بين سايكس بيكو وبلفور.. أوروبا تحاول تصحيح إرثها الاستعماري بالاعتراف بدولة فلسطين

 بين سايكس بيكو وبلفور.. أوروبا تحاول تصحيح إرثها الاستعماري بالاعتراف بدولة فلسطين

تناولت صحيفة “نيويورك تايمز” تأثير التاريخ الاستعماري الأوروبي، خاصة اتفاقية سايكس-بيكو، في تشكيل المنطقة، وذلك بعد إعلان بريطانيا وفرنسا نيتهما الاعتراف بدولة فلسطين. ونقلت الصحيفة عن وزير الخارجية البريطاني قوله إن حكومته ستعترف بدولة فلسطين إذا لم توافق إسرائيل على وقف إطلاق النار مع حماس، مؤكدًا أن التاريخ يفرض مسؤولية كبيرة على بريطانيا.

وأشار التقرير إلى أن نظيره الفرنسي استشهد بالعامل التاريخي في تفسير خطوة فرنسا، حيث دعا قادة فرنسا منذ عهد شارل ديغول إلى إنهاء الصراع على أساس اعتراف متبادل بين الدول المعنية، رغم أن كلا البلدين لم يذكرا اتفاقية سايكس-بيكو التي قسمت المشرق العربي عام 1916، والتي شكلت أساس الواقع السياسي الحالي. وتعد الاتفاقية مثالاً على الغطرسة الاستعمارية الغربية، إذ قسمت المنطقة وخلقت صراعات دائمة بين مجتمعاتها.

تؤكد الصحيفة أن الأزمة الحالية في غزة، مع معاناة الأطفال والقيود الإسرائيلية على المساعدات، أعادت تسليط الضوء على الدور الاستعماري لبريطانيا وفرنسا في المنطقة. وأكد البروفيسور يوجين روغان من جامعة أكسفورد أهمية تصحيح أخطاء الماضي، معتبرًا أن الاعتراف بدولة فلسطين قد يساهم في استدامة التعايش بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وفي سياق متصل، أشار وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إلى أن الاعتراف بدولة فلسطين يُعد تصحيحًا لظلم تاريخي سببه وعد بلفور عام 1917، الذي دعم إقامة وطن قومي لليهود بشرط عدم الإضرار بحقوق السكان غير اليهود في فلسطين. وأوضح أن بريطانيا تتحمل مسؤولية كبيرة بعد 21 شهرًا من الهجمات الإسرائيلية على غزة، خاصة مع شبح المجاعة الذي يهدد القطاع.

اعتراف أوروبا بدولة فلسطين هو خطوة مهمة لتصحيح أخطاء الماضي وإعادة الحق لأصحابه

ويرى محللون أن خطوة بريطانيا وفرنسا تأتي في سياق تصحيح التاريخ، خاصة أن بريطانيا تراجعت عن دعمها للصهيونية في فترات سابقة، وخصوصًا بعد صعوبة التوفيق بين إقامة دولة يهودية والحفاظ على علاقاتها مع العالم العربي. وفي عام 1939، اقترحت بريطانيا إنشاء وطن لليهود ضمن دولة فلسطينية ذات أغلبية عربية، مع تقييد الهجرة اليهودية.

وتشير الصحيفة إلى أن ردود الفعل الإسرائيلية، خاصة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، كانت غاضبة، مع تزايد دعم أكثر من ثلاثة أرباع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطين، بعد دعم فرنسا وبريطانيا وكندا ومالطا. وعلى الرغم من أن فرنسا تخلت عن مطالبها في فلسطين بعد اتفاقية سايكس-بيكو، إلا أن اعترافها بدولة فلسطين يمثل تحولًا مهمًا في علاقاتها مع إسرائيل، خاصة بعد دعمها لها في حرب 1967.

وفي النهاية، أشار السفير الفرنسي السابق لدى إسرائيل، جيرار أرو، إلى أن اعتراف ماكرون بدولة فلسطينية يحمل مخاطر سياسية كبيرة، نظرًا لوجود أكبر جاليتين يهودية ومسلمة في فرنسا، وسجل البلاد في التعرض لهجمات إرهابية، مما يعكس حساسية الملف الفلسطيني في السياسة الفرنسية الحالية.

Al Enteshar Newspaper

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *