العالم لا يرى إلا بعين واحدة.. هكذا تعامل جيش الاحتلال مع جثامين الشهداء الفلسطينيين

 العالم لا يرى إلا بعين واحدة.. هكذا تعامل جيش الاحتلال مع جثامين الشهداء الفلسطينيين

منذ احتلال الأراضي الفلسطينية في عام 1948، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي جرائم متعددة ضد الفلسطينيين، طالت كافة جوانب حياتهم وحتى ما بعد استشهادهم. ورغم المطالبات المتواصلة من قبل الشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي بالكشف عن مصير جثامين الشهداء المحتجزة، إلا أن الاحتلال يواصل انتهاكاته عبر سياسة الإخفاء القسري والتنكيل بجثامين الفلسطينيين.

مقابر الأرقام واحتجاز الجثامين

منذ بداية الستينيات، أقدم الاحتلال على احتجاز جثامين 665 شهيدًا فلسطينيًا في ما يُعرف بمقابر الأرقام. هذه المقابر تُستخدم من قبل سلطات الاحتلال لدفن الشهداء الفلسطينيين دون أي اعتراف رسمي، حيث تُوضع الجثامين في قبور مجهولة وتُكتفى بأرقام تسجل عليها بدلاً من أسماء الشهداء. في الآونة الأخيرة، وُثقت العديد من الحالات التي كشفت عن عمليات سرقة الأعضاء البشرية من جثامين الشهداء، وتحويلها إلى المستشفيات الإسرائيلية لاستخدامها في الأبحاث الطبية. وتبقى جثامين العديد من الفلسطينيين محفوظة في ثلاجات الجثث لدى الاحتلال، بعيدًا عن أسرهم وعائلاتهم.

التنكيل بالجثامين في قطاع غزة

خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة في أكتوبر 2023، تصاعدت جرائم الاحتلال بحق جثامين الشهداء الفلسطينيين بشكل غير مسبوق. بعد انسحاب جيش الاحتلال من بعض المناطق في غزة، تم الكشف عن عمليات تنكيل واسعة شملت إحراق جثامين، دفنها في مقابر جماعية، ونهشها من قبل الحيوانات الضالة، بعد منع الاحتلال لفرق الإسعاف من سحب الجثث ودفنها بشكل لائق. هذا، بالإضافة إلى سرقة جثامين عدد من الشهداء.

في إحدى الحوادث المؤلمة، قامت قوات الاحتلال بدهس جثامين الشهداء بالمدرعات العسكرية في ساحة مجمع الشفاء الطبي أثناء اقتحامها في مارس 2024، ثم دفنت الجثامين بشكل جماعي وسرقت بعض منها. كما أن العشرات من الجثامين كانت تُركت في الشوارع والأزقة تحت أشعة الشمس الحارقة، في مشهد يعكس انتهاكًا لكرامة الإنسان.

الضفة الغربية: تنكيل مماثل في الأرض المحتلة

تواصل قوات الاحتلال انتهاك حقوق الشهداء الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث قامت بتوثيق العديد من الجرائم التي طالت جثامين الشهداء في الأشهر الأخيرة. في يوليو 2024، قصفت طائرات الاحتلال مسيرتين ثلاثة مقاومين في مخيم طولكرم، وعقب استهدافهم، تقدمت جرافات الاحتلال لتنقل جثامينهم وتسحبها في شوارع المدينة قبل سرقتها. وتكرر التنكيل ذاته في مناطق أخرى مثل مخيم الفارعة في سبتمبر 2024، حيث سحلت جرافة الاحتلال جثمان الشهيد ماجد أبو زينة، ودهسته بشكل مهين.

النكبة المستمرة: سرقة الأعضاء والإخفاء القسري

منذ نكبة فلسطين عام 1948، أُسِّست سياسات الاحتلال الإسرائيلية لتشمل التنكيل والتشويه بجثامين الشهداء الفلسطينيين، حيث كان يتم دفن العديد منها في مقابر جماعية أو إلقاؤها في آبار المياه. مع انطلاق الثورة الفلسطينية في الستينيات، ازدادت حوادث احتجاز جثامين المقاومين في مقابر الأرقام.

كما كشفت تحقيقات صحافية عن عمليات سرقة أعضاء بشرية من جثامين الفلسطينيين، حيث يتم استخدام الأعضاء في المستشفيات الإسرائيلية أو في البحوث الطبية، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان. وقد أظهرت التحقيقات أن الاحتلال يمتلك أكبر بنك جلد في العالم، حيث يُستخرج هذا الجلد من جثامين الفلسطينيين المحتجزة.

الازدواجية في التعامل مع جثامين الأسرى

تستمر سياسة الاحتلال في التمييز بين جثامين الفلسطينيين والإسرائيليين. في حين تُسلم جثامين الأسرى الإسرائيليين في مراسم لائقة، تُسلم جثامين الفلسطينيين في أكياس بلاستيكية أو تُنقل في شاحنات تفتقر لأدنى معايير الكرامة الإنسانية. في العديد من الحالات، يتم تسليم جثامين الشهداء الفلسطينيين دون مراعاة لأسرهم، بينما يتم التعامل مع جثامين الاحتلال بكل احترام.

خاتمة: مسؤولية المجتمع الدولي

إن جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد جثامين الشهداء الفلسطينيين ليست مجرد انتهاكات عابرة، بل هي سياسة ممنهجة تهدف إلى إخفاء معالم الجرائم التي ارتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني. في الوقت الذي يسعى فيه المجتمع الدولي لحماية حقوق الأسرى الإسرائيليين، يبقى الصمت قائمًا تجاه حقوق الشهداء الفلسطينيين المحتجزة جثامينهم.

تعد هذه الجرائم دعوة للمجتمع الدولي للتحرك العاجل، وإنهاء ازدواجية المعايير، والعمل على تطبيق العدالة الدولية لحماية حقوق الفلسطينيين، بدءًا من جثامين الشهداء وصولاً إلى حقوق الأسرى.

Al Enteshar Newspaper

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *