كيف اعتزلت السياسة احتجاجا وابتعدت عن عرفات بعد صدامي مع “جماعة أوسلو”.. وهذه أسباب عودتي الى رام الله

 كيف اعتزلت السياسة احتجاجا وابتعدت عن عرفات بعد صدامي مع “جماعة أوسلو”.. وهذه أسباب عودتي الى رام الله

بسام ابو شريف

بسام أبو شريف
مرحبا بالأسئلة وأعد بأن أعمل جهدي بالاجابة عليها بقدر ماتسمح ظروف الأمن والسلامة أسعدني جدا أن اقرأ تعليقات عديدة على مقالي الأخير الذي تحدثت فيه حول ممارسات السلطة ضد حرية الرأي وضد الموقف اذا كان ذلك متعارضا مع موقف السلطة، وقد ورد في التعليقات مجموعة كبيرة من الأسئلة التي تحتاج فعلا الى إجابات يستفيد منها المواطن والمناضل والشعب وسأبدأ بسؤال طرحه الرفيق عكس التيار – هكذا أسمى نفسه عكس التيار وانا لو كنت مكان هذا الرفيق الطيب لأسميت نفسي مع التيار لان التيار الجارف في صفوف شعبنا هو التيار المعارض لاوسلو والمتصدي لنتائجها والذي يحشد القوى لاستمرار المقاومة ضد الاحتلال لتحرير وطننا ورفع علم العزة والكرامة والاستقلال والسيادة على أرضنا وبحرنا وجونا.
اخي العزيز لا ادري ان كنت تتبع كل ما اكتب ولكنني ذكرت في اكثر من مكان واكثر من مقال انني اتخذت موقفا ضد أوسلو عندما طرح الموضوع، فقد كان نقاشي مع المرحوم الرئيس الراحل ياسر عرفات صادقا وصريحا ومباشرا كنت اعلم ان نقطة الضعف عند الرئيس عرفات كانت تتمحور حول بند أساسي واحد هو رغبته الشديدة واصراره الأكيد على ان يكون مؤسسسا لأول دولة مستقلة للشعب الفلسطيني ذات سيادة كاملة وعاصمتها القدس وأن يحمي ويحافظ ويتابع تنفيذ قرار العودة لاهل فلسطين الى قراهم ومدنهم وأراضيهم كانت كلمة الدولة لمستقلة كاملة السيادة تدغدغ كل حواسه وتجعله مستنفرا ليستنفذ كل الطرق التي يظن انها ستؤدي به الى تحقيق هذا الهدف.
هذا الكلام هو لزام كي أكون صادقا ومخلصا أمام شعبي وامام اخوتي ورفاقي وكل من يهمه تحرير الوطن وطرد الغزاة ، كان مستعجلا ويخشى أن تفوت الفرص وتذهب سدى ولا يتمكن من اقامة الدولة الفلسطينية لذلك رأى في اجراءات مدريد الممطمطة وتشكيل اللجان العديدة لبحث مواضيع متفرعة عن انهاء الاحتلال واستقلال الشعب الفلسطيني وتاكيد حل الدولتين كان يرى في ذلك مسارا بطيئا يتيح المجال للتلاعب وتضييع الفرص وابعاد تحقيق الهدف بشكل قد يؤدي الى الغائه كان قلقا وكان يريد أن تتم الأمور بسرعة وكان رغم ذلك للشعب الفلسطيني في ذلك المؤتمر أصدقاء على رأسهم روسيا الاتحادية وعدد من قادة الدول الذين ساهموا وشاركوا في مؤتمر مدريد ، وفي خضم تلك الظروف الضاغطة ورغبة الرئيس ياسر عرفات في تسريع الأمور لاعلان الدولة المستقلة ذات السيادة الكاملة وعاصمتها القدس جاء من يهمس باذن الرئيس ياسر عرفات بان أعضاء قياديين في حزب العمل الاسرائيلي يقترحون بدل مؤتمر مدريد ان تبدأ مفاوضات سرية بين منظمة التحرير وبين حزب العمل سرا وبدون شروط في غرف مغلقة وبدون شروط وبدون حضور احد للوصول لاتفاق ثنائي يشكل مقدمة للدولة أو مقدمة لحل الدولتين وهنا بدأ النقاش الجدي – وهذا الكلام موجه للجميع جميع من يطرح هذا السؤال وليس فقط الرفيق الذي أسمى نفسه عكس التيار انني أقول الحقيقة للجميع ناقشت الرئيس عرفات في هذا البديل الذي طرح عليه وقلت له بالحرف الواحد يا سيادة الرئيس الدولة الفلسطينية لا يمكن ان تقوم الا اذا حققنا في ميزان القوى قوة تكفي بمقدار القوة التي نحتاجها لالحاق الهزيمة بإسرائيل فقيام الدولة الفلسطينية لن تقبل به إسرائيل وما طرح من قبلنا واقره المجلس الوطني من حل اسميناه حل الدولتين الا تكتيكا سياسيا يكشف للعالم كذب الإسرائيليين الذين يدعون اننا نريد ان نلقي بهم في لبحر واصبحوا هم من يسعى لالقاءنا نحن من تبقى من شعب فلسطين على ارض فلسطين في الصحراء الواسعة ، قلت له يا سيادة الرئيس لو كان العالم يريد ان يعطينا دولة لفعل ذلك ومنبر مؤتمر مدريد هو خير منبر فهو يعقد باشراف الدولتين العظميين الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية ويعقد على أساس تطبيق القرارين لمجلس الامن 242 و 338 والوفد الذي يمثلنا رغم عدم اعتراف شامير بمنظمة التحرير الفلسطينية هو في واقع الامر منظمة التحرير الفلسطينية والدكتور حيدر عبد الشافي (رحمه الله ) ، كان مبدعا في الإعلان على ان منظمة التحرير ممثل لشعبنا وقد أعلن أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الحقيقي والوحيد للشعب الفلسطيني ، ولذلك علينا ان نتوقع أن تكشف اسرائيل كل أوراقها وان تثبت للعالم انها لا تريد السلام وان هذا يعطينا المبرر والاساس لمتابعة نضالنا ومقاومتنا لتحرير ارضنا اما ما يعرض عليك الآن فهو باختصار كمين وقلت للرئيس لو كان العالم يريد أن يعطينا دولة لفعل ذلك انهم يريدون من منظمة التحرير ان تكون أسيرة لهم ويريدون ان تكون تنظيما يقوم بالحراسة والكناسة في الضفة الغربية وغزة لصالح السيادة الإسرائيلية على كل الأرض الفلسطينية انهم يريدون احتواء المنظمة ودون ان يفوا باي وعد حول إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ، فبرنامج اسرائيل هو برنامج التوسع وليس برنامج حل سلمي يقوم على أساس الدولتين.

كل ما ناقشته آنذاك مع الرئيس ياسر عرفات بهذا الامر كان هنالك من يأتي ليمحو ذلك بالترغيب واللعب على ذلك الوتر الحساس الدولة المستقلة وكأن حزب العمل قد وعد بإقامة دولة وبالاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة بينما في الحقيقة لم يعد احد الجانب الفلسطيني بدولة مستقلة وجل ما كان يطرح هو حكم اداري في الضفة الغربية تحت السيادة الاسرائيلية ، ومالت كفة هؤلاء الهامسين عندها غادرت تونس وتركت مكتبي وبيتي وكل ما أملك من أثاث وكتب واوسمتي وتوجهت الى بيت والدي رحمه الله لابقى الى جانبه بعيدا عما يجري في أوسلو ، ولم أدخل مع الداخلين وأكرر لم ادخل مع الداخلين في الوقت الذي اتخذت فيه قرارات عدة منظمات بما فيها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بادخال عدد كبير من الكوادر لتتخذ مواقع في السلطة ، بقيت أنا خارج الارض المحتلة في عمان في بيت والدي ، بقيت هناك لأكثر من عام الى أن جاءني اتصال من الرئيس ياسر عرفات وكان ذلك قبل اسبوع من تسليم مدينة الخليل للرئيس عرفات كجزء من تنفيذ الانسحابات الجزئية ، وسألني الرئيس ألا تريد أن تدخل ودعاني الى أن أكون الى جانبه فشعرت انه في مأزق ، وقلت له سأدخل لأرى ماذا أستطيع أن أفعل ، رغم قناعتي أننا تأخرنا كثيرا وأن العدو يستفيد جدا مما فعلنا ، خلال ذلك الأسبوع توجهت الى الأرض المحتلة وكان ذلك بعد عام وأشهر من دخول قوافل القيادات وعلى رأسهم الرئيس عرفات دون ان أكون معهم ، دخلت الأرض المحتلة وبذهني ان الرئيس ياسر عرفات يحتاج الى المساعدة لمواجهة المأزق الذي بدأ يكتشفه مأزق الخدعة الإسرائيلية والكمين الإسرائيلي هذا هو سبب دخولي الأرض المحتلة ان ابذل كل جهدي لإنقاذ الرئيس ياسر عرفات وان أكون عينا له الوقوف وربما أساعد في حمايته مما يدبر له ولمنظمة التحرير الفلسطينية ، لم أستلم أي منصب في الوقت الذي استلم فيه رفاقي في الجبهة الشعبية والديمقراطية وتنظيمات اخرى مناصب في دوائر السلطة ووزارتها رغم ان اتفاقات اوسلو لا تقر بمجلس تشريعي وحكومة لكن الرئيس عرفات هو الذي اسماها هكذا ، اكثر من ذلك حتى هذه اللحظة ترفض اسرائيل تسلم اي رسالة تحمل اسم السلطة الوطنية الفلسطينية اوأن تكون معنونة بالسلطة الوطنية فقط السلطة الفلسطينية يرفضون حتى هذه التسمية ونظرة سريعة الى أي جواز سفر تصدره السلطة أي تصدره اسرائيل ستجد عدم وجود كلمة الوطنية بعد كلمة السلطة الفلسطينية هي ما تريده إسرائيل أي إدارة فلسطينية تحت السيادة الإسرائيلية لما تبقى من الأرض وما تبقى من الشعب الفلسطيني ، لهذا السبب دخلت الى الارض المحتلة وهذا هو تفسيري للذين يسألون لماذا توجهت للأرض المحتلة بعض الناس اتخذت قرارات فقد دخلت قيادات كثيرة مثل ابو علي مصطفى واخرون تحت نفس الوضع ونفس المظلة السياسية وبقيت قيادات خارج الارض المحتلة فقد بقي جورج حبش واخرون لأنهم لايريدون ان يدخلوا الى ارض تحت السيادة الإسرائيلية هذا كان حال الوضع وأنا لم ادخل موافقة مني على اوسلو وانما دخلت لانني شعرت ان الرئيس ياسر عرفات يحتاجني ان اساعده في الخروج من ذلك المأزق يحتاج لمن يساعده في التصدي لتلك الخدعة وذلك الكمين الذي أوقع فيه هذا هو سبب دخولي ، وبقيت دون منصب ودون وظيفة ولم استلم راتبا من دوائر السلطة كنت مع الرئيس ياسر عرفات كمستشاره الخاص ،ولقد لعبت دورا في تحذيره عدة مرات وكانت المرة الأخيرة تحذيره من انهم يحضرون لاغتياله بالسم وكتبت له ذلك في تقرير مكتوب نشر ووزعه هو على القيادة ونشر في الكتب وحذرته شفهيا اكثر من مرة وسخرت له كل علاقاتي وقدرتي على جلب المعلومات الدقيقة كي انقذه لكنه لم يستمع لي كما لم يستمع من قبل حول نصيحتي بعدم الذهاب الى أوسلو .
كاتب وسياسي فلسطيني

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *