تناثرت أشلاؤهم.. كيف استخدم الاحتلال المتفجرات لقتل مسن وزوجته بغزة؟

“كان من الصعب عليّ التعرف على والدي من وشم على يده وبعض الملامح فكان الجزء الأيمن من جسد مختفي تمامًا وبترت ساقه اليمنى، أما والدتي جسدها كان ممزقًا تعرفت عليها من ملابسها وحلقها الذهب، بعد وضع الاحتلال المتفجرات بأعناقهم وتفجيرهم في الشارع”، يقول نجلهم أحمد أبو حسين بقهر.
يحكي أحمد لـ”شبكة مصدر الإخبارية”: “خلال الحرب على غزة كنا نعيش في الزيتون شارع المستوصف رفضنا نزحنا إلى جنوب القطاع، وخلال الاجتياح الأول نزحت لشمال المدينة دون والدي ووالدتي بعض رفضهما ذلك”.
ويضيف: “خلال الاجتياح الثاني بليغ جيش الاحتلال أهالي الحي بقصف البيوت وأمرّهم بالإخلاء نزح إلى منقطة الدرج بمنطقة الشجاعية وللمرة رفضوا والدّي النزوح برفقتي، وكنت يوميًا في كل صباح أتواصل معهم عبر الهاتف”.
ويشير إلى أن في اليوم الخامس من اجتياح حي الزيتون هاتف والده وكانت نبرة صوته مقلقة وأخبره بأن الجيش اقترب منهم وبدأ بتفجير واقتحام المنازل في الحي، وعاد الاتصال بوالده كان الجيش قد اقتحم المنزل وطلب ضابط في الجيش بإغلاق الهاتف.
ويزيد أحمد: “ما عرفت اتصرف توجهت إلى الصليب الأحمر لإبلاغهم فكانت الأوضاع صعبة ولم يتمكنوا من مساعدتهم، وعدت للاتصال بهم ردت والدتي وهي تبكي وخائفة وهي تمشي مع الجيش الإسرائيلي بعدما طلب منهم الخروج معهم، طلبت منها الحديث مع والدي فأخبرني الجيش منتشر بكل الحي ولم أستطع الهروب لمكان آخر”.
ويتابع أن الجيش الإسرائيلي استخدم دروع بشرية لمدة 8 ساعات ووضع على أعناقهم أحزمة ناسفة، وبعد الانتهاء من المهمة قام بتفجيرهما وتناثرت أشلائهم في المكان.
ويلفت إلى أن بعد انسحاب الاحتلال من الحي توجه برفقة شقيقه للبحث عن والدّيهم وعند وصولهم إلى شارع صلاح الدين شاهدوا جثمان والدهم عبارة عن أشلاء وبصعوبة تم التعرف عليه، ومن ثم ذهبوا إلى المقبرة لدفنه.
ويكمل قوله: “فقدنا والدتي عدنا للمكان مرة أخرى للبحث عنها من بين الركام عثرنا على بعض أجزاء من جسدها الجمجمة وفك الأسنان، وللأسف من جثمان والدتي لم نعثر سوى على 2 كيلو من جثمانها”.
ويؤكد أحمد أن الاحتلال ارتكب جريمة حرب كاملة الأوصاف باعتراف الجيش استخدام مسنينْ دروع بشرية ومن ثم تفجيرهما، مشيرًا إلى أنّ الاحتلال قام بسرقة نقودهم ومجوهراتهم كاملًة.
ويردف أن الاحتلال تفاخر باستخدام والدّاي كدروع بشرية، مشددًا على أن قصتهم ستبقى حاضر في أذهان كل حر وشريف.
وفي وقت سابق، كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، عن حادثة “وحشية”، اتهم فيها الجيش الإسرائيلي بإعدام زوجين فلسطينيين مسنين في قطاع غزة، بعد استخدامهما دروعًا بشريًا.
جاء ذلك وفق تحقيق ميداني نشره المرصد (مقره جنيف)، قام بالتدقيق والتحقق من ملابسات حادثة مقتل زوجين في قطاع غزة، نشرها موقع “همكوم” العبري ومقارنتها بشهادة نجل الضحيتين ومعطيات العمل الميداني.
وقال المرصد إن “تحقيقاته الميدانية توصلت إلى هوية مسنين فلسطينيين استخدمهما جيش الاحتلال الإسرائيلي درعين بشريين قبل قتلهما بطريقة وحشية خلال اجتياح حي الزيتون، جنوب مدينة غزة، في مايو/أيار الماضي”.
وأفاد بأنه توصل إلى أن الضحيتين هما محمد فهمي أبو حسين (70 عامًا)، وزوجته مزيونة حسن فارس أبو حسين (65 عامًا).
واعتبر المرصد أن ملابسات مقتلهما رميا بالرصاص تطابقت مع حادث نشر تفاصيله موقع “همكوم” العبري، معلنا أن التفاصيل الجوهرية في الواقعتين “تؤكد أنهما نفس الحادث”.
وعن ملابسات الواقعة، أوضح المرصد أن موقع “همكوم” تحدث عن “ربط ضابط إسرائيلي من لواء هناحل سلسلة متفجرات حول عنق مسن فلسطيني يبلغ من العمر 70 عامًا، وإرغامه على الدخول إلى منازل في حي الزيتون لفحصها والتأكد من خلوها من المخاطر لمدة 8 ساعات”.
“وبعد أن أتم (المسن الفلسطيني) المهمة وأُخرج من المنطقة، أعدمته قوات الجيش الإسرائيلي رميًا بالرصاص مع زوجته”، وفق الموقع العبري.
واعتبر المرصد أن من بين الأدلة التي تؤكد تطابق الواقعتين “وقوع الحادث في مايو 2024، بالإضافة إلى تطابق مكان الحادث الذي وقع في حي الزيتون، كما أن أعمار الضحايا التقديرية الواردة في الأخبار (العبرية) تتوافق تماما مع ما توصلت إليه التحقيقات التي أجراها المرصد”.
وتابع: “ومن أبرز الأدلة التي تدعم هذه الفرضية أيضا هو الربط بالمتفجرات، الذي تم تأكيده من خلال التحقيقات الميدانية، مما يعزز الاعتقاد بأن الحادثين يشيران إلى نفس الجريمة الوحشية التي تم فيها استخدام الضحيتين كدروع بشرية قبل قتلهما”.
وفي السياق، بين الأورومتوسطي أن تحقيقاته الخاصة أظهرت “تفاصيل أكثر وحشية” من تلك التي ذكرها موقع “همكوم”، مبينا أنه من المحتمل أن الضحيتين استخدمتا دروعا بشرية، وأن إعدامهما لم يتم بإطلاق الرصاص ولكن بتفجير المتفجرات التي كانت مربوطة بالزوجة على الأقل.
وفي السياق، شدد المرصد على أن هذه الجريمة “لا تعدّ مجرد انتهاك للقانون الدولي الإنساني، بل تندرج ضمن النمط المنهجي للإبادة الجماعية” التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ورأى أن اعتراف الجيش بهذه الجريمة “لا يترك مجالا للإنكار أو التهرب من المسؤولية، بل يشكل دليلًا مباشرا على الانتهاكات الجسيمة المرتكبة في القطاع والتي تفرض على المجتمع الدولي التحرك العاجل لمساءلة مرتكبيها كجزء من التحقيق الأوسع في جريمة الإبادة الجماعية الجارية في غزة، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب”.
وطالب المرصد المحكمة الجنائية الدولية باعتبار هذه الجريمة “دليلًا إضافيًا على الإبادة الجماعية المستمرة في غزة، وإدراجها ضمن تحقيقاتها الجارية في الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية”.