أزمة تمويل تاريخية تهدد الصليب الأحمر
أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن خطة لخفض ميزانيتها وتسريح نحو 2900 موظف، في خطوة وُصفت بأنها الأكبر منذ عقود، وذلك في ظل تراجع الدعم المالي من أبرز المانحين الدوليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا.
وقالت رئيسة اللجنة، ميرجانا سبوليارتش، إن ميزانية المنظمة ستنخفض إلى 2.2 مليار دولار فقط في عام 2026، أي أقل بنحو الخُمس من حجمها الحالي، مؤكدة أن العالم يشهد “تلاقيا خطيرا بين تصاعد النزاعات المسلحة وتراجع التمويل وتسامح منهجي مع الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني”.
ويربط مراقبون هذه الأزمة بالتحولات السياسية في الدول الكبرى، خصوصا الولايات المتحدة التي أعادت ترتيب أولوياتها الخارجية وفق سياسة “أميركا أولا”، ما انعكس على حجم مساهماتها في المنظمات الإنسانية.
كما تبعت دول أوروبية تقليدية هذا النهج، وهو ما أدى إلى فجوة تمويلية غير مسبوقة.
أكدت اللجنة أنها ستواصل حضورها في مناطق النزاع الأكثر سخونة مثل السودان وأوكرانيا وفلسطين والكونغو.
تشمل خطة الصليب الأحمر تقليص نحو 15% من قوة العمل البالغ عددها 18 ألفا و500 موظف، بينهم حوالي 200 وظيفة في مقر المنظمة بجنيف.
وأوضحت اللجنة أن جزءا من هذه التخفيضات سيتم عبر مغادرات طوعية أو عدم شغل وظائف شاغرة، إلى جانب دمج بعض الأقسام وإعادة هيكلة الإدارة.
وعلى الرغم من هذه الإجراءات، أكدت اللجنة أنها ستواصل حضورها في مناطق النزاع الأكثر سخونة مثل السودان وأوكرانيا والأراضي الفلسطينية المحتلة والكونغو الديمقراطية، مشددة على أن وجودها الميداني يبقى جوهر رسالتها الإنسانية.
وقد لعبت مؤخرا دورا بارزا في عمليات تبادل الأسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة.
ويرى خبراء أن أزمة الصليب الأحمر تعكس واقعا أوسع يواجه المنظمات الإنسانية، إذ تتجه الحكومات إلى تعزيز ميزانيات الدفاع والأمن على حساب المساعدات، وهذا يضع ملايين المدنيين في مناطق النزاع أمام خطر متزايد من الحرمان والعزلة، ويهدد حياد المنظمات الإنسانية وقدرتها على التدخل.
العالم يشهد تلاقيا خطيرا بين تصاعد النزاعات المسلحة وتراجع التمويل.
