مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: تقارير خطيرة من شمال غزة عن اعتقالات جماعية واختفاء
واشنطن — سعيد عريقات
قالت المفوضية السامية لحقوق الإنسان(OHCHR) ومنظمة العفو الدولية، إن إسرائيل تعتقل الفلسطينيين في قطاع غزة بشكل جماعي، دون أن تنشر معلومات بشأن مكان احتجاز الكثير منهم أو سبب ذلك، ودعتا في بيانات منفصلة، إلى إجراء تحقيقات عاجلة في الانتهاكات المرتبطة بـ”الاختفاء القسري”.
وقالت المنظمة في بيان لها أنها تلقت العديد من التقارير المثيرة للقلق من شمال غزة عن عمليات اعتقال جماعية وسوء معاملة واختفاء قسري لآلاف الرجال والفتيان الفلسطينيين، وعدد من النساء والفتيات، على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلية، وقد تم القبض على معظمهم أثناء محاولتهم التحرك جنوباً أو تم أخذهم أثناء العمليات التي أجريت على منازلهم ومستشفياتهم ومدارسهم وغيرها من أماكن اللجوء.
وتفيد التقارير أن من بين المعتقلين أطفال لا تتجاوز أعمارهم 12 عامًا وأشخاصًا تبلغ أعمارهم 70 عامًا، والأكثر إثارة للقلق هو وجود تقارير عديدة تفيد بأن العديد من المعتقلين تعرضوا لسوء المعاملة الخطيرة، والتي قد تصل في بعض الحالات إلى مستوى التعذيب، ويشمل ذلك ادعاءات بأن الكثيرين أُجبروا على خلع ملابسهم باستثناء ملابسهم الداخلية، وتم تعصيب أعينهم وتقييد أيديهم بإحكام، وتم تصويرهم في أوضاع مهينة عمداً قبل نقلهم، دون ملابسهم ومع القليل من الطعام أو الماء، إلى أماكن احتجاز مجهولة. وتزعم التقارير كذلك أن جيش الدفاع الإسرائيلي أصدر تعليماته لمن تبقى من المدنيين، وهم عادة من النساء والأطفال، بالتحرك جنوباً قبل تدمير ملاجئهم، مما أدى في كثير من الحالات إلى عمليات نزوح متعددة. كما وردت معلومات موثوقة تفيد بأن ما يقرب من 140 امرأة وفتاة قد تم احتجازهن تعسفياً وهن محتجزات حالياً في أماكن غير معلنة.
ولم يتم تزويد عائلات المعتقلين بأي معلومات عن مصير أو مكان أحبائهم أو أي أسباب لاحتجازهم، مما أدى إلى تفاقم شعورهم بالألم والخوف.
يدعي جيش الدفاع الإسرائيلي أنه لا يعتقل سوى الفلسطينيين “المنتسبين إلى حماس” وأن لديه “أسباب وجيهة” للشك في جميع الفلسطينيين الذين بقوا في شمال غزة خلافاً للأوامر الصادرة عن جيش الدفاع الإسرائيلي بالانتقال إلى الجنوب – مما يثير مخاوف بشأن العقاب الجماعي.
وتشير المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى أن تعليمات إسرائيل للمدنيين بالانتقال إلى الجنوب لا تعفي إسرائيل بأي حال من الأحوال من التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي. ولا يزال هناك عشرات الآلاف من المدنيين في شمال غزة، وتحتفظ إسرائيل بالتزاماتها بضمان احترامهم وحمايتهم. ويقضي القانون الإنساني الدولي بعدم احتجاز المدنيين إلا لأسباب أمنية قاهرة. التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، بما في ذلك الاعتداء على الكرامة الشخصية، محظور بشكل صارم بموجب القانون الدولي، بغض النظر عن وضع المحتجز.
ويجب على إسرائيل أن تتخذ خطوات عاجلة لضمان احتجاز المدنيين فقط بموجب القانون – وأن جميع الأشخاص المعتقلين أو المحتجزين يعاملون معاملة إنسانية وكرامة، مع الاحترام الكامل لحقوقهم في الإجراءات القانونية الواجبة. ويجب على إسرائيل أيضًا تنفيذ تدابير لتمكين عائلات الأشخاص المحتجزين من الوصول إلى جميع المعلومات المتاحة عن مصيرهم وموقعهم. ويجب التحقيق بشكل كامل وشفاف في جميع حالات سوء المعاملة أو التعذيب للأشخاص المعتقلين أو المحتجزين، وإذا ثبت حدوثها، يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان المساءلة ومنع تكرارها.
ومما يثير القلق البالغ أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان تلقت عدداً متزايداً من التقارير التي تفيد بمقتل مدنيين، بما في ذلك عمليات إعدام خارج نطاق القضاء، على ما يبدو، في أماكن اللجوء، ولا سيما المدارس. وقد تشكل مثل هذه الحوادث جرائم حرب يجب التحقيق فيها بشكل فوري وكامل.
ويشير بيان المنظمة أنه في صباح يوم 12 كانون الأول، أغارت قوات الدفاع الإسرائيلية على مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، بعد عدة أيام من الحصار والقصف على المستشفى. وبحسب ما ورد كان المستشفى يستضيف حوالي 3,000 نازح، بالإضافة إلى المرضى والطاقم الطبي. وتفيد التقارير بأن جيش الدفاع الإسرائيلي احتجز ما يتراوح بين 000 1 و200 1 فلسطيني، معظمهم من الرجال والصبية الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و65 سنة، بما في ذلك الطاقم الطبي والمرضى والمشردين داخليا، ونقلهم إلى جهة مجهولة. ولا يزال أكثر من 70 من الكوادر الطبية، من بينهم الدكتور أحمد الكحلوت، مدير عام المستشفى، محتجزين.
وفي 7 كانون الأول، ورد أن جيش الاحتلال الإسرائيلي اقتحم في بيت لاهيا مدرسة مختلطة، كانت تؤوي ما بين 3000 إلى 4000 نازح تقريبًا. واعتقل جيش الدفاع الإسرائيلي عشرات الفلسطينيين الذكور، ومن بينهم رجال أكبر سناً وصبيان وصحفي فلسطيني معروف، حسبما زُعم. ثم عصبت قوات الدفاع الإسرائيلية أعين المحتجزين وجردتهم من ملابسهم باستثناء ملابسهم الداخلية قبل إجبارهم على الجلوس في الشارع بالخارج على الرغم من برودة الطقس. وبعد تصوير المعتقلين بالفيديو والتقاط الصور، تم إجبارهم على ركوب شاحنات، وهم ما زالوا عراة، ونقلوا إلى وجهات مجهولة. وفي 9 كانون الأول، نُشرت في وسائل الإعلام لقطات لعشرات من الرجال الفلسطينيين شبه عراة محاطين بدبابات جيش الدفاع الإسرائيلي، ادعى جيش الدفاع الإسرائيلي أن مقاتلي حماس يسلمون أسلحتهم. وبحسب ما ورد تم نقل الرجال إلى جهة مجهولة، في حين صدرت تعليمات للأطفال والنساء بالانتقال إلى الجنوب. وفي وقت لاحق، أفادت التقارير أن جنود جيش الدفاع الإسرائيلي أضرموا النار في المدرسة.
وفي 12 كانون الأول، أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها إزاء عملية الفحص المطولة التي قام بها جيش الدفاع الإسرائيلي واحتجاز أحد موظفي جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني خلال مهمة مشتركة لإمداد وإخلاء المستشفى الأهلي في شمال غزة. وأفادت منظمة الصحة العالمية أن أحد الجرحى الفلسطينيين توفي أثناء نقله إلى الجنوب بينما أعاق جيش الدفاع الإسرائيلي حركة القافلة. وأفادت منظمة الصحة العالمية أيضاً أن جيش الدفاع الإسرائيلي ألقى القبض على أحد أفراد طاقم البعثة، وهو أحد موظفي جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، و”أجبره على الركوع تحت تهديد السلاح… (تم) اقتياده بعيداً عن الأنظار، حيث ورد أنه تعرض للمضايقة والضرب والتجريد من ملابسه والاعتداء عليه وأُطلق سراحه في وقت لاحق من تلك الليلة، لكنه “تُرك ليسير جنوباً ويداه مقيدتان خلف ظهره، دون ملابس أو أحذية”.