القتل للتسلية ..من ساراييفو الى غزة 

 القتل للتسلية ..من ساراييفو الى غزة 

اسيا العتروس

اسيا العتروس
لكل الحروب تجار ومرتزقة وانتهازيون ينتفعون من ماسي الابرياء و يتمعشون من بؤسهم و يحققون الثراء الفاحش على جماجم وأشلاء الضحايا …والاكيد أن حرب الابادة في غزة كما حرب الاخوة الاعداء في السودان التي تحرق الاخضر واليابس لم تكشف بعد عن كل اسرارها ولم تفضح بعد عن الاطراف الخسيسة المتواطئة التي لا تتوانى عن جنى الارباح على جثث الضحايا … نقول هذا الكلام بعد عودة اخبار قنص البشر في سارايفو خلال تسعينات القرن الماضي الى الواجهة و فتح القضاء الايطالي تحقيقا في القضية بعد ثلاثين عاما على حرب الابادة في البوسنة كشفت التحقيقات عن رحلات صيد بشرية بعد أن كشفت صحيفة “الباييس” الاسبانية ووكالة “انسا “الايطالية أن اثرياء من اليمين المتطرف من دول اوروبية و من كندا و أمريكا دفعوا الملايين للمشاركة في تجارب قنص أشرف عليها ضباط من الميليشيات الصربية تحت قيادة مجرم الحرب ملاديتش انذاك لتحقيق متعة صيد البشر بمقابل .و أن القناصة كانوا يقضون عطلة نهاية الاسبوع في ساراييفو و كانوا يأتون ..و حسب ما توفر حتى الان من تسريبات حول هذا التوحش فان الاسعار كانت تختلف باختلاف الهدف رجلا أو طفلا أو امرأة ..و المرعب أن قنص الاطفال يبقى الهواية الاغلى ثمنا .. ..مفجر القضية الكاتب الايطالي اتسيو غافاريني الذي كشف أن “الناس في ساراييفو يقتلون للتسلية ..
لم تكن الحرب وحدها التي تحصد الارواح بل الفضول القاتل لاثرياء جاؤوا لمشاهدة الموت عن قرب …ليس من الواضح لماذا تأخر فضح هذه الممارسات طوال كل هذه العقود و لكن قناعتنا و ازاء ما نراه يوميا في غزة و الفاشر في السودان أن القتل لاجل القتل و القتل للمتعة و التلذذ بدماء الضحايا لم يتوقف مع الحرب العرقية في البوسنة و مجازر ساراييفو و لا نستغرب أن يكتشف العالم وقوع جرائم مماثلة في حق اهل غزة حيث يصبح قتل النساء و الاطفال رياضة و هواية الاحتلال يشترك فيها مع بعض حلفاءه و مزوديه بالسلاح ..و قد سبق أن كشف الصحفي الامريكي كريس هادج خلال حرب الابادة في غزة أن المنظمة الامريكية لتوزيع المساعدات الانسانية في غزة انتدبت عسكريين سابقين في العراق و افغانستان للاشراف على مهمة انسانية تحولت في أغلب الاوقات الى استهداف ممنهج للفلسطينيين الذين كانوا يتدافعون للحصول على بعض الطعام ..
في ساراييفو و خلال أطول حصار للمدينة تحولت الحرب الى نشاط سياحي دموي عنوانه القتل للمتعة و الاكيد أن أطراف الجريمة تذهب الى أبعد من ذلك بكثير و تشمل شركات سياحية لتنظيم رحلات قنص البشر , و الحقيقة أننا سنحتاج الى توصيف من علماء النفس و علماء الاجتماع لتحديد صفة من يقتلون البشر لاجل المتعة و يدفعون لذلك الاموال الطائلة استجابة لاحساس حيواني تعجز كل لغات العالم عن وصفه ..
سياحة القنص البشري المنظم في ساراييفو قبل ثلاثة عقود تجد لها اليوم سيناريو مشابه في قطاع غزة على وقع ما تحققه شركات السلاح من أرباح قياسية خلال سنتين من الابادة بعد أن تحولت غزة الى حقل تجارب لاخطر وأحدث المنتجات العسكرية الامريكية ..و حتى غيرها من شركات صنع السلاح التي كانت تتابع مجريات الابادة وتحصي أرباحها على اشلاء الضحايا …اما ما يتعرض له الاسرى من قتل و تشويه و سرقة أعضاء وامتهان لانسانية الانسان وكرامته فتلك حكاية اخرى مع سماسرة السلاح و الحروب ..اخيرا وليس اخرا وفي انتظار كشف ما خفي من حرب الابادة في غزة و ما خفي من جرائم الاحتلال و من اخبار القناصة و الاسلحة المحرمة لجيش المرتزقة في غزة و في انتظار أن تثمر جهود الملاحقات القضائية لمجرمي الحرب أمام الجنائية الدولية سيكون من المهم التذكير بما سجله الخبير العسكري الأميركي بيتر أليكس، من أن في كل الحروب الإسرائيلية على غزة تُستخدم مجموعة من الأسلحة الجديدة وتقنيات مراقبة الفلسطينيين، ثم تُسوِّقها إسرائيل وتبيعها بدعوى تجريبها في الميدان؛ ما حوّل القطاع إلى مختبر عسكري إسرائيلي, بل و يضيف أن حرب غزة تعد أهم دعاية مجانية للذخائر الإسرائيلية والأميركية، وإسرائيل تستغل كونها عاشر مصدر للسلاح للتأثير في مواقف الدول الأخرى تجاه القضية الفلسطينية…الشركات الإسرائيلية وبكل أريحية يمكنها عرض لقطات حية لقصف المدنيين وبكل أريحية على عملائها حول العالم لعدم وجود رادع دولي.وبكل اريحية يمكنها أيضا التبجح و المفاخرة بما تقترفه من جرائم في حق الفلسطينيين …
صحفية وكاتبة تونسية

Al Enteshar Newspaper

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *