الذكرى الـ 44 للثورة: إيران ثابتة ولن تعود إلى الوراء

 الذكرى الـ 44 للثورة: إيران ثابتة ولن تعود إلى الوراء

الإنتشار العربي :مسيرات انطلقت في 38 ألف قرية و1400 مدينة لإحياء الذكرى الـ 44 لانتصار الثورة في إيران. كيف أنهت هذه المسيرات جزءاً من المؤامرات التي تهدف إلى فرض مزيد من الضغوط على طهران؟

يحتفل الإيرانيون مع بدء شهر شباط/فبراير بـ”عشرة الفجر”، مستحضرين الأيام العشرة الأولى من هذا الشهر في عام 1979، والتي شهدت عودة الإمام الخميني من فرنسا إلى إيران، ومهدت لانتصار الثورة.

بعد حوالى 15 عاماً من النفي والإبعاد بين تركيا والكويت والعراق، وفرنسا، التي كانت محطته الأخيرة، عاد الإمام الخميني في الأوّل من شباط/فبراير عام 1979 إلى وطنه، مستقلاً طائرة “AirFrance” المتوجهة إلى طهران، رغم التهديد باستهدافها.

كان ينتظره حينذاك، الملايين من الإيرانيين لاستقباله. تجمّعوا في طوابير امتدت من مطار طهران إلى “جنّة الزهراء”، حيث استقبلوه واحتفلوا به، ليشكّل ذلك الحدث، أعظم استقبالٍ في التاريخ.

وفي نهاية المطاف، نزل الإمام الخميني من الطائرة ودخل قاعة الوصول، لتهتزّ القاعة بهتاف “الله أكبر”، وبنشيد “خميني يا إمام”.

تلك اللحظات، كانت أولى محطات الالتحام المباشر مع المواطنين الإيرانيين، فشكر الإمام الخميني مشاعر الشعب بمختلف طبقاته، مشيراً إلى أنّ طرد الشاه كان الخطوة الأولى في الانتصار، وحثّ الجميع على وحدة الكلمة والمضي في المواجهة حتى الاجتثاث الكامل لجذور الفساد، ثمّ غادر المكان متّجهاً نحو جنّة الزهراء لتجديد العهد.
اقرأ أيضاً: في الذكرى الـ44 لانتصار الثورة في إيران.. أبرز أحداث أيام “عشرة الفجر”

وانطلقت اليوم مسيرات إحياء الذكرى الـ44 لانتصار الثورة الإسلامية في إيران، في 38 ألف قرية و1400 مدينة في إيران، حيث بدأت عند الساعة التاسعة والنصف صباحاً بالتوقيت المحلي لطهران، وسط مشاركة شعبية حاشدة، يغطيها نحو 200 صحافي ومصور أجنبي، وأکثر من 6 آلاف و500 من الإعلامیین المحلیین.

وأعلن المجلس التنسيقي للتبلیغ الإسلامي عن الشعار الرئيسي للفجر الرابع والأربعين وهو “إيران ثابتة، 44 عاماً من الفخر”، ولليوم السبت بعنوان “الثورة الإسلامية، احتفال الوجود، إيران الموحدة”، وانضم رئيس الجمهورية الإيراني إبراهيم رئيسي اليوم إلى المسيرات الجماهيرية الحاشدة، وأكّد أن يوم انتصار الثورة الإسلامية هو يوم بداية الاستقلال ونهاية الاستبداد وتحقق إرادة الشعب الإيراني.

وفي الحديث عن الرسائل الأساسية التي تعكسها هذه المسيرات، قال محلّل الميادين للشؤون الإيرانية، سياوش فلاح بور، إن “الرسالة الأساسية هي أنّ إيران ستواصل طريق المقاومة، والتقدّم والتنمية إلى جانب دعم جميع الأطراف.

كما قال فلاح بور إنه “على الأنظمة الغربية أن تعترف أنّ الثورة الإسلامية قضت على الهيمنة الأميركية على إيران”، لافتاً إلى أن إيران اليوم “قوّة إقليمية كبيرة لا يمكن أن تفتح أبوابها للإملاءات الأجنبيّة، ولن ترضخ للضغوط الأجنبيّة، والحقيقة هي أن إيران خرجت من تحت سيطرتهم ولن تعود الى الوراء”.

كما رأى أن “هذه المسيرات بالشكل والمضمون أنهت فعلياً جزءاً من المؤامرات التي انطلقت، والتي تهدف إلى فرض مزيد من الضغوط على طهران”، مشيراً إلى أن “المسيرات جاءت أكبر بكثير ممّا توقّعت جميع المؤسسات السياسية والإعلاميّة، وشكّلت مفاجأة كبرى بالنسبة للجميع”، مضيفاً: “هذه المسيرات ستضع حدّاً على الأقلّ خلال المرحلة الجارية للمؤامرات الغربيّة ضد طهران”.

وفي تشخيص شكّل المشهد في المسيرات اليوم، رأى قتيبة الصالح، محلل الميادين للشؤون العربية والإسلامية، أن صورة المسيرات كانت “عابرة للجغرافيا وهي أبلغ ردّ على محاولات تقسيم إيران منذ الشهور وربّما السنوات الماضية”.

وأشار إلى “بروز الشباب حتى من فئات عمريّة صغيرة في المسيرات، والذين كانوا مركز الرهان الغربي، أو المشروع تجاه إيران في الفترة الماضية، ومحاولة إلباسهم لبوس لا يشبههم”.

وتحدّث الصالح عن “مشاركة المرأة من كل الأطياف، والتي كانت مركز الرهان، إلى جانب الشباب. وكانت حقوقها هي الشعارات التي رُفعَت ضد إيران”، واعتبر أن “المرأة الإيرانية أبرزت حضورها اليوم، وبالأمس كما أبرزت مركزيّتها في إيران وفي الثورة الإيرانية”.

وتحدّث محلل الميادين عن خطاب الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي، وقال إن “خطابه كان لافتاً ودقيقاً سيّما عن حرب الإرادات التي خاضتها إيران منذ انتصار الثورة وحتى اليوم”.

وفي هذا الصدد، تحدّث مدير مكتب الميادين في واشنطن، منذر سليمان، عن مشاهد الثورة الإسلامية، وقال: “أتذكر عند عودة الامام الخميني الراحل كيف كان الحشد الجماهيري يؤكّد أنّ الثورة الإيرانية كانت ولا تزال الحدث الأبرز في النصف الثاني للقرن العشرين، وأتذكّر جيّداً أنّ الناس كانت تحاول التسلّق على أعلى مكان ليشاهدوا ماذا يحصل. في تلك الفترة، كان فصل الشتاء ولا أوراق للأشجار، فتمثل المشهد، وكأنّ الجماهير المؤيّدة للثورة، تحوّلت إلى أوراق لهذه الأشجار. هذا المشهد يؤكّد رسوخ هذه الثورة بالنسبة للجماهير الإيرانية وأهميّها”.

وأشار إلى أن “الولايات المتّحدة لم تتوانَ منذ البداية عن محاولة إسقاط الثورة وإسقاط النظام، ولكنّها لم تُعلن ولا تُعلن حتى الآن أنّها جاهزة للدعوة لتغيير النظام، ولكنها تعمل بشتّى الوسائل على ما يمكن تشبيهه بالثورة الملوّنة الداخلية”.

وأكّد أن “المحاولات والعمليّات السرّية بين الولايات المتّحدة والتعاون مع كيان العدو الإسرائيلي ستستمر، ولكنها بالتأكيد حتى الآن لم تستطع النيل من إيران”.

وأضاف أن “أهم الدلالات على فشل الضغوطات هو التقدّم العلمي الهائل الذي حصل في إيران على كافّة الأصعدة، والقدرة العسكريّة المتنامية رغم الحصار ورغم العقوبات، وكذلك التزام ورسوخ التزام إيران بالقضية الفلسطينية”.

وبالتالي، ومن هنا، رأى سليمان أن “قوّة إيران الاقليميّة أضحت في صلب المعادلات الدوليّة، وعليه تترسّخ هذه التجربة وتستمر وتنجح وتُعيد تنشيط أيضاً الحلفاء في المنطقة”.

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *