الكنيست بنسبة معينة لا يسمح بتجاوزها، ويتوزعون على القوى التالية:
– حداش أو الجبهة الديمقراطية للسلام (الحزب الشيوعي)، ومن ممثليها محمد بن بركة، حنا سويد، ودوف حنين.
– التجمع الوطني الديمقراطي، أسسه نائب الكنيست الأسبق، عزمي بشارة.
– الحركة التقدمية للسلام.
– القائمة العربية الموحدة، وتتشكل من عدة أحزاب منها الحزب العربي الديمقراطي، ومن ممثليه طلب الصانع ودراوشة.
– الحركة العربية للتغيير، ومن ممثليها أحمد الطيبي.
– الجماعات الإسلامية ومنها ما يعرف بالجماعة الإسلامية الجنوبية التي شاركت في حكومات الكيان.
حجم التحول وحدوده في الكيان
على الصعيد الاجتماعي
فشل فكرة بوروخوف الذي سبق ولاحظ ما سمّاه بنظرية الهرم المقلوب (قاعدة ضيقة ورأس متسع من غير المنتجين)، فدعا إلى عكس ذلك عبر خلق بروليتاريا يهودية منتجة، فالكيان الصهيوني اليوم لا يزال خاضعاً للهرم المقلوب والمكوّن من: رأس تقني – عسكري – أمني متضخم وقدمين من خشب بالنظر إلى قاعدة اجتماعية من خارج الأشكنازيم (مصدره الحيوي وفق فلسفته)، وهو ما يؤكد خلاصات تاريخية حول السمة الربوية والارتزاقية غير المنتجة لليهود مقابل مجاميع محدودة في الصناعة والزراعة.
وتكمن “خطورة” ذلك على الكيان اليوم في أن ضعف القوى اليهودية المنتجة لصالح قوى تقنية وبيروقراطية وأوساط دينية يتزامن مع دور متزايد للعرب الفلسطينيين واليهود الشرقيين في حقول البناء والعمل المنتج.
على الصعيد الديموغرافي
إذا كان الخزان البشري للمهاجرين والمهجرين من يهود العالم هو أساس الكيان الصهيوني وصمام أمانه، فإن هذا الخزان دخل حالة من الاستنفاد التاريخي، فضلاً عن تداعيات ذلك على تركيبته الاجتماعية الداخلية.
وإذا كانت اتفاقيات السلام المزعوم مثل “كامب ديفيد” و”أوسلو” و”وادي عربة” و”السلام الإبراهيمي”، قد خدمت العدو في تهدئة مؤقتة تضع حداً للهجرة المضادة، فإن هذه الاتفاقيات استنفدت أكاذيبها السلمية بالنظر إلى السياسات الاستيطانية المتواصلة والقتل اليومي المبرمج للفلسطينيين، كما بالنظر إلى انعكاساتها المدمرة على الأطراف المتورطة فيها، فوعود السمن والعسل تحولت إلى دمار وجوع غير مسبوقين.
إلى ذلك، ثمة معطيات شديدة الأهمية فيما يخص البعد الديموغرافي المذكور، مثل:
– تزايد معدلات النمو السكاني عند الفلسطينيين وارتفاعها بما في ذلك داخل الأراضي المحتلة 1948.
– تزايد معدلات النمو السكاني عند اليهود الشرقيين وارتفاعها، مقابل تناقص واضح عند اليهود الغربيين (المادة السياسية والثقافية الأساسية للمشروع الصهيوني).
– استقرار التموضع اليهودي في البلدان التي لم تشهد هجرات يهودية كبيرة، وهي على التوالي من حيث الكتل اليهودية فيها: أميركا الشمالية، كندا، فرنسا، بريطانيا، وكذلك الأرجنتين التي لا تزال تشهد محاولات حثيثة بطيئة لتحريك الهجرة.
– مقابل زواج مختلط ملحوظ بين اليهود الشرقيين والغربيين في العقود الأولى لنشأة الكيان، ثمة تراجع ملحوظ في العقود الأخيرة، ولا سيما في أوساط الحريديم والحسيديم.
على الصعيد العسكري
استنفاد أوهام النصر السريع على العرب، مرة تلو مرة، فبعد حربي 1948 و1967، كاد الكيان أن يغادر التاريخ في حرب تشرين 1973 أمام الجيشين المصري والسوري لولا التدخل الأميركي والتواطؤ الساداتي، ولم يتمكن العدو من إلحاق هزيمة واحدة بالمقاومة اللبنانية وعلى رأسها حزب الله عامي 2000 و2006 وكذلك في غزة.
وها هي العمليات الفدائية الصغيرة في قلب الكيان تربك كل حساباته وأجهزته، كما يشار إلى فقدان العدو لميزة التفوق الجوي مع تطور القوة الصاروخية عند حزب الله ومحور المقاومة عموماً.
على الصعيد الأيديولوجي
إذا كان الكيان الصهيوني قد نجح في بدايات احتلاله لفلسطين منذ 1948 في تسويق أوهام أيديولوجية حول صهيونية بقناع علماني، فإن تراجع القوى التي تصنف زوراً وبهتاناً باليسار أمام القوى الأكثر انكشافاً وتعبيراً عن خطابها العنصري التوراتي، أنهى هذه الأوهام وأظهر الكيان الصهيوني بكل تياراته على حقيقته الرجعية العنصرية.
تداعيات وتساؤلات
في ضوء ما سبق، يتأكد أولاً سقوط كذبة التمثيل الحضاري الليبرالي اليهودي للغرب في الشرق، وتتداعى تساؤلات حول قدرة الكيان على الاستمرار في دوره الإقليمي والوظيفي ضمن شبكة اجتماعية جديدة لا تقل طفيلية عن الشبكة الأشكنازية، وتتضاعف قيمة هذه التساؤلات مع تآكل الدور الإقليمي نفسه، بالتزامن مع استنفاد الكيان قدرته على تحقيق انتصارات عسكرية على غرار عدوان حزيران 1967، ومع الحضور العسكري الأميركي الأطلسي المباشر نفسه، بل إن ما حدث إبان العدوان الأطلسي على العراق ثم فشل عدوان 2006 والعدوان على غزة يضع الدور المذكور في مهب الريح، ويدخل الكيان في المعادلة الخاسرة على المدى الاستراتيجي (عائدات أقل للأطلسي والإمبريالية مقابل نفقات أعلى).
:::::
“الميادين”
✺ ✺ ✺
بايدن يترشّح لولاية رئاسية ثانية
ولكن المسار محفوف بالمفاجآت
د. منذر سليمان وجعفر الجعفري
إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عن نيّته الترشح لولاية رئاسية ثانية، عام 2024، لم يأتِ بجديد في سياق التكهّنات التقليدية. الأمر الثابت في تاريخ الرئاسات الأميركية هو عزم الرؤساء على إعادة ترشّحهم “وبالمجمل يكسبون الجولة”، خصوصاً في ظل أجواء حروب قائمة تنخرط فيها القوات العسكرية الأميركية.
راهناَ، يواجه الرئيس بايدن جملة تحديات على صعيد الانجازات الداخلية، تتعاظم إخفاقاتها مع الوقت، أبرزها تراجع حالته الذهنية وتقدّمه في السن، بلوغه الـ 80 عاماً، وفتور دعم مؤسّسات الحزب الديموقراطي له في الجولة الانتخابية المقبلة، فضلاً عن تدنّي الأحوال الاقتصادية والارتفاع المستمرّ لتكاليف الحياة اليومية للمواطن، وتصدّع البنى التحتية.
تزخر وسائل الإعلام الأميركية المختلفة بردود أفعال قاسية لإعلان الرئيس بايدن، يميناً ويساراً، وإجماعها على “عدم توفّر أو بروز مرشّح بديل عنه”، يواكبها تراجع ملحوظ في نسبة التأييد الشعبي لأدائه. إذ حاز على نسبة 53% من التأييد في بداية ولايته الرئاسية الحالية، تقلصت إلى 38% وشهدت ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 42% في أفضل الأحوال.
استمرّ منسوب التراجع الحاد منذ “الانسحاب المذلّ للقوات الأميركية من أفغانستان”، وإخفاقات الرئيس بايدن في ترجمة أجندته الانتخابية خصوصاً تراجعه عن وعوده لإعفاء الطلبة من ديونهم، التي لا زالت مسألة معلّقة بانتظار قرار البت بها من قبل المحكمة العليا.
في المستوى الشعبي العام، هناك تراجع كبير في معدلات تأييد إعادة انتخابه، أوجزته إحدى كبريات الصحف بأن “عدداً كبيراً من الديموقراطيين لا يؤيدون ترشحه” مرة أخرى، بنسبة 73% من الناخبين، وبمعدلات تأييد متدنية، 52%، من الناخبين الديموقراطيين، بحسب أحدث استطلاع أجرته وكالة “أسوشيتدبرس” للأنباء؛ مقابل 55% من الناخبين الجمهوريين يؤيدون ترشّح الرئيس السابق دونالد ترامب (صحيفة “وول ستريت جورنال”، 1 أيار/مايو 2023).
في مؤشّر مقلق للحزب الديموقراطي، أعلن السيناتور جو مانشين عن نيته “القفز من قارب الحزب” وتخلّيه عن دعم أجندته في مجلس الشيوخ، “ربما قبل بدء جولة الانتخابات الرئاسية” العام المقبل، وهو العضو “المشاكس” لحزبه في المجلس. الأمر الذي سيفرض تداعيات جديدة “غير محبّبة” على قيادة الحزب وبرامجه الموعودة، خصوصاً وأن مجلس النواب أضحى تحت سيطرة الخصم الجمهوري، وأي تعديل ولو طفيف في توازن الحزب في مجلس الشيوخ سيفضي إلى خسارته اغلبيته الحرجة الراهنة (مقابلة أجراها مانشين مع شبكة “فوكس نيوز”، 2 ايار/مايو 2023).
في البحث عن الدوافع الحقيقية لإعلان الرئيس بايدن إعاد ترشّحه، بالزعم أن “التصويت له هو تصويت للديموقراطية”، كما جاء في متن الإعلان، يجب عدم إغفال آخر التطورات السياسية الناجمة عن مضمون الوثائق التي سلّمتها وزارة الخارجية الأميركية إلى اللجنة القضائية في مجلس النواب بطلب منها، في سياق سعيها للتوقّف عند بعض ملابسات جولة الانتخابات الرئاسية الماضية.
ما سُمِح بنشره حتى اللحظة هو ثبوت تورّط وزير الخارجية، آنتوني بلينكن، عبر الضغط على إدارة وكالة الاستخبارات المركزية، سي آي إيه، للموافقة على عريضة تُعلن براءة نجل الرئيس بايدن من الاتهامات بشأن جهاز حاسوبه الخاص، إذ زعم “نحو 50 ضابطاً متقدماً ورؤساء سابقون في المؤسسة الأمنية” أن اتهامات الرئيس السابق دونالد ترامب لنجل بايدن هي مجرد “دعاية روسية” لا أكثر.
تصرّف بلينكن آنئذٍ ثبُتَ بأنه كان بطلب مباشر من المرشح الرئاسي جو بايدن، والذي كان يستعد لمواجهة خصمه الجمهوري في مناظرة عامة تُبثّ على الهواء، وتسلُّحه بتلك الوثيقة أمام كاميرات التلفزيون لتفنيد “اتهامات” خصمه. والنتيجة العامة كانت بإعلان المؤسسة الحاكمة فوز المرشح بايدن.
من المرجّح عودة تلك المسألة إلى التداول العام مرة أخرى، في أعقاب توفّر دلائل حسيّة على مدى تلاعب الحزب الديموقراطي ببوصلة الانتخابات الرئاسية ونتائجها، والتي على أثرها ارتفعت أصوات سياسية مطالبة بإقالة وزير الخارجية، توطئة لنزع حصانته الراهنة وربما الإدعاء عليه لاحقاً.
المسألة برمّتها مرهونة ببقاء الرئيس السابق ترامب كمرشّح عن الحزب الجمهوري، خصوصاً أن قادة الحزب التقليديين، بزعامة ميتش ماكونيل، يكنّون عداءً شديداً للرئيس السابق، ولديهم القابلية للمساومة على صيغة تتجاوز طرح تلك المسألة على الشأن العام.
مرشحو الحزب الديموقراطي
سبق ترشيح الرئيس بايدن نفسه مرشحان آخران عن لائحة الحزب الديموقراطي، ومن المبكر إطلاق أحكام عليهما لدواعٍ زمنية، مع استعراض سريع لمرشحين محتملين للمنصب.
المرشحة الأولى هي الكاتبة ماريان ويليامسون، وكانت قد أعلنت ترشيحها في الجولة السابقة “واضطرت” للانسحاب أمام أجندة متقاربة مثّلها المرشح السابق بيرني ساندرز. حظوظها الراهنة لا تبدو أنها ستشهد تعديلاً جوهرياً عن الجولة السابقة.
المرشح الثاني، وربما الأهم، هو نجل السيناتور السابق روبرت كنيدي، ويحمل الإسم ذاته. مهنته المحاماة واشتهر بتصديه للمؤسسة الحاكمة لإسرافها المالي على شركات العقاقير والأدوية إبّان وباء كورونا، الأمر الذي أحاله إلى خانة “المغضوب عليهم”، ونال نحو 19% من تأييد الناخبين الديموقراطيين، بحسب استطلاع أجرته شبكة “فوكس نيوز” حديثاً.
أيضاً، يواجه روبرت الابن مقاومة من داخل أسرة كنيدي نفسها لجملة أسباب منها تفرّده بإعلان براءة سرحان سرحان عن اغتيال والده، عام 1968، وتحديه كذلك للسرديات الرسمية بشأن والده والرئيس الأسبق جون كنيدي.
في يوم إعلانه ترشّحه بمدينة بوسطن، في 19 نيسان/إبريل الماضي، لم يلحظ وجود أي “فرد مميّز من عائلة كنيدي” من بين الحضور، أو حتى من رموز الحزب الديموقراطي في المدينة، بل طغى طابع التمثيل الأوسع لشرائح المجتمع على الحضور من مؤيديه “مستقلين ومحافظين” سياسياً، أتى بعضهم بالطائرة من أماكن متفرقة من أميركا.
نائبة الرئيس كمالا هاريس، رغم تدنّي معدلات تأييدها إلى مستويات أقل من الرئيس بايدن نفسه، إلا أنها دخلت حلبة السباق الرئاسي كامتداد للرئيس بايدن لتبقى مرشّحة كنائب له. أما شعبيتها داخل أوساط الحزب الديموقراطي فهي متواضعة في أفضل الأحوال، وسبق أن طالب بعضهم الرئيس بايدن بإقالتها واستبدالها نتيجة تخبطها في ملفات سياسية رئيسية، منها إخفاقها في التعامل مع مسألة المهاجرين على الحدود الجنوبية مع المكسيك.
من بين الأسماء المتداولة، وإن كانت غير ناضجة بعد، تبرز عقيلة الرئيس الأسبق ميشيل أوباما، التي تتمتع بمعدلات احترام وتأييد واسعة، لكنها أعلنت عدم رغبتها دخول السباق الرئاسي، حتى اللحظة.
كذلك وزير النقل الحالي بيت بوتيجيج، بحسب وجهة نظر صحيفة “واشنطن بوست”، بتاريخ 19 شباط/فبراير 2023، والمؤيدة للبيت الأبيض، وذلك لأدائه المتقدّم في الجولة الرئاسية السابقة وفوزه بعدد أكبر من مندوبي ولاية أيوا خلال الانتخابات التمهيدية آنذاك. وسرعان ما بدّد جزءاً كبيراً من شعبيته وتأييد قيادات حزبه له نتيجة سلسلة إخفاقات ارتكبها، أشهرها بطؤه في معالجة خروج قطار عن سكته في مدينة باليستين بولاية أوهايو، وما نجم عنه من انبعاث غازات سامة نتيجة حريق.
مرشحو الحزب الجمهوري
لا يزال السباق وباب الترشيح في بداياته الأولى، لكن الرئيس ترامب يتصدر القائمة حتى اللحظة، وكذلك أكبر نسبة من تأييد جمهور الناخبين الجمهوريين له، بمعدل 44%، “برغم سلسلة من الفضائح التي يواجهها، منها الاعتداء على الكابيتول” في 6 كانون الثاني/يناير 2021. أما نسبة تأييده بين جمهور محافظي الحزب الجمهوري فتقارب 70% (استطلاع أجراه موقع “فايف ثيرتي إيت”، 1 أيار/مايو 2023).
حاكم ولاية فلوريدا، رون دي سانتيس، يأتي في المرتبة الثانية بعد الرئيس ترامب، لكن بنسبة بعيدة جدا، 20%. يلقى دعماً ملحوظاً من قيادات الحزب التقليدية، نظراً لخلافاتهم مع الرئيس ترامب، لكنه لم يستطع القفز بمعدلات تأييد أعلى من السابق. حظي دي سانتيس بنسبة تأييد 28 % من الجمهوريين مقابل 52% للرئيس ترامب، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، بتاريخ 17 آذار/2023. لكنّ أركان المؤسسة الإعلامية الكبرى تركّز هذه الأيام على مدى ارتفاع نسبة تأييده بين ناخبي ولاية فلوريدا، كما يحظى الرئيس ترامب بدعم نسبة لا يستهان بها هناك.
يتمثّل جوهر مأزق دي سانتيس الأول في مدى قابليته الذهاب لانتقاد الرئيس ترامب أمام الناخب الجمهوري، بما يتضمّنه ذلك من مخاطر عداء قسم لا بأس به، وفي الوقت نفسه المحافظة على سمعته بأهلية ترشّحه بديلاً عن الرئيس السابق.
أعلنت حاكمة ولاية ساوث كارولينا السابقة نيكي هيلي عن ترشّحها عن الحزب الجمهوري، لكن معدلات تأييد الناخبين لها بقيت أقل من 10%. الأمر الذي يشير إلى تنامي عقبات جدية أمامها مقابل الرئيس السابق ترامب ورون دي سانتيس. وربما تهيّء نفسها لمنصب “نائبة الرئيس” عن الحزب الجمهوري، كما يعتقد بعض المراقبين.
كما أعلن رجل الأعمال ذو الأصول الهندية، فيفك راماسوامي، عن ترشّحه أيضاً، مستغلاً ثغرة العداء بين رون دي سانتيس وشركة ديزني للترفيه، ومقرها ولاية فلوريدا، مستهدفاً حاكم الولاية لقفزه عن القوانين الناظمة للضرائب ومنحه الشركة إعفاءات ضريبية من قانون “قام بالمصادقة عليه نفسه”.
ينحدر فيفك من ولاية أوهايو بالغة المكانة الحسّاسة للفوز في جولة الانتخابات الرئاسية، ومن شأنه تسخير نفوذه وثروته البالغة نحو 600 مليون دولار لدعم أجندة تروق له.
وهناك بعض المرشحين الآخرين الذين تتفاوت حظوظهم بين الانسحاب مبكّراً أو لاحقاً لعدم تأهّلهم في الانتخابات التمهيدية للحزب، أو قبلها، منهم: حاكم ولاية آركنسا الأسبق آسا هتشيسون والمذيع لاري إلدر الآتي من ولاية كاليفورنيا إذ حاز على نسبة معتبرة من التأييد في انتخابات الولاية الاستثنائية الرامية لإقصاء حاكمها، غافين نوسم، والذي استطاع الفوز والاحتفاظ بمنصبه الراهن.
أما حظوظ الرئيس جو بايدن، عند هذا المفصل الجوهري، فيرى بعض المراقبين أن الدافع الحقيقي لإعلانه إعادة ترشحه هو من أجل الإفلات من ملاحقات قضائية، له ولنجله وبعض أفراد عائلته، مع استمرار توسّع دائرة الاتهامات له بالفساد والمحسوبية، متسلّحاً بحصانة منصبه الرئاسي من الملاحقة، ولقناعته أيضاً أن المناخ السياسي العام لا يشجّع على إعادة تجربة “مقاضاة وإقصاء” الرئيس، كما جرى مع سلفه.
الجزم بمستقبل الرئيس بايدن ليس مرئياً بعد، أو ما سيتمخض على قادة الحزب الديموقراطي لاحقاً من تصرّف حيال حالته الذهنية المقلقة، والوقوف عند مرشّح أقوى نسبياً.
أما وإن جرت الانتخابات الرئاسية وفق المعطيات الراهنة، فإن “الرئيس ترامب سيفوز إن صوّت الناخبون بناء على وضعهم المعيشي” ممثلاً بتراجع كبير في الازدهار الاجتماعي والسلم الأهلي، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، بتاريخ 1 أيار/مايو الحالي.
✺ ✺ ✺
كيف تواجه سورية الصعوبات في مرحلة” إزالة اثار العدوان” … ؟
العميد د. أمين محمد حطيط
تضمن بيان عمان الذي أصدره وزراء خارجية مصر و السعودية و العراق اثر اجتماعهم بوزير الخارجية السوري، تضمن التزاما و تأكيدا عربيا على مواقف سورية السيادية المشروعة و التي قاتلت من اجلها خلال العقد الماضي في مواجهة الحرب الكونية التي استهدفتها و حشدت لها إمكانات اكثر من ٨٣ دولة اجتمعت تحت مسمى مزور “أصدقاء سورية” بقيادة أمريكا التي عملت باستراتيجية ” الفوضى الخلاقة ” لتدمير الدول الكبرى في غرب اسيا و لإقامة الشرق الاوسط الاميركي على انقاضها.
و بعد بيان عمان –الاول من أيار ٢٠٢٣ – لم يعد مهما كثيرا الإجابة علي السؤال : متى تعود الجامعة العربية الى سورية و تعيد تقديم مقعدها لها لإشغاله وفقا لما يفرضه حقها بالعضوية في هذا الجامعة ، هذا الحق الذي انتهك و انتهك ميثاق الجامعة بذاته يوم قررت اغلبية لم تصل الى الاجماع المنصوص عليه في الميثاق و قررت تجميد المقعد و حرمان سورية من حقها بإشغاله ، كان ذلك في مطلع الحرب الكونية عليها و استجابة للإملاءات الاميركية التي صدرت للعرب عملا باستراتيجية عزل سورية و استفرادها لتدميرها ، فاليوم ثبتت سورية و انتصرت دفاعيا و هزم العدوان الذي استهدفها و سقط المشروع الذي حمله هذا العدوان و وجد العرب انفسهم امام حقيقة لا يمكن الهروب منها مهما كانت المكابرة و مهما كانت الضغوط ، حقيقة انتصار سورية و حلفائها في محور المقاومة و بات التعامل مع هذه الحقيقة هو ما يمليه العقل و المنطق السليم .
فالذي يهم سورية ليس الشكل والقرارات التي تبقى حبرا على ورق، بل ما يعنيها هو العلاقات الجدية التنفيذية التي تعتمد لها الية تنفيذية مناسبة تخدم اهداف سورية الاستراتيجية والتي تتضمن حقها بوحدة أراضيها وسيادتها عليها من دون أي مس او انتهاك كما وحقها في الامن والاستقرار وتحقيق الرفاه الاجتماعي لشعبها. وطبعا حقها في لعب الدور الاستراتيجي الذي تؤهله له جغرافيتها السياسية من منظور ذاتي وإقليمي ودولي. وطبعا تكون العلاقات مع الدول العربية الأساسية ودول الجوار السوري هي التي تتقدم على ما عداها في شبكة العلاقات التي تهم سورية في المرحلة الراهنة وهذا ما تضمنه او أوحى به بيان عمان ٢٠٢٣ حول سورية.
هذه هي الأهداف التي عملت سورية خلال الحرب الدفاعية على تحقيقها ونجحت في ذلك نجاحا كان ثمنه باهظا بدون شك ولكن مهما كان قدر هذا الثمن يبقى اقل بكثير من الثمن الذي كانت ستدفعه لو انتصر العدوان عليها لأنها في تلك الحالة ستخسر وجودها بذاته. لكنها عرفت كيف تختار وعرفت كيف تدافع عن خياراتها وعرفت كيف تحالف من هم صادقون في دعم تلك الخيارات ووصلت الان الي الوضع الذي يمكنها من القول بانها انتصرت في المواجهة وانتقلت الى مرحلة جديدة هي مرحلة إزالة اثار العدوان واستعادة وضعها الطبيعي.
بيد ان اميركا التي خططت وقادت العدوان والحرب الكونية على سورية، وإسرائيل التي كانت تمني النفس بسقوط سورية واندثارها، يبديان من المكابرة في رفض الإقرار بهزيمة العدوان ما يحملهما علي الاستمرار في العدوان و ان بأهداف تختلف عن سابقاتها. فأميركا تعتمد استراتيجية “إطالة امد الصراع” لتمنع سورية من الاستفادة من انتصارها و العودة الى حياتها الطبيعية و لذلك نجد كيف ان اميركا تبقي على احتلالها لقسم من الأراضي السورية في الشرق و الشمال الشرقي و تحتضن الحركة الانفصالية الكردية (قسد) و تنشط المجموعات الإرهابية (داعش) و تضغط علي دول عربية لحملها على رفض عودة سورية الي الجامعة العربية فضلا عن عرقلة و منع عودة النازحين السوريين الى سورية و تستمر في شن الحرب الاقتصادية و الحصار بمقتضى ما تسميه “قانون قيصر “.اما إسرائيل فإنها تستمر في ارتكاب العدوان الناري المباشر على سورية بالطيران او المدفعية و الصواريخ لتوحي بان الحرب مستمرة و تدفع الإرهابيين الي التمسك بأوكارهم في الميدان خدمة للاستراتيجية الأمريكية أيضا .
لكن سورية التي اتقنت تخطيط دفاعها وفقا لجداول أولويات وضعتها واثبتت جدواها، تقوم اليوم أيضا باعتماد جداول أولويات تناسب “مرحلة العودة الي الحياة الطبيعية وتصفية اثار العدوان والعودة الى تثبيت شبكة العلاقات الدولية التي تعنيها وتخدم مصالحها لاستراتيجية و في هذا السياق تبدي سورية اهتماما بمسائل او ملفات أساسية خمسة كالتالي:
1) ترميم اقتصادها وتفعليه بالاعتماد على ما تبقى من قدرات اقتصادية و ما يتوار منها من الحلفاء و رغم صعوبة المهمة فان سورية توليها الاهمية القصوى لأنها تعلم بانها المدخل السليم للعودة الى الحياة الطبيعية.
2) تعزيز وتمتين اوصر تحالفاتها لاستراتيجية الإقليمية والدولية خاصة في إطار محور المقاومة في ظل المتغيرات الدولية التي يشهدها العالم في مرحلة الانتقال الى عالم متعدد الأقطاب والمجموعات الاستراتيجية، وهنا تبدو الاهمية الاستثنائية لزيارة الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي الى دمشق و ما ينتظر ان يتمخض عنها من اتفاقات و تفاهمات سياسية واقتصادية فضلا عما هو قائم في المجال الأمني و العسكري و هذا ما يغضب أعداء الطرفين.
3) تصفية الاحتلالات الأجنبية للأرض السورية، واجتثاث الإرهاب من اقليمها وهنا تبدو أهمية اللقاءات الرباعية التي تجمع مسؤولين سوريين الي اقرانهم في إيران وروسيا وتركيا من اجل ازالة الاحتلال التركي ووقف دعم تركيا للجماعات الإرهابية والاستثمار بالإرهاب،
4) تنشيط العلاقات السورية العربية، وهنا تبدو أهمية لقاء عمان الرباعي الذي انضم اليه وزير الخارجية السوري وشكل في شكله وما تمخض عنه نقلة نوعية في مجال العلاقات السورية العربية.
5) العمل على توفير الشروط والمقتضيات اللازمة لشبك العلاقات السورية مع القوى الدولية الفاعلة خاصة الشرقية منها وهنا تبدو أهمية العلاقات المميزة التي تربط دمشق بروسيا او التي يعمل الطرفان على تطويرها وتعزيزها، كما وتظهر في العلاقات السورية الصينية التي تتخذ مسارا إيجابيا مميزا يحرص عليه الطرفان بكل جدية واهتمام.
:::::
“البناء”، بيروت، 2023-5-3
________
تابعونا على:
- على موقعنا:
- توتير:
- فيس بوك:
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org