حالة هرمونية نادرة تجعل رجلاً أربعينياً يبدو شاباً إلى الأبد

عندما حضر الياباني جيريمي تشيونغ (41 عاماً) حفل لم شمل زملاء من مدرسته الثانوية في عام 2024، بدا زملاؤه السابقون في أعمارهم نفسها، مع التجاعيد على وجوههم وخطوط العبوس بين حواجبهم. وكان تشيونغ وهو المدير التنفيذي يقف بينهم وكأنه شاب في العشرينات من عمره. حتى أنه كان من الممكن أن يتظاهر بسهولة بأنه أحد أبنائهم.
وقال تشيونغ لصحيفة «ستريتس تايمز»: «لم يشرح لي أحد حقاً أنه بسبب توقف إنتاج هرمون الكورتيزول لدي، كان علي أن أتناول المنشطات مدى الحياة. الشيء الجيد هو أنني لن أتقدم في السن. لقد استغرق الأمر مني 10 سنوات لأدرك ذلك».
ويبدو تشيونغ شاباً إلى الأبد بسبب حالة نادرة تسمى قصور الغدة النخامية. وتحدث هذه الحالة بسبب انخفاض إنتاج الهرمونات في الغدة النخامية، وهي عضو بحجم حبة البازلاء يقع خلف جسر الأنف في قاعدة الدماغ.
وقال الدكتور موك شاو فنغ، استشاري أول في قسم الغدد الصماء في مستشفى الجامعة الوطنية: «تتحكم الغدة في عدد من وظائفنا الهرمونية، مثل الغدة الدرقية، ونضوج أعضائنا الجنسية لدى الجنسين، وإنتاج هرمونات النمو وتنظيم إخراج البول من أجسامنا».
وتعد الهرمونات النخامية مسؤولة عن الكثير من الوظائف المهمة في الجسم، مثل التمثيل الغذائي والنمو والتكاثر. وهناك نحو أربع حالات من قصور الغدة النخامية الشامل لكل 100 ألف شخص في جميع أنحاء العالم سنوياً.
وقال الدكتور موك إن «المرضى يمكن تشخيصهم بأعراض مختلفة وفي مراحل مختلفة من حياتهم». وتابع: «الأفراد الذين يعانون من بداية مبكرة للمرض يمكن أن يتأخروا في البلوغ، ويفوتون مراحل البلوغ. بالنسبة للمريضات الإناث، يمكن أن يعانين من فترات غائبة أو غير منتظمة، وضعف الخصوبة وصعوبة الحمل… عندما يتعلق الأمر بالهرمونات الأخرى، فإن الأعراض العامة تشمل الشعور بالتعب وزيادة الوزن».
وأضاف الدكتور موك أنه في بعض المرضى، مثل السيد تشيونغ، تتأثر الكثير من الوظائف الهرمونية. وقال اختصاصي الغدد الصماء إن السبب الأكثر شيوعاً لقصور الغدة النخامية الشامل هو الأورام في منطقة تحت المهاد أو الغدة النخامية. وأردف: «على الرغم من أنها حميدة، فإنها تنمو في مساحة مغلقة، مما يسبب مشاكل مثل الضغط. يفقد المرضى الرؤية، وخصوصاً في الأطراف، قبل أن تتفاقم الحالة. وقد تكون هذه الأورام عرضة للنزيف المفاجئ أيضاً، لذا فإن هذا يتعلق بالمشكلة الأساسية».
وعدَّ الطبيب أنه «بالنسبة لنقص الهرمونات، يعتمد الأمر على عدد المحاور الهرمونية المتأثرة، وما إذا كانت كاملة أم جزئية. يمكن أن يظل المرضى الذين يعانون من محور هرموني متأثر واحد دون اكتشاف لفترة طويلة جداً… يمكن أن يكون لديك أكثر حدة حيث تظهر الأعراض في وقت أبكر بكثير. لا يفتقر (هؤلاء المرضى) إلى الهرمون الجنسي ولا يمكنهم البلوغ فحسب، بل يفتقرون أيضاً إلى هرمون الكورتيزول الستيرويدي، وهو أمر مهم للبقاء على قيد الحياة».
ويعدّ الكورتيزول، أو هرمون التوتر، مسؤولاً عن الحفاظ على ضغط الدم ومستويات الجلوكوز في الدم ثابتة، وتنظيم وظيفة المناعة والآليات المضادة للالتهابات، وهو يملي استجابة القتال أو الهروب. يمكن أن يرتبط نقص هرمون التستوستيرون بمظهر أصغر سناً.
وتم تشخيص تشيونغ في سن 21 عاماً فقط. كان لا يزال يبدو وكأنه صبي في منتصف مراهقته آنذاك. ويقول تشيونغ: «في ذلك العام، أدركت أنني أصبحت أكثر بدانة. كما أدركت أنني لا أتحمل الحرارة… أول شيء فعلته هو زيارة طبيب الغدد الصماء، وأجري لي فحص دم. كان ذلك عندما اكتشفت أنني أعاني من قصور الغدة الدرقية. كما قيل لي إنه إذا واصلت البقاء على هذه الحالة (دون علاج)، كنت سأموت».
وأضاف تشيونغ أن الفحوصات أظهرت أن حالته ناجمة عن ورم بالقرب من منطقة تحت المهاد. وفي عام 2005، تمت إزالة الورم ومنطقة تحت المهاد، كما أخبر الصحيفة اليابانية.
وبمجرد تلف منطقة تحت المهاد أو إزالتها، يمكن أن تظهر الاختلالات في مناطق مختلفة. وتشمل هذه درجة حرارة الجسم، والنمو، وزيادة الوزن، والتحكم العاطفي، ودورة النوم، ونقص هرمون مضاد لإدرار البول، مما يؤدي إلى التبول المتكرر والعطش. وقال السيد تشيونغ: «لقد واجهت صعوبة في النوم على مدى السنوات العشر التالية حتى عام 2015، عندما تم إعطائي دواء للتعامل مع الأرق». وحالياً، لا يزال يتناول مجموعة من الأدوية، بما في ذلك دواء مضاد لإدرار البول (إيه دي إتش)، لمساعدته في إدارة الأعراض الناجمة عن هذه الحالة.
في حين يحاول معظم الأشخاص في الأربعينيات من العمر أن يبدوا أصغر سناً، يحاول السيد تشيونغ قصارى جهده ليبدو أكبر سناً بكثير. وقال إن إحدى الحيل كانت محاولة الحصول على الكثير من شعر الوجه. وتابع إنه نجح في إنماء ذقنه مرة واحدة. وقال: «عندما أعود بذاكرتي إلى العشرينات والثلاثينات من عمري، كنت أبدو شاباً حقاً في ذلك الوقت». وأضاف ضاحكاً: «كلما أخبرت الأطباء أنني أعاني من قصور الغدة النخامية، يتمنون هم، وخصوصاً النساء، أن يكونوا مصابين به أيضاً».
وكلما كان في أماكن عامة مثل مركز التسوق أو مركز الباعة الجائلين، تناديه النساء الأكبر سناً بـ«يا فتى». وقال السيد تشيونغ: «أعتقد أنه في سني الآن، من الجميل أن يُنادى المرء بـ(يا فتى)».