العالم يحبس أنفاسه.. نائبة الرئيس الأمريكي “كامالا هاريس” تؤجّج نار الحرب الكلامية بتحذيرها صراحة في مؤتمر “ميونيخ” من انتصار روسيا.. من المقصود بالدولة السلطوية التي ستحذو حذو بوتين؟ وهل تم إغلاق أبواب المفاوضات إلى الأبد؟
الإنتشار العربي :يبدو أن كل الطرق تمهد إلى تأجيج الصراع الدائر الآن بين روسيا والغرب، فها هي نائبة الرئيس الأمريكي
كامالا هاريس تطلق تحذيرا صريحا لا لبس فيه من مؤتمر الأمن في ميونيخ مفاده أن السماح لرئيس روسيا بوتين بالانتصار في حربه في اوكرانيا سوف تكون له تداعياته وسوف يشجع غيره من النظم السلطوية أن تحذو حذوه .
تصريحات ” هاريس” تأتي قبل ساعات من كلمة منتظرة للرئيس الروسي بوتين في الكرملين، وزيارة مرتقبة للرئيس الأمريكي بايدن إلى بولندا.
فماذا وراء تصريح ” هاريس” الذي يؤجج الوضع؟!
د.إسماعيل صبري مقلد أستاذ العلوم السياسية يرى أن ” هاريس “
تقصد بطبيعة الحال الصين التي يمكن أن تقدم هي الأخري علي غزو واحتلال تايوان، مشيرا إلى أن معنى ذلك أن الحرب الأوكرانية سوف تستمر إلى أن تتحقق هزيمة روسيا الاستراتيجية الكاملة فيها.
وأضاف مقلد أن هذا هو هدف أمريكا الاستراتيجي الأول من هذه الحرب ، لافتا إلى أنه هدف لن تتنازل أمريكا عنه أو تساوم عليه مهما كلفها الأمر.
ويوضح أستاذ العلوم السياسية أن نائبة الرئيس الأمريكي
كانت تعني ما تقوله من فوق هذا المنبر الأمني الدولي المهم، وإلا لما ذهبت الي هناك أصلا لتتكلم باسم الرئيس بايدن فيه.
وتابع قائلا: “إذا كان هذا هو موقف الإدارة الأمريكية الحالية من هذه الحرب الكارثية التي دفع العالم كله ثمنا اقتصاديا فادحا فيها رغما عنه ويتحمل الطرفان الروسي والامريكي كامل المسئولية عنه ، فإن هذا الموقف الأمريكي جاء ليغلق كل الأبواب في وجه السلام ويقطع الطريق على خيار الحلول التوافقية بالطرق الدبلوماسية التفاوضية لأزمة هذه الحرب،وهو تأكيد من جديد على مفهوم الحلول الصفرية في إدارة الازمات الدولية الساخنة التي ترفض بطبيعتها مثل هذا المفهوم الضيق ، الحلول التي تعني كل شيء مقابل لا شيء، وهو منطق غير مقبول وبخاصة عندما يكون طرفا الأزمة هما اكبر قوتين نوويتين في العالم، لان الانتصار الكامل لإحداهما يعني الهزيمة الكاملة للقوة الأخري او بالاحري استسلامها واعترافها بهزيمتها علي مرأي ومسمع من العالم كله دون ان يكون هناك ثمة ما يضطرها الي ذلك”.
وقال مقلد إن هذا هو ما تصمم ادارة بايدن عليه الآن، لافتا إلى أنها تريد من بوتين أن يخرج من اوكرانيا كما دخلها دون حصوله علي مقابل لما تكلفته حربه فيها ، وهو ما سوف يعني نهايته المؤكدة في روسيا كرئيس وتدمير مستقبله السياسي نهائيا.
وقال إنه لا يعتقد انه ساذج سياسيا الي هذا الحد الذي تصر الادارة الامريكية عليه وتطالبه به،ولهذا فسوف تستمر الحرب ولن تتوقف.
وقال أستاذ العلوم السياسية إنه كان يتوقع أن تطلق نائبة الرئيس الامريكي من مؤتمر ميونيخ للامن مبادرة دبلوماسية للسلام مقرونة بدعوة طرفي الحرب لإلقاء السلاح ووقف القتال مع دعوة مجلس الأمن الدولي لأن يباشر دوره ويتحمل مسئوليته لتجنيب العالم كارثة حرب عالمية نووية لا يريدها أحد ، مشيرا إلى أن مثل هذه الدعوة كان يمكن أن تضع بوتين علي محك الاختبار، وتترك للعالم بعدها أن يحكم عليه وعلي دوافعه واهدافه ونواياه، وما اذا كان مع السلام أم ضده،لكنها لم تفعل وكأنها كانت تخاطب في ميونيخ مؤتمرا للحرب وليس مؤتمرا للامن العالمي.
واختتم مقلد داعيا العالم أن يحبس أنفاسه ويبقي في انتظار ما سوف تأتي به الأسابيع القادمة من أحداث وتطورات.
الوقت ليس للمفاوضات
في ذات السياق يرى الكاتب الصحفي جلال عارف أن الوقت الآن ليس للحوار، مذكّرا بقول الرئيس الفرنسي ماكرون أن دعم صمود الأوكرانيين وتمكينهم من شن هجوم مضاد هو الذى يتيح مفاوضات ذات صدقية بشروط تختارها أوكرانيا.
ويضيف عارف أن هناك حرصا على ألا يصل التصعيد إلى مرحلة الصدام المباشر بين روسيا والتحالف الغربى، لكن إلى متى، وإلى أى حد؟
ويقول إن أمريكا والحلفاء الغربيين امتنعوا عن مد أوكرانيا بالطائرات المقاتلة والصواريخ بعيدة المدى، وقالوا إنهم سيركزون على القتال فى الأرض وتعويض استهلاك السلاح والذخائر الذى أصبح أكبر من إنتاج المصانع، وروسيا مازالت تركز على المناطق التى أعلنت ضمها، لكن ماذا إذا تغيرت موازين القتال فى معارك الربيع؟وماذا إذا استمر الحوار فقط بالدبابات والصواريخ؟
وقال عارف إن من الواضح أن الأطراف المتصارعة مازالت قادرة على تحمل عبء الحرب رغم فداحتها.
ويضيف متسائلا: لكن ماذا عن باقى العالم الذى يعنى استمرار الحرب بالنسبة له المزيد من دفع فواتير صراع لا ذنب له فيه ، حيث الارتفاع الرهيب فى أسعار الغذاء والمواد الأساسية، والفقر يتزايد، وأزمات اقتصادية ومجتمعية تطال الجميع.
واختتم قائلا: “أمريكا مرتاحة من الحرب، وروسيا صامدة.. ألم يحن الوقت ليسمع باقى العالم صوته ويطلب وقف حرب يعرف الكل أن أحدًا لن ينتصر فيها؟!”.