مشانق أيار

 مشانق أيار

موفق محادين

تصادف هذه الأيام ذكرى الإعدامات التي نفذّها الاتحاديون الترك الطورانيون بحق عشرات الكتّاب والسياسيين العرب في أيار/ مايو من عام 1916، وكان لافتاً للانتباه أن معظم هؤلاء الشهداء كانوا من مؤسسي ومحرري الصحافة العربية في حينه. 

إلى ذلك، ما إن سيطرت جماعة الاتحاد والترقي التركية على السلطة في إسطنبول، حتى دخلت الإمبراطورية في شكل جديد من الاستبداد العنصري باسم الإصلاح و”الربيع التركي”، وبات التمييز ضد الشعوب غير التركية عارياً تماماً ومن دون أي غطاء ديني كما كانت الحال أيام السلاطين.

الأمر الذي وسّع دائرة العمل السرّي القومي لكل الأمم السابقة المنضوية في إطار الإمبراطورية وخاصة العرب، وأخذ هذا العمل أشكالاً عديدة، راوحت بين أقلية تدعو إلى الاستقلال التام، على غرار دعوة عبد الرحمن الكواكبي في كتابيه، أم القرى وطبائع الاستبداد، وبين أكثرية تتبنى اللامركزية، ومن ضمنها غالبية الذين أُعدموا عام 1916، والذين شاركوا في المؤتمر العربي في باريس 1913.

وإذا كان بعض هؤلاء قد انخرط في علاقات وثيقة مع البريطانيين والفرنسيين، فإن الغالبية العظمى ظلّت متمسكة بالبقاء داخل الحكم العثماني، وسنرى كيف قام تيار عربي من الكتّاب والسياسيين، ولا يزال بشيطنة كل هؤلاء وتصويرهم كعملاء ضد الدولة، علماً بأن تيار الشيطنة في جيله الحالي حيث يستقر في محمية نفط وغاز عربية معروفة، يتجاهل الاعتبارات التالية: 

1- إذا كانت أقلية من قائمة الذين أُعدموا قد (خابرت) بريطانيا وفرنسا، فإن القيادة التركية آنذاك كانت منقسمة بين أكثرية (خابرت) الاستخبارات الألمانية وعملت تحت إمرة الجاسوس الألماني، أوبنهايم، الذي يشبه لورنس البريطاني، والذي فضحت مذكراته (أي أوبنهايم) تفاصيل لا تُقارَن بها مذكرات لورنس وصانعة العروش، البريطانية الخاتون بيل، وبين أقلية (خابرت) الاستخبارات البريطانية والفرنسية كما اتضح لاحقاً. 

2- إن جماعة الاتحاد والترقي الحاكمة آنذاك، ومنها جمال باشا السفاح، التي يدافع عنها تيار محمية الغاز المذكورة، ويبرر جرائمها ومشانقها، هي جماعة مركبة من الماسونية ويهود سالونيك كما هو معروف للجميع.

3- الدور المبكر والمهم جداً الذي أدّاه العديد من الكتّاب والأدباء والسياسيين العرب، الذين أُعدموا أو اعتُقلوا ولم ينفذ فيهم حكم الإعدام، وواصلوا دورهم الوطني في فضح الصهيونية والتحذير المبكّر منها. 

ويُشار هنا إلى أسماء مثل شكري العسلي كما سنرى، وآخرين اعتُقلوا وأُفرج عنهم لأسباب عديدة، بينها دفع رشاوى كبيرة لضباط المحكمة التركية العرفية في عاليه، كما جاء في مذكرات المؤرخ عارف العارف. 

وبالتالي، إذا تذكّرنا العلاقة الوثيقة بين المجموعة التركية الحاكمة آنذاك وبين يهود تركيا، فإن إعدام العديد من الشهداء العرب الناشطين ضد الصهيونية، يؤشر على الأسباب الحقيقية لتلك الاعتقالات والإعدامات. 

أبرز الذين أُعدموا في بيروت 1916

سُمّيت ساحة الشهداء في بيروت تكريماً للشهداء الذين أُعدموا فيها، ومنهم: 

– الشيخ أحمد طبارة، مؤسس جريدة الاتحاد العثماني.

– جورجي حداد، شاعر وإعلامي من زحلة ومحرر في جريدة بردى. 

– جورجي شاهين، شاعر وإعلامي لبناني، محرر في جريدة المراقب ومؤلف معجم (المعتمد). 

– عبد الغني العريسي، إعلامي بيروتي، شارك في إصدار وتحرير جريدة المفيد، وقد جرى إعدامه بعد تعذيب شديد. 

– سعيد فاضل عقل، من الدامور، مشارك في إصدار وتحرير جريدة البيرق اللبنانية. 

– أنطون زريق، مؤسس الجريدة الساخرة (جراب الكردي) في نيويورك. 

أبرز الذين أُعدموا في دمشق (ساحة المرجة) 1916

– شكري العسلي، نائب دمشق في البرلمان العثماني (مجلس المبعوثين)، مشارك في إصدار وتحرير جريدة القبس، كما عُرف بتحذيراته المبكرة من الخطر الصهيوني سواء داخل البرلمان أم عبر الصحافة. 

– الشيخ عبد الحميد الزهراوي من حمص، مشارك في إصدار وتحرير جريدتي الحضارة والمنير، له من الكتب (رسالة في الفقه والتصوّف) و(خديجة أم المؤمنين). 

كتّاب وأدباء اعتُقلوا ولم ينفَّذ فيهم حكم الإعدام

وقد لعبوا دوراً معروفاً في التحذير من الخطر الصهيوني، واستشهدوا لاحقاً خلال مقاومة الاحتلال الفرنسي في معارك 1926، ومنهم: 

– توفيق الحلبي من دمشق. 

– الدكتور عارف النكدي من عبية. 

ومن الكتّاب والإعلاميين الذين اعتُقلوا أيضاً وواصلوا دورهم في فضح الخطر الصهيوني، نجيب نصار، الذي وُلد في عين عنوب قرب الشويفات، واختار الهجرة إلى فلسطين وإصدار جريدة الكرمل المعروفة. 

ومن الذين أُعدموا أيضاً، من لبنان: 

– يوسف الحايك.

– جوزيف هاني.

– عبد الكريم الخليل. 

– صالح حيدر من بعلبك. 

– محمد المحمصاني.

– توفيق الناطور. 

أما من سوريا: 

– شفيق المؤيد. 

– رشدي الشمعة. 

– الأمير عمر الجزائري. 

– سليم الجزائري. 

– نايف تللو. 

ومن فلسطين: 

– حافظ السعيد.

– محمد الشنطي.

– سيف الدين الخطيب. 

– علي النشاشيبي.

– سليم عبد الهادي. 

Al Enteshar Newspaper

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *