ما الذي تمثله رشيدة طليب

 ما الذي تمثله رشيدة طليب

رشيدة طليب

واشنطن – سعيد عريقات – نشرت صحيفة نيويورك تايمز يوم الخميس، 3 آذار 2022، تقريرا مطولا لكاتبة التحقيقات المميزة، روزينا آلي، تحت عنوان “ما الذي تمثله رشيدة طليب”، تقول فيه أنه في شهر أيار الماضي ، في أعقاب الاحتجاجات في القدس الشرقية المحتلة على عمليات الإخلاء المزمعة للفلسطينيين، “بدأت حماس في إطلاق الصواريخ باتجاه تل أبيب، وقصفت الغارات الجوية الإسرائيلية المباني السكنية في قطاع غزة”.

ويمضي التقرير مشيرا إلى أنه “بعد فترة وجيزة، أكدت مجموعة تضم تسعة مشرعين ديمقراطيين، وجميعهم من الأنصار القدامى لإسرائيل، في قاعة مجلس النواب الأميركي على حق الدولة (الإسرائيلية) في الدفاع عن نفسها. وقالت النائبة إيلين لوريا، من ولاية فرجينيا، “من واجبنا كأميركيين أن نقف إلى جانب إسرائيل في مواجهة هجمات الإرهابيين الذين لديهم نفس الهدف في ذهنهم مجدداً، وهو قتل اليهود”.

وفي وقت لاحق من ذلك المساء، بحسب التقرير، تحدث أيضاً حوالي 12 ديمقراطياً آخر للتشكيك في عدالة إرسال ما يقرب من 4 مليارات دولار سنوياً إلى بلد كان في خضم قصف المدنيين. وتساءلت النائبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز من ولاية نيويورك قائلة، “هل للفلسطينيين الحق في البقاء؟ وهل نصدق ذلك؟ وإذا كان الأمر كذلك، فنحن نتحمل مسؤولية عن ذلك أيضاً”.

وكانت تلك الخطابات مناسبة نادرة جرى خلالها مناقشة حقوق الفلسطينيين باستفاضة في قاعة مجلس النواب، وقدمها النائب مارك بوكان من ويسكونسن. ولكن الرسالة الدافعة للجلسة جاءت من رشيدة طليب، عضوة الكونغرس لولاية ثانية من ولاية ديترويت البالغة من العمر 45 عاماً والتي، وفقاً للعديد من الأشخاص المطلعين على المناقشات، مارست دوراً مهماً في حدوث تلك الخطابات. وقالت طليب في تصريحاتها، “كم فلسطيني يجب أن يموت حتى تصبح حياتهم مهمة؟”.

ويشير التقرير إلى أن طليب هي الأميركية-الفلسطينية الوحيدة التي تعمل الآن في مجلس النواب، والأولى التي لديها عائلة تعيش حالياً في الضفة الغربية، التي تتأثر حياة سكانها البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة بقوة نتيجة الدعم الأمريكي لإسرائيل.

ومع اشتداد القتال في أيار الماضي، ذهب زملاء طليب إليها ليسألونها عما إذا كانت عائلتها في أمان. وتعرضت طليب لانتقادات شديدة في بعض الأحيان من قبل الجمهوريين والديمقراطيين الموالين لإسرائيل بسبب وصفها لإسرائيل بـ”نظام الفصل العنصري”، ولدعمها حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (بي.دي.إس BDS) التي تهدف إلى إنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي من خلال ممارسة الضغط الاقتصادي على إسرائيل، وقد وُصفت بمعاداة السامية لانتقادها السياسات الإسرائيلية، وينقل التقرير عن طوني باريس، وهو صديق مقرب وزميل سابق لطليب، قوله إنه يتفادى الحديث عن رشيدة في محادثاته مع بعض أقاربه، من الديمقراطيين المحافظين “ولكن وصول طليب إلى الساحة الوطنية تزامن أيضاً مع ميل، وإن كان صغيراً، لدى الحزب الديمقراطي لتحدي سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل. فقد أصبحت القضية الفلسطينية جزءاً مهماً من سياسة اليسار الأميركي في نفس الوقت الذي اكتسب فيه اليسار مكانة واضحة على الساحة الوطنية”.

وبحسب التقرير “تجد طليب، وهي اشتراكية ديمقراطية تتحدث بصراحة عن القضايا الداخلية أكثر مما تتحدث عن القضية الفلسطينية، نفسها في قلب هذا التحول. وظهرت وهي ترتدي ثوباً فلسطينياً تقليدياً من صنع والدتها أثناء أداءها اليمين، وأحياناً ترتدي الوشاح المرتبط بشكل رمزي بالمقاومة الفلسطينية في المجلس وتتحدث كثيراً عن جدتها في الضفة الغربية”.

كما ينسب التقرير إلى ريبيكا أبو شديد، وهي محامية وناشطة أميركية-عربية، قولها إن الحقيقة البسيطة المتمثلة في وجود طليب في الكونغرس تعني “أننا الآن أناس حقيقيون بالنسبة لهم”، ولكن القلق يساور طليب من تبني دور الصوت الفلسطيني الوحيد في مجلس النواب، وتقول “أشعر أنه لا أحد يريد أن يراني إلا كفلسطينية؛ فأنا أم وامرأة ومررت بالكثير لكوني ابنة لاثنين من المهاجرين في الولايات المتحدة، وأنا أيضاً الأخت الكبرى لـ13 من الأشقاء الصغار، وقاطنة في مدينة معظم سكانها من الأميركيين الأفارقة”.

وتتمثل حجة طليب في أن الطرق المؤدية إلى سياسة إسرائيلية أكثر عدلاً ولإصلاح المشكلات التي ابتليت بها منطقتها -الفقر والوصول إلى المياه والتلوث- ليست مختلفة كلياً بحسب التقرير.

وينهي التقرير بالإشارة إلى أن طليب لم ترشح نفسها للكونغرس بخطة إستراتيجية لتغيير النقاش الإسرائيلي-الفلسطيني، ولا حتى برؤية متماسكة للقيام بذلك. ففي بعض الأحيان، بدت مراوغة؛ حيث قالت لصحيفة واشنطن بوست خلال حملتها في 2018: “نحن بحاجة إلى ألا نختار جانباً”. ولكن خلال السنوات الثلاث التي قضتها في واشنطن، ازدادت حدة حجة طليب: “إذا كانت الولايات المتحدة مهتمة بالقيم الديمقراطية، فإن دعم حقوق الفلسطينيين هو سلوك أميركي بطبيعته”.

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *