بالذكرى السادسة لاغتيال (المُثقّف المُشتبِك) باسل الأعرج.. “على كلِّ فلسطينيٍّ الاستيعاب أنّ الصِدام مع السلطة ليس صِدامًا مع فلسطينيٍّ آخر بل صِدامًا مع أداةٍ من أدوات الاحتلال”

الإنتشار العربي :الشهيد البطل باسل الأعرج، الذي كان وما زال يُعرَف بالمثقف المُشتبك أرسى مقولةً مأثورةً أكّد فيها أنّه “على كلِّ فلسطينيٍّ أنْ يَستوعب أنّ أيّ صدامٍ مع السلطة الفلسطينيّة ليس صدامًا مع فلسطينيٍّ آخر، بل صِدام مع أداةٍ من أدوات الاحتلال”، على حدّ تعبيره.
قبل ستّة أعوامٍ، وتحديدًا في السادس من آذار (مارس) عام 2017، بعد مقاومة منه استُشهد الأعرج (31 عامًا) وهو مشتبك ولم تنفذ ذخيرته كما نشر الإعلام فقد وُجدت معه الذخيرة، كما تبيّن في فيديو الاحتلال عدد من الرصاصات في السلاح، ومن أشهر مقولاته، التي ما زالت تتداول حتى اليوم: “بدّك تصير مثقف، بدّك تصير مُشتبك، ما بدّك مُشتبك، بلا منك وبلا من ثقافتك”.
اليوم في الذكرى السادسة لاستشهاده بمدينة البيرة بالضفّة الغربيّة المُحتلّة، بات واضحًا وجليًّا كعين الشمس أنّ السلطة الفلسطينيّة، التي كان الأعرج أحد ضحايا تنسيقها الأمنيّ مع الاحتلال، تلعب دورًا خطيرًا جدًا، وتُواصِل التنسيق مع الاحتلال بوتيرةٍ عاليةٍ، فقد ارتكب الاحتلال اليوم الخميس جريمةً جديدةً أسفرت عن استشهاد ثلاثة فلسطينيين في بلدة جبع، فيما تمّ التبليغ عن إصابة مباشرة في الرأس في بلدة اليامون قضاء جنين في الضفة الغربية المحتلة.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد أحمد محمد أحمد ذيب فشافشة (22 عامًا)، ونايف أحمد يوسف ملايشة (25 عامًا)، وسفيان عدنان فاخوري (30 عامًا)، برصاص قوات الاحتلال بعد أن أطلقت النار عليهم داخل مركبتهم، عند مدخل بلدة جبع.
وأفاد مدير الهلال الأحمر في جنين محمود السعدي، بأنّ طواقم الإسعاف تسلمت جثت 3 شهداء، حيث جرى نقلهم إلى مستشفيات جنين. وقال شهود عيان إنّ قوات إسرائيلية خاصة تسللت إلى البلدة، وأطلقت النار على مركبة من نوع (يونداي) في منطقة الفوارة في جبع وبداخلها 3 شبان، واحتجزوا المركبة ومنعوا الطواقم الطبية من الوصول لها، ما أدى إلى استشهادهم.
وادعّت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية (كان)، نقلاً عن مصادر أمنيّةٍ في تل أبيب أنّ الشبان الثلاثة أطلقوا النار تجاه قوة إسرائيلية وتمّت تصفيتهم، حيث عثر على مسدسات وبنادق وعبوات ناسفة كانت في المركبة، على حد زعم جيش الاحتلال، الذي أضاف أنّ اثنيْن من الشهداء هما من نشطاء حركة (الجهاد الإسلاميّ).
ووفقًا للإحصائيات الرسميّة فقد وصل عدد الشهداء الفلسطينيين، الذين ارتقوا بنيران الاحتلال الإسرائيليّ خلال الشهريْن الأخيريْن إلى 77 شهيدًا في الضفّة الغربيّة المُحتلّة.
وعودٌ على بدء: لم تكن حكاية الشهيد الفلسطينيّ باسل الأعرج مع المطاردة والملاحقة الإسرائيليّة سوى الفصل الأخير من قصته بعد الإفراج عنه من سجون السلطة الفلسطينية، في سبتمبر (أيلول) من العام 2016، عقب إضراب خاضه عن الطعام برفقة خمسة من أصدقائه، هم اليوم يقبعون في السجون الإسرائيليّة.
ورثى رواد كلٍ من (فيسبوك) و(تويتر) باسل الأعرج، الذي درس وتخرّج من كلية الصيدلة، ونشروا وصيته التي ألقيت بعد نبأ اغتياله من أمام منزله. وممّا جاء فيها: “تحية العروبة، والوطن، والتحرير .أما بعد، إنْ كنتَ تقرأ هذا فهذا يعني أنّي متُّ، وقد صعدت الروح إلى خالقها، وأدعو الله أنْ ألاقيه بقلبٍ سليمٍ مقبلٍ غير مدبر، بإخلاص بلا أية ذرة رياء. لكم من الصعب أنْ تكتب وصيتك، ومنذ سنين انقضت وأنا أتأمل كل وصايا الشهداء التي كتبوها، لطالما حيرتني تلك الوصايا مختصرة سريعة مختزلة فاقدة للبلاغة، ولا تشفي غليلاً في البحث عن أسئلة الشهادة. وأنا الآن أسير إلى حتفي راضياً مقتنعاً وجدت أجوبتي، يا ويلي ما أحمقني وهل هناك أبلغ أو أفصح من فعل الشهيد”.
“كان من المفروض أنْ أكتب هذا قبل شهور طويلة إلّا أنَّ ما أقعدني عن هذا هو أن هذا سؤالكم أنتم الأحياء فلماذا أجيب أنا عنكم فلتبحثوا أنتم، أمّا نحن أهل القبور فلا نبحث إلّا عن رحمة الله”، على حدّ قوله.