إسرائيل تواجه ضغوطًا قانونية في المحكمة العليا للأمم المتحدة بشأن حظر الأونروا

واشنطن – سعيد عريقات
تتعرض إسرائيل لضغوط قانونية متواصلة هذا الأسبوع في المحكمة العليا للأمم المتحدة، حيث سيُطالب محامون من أكثر من 40 دولة بأن حظرها التام للتعاون مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) يُعدّ انتهاكًا لميثاق الأمم المتحدة.
وأضيفت إلى جلسات محكمة العدل الدولية في لاهاي، والتي ستستمر خمسة أيام، أهمية مُتجددة بقرار إسرائيل في 2 آذار منع جميع المساعدات عن غزة، لكن الجلسة ستُركز على ما إذا كانت إسرائيل – بصفتها دولة موقعة على ميثاق الأمم المتحدة – قد تصرفت بشكل غير قانوني بتجاوزها الحصانات الممنوحة لهيئة تابعة للأمم المتحدة. وكانت إسرائيل قد أنهت جميع الاتصالات والتعاون مع عمليات الأونروا في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية في نوفمبر/تشرين الثاني، مُدّعيةً أن حماس اخترقت الوكالة، وهو ادعاءٌ تم دحضه.
وتُوفر الأونروا الغذاء والتعليم والخدمات الطبية لمليوني شخص في غزة. وكان قد أعلن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة نفاد مخزونه من الطعام الساخن للمطابخ داخل غزة. واتهم المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، إسرائيل بتدبير مجاعة من صنع الإنسان، وحتى الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قال إنه حث إسرائيل على السماح بدخول الغذاء إلى غزة.
طلبت 45 دولة ومنظمة، بما في ذلك الأمم المتحدة نفسها، رأيًا استشاريًا من لجنة التحكيم المكونة من 15 عضوًا بشأن تصرفات إسرائيل. الدولتان الوحيدتان اللتان يُحتمل أن تدافعا عن إسرائيل في المحكمة هما الولايات المتحدة والمجر.
وقدمت إسرائيل دفاعًا كتابيًا، ولكن من غير المقرر أن تقدم مذكرة شفوية هذا الأسبوع.
وتمثل جلسات الاستماع أكبر اختبار لتحدي إسرائيل للقانون الدولي منذ الأحكام التاريخية لمحكمة العدل الدولية في كانون الثاني وآذار وحزيران من عام 2024 والتي أمرتها باتخاذ خطوات فورية للسماح بدخول المساعدات إلى غزة دون عوائق. وفي تموز 2024، وجدت محكمة العدل الدولية أيضًا أن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية غير قانوني. رفضت إسرائيل إلى حد كبير الامتثال للأوامر الاستشارية المرفقة بهذه الأحكام، مما زاد من أزمة الثقة في مصداقية النظام القانوني الدولي.
وصرحت منظمة الحق الفلسطينية لحقوق الإنسان بأنه “من الضروري” سحب مقعد إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة إذا تجاهلت إسرائيل رأيًا استشاريًا آخر من محكمة العدل الدولية، قائلة إن ثقة الجمهور بالقانون الدولي “معلقة في الميزان”.
ونشأ التحدي القانوني من تصويت 137 مقابل 12 في الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر كانون الأول 2024 لطلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية بشأن ما إذا كانت إسرائيل، بصفتها دولة موقعة على ميثاق الأمم المتحدة، تنتهك الحصانات والامتيازات التي يتعين على الدول الأعضاء منحها لهيئات الأمم المتحدة مثل الأونروا.
ولا تقدم وكالة الأنوروا المساعدات للفلسطينيين فحسب، بل تدير أيضًا الخدمات الطبية والمدارس في غزة والضفة الغربية والدول المجاورة. وقد تم بالفعل إغلاق ست مدارس تابعة للأونروا في القدس الشرقية، وهو موضوع طعن منفصل في محكمة محلية رفعته منظمة عدالة، وهي منظمة حقوقية قانونية فلسطينية.
ويستند الادعاء القانوني للأمم المتحدة إلى أكثر من 1500 وثيقة، بما في ذلك محاضر مجلس الأمن والجمعية العامة ووكالات الأمم المتحدة التي توضح نشأة الأونروا، ووضعها داخل هيكل الأمم المتحدة، واتفاقياتها التشغيلية لعام 1967 مع إسرائيل.
وتولي محكمة العدل الدولية، بصفتها أعلى محكمة في الأمم المتحدة والمسؤولة عن النزاعات بين الدول، أهميةً لنتائج الأمم المتحدة. وستمثل الأمم المتحدة مستشارتها القانونية الجديدة، إلينور همرشولد، وهي محامية ودبلوماسية سويدية.
يشار إلى أن القضية المطروحة هي مشروعا قانون في الكنيست أُقرا في 28 أكتوبر/تشرين الأول، واللذان أعلنا أن الأونروا تؤوي إرهابيين، وألزما الحكومة بإنهاء جميع أشكال التعاون والاتصال مع المنظمة، بما في ذلك منح التأشيرات لموظفي الأونروا الدوليين. وقد أصبح هذا جزءًا من تهديد إسرائيلي أوسع نطاقًا بحجب التأشيرات عن موظفي المنظمات غير الحكومية التي تنتقد إسرائيل.
وفي 2 آذار، علّقت إسرائيل، بغض النظر عن قرارها بتجميد الأونروا، إمداد غزة بجميع المساعدات في محاولة لسحق حماس. وأدانت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة الأسبوع الماضي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، التي ربط فيها تقديم المساعدات بالضغط السياسي على حماس، ووصفتها بأنها غير مقبولة.
وفي سياق دفاع الحكومة الإسرائيلية، قالت منظمة “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” في ورقة بحثية الأسبوع الماضي إن لإسرائيل الحق في إنهاء اتفاقيتها مع الأونروا ومنع الأمم المتحدة ووكالاتها من القيام بأي أنشطة على أراضيها السيادية، وخاصة في زمن الحرب. وزعمت الورقة أن لإسرائيل حرية اختيار كيفية الوفاء بالتزاماتها بتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية للسكان الفلسطينيين، وأنها غير ملزمة بذلك تحت رعاية الأونروا.
كما تزعم المجموعة أن محكمة العدل الدولية لا تملك القدرة، أو الحياد، للبت في قضية تعتمد بشكل كبير على حقائق متنازع عليها، بما في ذلك ما إذا كانت الأونروا قد تعرضت لاختراق قاتل من قبل حماس، وما إذا كانت بدائل للأونروا، مثل برنامج الأغذية العالمي، قادرة على تقديم المساعدات. فيما بدا وكأنه تحذيرٌ للأمم المتحدة قبل بدء القضية، أبلغت وزارة العدل الأمريكية محكمة نيويورك الجزئية يوم الخميس أن الأونروا وموظفيها لا يتمتعون بالحصانة في المحاكم الأمريكية، مما يُخالف وجهة نظر إدارة بايدن. تُمهد هذه الخطوة، نظريًا، الطريق أمام ضحايا إرهاب حماس للمطالبة بتعويضات من مسؤولي الأونروا.
وفي إطار الأزمة الوجودية التي تواجهها الأونروا، عيّنت الأمم المتحدة الدبلوماسي البريطاني السابق، إيان مارتن، لإجراء مراجعة لدور الوكالة وماليتها المستقبلية.