عن التطهير العرقي المتخفي وراء محاربة حماس
خالد النجار
✺ ✺ ✺
والإسرائيليون لا يخفون استراتيجيتهم للاستلاء على كامل فلسطين التي تتم بالتهجير القسري يعني بالإجرام، ويطلقون على التهجير الترجمة الإنكليزية الترنسفير، ويدعون باستمرار للترنسفير كما لو كان أمرا عاديا؛ تصور انسانا يدعو إلى تهجير الشعب البلجيكي من بلده ونقله إلى فرنسا، يبدو الأمر شديد السريالية، ولكن تكراره حوله لأمر عادي لدى الساسة الغربيين، أما العرب وباستثناء الفلسطينيين لم ينتبهوا لذلك … هذه الدعوة للترنسفير في حد ذاتها جريمة يعاقب عليها القانون؛ جريمة مزدوجة: طرد الناس من بيوتهم وأراضيهم واغتصابها، وقتل من يبقى؛ وفي الآن استباحة أراضي بلد آخر لوضعهم فيه. والغرب الذي أنشأ وعد بلفور يتواطأ بالصمت. ويصغي لهذه التصريحات الاجرامية دون أن يرف له جفن بله إدانتها. وهو يصغي إليها كما لو كانت أمرا عاديا.
بدءا، فلسطين آخر بلد واقع تحت الاستعمار المباشر وهو الاستعمار الصهيوني الذي يستند إلى ايديولوجيا دينية … وللاستيلاء على الأرض المقدسة التي وعدهم بها الرب كما هي في روايتهم التوراتية: أرضك يا إسرائيل من النيل إلى الفرات… لابد من حذف السكان، ولا يتم الحذف إلا بالتقتيل، والتهجير، وبكل أشكال الرعب المتخيلة كما جاءت في نصوصهم التوراتية والتلمودية.
أقول هذا لأن الدولة دينية بفترينة لايكية؛ هي دولة لليهود فقط، بما يعني أن حقوق المواطنة تمر بالعقيدة الدينية، وإذا لم تكن الأم يهودية فلا يتمتع المواطن داخل هذه الدولة بحقوق المواطنة. ولكنهم سوقوا أنفسهم في العالم، والعالم الغربي على وجه الخصوص كدولة لايكية وديمقراطية وكان الحداثيون العرب أول من تلقى وآمن بهذه الكذبة وبدأ في شيطنة حماس، بل هناك من شيطن بقية قوى وفصائل المقاومة…
ما يُمارس اليوم في غزة تطهير عرقي ديني رغم ادعاءات محاربة الارهاب وبقية الضجيج الإعلامي…
والتطهير العرقي هي الجريمة التي تأسس عليها هذا الكيان الاستعماري، الجريمة المستمرة منذ حوالي قرن من الزمان؛ الجريمة التي شارك فيها الغرب بالأسلحة وبالمال، وبالصمت الاجرامي، وبتزييف الرواية، وبالتغطية والحماية القانونية وبالفيتو على القرارات الدولية، وبالسماح للإسرائيليين بعدم تطبيق أي من القرارات الدولية بدءا من قرار التقسيم 1947 فقد أخذوا الكل. إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم (242) بما يعني واقعيا أنهم كما يصفون أنفسهم شعب الله المختار وأنهم فوق البشرية وفوق شرائعها وأحكامها…
- مواجهة الوجود الصيني المتنامي في الشرق الأوسط (مبادرة الحزام والطريق).
- مصادرة احتياطيات الغاز الطبيعي الفلسطيني.
- محو غزة من الخريطة”، الاستيلاء على احتياطيات الغاز البحرية في غزة بالكامل… وهناك تقارير تؤكد أن جزء من حقل غاز ليفياثان يقع في المياه الإقليمية لغزة.
هكذا تنيم الميديا وتخدّر الوعي وتجعل اللامعقول والمستحيل تصوره أمرا عاديا.
المستويات الخيالية وغير المسبوقة من الهمجية والقتل التي تتم اليوم في غزة هي محاولة تهجير ديني توراتي يكتمه الكيان الإسرائيلي عن العلم الحديث، هي نسخة جديدة لترنسفير 1948 بفظاعاته التي تجاوزت الخيال والتي لم توثق كما ينبغي لها أن توثق باستثناء شهادات الكتاب الفلسطينيين. هو محاولة ترنسفير مبرمج من زمان ومغطى بذريعة القضاء على حركة التحرير حماس التي مرغتهم في الوحل. وبعد مضي أقل من أسبوع من القتل الهمجي انتبهت بعض قطاعات المجتمع المدني الغربية ممن أيد العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأيام الأولى للحرب إلى التفاوت الكبير بين محاربة حماس وعملية التطهير العرقي الاجرامي التي تتم بشكل مبرمج. اكتشفوا أن محاربة حماس ليست سوى ذريعة، ليست سوى أجندة السطح؛ وأن الأجندة الحقيقية، الأجندة التي يتم تنفيذها على الأرض من هدم البيوت والأبراج على رؤوس السكان المدنيين، وهدم المساجد والكنائس، وحتى المستشفيات على رؤوس المرضى قصد التهجير هي عملية تطهير عرقي جريمة حرب مبنية على سردية توراتية تقول إن الله وعدهم بالأرض، وهدفها غير المعلن إعادة تمركز الغرب في المنطقة من خلال تشكيل شرق أوسط جديد تحت القيادة الإسرائيلية. يضمن للغرب امداداته من الطاقة وسيادته على المنطقة في مواجهة روسيا والصين التي تتلخص في التالي:
هكذا يزاوجون بين اللاهوت والتاريخ معتمدين على الفلاسفة اليهود الهيغليين الذين يعتبرون إسرائيل تجسدا لنهاية التاريخ.
ولا أتحدّث عن بقية أدبيات الفلاسفة الصهاينة من ليفيناس إلى من يطلقون على أنفسهم الفلاسفة الجدد أمثال فلكلكراوت، وبرنار هنري ليفي، ثم إلى ميشال أنفري الذي يحتفى به في المجلات الثقافية العربية وخاصة في مجلة الدوحة القطرية.