العدوان الثلاثي على مصر.. دروس وعبر

 العدوان الثلاثي على مصر.. دروس وعبر

معن بشور

معن بشور
في مثل هذا اليوم قبل 66 عاماً بدأ العدوان الثلاثي البريطاني – الفرنسي – الإسرائيلي على مصر بقيادة الخالد الذكر جمال عبد الناصر، وهو عدوان بدأ في غزة عام 1955، واستمّر باشعال منطقتنا بأدوات متعددة حتى حرب 1967، بل حتى معاهدة “كمب ديفيد” عام 1979، والتي رأى فيها الشعب المصري عدواناً على تاريخه ومبادئه ومعتقداته وارتباطه بأمته العربية وبقضيتها المركزية فلسطين.
في مواجهة الشعب المصري ومعه جماهير أمته العربية واحرار العالم للعدوان الثلاثي دروس وعبر عديدة لكن ابرزها دروس اربعة:
1- ان موازين الارادات تبقى في النهاية أقوى من موازين القوى، لأن توّفر الإرادة غالباً ما يؤدي الى تراكم القوى، فيما القوى العسكرية في غياب الإرادة تتراجع وتتبدّد بل وتتلاشى، وهذا ما نراه اليوم في المقاومة البطولية للاحتلال في فلسطين وفي أكناف فلسطين.
2- ان حياة الشعوب المكافحة مليئة بالتحولات الحاسمة، فذلك العدوان بدأ فعلياً يوم ارتكب الصهاينة واحدة من أبشع مجازرهم في غزة التي كانت تحت الإدارة المصرية عام 1955، فتوجهت قيادة الثورة المصرية الى الغرب تطلب السلاح فتمنّع الغرب عن تسليح مصر ارضاء للكيان الغاصب فتوجه ناصر نحو الشرق فجاءه السلاح من تشيكوسلوفاكيا أحدى دول المعسكر الاشتراكي يومها، فجنّ جنون واشنطن وحلفائها وأوقفوا تمويل البنك الدولي (200 مليون دولار) لبناء السد العالي، فردّ ناصر بتأميم القناة ، فكان العدوان الثلاثي الذي واجهه الشعب المصري ومعه أبناء أمته، لا سيّما في سورية عبر الرمز الاستشهادي البطل البحّار جول جمّال، بالإضافة الى نسف أنابيب النفط في بانياس، كما واجهه احرار العالم وفي مقدمهم الاتحاد السوفياتي وانذار رئيس حكومته آنذاك بولغانين، فتوّقف العدوان وانسحبت الجيوش المعتدية من سيناء والاراضي المصرية الأخرى، ودخل العالم كله مرحلة جديدة هي مرحلة سقوط الامبراطوريتين الاعظم يومها (بريطانيا وفرنسا)، وبروز القطبية الثنائية الاميركية – الروسية لتبدأ الأمة نضالها ضد الهيمنة الاميركية التي كان مدخلها آنذاك “مشروع ايزنهاور” .
3- في أجواء العدوان على مصر وقفت جماهير الأمة كلّها مع مصر فيما انقسم النظام الرسمي على نفسه في “قمّة بيروت العربية الطارئة”، حيث دعا البعض الى قطع العلاقات مع دول العدوان، ورفض البعض الآخر ، فيما انقسم لبنان الرسمي بين مؤيد لقطع العلاقات (الرئيسان صائب سلام، وعبد الله اليافي )، فيما رفض الفريق الأخر ممثلاً برئيس الجمهورية (كميل شمعون) قرار قطع العلاقات فأستقال سلام واليافي من الحكومة ودخل لبنان في المجهول السياسي وكانت ثورة 1958 الشهيرة
4- في مواجهة ذلك العدوان لم يكن ممكناً اصدار قرار بوقف العدوان في مجلس الامن بسبب استخدام عضوين في المجلس( هما بريطانيا وفرنسا) حق الفيتو، فانتقل الامر الى الجمعية العامة للأمم المتحدة التي اتخذت قراراً بوقف العدوان فوراً تحت عنوان “تحالف من أجل السلام” وهو ما رأى فيه البعض بروزاً لكتلة عدم الانحياز التي بدأت رحلتها مع مؤتمر باندونغ 1955، وهو قرار يمكن الاعتماد عليه اليوم في وقف العدوان على شعب فلسطين وكافة الشعوب المعتدى عليها من قوى الاستكبار والهيمنة .
حين نضع دروس العدوان الثلاثي هذه، والعديد غيرها من الدروس لا يصبح الحديث عن ذلك العدوان أمراً من الماضي، بل درساً للحاضر، ومفتاحاً للمستقبل.
كاتب لبناني

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *