“وقف” التنسيق الأمنيّ؟ مسؤولان فلسطينيان رفيعان: عبّاس اقترح على سوليفان الاجتماع بنتنياهو وتعهّد بوقف الإجراءات ضدّ إسرائيل بالأمم المُتحدّة ولكنّ الأخير تملّص بدبلوماسيّةٍ ونتنياهو رفض التعقيب

الإنتشار العربي :على الرغم من القتل والمجازر التي ترتكبها الحكومة الأكثر تطرفًا وعنصريّةً في تاريخ كيان الاحتلال، وعلى الرغم من أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتباهى بمُناسبةٍ أوْ بغيرها بأنّه أزال القضيّة الفلسطينيّة عن الأجندة الإسرائيليّة والعربيّة والإقليميّة وحتى الدوليّة، وعلى الرغم من توقّف “المفاوضات” الإسرائيليّة-الفلسطينيّة منذ أكثر من 10 سنواتٍ، أبلغ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مستشار الأمن القومّي بالبيت الأبيض جيك سوليفان خلال زيارة قام بها إلى رام الله المُحتلّة في الأسبوع الماضي أنّه على استعدادٍ للقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على الرغم من الطبيعة المُتشدُدة للحكومة الإسرائيليّة الجديدة، حسبما قال مسؤولان مطلعان على الأمر لمجلّة (تايمز أوف إسرائيل) الإسرائيليّة، والتي تصدر بعدّة لغاتٍ ولها مكاتب في العاصمة الأمريكيّة، واشنطن.
وقال مسؤولٌ فلسطينيٌّ، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إنّ “العرض يُظهِر جدية الرئيس عبّاس على الرغم من الطبيعة المتطرفة لهذه الحكومة الإسرائيليّة وتجربتنا مع بنيامين نتنياهو، فإنّنا لا نغلق الباب أمام المفاوضات”، علمًا أنّ عبّاس ونتنياهو لم يلتقيا منذ أكثر من عقدٍ من الزمن.
وبحسب المصادر التي اعتمدت عليها المجلّة الإسرائيليّة، فقد كان عرض رئيس سلطة رام الله، محمود عبّاس يوم الخميس الماضي، هو الأول منذ عودة نتنياهو إلى منصب رئيس الوزراء لولايةٍ سادسةٍ، لكنّ فرص حدوث مثل هذا اللقاء تبدو غير مرجحة أكثر من أيّ وقتٍ مضى، حيث أنّ السلطة الفلسطينية لا تزال تعاني من الافتقار للشرعية في أعين معظم الفلسطينيين، بالإضافة إلى أن نتنياهو يرأس ائتلافًا مؤلفًا إلى حدٍّ كبيرٍ من مشرعين يعارضون حل الدولتين.
وأوضحت المجلّة الإسرائيليّة في تقريرها أنّه ردًا على سؤالٍ الثلاثاء عمّا إذا كان نتنياهو على استعدادٍ للتعليق على لقاء مع عباس، رفض مكتب رئيس الوزراء التعقيب، لا تأكيد ولا نفيْ.
وبحسب المجلّة الإسرائيليّة، قال المسؤول الفلسطينيّ إنّ عباس أبلغ مستشار الأمن القوميّ الأمريكيّ، جاك سوليفان أنّه مستعد لوقف الإجراءات ضدّ إسرائيل في الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى لمدة ستة أشهر إذا أوقفت إسرائيل “التحركات أحادية الجانب” في الضفة الغربية لنفس الفترة الزمنية.
ولفتت المصادر في تل أبيب إلى أنّه غالبًا ما يُستخدم مصطلح (التحركات أحادية الجانب) من قبل السلطة الفلسطينيّة لوصف خطواتٍ مثل توسيع المستوطنات، وعنف المستوطنين، وإنشاء البؤر الاستيطانية، وعمليات الإخلاء، وهدم المنازل، ومصادرة الأراضي، وتوغلات الجيش الإسرائيليّ في المنطقة A بالضفة الغربية، والتي وضعتها اتفاقية أوسلو تحت السيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينيّة.
وتابعت المجلّة الإسرائيليّة قائلةً إنّه “من المرجح أيضًا أنْ يكون هذا العرض غير وارد بالنسبة للحكومة الإسرائيليّة الجديدة، التي تمّ تأسيسها بالاعتماد على التزامات بتوسيع الوجود الإسرائيليّ في الضفة الغربية. وفي حين أنّ عباس قد يكون اقترح تجميدًا مؤقتًا لاستهداف إسرائيل في المحافل الدواية، فإنّ قضايا السلطة الفلسطينية في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة لا تبدو قابلة للتراجع في هذه المرحلة”، وفق المصادر في تل أبيب، والتي اعتمدت عليها (تايمز أوف إسرائيل).
علاوة على ذلك، أكّدت المصادر أنّه “لطالما رحبّت المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة بالتنسيق مع قوات السلطة الفلسطينية وتعتبر أنّ له أهمية حاسمة في مكافحة الهجمات الفلسطينية والحفاظ على الاستقرار في الضفة الغربية. في حين أشاد عباس في السابق بالعلاقات الأمنية أيضًا، بيد أنّها لا تحظى بشعبيةٍ كبيرةٍ في صفوف الجمهور الفلسطينيّ، وقد اعتاد رئيس السلطة الفلسطينية مؤخرًا على التهديد بقطع التنسيق وسط الإحباط المتزايد من إسرائيل.
ومن الجدير بالذكر أنّه في عام 2020، نفذّ عباس تهديده وعلق العلاقات الأمنيّة بين القوات الإسرائيليّة والفلسطينيّة لخمسة أشهر، ثمّ عاد وأعلن عن استئنافها في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2020 بعد فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية، الذي وعد خلال حملته الانتخابية بتجديد الموقف الأمريكيّ التقليدي المؤيّد لحلّ الدولتيْن.
وتابعت المجلّة الإسرائيليّة قائلةً، نقلاً عن ذات المصادر “لكن رام الله قد ازدادت إحباطًا من إدارة بايدن أيضًا، حيث انتقدت فشلها في الوفاء بالوعود التي قطعتها خلال الحملة الانتخابية بإعادة فتح البعثات الدبلوماسية للفلسطينيين في القدس ورام الله، بالإضافة إلى ما يُنظر إليه باعتباره موقفًا ضعيفًا بشأن التوسع الإسرائيليّ المستمر في الضفة الغربية والقدس الشرقية”، بحسب تعبيرها.
وخلُصت المجلّة الإسرائيليّة إلى القول إنّ “مسؤولاً ثانيًا ومطلعًا على اجتماع سوليفان-عباس أكّد التفاصيل التي شاركها المسؤول الفلسطينيّ، وقال إنّ مستشار الأمن القوميّ الأمريكي لم يرُدّ بشكلٍ مباشرٍ على مقترحات رئيس السلطة الفلسطينية. ومع ذلك، حثّ سوليفان عباس على أنْ يكون أكثر براغماتيةً، بينما أكّد له أنّ إدارة بايدن سوف ترُدّ بقوّةٍ على أيّ خطواتٍ يتّم اتخاذها نحو الضم، أيْ ضمّ الضفّة الغربيّة المُحتلّة لسيادة كيان الاحتلال، أوْ شرعنة البؤر الاستيطانية، أوْ تغيير الوضع الراهن في المسجد الأقصى”، على حدّ تعبيرها.