بلير: من جريمة غزو العراق إلى الحاكم بأمره في غزة
ليس جديدا ذلك القول إن توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، كان ثاني اثنين مع جورج بوش، إذ هما من خططا ونفذا جريمتهما في غزو واحتلال العراق، وما زالت ذاكرة الكثير من شعوب الأرض تذكر دوره في صنع تلك المأساة، التي ما زالت آثارها بادية في العراق حتى اليوم.
لقد قيل إن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، قد شارك في مناقشات حول قيادة سلطة انتقالية في غزة، بعد المرحلة الأولى من خطة ترامب لوقف الحرب في غزة.
وينص الاقتراح الذي حظي بدعم البيت الأبيض، على أن يقود بلير سلطة حاكمة مدعومة من الأمم المتحدة ودول الخليج العربي، قبل إعادة السلطة إلى الفلسطينيين.
وقد تحدثت بعض الصحف عن مقترح قدمه بلير للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمشاركة صهر الرئيس كوشنر، لقيادة سلطة انتقالية في قطاع غزة، بعد إتمام المرحلة الأولى من خطة السلام الأمريكية.
وقد أُعدت الخطة في معهد توني بلير، وتتضمن مراحل وخطوات عدة، منها إنشاء إدارة تحمل اسم السلطة الانتقالية الدولية، وتدير هذه السلطة قطاع غزة لسنوات محددة من مقر رسمي في مدينة العريش المصرية.
ويشارك في السلطة مسؤولون ورجال أعمال، وممثل فلسطيني على الأقل وآخر إسلامي.
بعدها يتم نقل إدارة قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية، بشرط أن تقوم هذه الأخيرة بإجراء إصلاحات داخلية جذرية في هيكليتها السياسية والإدارية.
لقد وافق الرئيس دونالد ترامب على هذه الصيغة، حيث سبق ذلك أن أعلن صهره دعمه لخطة توني بلير، وطلب دونالد ترامب من توني بلير أن يحصل على دعم إقليمي للخطة، خاصة من المملكة العربية السعودية.
لكن السؤال الأهم في هذا الموضوع هو، هل يمكن لهذه الصيغة المطروحة أن تكون ترجمتها على هذا النحو: إدارة دولية لقطاع غزة دون أن يكون للفلسطينيين أي دور في ذلك، مقابل عدم تهجير سكان غزة؟
الإجابة على ذلك تبدو سهلة بعض الشيء، فصيغة المبادرة هذه هي بالحقيقة ليست صيغة أمريكية، بل هي أمريكية إسرائيلية تمت مناقشتها في الأشهر الستة الأخيرة، بين مبعوث الرئيس الأمريكي ويتكوف مع مساعد نتنياهو وكوشنر وتوني بلير.
لذلك لو نظرنا إلى هذه الخطة سنجد أن معظم النقاط الواردة فيها، تتضمن كل العناصر التي تطالب بها إسرائيل.
أما عن دور الأمم المتحدة في هذه الخطة، وفي ما إذا سيكون لها دور معين في قطاع غزة، فنعم هنالك دور لها منصوص عليه في خطة بلير.
لكن هل كانت الأمم المتحدة شريكة في إعداد هذه الخطة؟ الجواب على ذلك بالنفي لأن العمل عليها كان يجري بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
ولعل إحدى المشاكل الرئيسية الي تراها الأمم المتحدة في هذه الخطة هو موضوع السلطة الفلسطينية.
إن إشغال العالم بالحديث عن المرحلة التالية في غزة، يهدف إلى أسدال الستار عما جرى في القطاع من جرائم إبادة جماعية.
وبعد كل ما جرى يأتي الحديث عن إبعاد الفلسطينيين عن إدارة شؤونهم بأنفسهم، فبأي حق يريد أي أحد أن يفرض على أهلنا في فلسطين شخصا ما من خارج فلسطين، كي يدير شؤون الفلسطينيين؟
فلسطين ليست مستعمرة بريطانية، حتى يأتي توني بلير كي يحكم فيها، خاصة أنه متهم، على الأقل شعبيا، كمجرم حرب.
وعليه فإن بلير ليست لديه المقومات الأخلاقية كي يأتي ويدير شؤون الأخرين.
كما إن الفلسطينيين أقدر من غيرهم على إدارة شؤونهم بأنفسهم، والحل السليم للوضع القائم هو تنفيذ اتفاق بكين.
وما هو جدير بالذكر أن هناك شبه إجماع من معظم الدول العربية على أن السلطة الفلسطينية هي اللاعب الرئيسي الذي يضمن حقه.
وعندما يتم الحديث عن إدارة دولية للقطاع ما بين خمس وثماني سنوات، هذا يعني أن إسرائيل ستخلق وقائع جديدة على الأرض وسوف تتمسك بها لاحقا.
فلسطين ليست مستعمرة بريطانية، حتى يأتي توني بلير كي يحكم فيها.
