إجلاء طاقم السفارة الأميركية في الخرطوم والمعارك العنيفة تدخل أسبوعها الثاني والتهدئة تفشل مجددًا.. البرهان يتحدى وحميدتي يهدد ومئات القتلى والجرحى في الشوارع.. إلى أين تتجه السودان؟

 إجلاء طاقم السفارة الأميركية في الخرطوم والمعارك العنيفة تدخل أسبوعها الثاني والتهدئة تفشل مجددًا.. البرهان يتحدى وحميدتي يهدد ومئات القتلى والجرحى في الشوارع.. إلى أين تتجه السودان؟

الإنتشار العربي : أعلنت قوات الدعم السريع في السودان في وقت مبكر الأحد أنها قامت “بالتنسيق” مع القوات الأميركية بإجلاء الدبلوماسيين وأسرهم من سفارة الولايات المتحدة في الخرطوم، مع دخول المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع أسبوعها الثاني، وفشل تطبيق الهدنة الموقتة المعلنة.
وكان أكثر من 150 شخصا من السعوديين ورعايا دول أخرى قد وصلوا بحرا الى جدة السبت، في أول عملية إجلاء معلنة لمدنيين من السودان منذ اندلاع المعارك.
وقالت تغريدة للقوات التي يقودها الفريق أول محمد حمدان دقلو على تويتر “قامت قوات الدعم السريع فجر اليوم الأحد، بالتنسيق مع بعثة القوات الامريكية المكونة من 6 طائرات بغرض إجلاء الدبلوماسيين وأسرهم”.
وأضافت أنها تؤكد “تعاونها الكامل مع البعثات الدبلوماسية كافة ووقوفها إلى جانبهم وتقديم سبل الحماية اللازمة لضمان عودتهم إلى بلدانهم آمنين”.
كما بدأت فرنسا “عملية إجلاء سريع” لمواطنيها ولطاقمها الدبلوماسي من السودان حيث دخلت المعارك العنيفة أسبوعها الثاني، على ما أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الأحد.
ولفتت الخارجية الفرنسية إلى أن العملية ستشمل أيضًا مواطنين أوروبيين وآخرين من “دول شريكة حليفة”، دون أن تقدّم تفاصيل إضافية.
وقال مصدر دبلوماسي إن كلّاً من قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع “قدّمت ضمانات أمنية” تسمح بإجراء هذه العملية.
ولفت المصدر نفسه إلى أن نحو 250 مواطنًا فرنسيًا يقيمون في السودان.
ويأتي الإعلان عن المبادرة الفرنسية بعد ساعات من إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أن القوات الأميركية نفذت مهمة لإجلاء موظفي السفارة الأميركية من الخرطوم.
واستؤنف القتال في العاصمة السودانية الخرطوم بعد هدنة مؤقتة شهدت توقفت المعارك مؤقتا الجمعة، في أول أيام عيد الفطر.
وخلف القتال في السودان مئات القتلى وآلاف الجرحى، بينما يعاني السودانيون من نقص في الكهرباء والغذاء.
وكان الحليفان السابقان قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان ودقلو المعروف بـ”حميدتي” استوليا على السلطة كاملة في انقلاب في العام 2021 أطاحا خلاله بالمدنيين الذين كانوا يتقاسمون السلطة معهم. لكن الخلافات والصراع على السلطة ما لبثت أن بدأت بينهما وإن بقيت كامنة في فترة أولى.
والسبت أفادت وزارة الخارجية السعودية أن القوات البحرية للمملكة، وبالتعاون مع أفرع عسكرية أخرى، أجلت “91 مواطنا، فيما بلغ عدد الأشخاص الذي تم إجلاؤهم من الدول الشقيقة والصديقة نحو 66 شخصا”.
وأكدت أن كل هؤلاء وصلوا الى المملكة.
وأشارت الى أن الأجانب هم من 12 دولة هي الكويت وقطر والإمارات ومصر وتونس وباكستان والهند وبلغاريا وبنغلادش والفليبين وكندا وبوركينا فاسو، وبينهم “دبلوماسيون ومسؤولون”.
وعرضت قناة “الإخبارية” السعودية شريطا مصوّرا تظهر فيه سفينة حربية لدى وصولها الى الميناء.
وهي أول عملية إجلاء معلنة لمدنيين منذ اندلاع الاشتباكات، علما بأن الجيش السوداني أعلن في 20 الحالي، إجلاء 177 عسكريا مصريا كانوا يتواجدون في مدينة مروي بشمال البلاد.
وبات موضوع إجلاء الدبلوماسيين والرعايا يشكّل موضوعا ضاغطا خصوصا للدول الغربية، في ظل تواصل المعارك.
وتقوم أطراف عدة بينها الاتحاد الأوروبي، بإعداد خطط لإجلاء رعاياها الأجانب، بينما نشرت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان قوات في دول مجاورة استعدادا لعمليات كهذه.
وذكرت مجلة “دير شبيغل” الألمانية أن وزيري الدفاع والخارجية عقدا اجتماعا طارئا السبت لمناقشة إمكانية القيام بعملية إجلاء بعدما اضطرت ثلاث طائرات عسكرية للعودة وعدم إكمال مهتمها الأربعاء.
وأكد البرهان في بيان للجيش موافقته على “طلب عدد من الدول تسهيل وضمان تأمين إجلاء رعاياها وبعثاتها الدبلوماسية من البلاد”، و”تقديم المساعدة اللازمة لتأمين ذلك”.
وأفاد البيان بأنه “ينتظر أن تبدأ عملية إجلاء كل البعثات التي تطلب دولها ذلك خلال الساعات القادمة”.
وتابع بأن كلًا من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين ستقوم بإجلاء دبلوماسييها ورعاياها جوا “بطائرات نقل عسكري من الخرطوم، ويتوقع الشروع في ذلك فورا”.
وأعربت قوات الدعم السريع من جهتها عن استعدادها لفتح “كل مطارات” السودان لإجلاء الأجانب، مع أنه من غير الممكن معرفة ما هي المطارات التي تسيطر عليها هذه القوات.
وشدّد البرهان لقناة “العربية” على أن “كل المطارات تحت سيطرة الجيش”، باستثناء مطارَي الخرطوم ونيالا بولاية جنوب دارفور حيث “توجد إشكالية”.
– “رائحة دماء” –
وتوقفت الانفجارات العنيفة التي هزت الخرطوم في الأيام الأخيرة ليل الجمعة السبت بعد إعلان الطرفين القبول بهدنة لمناسبة عيد الفطر. لكن إطلاق النار والانفجارات تجددت صباح السبت.
وكان الجيش أعلن الجمعة أنه “وافق على وقف لإطلاق النار لمدة ثلاثة أيام” بمناسبة عيد الفطر، دعا إليه قبل يوم واحد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.

وقال دقلو في بيان إنه “ناقش الأزمة الحالية” مع غوتيريش و”ركز على الهدنة الإنسانية والممرات الآمنة وحماية العاملين في المجال الإنساني”.
ويصعب كثيرا معرفة تفاصيل التطورات الميدانية في ظل خطر التنقّل، فيما يؤكد كل من الطرفين تقدمه. لكن لا يمكن معرفة من يسيطر على ماذا في العاصمة التي هجر شوارعها المدنيون.
في الخرطوم، التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة، قلب الصراع حياة المدنيين الذين احتموا يتملكهم الرعب داخل منازلهم من دون كهرباء في أجواء من الحرّ الشديد.
ويجازف عدد منهم بالخروج للحصول على مواد غذائية على نحو عاجل أو للفرار من المدينة.
وقال أحد السكان سامي النور لوكالة فرانس برس إن العيد يجب أن يكون “مع الحلويات والمعجنات وأطفال سعداء وتحية الأقارب”، لكن بدلاً من ذلك هناك “إطلاق نار ورائحة دماء حولنا”.
خلال المعارك العنيفة في الخرطوم خلال الأيام الماضية، شنّت طائرات مقاتلة ضربات على مواقع عدة، بينما جابت دبابات الشوارع وأطلق الرصاص والمدفعية في مناطق مكتظة. لكن العنف امتد إلى أنحاء أخرى من البلاد ايضا.
واتهم الجيش في وقت متأخر من الجمعة قوات الدعم السريع بشنّ هجمات في المدينة التوأم للعاصمة أم درمان حيث أخرجوا “عددا كبيرا من نزلاء” أحد السجون. لكن “الدعم السريع” نفت ذلك.
ووقعت معارك في إقليم دارفور في غرب السودان حيث قالت منظمة أطباء بلا حدود في مدينة الفاشر إن الوضع “كارثي”، و”لا يتوفر عدد كافٍ من الأسرّة لاستيعاب عدد الجرحى الهائل”، وبينهم عدد كبير من الأطفال.
– توقف المستشفيات –
وقالت منظمة الصحة العالمية إن 413 شخصًا قتلوا وأصيب 3551 بجروح في القتال في جميع أنحاء السودان، لكن يُعتقد أن العدد الفعلي للقتلى أكبر من ذلك.
وقالت لجنة أطباء السودان إن أكثر من ثلثي المستشفيات في الخرطوم والولايات المجاورة “توقفت عن العمل”. وتعرضت أخرى للنهب وقُصفت أربعة مستشفيات على الأقل في ولاية شمال كردفان.
وقال برنامج الأغذية العالمي إن العنف قد يوقع ملايين آخرين في براثن الجوع في بلد يحتاج فيه 15 مليون شخص – أي ثلث السكان – إلى المساعدات.
ودعت مجموعة الأزمات الدولية الى ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لوقف الانزلاق إلى “حرب أهلية شاملة”.

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *