فلسطين: ما أروعك في ملحمتك الشاملة

 فلسطين: ما أروعك في ملحمتك الشاملة

نواف الزرو

مائة عام في مواجهة المشروع الصهيوني

مرة أخرى تسقط هبة أهل القدس وفلسطين كل الحواجز الاحتلالية وتحطم مخطط القرابين في قلب الأقصى وتجبر بينيت وجيشه ومستعربيه ومستعمريه على التراجع والاندحار، برغم أنها كانت حربًا احتلالية حقيقية عليهم، حضّر لها الاحتلال وأعد لها العدة الكاملة، من قوات قمع وأسلحة فتك واعتقالات جماعية… ومرة أخرى يسطر أهلنا في القدس وفلسطين، ملحمة كفاحية مشرفة في وجه أكثر احتلال عنصري على وجه الكرة الأرضية.. ما يعيدنا مجددًا لنسلط الضوء على الوجه المشرق لفلسطين والشعب الفلسطيني، على الرغم من سموم الطابور الخامس التي تنفث في الفضاء على مدار الساعة، ولنسلط الضوء على الملحمة الفلسطينية المفتوحة في مواجهة المشروع الصهيوني، فالذي يجري هناك على امتداد مساحة الوطن المحتل هي سلسة متصلة من الهبات والانتفاضات والثورات المتصلة المتتابعة على مدى أكثر من قرن من الزمن، لتشكل كلها بمجموعها ملحمة فلسطينية حقيقية… فما أبهاكِ وما أروعك فلسطين، في مسيرتك الكفاحية المفتوحة، المليئة بالهبات والانتفاضات والثورات والتضحيات.. وما أبهاكِ وما أروعك في انتفاضاتك الشاملة الكبيرة وأقربها انتفاضة القدس والأقصى والشيخ جراح وسلوان، التي قلبت كل الحسابات الصهيونية وأعادت القضية مجددًا إلى قمة جدول الأعمال السياسي والإعلامي على كل المستويات… وما أروعك وأنت تجددين الدماء في انتفاضة الأسرى ونفق الحرية والتحرر التي ما تزال في الأفق الفلسطيني… ما أعظمك وأنت تعيدين رسم خارطة فلسطين التاريخية من بحرها إلى نهرها بالنار واللهب.

فلسطين البهية: ما أعظمك وأنت تستيقظين من سبات عابر فرضته الظروف العربية -وكلاء التطبيع والخيانة – والإقليمية والدولية التي صنعت على مقاسات الثنائي الإرهابي ترامب-نتنياهو…

فلسطين العظيمة: كلما خيل لنا أن فلسطين انتقلت من مكانتها المقدسة إلى سياق العادي، تُفاجئنا بقدرتها الفذة على إيقاظ معناها الخالد، ببعديه الزمني والروحي من سبات تاريخي عابر -محمود درويش..”.

فهذه الانتفاضات الكبيرة العظيمة تقلب كل الحسابات وتعيد صياغة المعادلة في مواجهة الاحتلال وقواه الغاشمة وعصابات مستعمريه، وترفع الهامات الفلسطينية عاليًا بكل فخر واعتزاز في ظل انبطاح وخيانات عربية لم تخطر ببال الكبار والعظماء…

رسالة هذه الانتفاضات العظيمة متعددة الاتجاهات والعناوين فلسطينيًا وإسرائيليًا وعربيًا وعالميًا، فعلى المستوى الفلسطيني والعربي على نحو خاص تقول لنا:

أولًا: الإيمان بالجيل الفلسطيني الجديد… الجيل المنتفض الثوري الشجاع والجريء الذي لا يهاب المواجهة حتى الشهادة، وهذا ما شاهدناه ونشاهده ونتابعه امتداد مساحة فلسطين، حيث يتقاطر الشبان كالطوفان للتصدي لقوات ومستعمري الاحتلال المجرمين.

ثانيًا: الإيمان بأن الاشتباك ما بيننا كأمة عربية وما بين المشروع والاحتلال الصهيوني، إنما هو اشتباك تاريخي مفتوح حتى هزيمة المشروع الصهيوني… وهنا تأتي أهمية الإيمان بالجيل الفلسطيني الجديد الذي وصفه عدد كبير من الكتاب والمحللين والمؤرخين وحتى الجنرالات الصهاينة، بأنه جيل فلسطيني عصي على الكسر.

ثالثًا: يجب الإيمان بقدرة الشعب الفلسطيني ومن ورائه الشعوب والقوى العروبية الحية على هزيمة وإفشال الصفقات والمخططات والمشاريع التصفوية بالصمود والنفس الطويل.

رابعًا: يجب الإيمان والاقتناع بأن الصفقات التصفوية، ليست قدرًا لا راد له، وإنما هي تتويج لمسلسل طويل من الصفقات والمؤامرات الاستعمارية الصهيونية منذ أكثر من قرن من الزمن وما زال الصراع مستمرًا والشعب العربي الفلسطيني لم يهزم.

خامسًا: الوحدة الوطنية الشاملة-على أوسع نطاق ممكن- في إطار مشروع التحرر الوطني هي السبيل للملمة كل أوراق القوة الفلسطيني -وهي كثيرة- التي من شأنها الحفاظ على القضية والهوية، كما إنها السبيل الوحيد في نهاية المطاف لتحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية.

سادسًا: الإيمان والاقتناع بأن طريق المقاومة ثم المقاومة ثم المقاومة بكافة أشكالها هو السبيل الوحيد للإنتصار والتحرير.

ننحني احترامًا وإجلالًا للجيل الفلسطيني الجديد الصاعد الذي يخشاه الاحتلال وتتحدث وسائل إعلامه عن جيل لا يهاب الموت أبدًا… فهذا هو الفلسطيني الجديد الحقيقي الذي نتابعه في الميدان المقدسي والفلسطيني عمومًا، وتلك هي فلسطين الجديدة التي سيبنيها هذا الجيل الجديد بقوة الإيمان والمقاومة والتحرير.

* كاتب صحفي وباحث في شؤون الصراع العربي – الصهيوني

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *