لكي تكون قمة الجزائر فعلاً تأسيسياً

 لكي تكون قمة الجزائر فعلاً تأسيسياً

معن بشور

معن بشور
عشية انعقاد قمة فلسطين في الجزائر في الذكرى الثامنة والستين لثورة الفاتح من نوفمبر التحريرية، يتقاذف المواطن العربي شعوران متناقضان، أولهما يأس من هذه الاجتماعات لفرط التجارب المريرة التي مرّت بها الأمة في ظل نظام رسمي عربي باتت أعظم خيوطه ممسوكة خارج الوطن العربي،
وثانيهما تفاؤل حذر سببه أن انعقاد القمة في بلد بمكانة الجزائر وهيبتها وتراثها النضالي العريق وامكاناتها الواسعة لا بد ان يلامس ولو جزئياً بعض أوجاع الأمة، خصوصاً في فلسطين وسورية واليمن وليبيا والسودان ولبنان.
ومما يعزّز هذا التفاؤل الحَذِرْ هو ان فلسطين تشهد ما تشهده من بطولات وتضحيات ومواجهات تزلزل كيان العدو وتضعف تأثيره وهيمنته من جهة، كما أن داعميه الرئيسيين في واشنطن ولندن ودول الاطلسي يواجهون ارتباكات عدة تجعلهم اكثر انشغالاً بمواجهة مشاكلهم الداخلية التي تزداد تعقيداً.
من هنا لا يستغرب البعض وجود حملة “شيطنة” لهذه القمة التي اختارت لها القيادة الجزائرية اسم “فلسطين” ، كما أختارت لها هدفا هو “لمّ الشمل العربي ” استكمالاً لمبادرتها في لمّ الشمل الفلسطيني.
فالأسم كما الهدف مستفزان لقوى عديدة في المنطقة والعالم لا تريد أن تسمع باسم فلسطين، كما تبذل كل جهد ممكن لأبقاء الشمل العربي ممزقاً، تمكيناً لاعداء الامة من السيطرة على قرارها ومواردها ومستقبلها .
ورغم كل شيء، فان هذه القمة مؤهلة لان تكون فعلا تاسيسياً في العمل العربي المشترك لا سيمّا اذا اجرت مراجعة جريئة لتجاربها السابقة، لا سيّما في العشرية الماضية وتراجعت عن قرارات جائرة جرى اتخاذها سواء بالنسبة لسورية حيث تم تعليق عضويتها، أو ليبيا التي تم استدعاء “الناتو” لتدميرها، أو اليمن الذي تم “شرعنة” الحرب عليه وفيه، او فلسطين التي جرى التملّص من اي التزام تجاه شعبها، بل وصل البعض الى ان يركب مركب التطبيع مع العدو رغم الامواج المتلاطمة التي تعيشها المنطقة.
لكن التأسيس الحقيقي يبدأ من أن تعود القمة الى قرارات اتخذتها قمم سابقة ومتعلقة بالعمل العربي المشترك بدءاً من السوق العربية المشتركة التي من شأن قيامها ان يخرج العديد من أقطارنا ،وفي مقدمها مصر ،من ازماتها الاقتصادية الخانقة، وصولاً الى معاهدة الدفاع العربي المشترك والوحدة الاقتصادية العربية، والاتحاد الجمركي العربي ومنظمة الثقافة والتربية والعلوم العربية، والعديد من المعاهدات والاتفاقات والمشاريع العربية المشتركة وفي مقدمها انشاء سكة حديد واحدة تربط أقطار الامة ببعضها البعض، ومشاريع زراعية وصناعية في اطار تكامل الموارد وعناصر الانتاج بين أقطار الامة.
ولعل أزمة الطاقة العالمية تطرح أهمية مناقشة فكرة انشاء “منظمة أوبك عربية” لا سيّما أن معظم الدول العربية باتت دولاً نفطية وتكون مهمة المنظمة توحيد الموقف العربي ازاء كل ما يتعلق بقضايا الطاقة وقد باتت قضايا اقليمية ودولية في آن.

ومن الضروري أيضا بحث العلاقات العربية الإسلامية، والعلاقات العربية الافريقية وإزالة كل ما يعتورها من شوائب، وهناك إطارن لا بد من تفعيلهما، وهما منظمة التعاون الإسلامي ومنظمة الوحدة الإفريقية، الذي ينبغي أن تبنى من خلالهما علاقات راسخة بين الدول العربية ودول الجوار الحضاري على قواعد التكامل والتكافل والاحترام المتبادل للمصالح وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول جميعها.
ان معالجة القضايا المتفجرة والازمات الساخنة في بلادنا العربية في أي اجتماع عربي، رسمي أو شعبي، أمر بالغ الأهمية لمعالجة الحاضر، لكن الاهتمام بسبل تطوير العمل العربي المشترك ، الذي قامت جامعة الدول العربية تحت عنوانه اساساً ، قبل ان ينقلب عليه القيّمون عليها ، هو أمر يتصل بالمستقبل . وهو الذي يجعل قمة الجزائر فعلاً تأسيسياً لاطار يحرص كثيرون على الاجهاز عليه أو تحويله إلى “اطار شرق أوسطي” يقوده الكيان الصهيوني الغاصب برعاية اميركية – اطلسية.ميركية – اطلسية.
كاتب لبناني

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *