فيلم “حياة الماعز” يكشف العبودية في السعودية

حياة الماعز  هو فيلم درامي هندي من صنف أفلام البقاء على قيد الحياة، صدر باللغة الماليالامية في مارس 2024، كتبه وأخرجه وشارك في إنتاجه بليسي. الفيلم إنتاج دولي مشترك يضمّ شركات في الهند والولايات المتحدة، أما سيناريو الفيلم فمقتبس من رواية أيام الماعز الأكثر مبيعًا لعام 2008 بقلم الروائي الهندي بنيامين مع بعض التغييرات والحبكة الدرامية، الرواية تستند إلى قصة حقيقية لعامل مالايالامي من ولاية كيرلا جنوب الهند يُدعى «نجيب محمد»، جرى استغلاله وتعرّض لظروف صعبة ومريرة واُجبر على رعي الغنم في منطقة صحراوية ومعزولة بعد قدومه للسعودية انتهت أخيرًا بهروبه ومن ثم ترحيله إلى بلاده، واحدة من آلاف القصص لعمال عاشوا ظروفً مشابهة في الصحراء السعودية  بحسب ما أورده منتجوا الفيلم.

الفيلم من بطولة بريثفيراج سوكوماران، جيمي جان-لويس وكي آر جوكول في الأدوار الرئيسية مع طالب البلوشي، ريك آبي، أمالا بول وشوبه موهان في الأدوار المساندة.

رغب الكاتب والمخرج بليسي بتكييف رواية حياة الماعز لتصبح فيلمًا سينمائيًا منذ أن قرأ الرواية في العام 2008 واختار بريثفيراج ليكون البطل. وفي العام التالي اشترى حقوق النص من الكاتب بنيامين وشرع في كتابة السيناريو، لاحقًا لم يتوفر لبليسي ميزانية مالية وإنتاجًا يسمح بتقدّم المشروع، فأمضى بليسي سنوات يبحث عن منتج مناسب وجده أخيرًا في العام 2015 مما سمح للمشروع باكتساب الزخم، فقد انضمّ جيمي جان لويس وستيفن آدامز إلى بليسي كمنتجين مشاركين وقام أ. ر. رحمان بتأليف الموسيقى التصويرية الأصلية للفيلم والأغاني.

استمر التصوير الرئيسي على مراحل بين مارس 2018 ويوليو 2022 وذلك من خلال ستة جداول زمنية في كل من صحراء وادي رم بالأردن وصحراء الجزائر في الصحراء الكبرى مع تصوير بعض المشاهد في ولاية كيرلا بالهند. تقطعت السبل بالطاقم في الأردن من مارس إلى مايو 2020 «70 يومًا» وذلك بسبب القيود التي فرضتها جائحة كوفيد-19 واضطروا للعودة للهند من خلال برنامج بعثة فاندي بهارات للإجلاء التابع للحكومة الهندية. استكمل التصوير في أبريل 2022 بالجزائر واستمر في شهر مايو لينتقلوا بعدها إلى الأردن التي استمر التصوير فيها حتى منتصف شهر يونيو، انتقل الطاقم أخيرًا إلى ولاية كيرلا بالهند حيث انتهى التصوير في 14 يوليو 2022.

اُصدر الفيلم في جميع أنحاء العالم في 28 مارس 2024 وحقق أكثر من 160 كرور روبية «19 مليون دولار أمريكي» حتى الآن.يعد فيلم حياة الماعز حاليًا ثالث أعلى فيلم مالايالامي من حيث الإيرادات على الإطلاق وثاني أعلى فيلم مالايالامي من حيث الإيرادات لعام 2024 ورابع أعلى فيلم هندي جنوبي من حيث الإيرادات لهذا العام بالإضافة إلى كونه أحد أعلى الأفلام الهندية ربحا لعام 2024.

قصة الفيلم :

الفيلم عن نجيب العامل الهندي الذي رهن منزله وباع ممتلكاته ليحصل على تأشيرة عمل في إحدى الشركات داخل المملكة العربية السعودية، تبدأ الحكاية بعد وصوله برفقة صديقه حكيم إلى المملكة، يتأخر كفيلهم بالوصول إلى المطار، وبسبب بساطتهم وعدم تمكنهم من اللغة، يستغل الفرصة رجل سعودي صارم قاسي الطباع وعنيف المعاملة، ويوهمهم أنه الكفيل، ثم يأخذهم معه نحو الصحراء القاحلة ليترك الصغير حكيم في مزرعة أحد أصدقائه، ثم يصطحب نجيب بطل الحكاية إلى مزرعته،ليفاجئ نجيب عند وصوله بوجود عامل هندي مسنّ ورث الحال يظهر أنه تعرّض سابقًا لنفس الحال.

ثلاثة أعوام، تحوّل فيها نجيب إلى شخص آخر، تغيّر شكله ومظهره، وتأثر ذهنه وقدرته على الكلام، فقد تعرّض لمعاملة قاسية وصارمة وحياة صعبة ودونية من قبل كفيله الخاطف، وأصبح يعيش حياة الماعز، يأكل معهم، ويصدر بعضًا من أصواتهم، كذلك عثر على العامل الآخر ميتًا وقد أحاطت به النسور في الصحراء.يلتقي بصديقه حكيم الذي يعيش ذات الحال مصادفًة في الصحراء وبرفقته شخص آخر ذي أصول إفريقية يُدعى إبراهيم من الممكن أن يساعدهم بالهروب، وفي رحلة الهرب يعانون ثلاثتهم مشقة وأهوال الصحراء، ويموت الشاب الصغير حكيم من الحر والعطش والتعب، ثم يختفى الشاب الإفريقي لاحقًا أثناء عاصفة رملية، ويصل أخيرًا نجيب إلى الطريق وهو في حالة إعياء شديدة ويوشك على الهلاك. وبعد محاولات لطلب النجدة، يتوقف له شخص كريم ويصطحبه معه إلى المدينة ويوصله إلى المسجد، وهناك يلتقطه بعض العمال الهنود لأحد الفنادق وينقذوا حياته.

يُأخذ بعدها إلى السلطات ليبلغ عن حالته، ويظهر عندها تعامل السلطات مع العمال مجهولي الحال، كذلك قسوة الكفلاء عند التعرّف على عامل هارب،ويُصاب نجيب بالذعر عند رؤيته لخاطفه الذي يخبره أخيرًا أنه لو كان على كفالته لأعاده للصحراء، ويدرك بعدها نجيب أنه كان مخطوفًا وهذا ليس كفيله، وبعد قضاء ثلاثة أشهر في السجن، يرحّل نجيب إلى الهند.

يُختتم الفيلم بعبارة: «هذه ليست قصة نجيب فحسب، إنما هي حزن آلاف الأشخاص الذين فقدوا حياتهم في الصحراء السعودية ، وتركوا بلادهم وديارهم من أجل البقاء أحياء.

أثار فيلم حياة الماعز ضجة وجدلاً واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي بعد عرضه مترجمُا للعربية على شبكة نتفلكس في شهر أغسطس 2024. كان السبب قصة الفيلم التي أغضبت البعض لا سيما السعوديين. فالفيلم يتناول موضوع نظام الكفالة في السعودية والذي يُلزم صاحب العمل بكفالة العامل وتحمل مسؤولياته، كذلك الصورة القاسية التي عرضها للكفيل والتي لا تمّثل أخلاقيات السعوديين والعرب والمسلمين عمومًا. ولعل صنّاع العمل استشعروا أن الفيلم ربما سيثير جدلاً وإشكالات. لذا وضع في مقدمة الفيلم ملاحظة تؤكد أن «الفيلم لا يقصد الإساءة لأي بلد أو شعب أو مجتمع أو عرق». على الرغم من ذلك أثار الفيلم موجة جدل واسعة بين النقاد ورواد مواقع التواصل الخليجيين. بعضهم اعترض على طريقة طرح فكرة نظام الكفالة بينما رأى آخرون أنه عمل إبداعي يندرج في حرية الإبداع ولا يعبّر عن الواقع.علّق نقّاد الفن السعوديين على الفيلم ورأى البعض أن القصة التي عرضها الفيلم بعض أحداثها غير واقعية وربما من نسج الخيال. تبدأ من إجراءات الخروج من المطار بصحبة الكفيل، والتي برأيهم تتطلب إجراءات رسمية، كذلك مشاهد الضرب لأحد العمال، والتي يرون أنه من غير الممكن أن تحصّل، فرعاية الدولة معروفة للمواطنين والمقيمين، كذلك فإن الصورة المقدّمة في الفيلم للمواطن السعودي وأهل البادية السعودية والرجل البدوي تناقض المعروف عنه من أصالة وكرم وعطاء، خصوصًا وأن الفيلم من فئة«القصة الأصلية» التي يكون فيها الحرص كبيرًا على ملاءمة الحقيقة، لكن ما جرى في الفيلم ناقض الواقع السعودي، وبرأيهم شوّه الصورة الحقيقية للسعودية والخليج وبالغ في التصوير التنميطي والخيالي.

انتقد آخرون ما قامت به بعض الجهات من تقديمهم للفيلم وكأنه يعرّي السعودية والخليج العربي بشكل عام، وأنه بات وسيلة لكل من أراد مهاجمة السعودية، وأوضحوا حساسية الجمهور الخليجي تجاه هذا النوع من الأفلام، كونها تعزز الصورة النمطية والإساءة المستمرة التي عادة ما تقدمها السينما الغربية وحتى الهندية في تصويرها للعرب وبلادهم وسلوكهم.

صرّح الفنان العماني «طالب محمد البلوشي والذي أدّى دور الكفيل بأنه ليس نادمًا على المشاركة في فيلم حياة الماعز.وقال البلوشي في مقابلة لإذاعة «هلا إف إم» العمانية:

لست نادمًا على مشاركتي في العمل أبدًا بالعكس أنا فرحان لهذا العمل الكبير والجميل عالميًا وفنيًا وتقنيًا … هناك عقول منفتحة تفهم وتدرك ونحن كلنا في دول الخليج إخوة وليس عندنا ضرر ولا ضرار … أنا ممثل وهذا الدور ليس له علاقة بحكاية الإساءة، وإن هذه الرواية حقيقية شئنا أم أبينا، بغض النظر عن توقيت طرحها وأن الفيلم طرح مشكلة كان ينبغي أن يتم حلها منذ زمن

Al Enteshar Newspaper

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *