عبد الكريم البليخ: رحلة سفر لم تكتمل
الإنتشار العربي :عبد الكريم البليخ
ساعات قليلة كانت تفصله عن السفر إلى المحطة ـ الحلم الذي انتظره مطولاً. سنوات من الانتظار ها هي اليوم تعود إلى واقع يُجسّد ما سبق أن خاض تجربته وبكل حب.
مشوار رحلته بدأ من المدينة التي يقيم فيها بصورة دائمة في إحدى الدول الأوربية حيث سنحت له ظروفه بالانطلاق باتجاه رغبته التي أراد لها أن تكون في صورة واقعية، وحلم يُحاكي بعض ما عنده من آمال ورغبات ليقول كلمته بعد غياب.
لم ينم ليلته، نهض مبكراً كعادته لاستكمال تحضير بعض لوازمه، وكانت الفرحة لا تسعه في التوجه إلى البلد الذي يشكل بالنسبة له حبّاً جارفاً وشغفاً غريباً، لا سيما أنّه سبق أن زار الكثير من البلدان، وسبق أن استقر وعاش فيه فترة زمنية ليس بالقصيرة، إلا أنه لم يستمر بسبب ظروف قاهرة حالت دون الاقامة فيه.
حمل أمتعته وتوجه إلى سيارة الأجرة التي تنتظره بعد أن اتفق مع صاحبها ليقله إلى المطار الذي يبعد عن مكان اقامته حوالي نصف ساعة، وهناك، بعد وصوله قام بجميع الاجراءات المتبعة، وبعد أن تجاوز مرحلة حاجز التفتيش والتجول في السوق الحرة داخل ساحة المطار الداخلية، ورؤية ما طاب له من أنواع متعدد من المواد التي لفتت نظره بأسعارها المثيرة للدهشة، وهذا ما وقف حاجزاً أمام رغبته في شراء ما تشتهي نفسه من حاجيات بسيطة.
وبعد أن تجاوز السوق الحرّة بدأت الساعة تقترب من موعد إقلاع الطائرة.. اتجه إلى مكان بوابة الدخول التي ستؤدي به إلى داخل الطائرة المتجهة إلى اسطنبول بعد أن أودع حقيبة سفره الكبيرة التي بحوزته، والإبقاء على حقيبة إضافية صغيرة وضعها على كتفه وتحتوي على أوراقه، وكثير من لوازمه الصغيرة التي قد يحتاج إليها أثناء التوقف في محطة الترانزيت.
في مطار صبيحة التركي كانت وقفته، وبدأت أسراب المسافرين يضعون أقدامهم على أرض المطار، والتوجه إلى بوابات الصعود، كل إلى المحطة التي يرغب بينما توجه صديقي إلى محطة الترانزيت للانتهاء من الإجراءات للتوجه بعدها إلى إكمال رحلته الثانية من إسطنبول باتجاه الدوحة.. وبعد مراجعته إدارة مكتب شركة الطيران التي سبق أن أكد عليها حجز تذكرته.
رفضت شركة الطيران الموافقة على إكمال سير رحلته لأسباب تتعلق بوثيقة السفر التي يحملها، وعدم اعتراف طيران بيجاسوس الناقلة بتصريح دخول هيّا التي تعتبر بمثابة تأشيرة دخول إلى دولة قطر، التي سهلت بدورها دخول الكثيرين لحضور مونديال عرس الكرة العالمي.
باءت محاولاته بالفشل في الفوز في كسب ودّ الشركة والعاملين فيها في سبيل إكمال خط الرحلة التي بدأها، وانتظرها سنوات، إلا أنه، وللأسف لم تكتمل بل أصرت الشركة الناقلة على عودته إلى الدولة التي قدم منها، والأنكى من ذلك أنّه قضى ساعات طويلة في المطار بعد أن قامت شركة الطيران بتوجيهه إلى احد المطاعم داخل بهو المطار وتقديم وجبة غذائية كانت في الواقع من أسوأ الوجبات التي تناولها في حياته. كانت الخدمة سيئة جداً، وتعامل العاملين في الشركة أسوأ بكثير!.
في اليوم الثاني كان موعده في العودة إلى المكان الذي انطلق منه، وفشل في تحقيق رغبته في الوصول إلى هدفه المرسوم. توجه إلى مكان بوابة الاقلاع بعد انتظاره ساعات. سارع الخطى في التوجه إلى مكان بوابة الصعود قبل أن يفوته موعد الطائرة، ما يعني بقاءه في المطار ليوم آخر.
بدأت جموع المسافرين النهوض من أماكنهم، والوقوف صفاً واحداً أمام موظفة شركة الطيران للتأكد من وثائق سفرهم، وبدء صعود المسافرين إلى الباص العائد لشركة الطيران الناقلة بانتظار المسافرين لحملهم إلى مدرج الطائرة التي ينتظر قدومهم.
بدأت أفواج المسافرين بالقدوم إلى الموظفة للتدقيق في وثائقهم واللحاق بركب السفر في العودة إلى وجهاتهم، وكان صديقي من بينهم، وبمجرد أن تناولت منه وثيقة سفر طلبت منه الانتظار جانباً ريثما تنتهي من المسافرين جميعهم لتلتفت له. صدم لجهة تصرفها الغريب وصار يضرب أخماساً في أسداس بسبب توقفه، وبعد مغادرته المكان طلبت الموظفة من العاملين في الشركة مرافقته إلى باب الطائرة وتسليم أحد العاملين فيها وثيقة سفره.
وصلت الطائرة إلى وجهتها بعد ساعات ثلاثة من الإقلاع، وبدأ الركاب بحمل أمتعتهم والنزول من الطائرة، وبقي صديقي وحيداً ينتظر دوره في خلاصه من هذا الموقف المحرج الذي استغرب حدوثه. حاول أن يعيد حساباته من جديد عسى وعلّ أنّه ارتكب خطأ ما استدعى من الجهة الناقلة توقيفه، والتعامل معه بهذه الطريقة التي لم يفهم بعد ما هو مبررها؟.
وبعد فترة زمنية مضى عليها أكثر من ربع ساعة جاء أحد العاملين في شركة الطيران الذي اصطحبه إلى سيارته الخاصة، وأكد له أنّه مجرد إجراء عادي جداً. لا تقلق.
في هذه الحالة سبقه المسافرون إلى الوصول إلى بوابة الوصول في المطار للانتهاء من إجراءات الدخول إلى الدولة بصورة رسمية، وبعد فترة قصيرة لم تدم دقائق وصل صديقي برفقة عامل شركة الطيران وبيده وثيقة سفره وأوراقه طالباً منه الالتحاق بالمسافرين الذين سبقوه، وإنهاء إجراءات القدوم، وما كان من ضابط الهجرة المعني بختم وثيقة السفر الذي تعامل معه وبكل تواضع ولطف أن ابتسم له وعرف بفحوى مشكلته، وأكد له أنّ الكثير من المسافرين الذين سبقوك يشكون التعامل مع هذه الشركة التي لم تترك مجالاً لصديقي بتوضيح موقفه من سفره وإكمال خط رحلته إلى الدوحة التي لم تكتمل!