الوقوف على حافة الأسئلة الحرجة في سنوات العسرة… النظام العالمي الجديد وإعادة بعث قوم لوط!
الإنتشار العربي :خالد شحام
من خلال متابعتنا جميعا لسياقات كأس العالم في قطر كان من الواضح أن هنالك ضغطا كبيرا لإشهار ظاهرة المثلية أو الشذوذ الجنسي ووضعها في أعين البشرية جمعاء ، شاهدنا كيف تم استخدام الفريق الألماني وتوظيف وزيرة الداخلية الألمانية برضاها أو بدونه لتكون اداة بيد من يريد فعل ذلك ، الضغوط والايماءات أصبحت أكثر من تعد .
من الواضح أننا نعاصر مرحلة انقلابية تغشاها أسئلة كثيرة وملحة تطرح نفسها باندفاع اكبر كلما تقدمت الأيام ومشت سلسلة الأحداث ، أسئلة ربما لم نكن نمعن فيها التفكير بالقدر الكافي وربما يتطلب الحل فيها المزيد من السنوات حتى تتضح معالم الألغاز المتبلورة فيها ، أسئلة كلما انطفىء وهجها يتأتى من يعيد ايقادها عامدا متعمدا لتفرض عالما مغايرا لكل ما نعرفه .
أسئلة من مثل : ما هي قصة موجة المثلية التي تجتاح العالم بهذا الإلحاح غير المسبوق ؟ من يقف وراء الضغط المتواصل على الشعوب والحكومات لوضعها قسرا في حيز القبول والتقبل ؟ ماذا يعني استسلام الأنظمة العالمية بهذا الضغط ؟ من الذي يقف وراء الوخزات المستمرة في تكريس الإباحة ووخز الأديان والدين الإسلامي تحديدا بين الحين والآخر بقصة جنسية او قانون يكسر التقليد والعرف أو إطلاق تصريحات مستفزة إنحلالية وإنقلابية على الثوابت ؟ من الذي يحرك أدوار المسؤولين العرب في رمي صنارات الاستفزاز الجنسي ؟ فتارة شيخ من الأزهر وأخرى من وزير إعلام وثالثة من وزير أوقاف ورابعة من صحافي وخامسة من إعلامي مهرج ؟ أين مواقف وما رأي حكام العرب من هذه الهجمات التي تبدو ثانوية ولماذا لا نسمع أي تعليق أو رأي أو حتى تفسير ؟ هل من صلة بين كل هذه الأسئلة الميكروية والأحداث الضخمة المقياس التي تشغل ضمير العالم اليوم ؟
هذه الاسئلة سادتي لا تمثل سوى رأس الكتلة الجليدية من الأسئلة الأهم المخبوءة تحت الماء ، وهي ليست معزولة ولا هي غريبة عن جملة سياقات وحقائق تجري وتتضخم وتأخذ حيزها الزماني والمكاني ولكننا جميعا مصابون بزهايمر الهزيمة الذي يغشى العيون ، ثمة ترابط عضوي كبير بين هذه الأسئلة وبعض الحقائق ، وإليكم بعض هذه الحقائق التي تؤهلنا لفهم الإجابات بدرجة أولية :
1-النظام العالمي الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي تشكل عقب الانتصار في الحرب العالمية الثانية وحتى العام 2020 ( قبل خديعة كورونا ) لم يعد مؤهلا ولا قادرا على إدارة هذا العالم ، من المؤكد وبحكم دلائل واسعة أن عرش الولايات المتحدة ( أو عرش النظام العالمي أو الدولي لا فرق ) يتأرجح من جذوره وكل توابع هذه الامبراطورية ترتعش بمعيتها خوفا من المجهول القادم ، تفاصيل هذا المشهد تؤكد أن هنالك تململا واعادة بعث لقوى جديدة تتحضر لاستلام هذا العرش .
2- إن سبب فشل النظام الدولي المذكور في قيادة العالم يعود في أحد أسبابه إلى الارتفاع الهائل في أعداد البشرية الذي يتضاعف كل 20 عاما تقريبا ، لدينا اليوم 8 مليار من أعداد البشر المؤهلين للتضخم سريعا وفقا لشعبة السكان التابعة للأمم المتحدة ( وهي الأداة البحثية الأكثر خطورة في هذا الشأن ) ، هذا التضخم ينذر بمخاطر كبيرة على هذا النظام بحيث أن الخطط القديمة والاستراتيجيات التقليدية في نظم الاستعمارو السيطرة والهيمنة لم تعد ذات تأثير متناغم مع حجم المشكلة و إحداث سرعة التأثير المطلوبة عند الاستدعاء ، إن هذا التضخم البشري دفع النظام العالمي إلى اعادة حساباته وإعادة تقييم موارد الكوكب وزيادة مخاوفه على نفسه من سنوات المستقبل القادمة خاصة بعد القراءات الاقتصادية المتهاوية التي اطلعت بها الدراسات المستمرة ونماذج الحاسوب الدقيقة.
3- هنالك متغير مهم جدا حاضر في قلب تلك الأسئلة وهو المتغير العلمي الذي لا يوليه أحد البعد الكافي والذي منح النظام الدولي الجرأة على الذهاب بتفكيره إلى حدود التوحش القصوى ، النظام العالمي الذي تمتلكه وتسوقه الولايات المتحدة يمتلك حزما من الأسلحة لا يمكن تخيل نتائجها ولا تأثيراتها إلا عند وقوعها ، السلاح الأهم الذي يغفل الكل عن سطوة تأثيره وحضوره وقدرته الظاهرة والخفية والقادمة هو سلاح الذكاء الصناعي الذي منح رخصة الاستعمار الجديد القصوى وجدد دماءه ليصبح دراكولا بحلته الرقمية ، إنه نظام الإبادة الجديدة للنظام العالمي الجديد الذي يساق العالم لإظهاره وتبلوره .
4- لقد فشلت كل محاولات النظام الدولي السابق في تدارك الاهتزاز والشروع في السقوط ومنعه ولذلك كان لزاما التحرك للخطط الاستراتيجية الوقائية الكبرى ، أحداث 11 أيلول كانت المحاولة الأساسية لتدارك المصير المحتوم أعقبها غزو أفغانستان ثم العراق وخلق الأزمات المالية العالمية والدفع في الشرق الأوسط لإشعال الفتن والصراعات ولم يكن الربيع العربي إلا حلقة وصل مترابطة ، كل هذا السياق فشل فشلا ذريعا لذلك تم الانتقال قسرا الى الخطة ب التي بدأت بكورونا ، بنفس موازاة فشل الخطط الاستراتيجية المذكورة فشلت ايضا عمليات المفاوضات الخفية في تقاسم سلطات العالم الجديد مع الصين وروسيا واللتان تدركان جيدا ما يحدث بالإيماء لأن الطمع والغطرسة الأمريكية لا تقبل بشركاء الثلث أو الربع ، فشل الاتفاق النووي مع ايران ايضا هو جزء من فشل اتفاقيات تقاسم السلطات على الشرق الأوسط لأن ايران رفضت ان تكون تابعا وذيلا وما الاتفاق النووي الا ورقة توت لستر هذه النقطة العميقة .
5- في جانب غير بعيد من المؤكد أن هنالك اوراقا بحثية علمية وشواهد مؤكدة ترجح حدوث انقلابات مناخية او أحداث فلكية غير محمودة الذكر مقبلة على كوكب الأرض ولا بد من أنها جزء مبرر للنهج العالي العدائية الذي تتصرف به الولايات المتحدة ونظامها العالمي الحاكم والذي يبدو وكأنه يستعد لذلك الشيء .
6- إن حجم الورطات والكوارث السياسية التي خلقها نظام الولايات المتحدة في دول العالم خلال خمسين سنة مضت أوجد عالما غاضبا خصب المشاكل وتتميز مشاكله بأنها ذات خاصية دومينية متولدة ذاتيا لا تتوقف ، لم يعد هنالك من حل لأزمة العراق ولا في أفغانستان ولا في فلسطين ولا لبنان ، كل إدعاءات الإصلاح والحل والعلاج هي دورة لا تتوقف من التخدير والكذب وتورم المشكلات، الجراح الحادثة في الكوريتين لن تهدأ لقرون ، ايران والشرق الأوسط صداع لن تحله ضربات جوية ولا عقوبات دولية ، روسيا وسياساتها المتحدية لم يعد من الممكن كبحها بعجوز النيتو كما ان الأسلحة الذرية لا يمكن استخدامها ، الدهاء الصيني لم يعد من الممكن إحتواؤه أو الدهلزة عليه أو الشراكة معه ، يجب القفز فوق كل ذلك بحلول إعجازية جديدة تجمع ما بين بقاء الهيمنة والمكتسبات والقدرة على الحل او الربط ، هذا ما يفكر به النظام العالمي الجديد .
هذه المشاهدات والحقائق ليست شيئا بعيدا عن الأسئلة المذكورة في بداية المقالة لأنها هي مفاتيح الأسئلة الضخمة ، إن الحل المثالي والمحوري في ضمير النظام العالمي لفك كل هذه الخيوط المتشابكة في عالم اليوم لا يمكن ايجاده إلا بإمتلاك نظام سيطرة موحد والشيء الوحيد المؤهل لذلك هو تحكم رقمي عالمي قائم على إمكانات الذكاء الصناعي يشمل كامل هذا العالم بدوله وافراده وهيئاته وشعوبه ، العالم الرقمي يتطلب خلق إله محوسب فائق القدرات متصل بالكل لا يمكن النفاذ منه ويتطلب حضوره عمل فورمات كامل للشعوب البشرية ، لسنا بحاجة إلى عرقيات وأديان وفروق عنصرية او دينية أو لغوية أو حدودية تعرقل هذا العالم الجديد ، المطلوب هو نظام موحد يتم من خلاله إطفاء أو تشغيل أي شيء قد يخطر في بالكم ومراقبته وتوقع أفعاله وسلوكه حتى قبل ان يعرف هو بنفسه عما يخطط ، المطلوب هو وجود مرجعية واحدة ، او ( سيرفر ) واحد يحكم الكل ولا يمكن العيش دونه ولا يمكن إلا الخضوع له .
إن النظام العالمي الجديد المنظور يتجه قسرا الى إحداث فوضى عالمية تتخللها تصفيات شمولية وضبط محكم للتناسل البشري تعقبه فكرة زرع شريحة التحكم لكل نسمة على هذا الكوكب وهذا ليس مزاحا أو تبنيا أجوفا لنظرية المؤامرة الكلاسيكية ، إنه الحقيقة الحتمية الفيزيائية للذكاء الصناعي للحضور في حيز البشرية ومنحه الصلاحية التامة في إدارة شؤونهم وحذار أن يذهب تفكير بعضكم للسخرية او المزاح مع هذه الفكرة لأنها قضية وقت فقط .
ما يحدث الان وعلى المكشوف هو الذهاب بالبشر الى فكرة الفردانية لأن العالم الرقمي الاستحوذاي المطلوب هو صفر واحد لا مكان فيه للجدل أو الحيرة ، إلى فكرة تفكيك البنى الاجتماعية ووحدات البناء الاجتماعي التقليدية من الأسرة والمجتمع والشعب والأمة ، يجب خلق مرجعية واحدة فقط ، المطلوب هو وحدات مفردة لا يعنيها اي شيء ولا يربطها أي عامل مشترك مع أقرب الناس ولا حتى صلة الدم ولا صلة الدين ولا اللغة ولا منظومة اخلاق أو غير ذلك ، الأديان والأفكار والثقافات التي تدعو الى التوحد والاشتراك والتجمع والدعم والمؤازرة يجب اذابتها وتلاشيها وخاصة الثقافة الإسلامية ، يجب ان يكون الشيء الوحيد المشترك هو شبكة العبودية التي تجمع الكل في حلة واحدة ، إنها نفسها الماتريكس التي رسمت خيالا في الفيلم تجد سبيلها اليوم للحلول كابوسا على البشرية والخيال صار حقيقة ، لا يمكن نجاح النظام العالمي الجديد بوجود أية نماذج عقائدية يمكن أن تهدد المأمول ، الأديان ، التقاليد ، العادات ، القوالب الاجتماعية ، ثقافة العيب والحرام ، كل هذا يجب أن يزول من خلال سلاح أساسي هو نقض الطبيعة البشرية لأن ذلك سيقضي على كل ما بعد من عوامل ممانعة ، ذروة ذلك هو أفعال قوم لوط أو المثلية التي يروجون لها ، تجربة كورونا العالمية كانت تجسيدا حقيقيا لكل هذه الأفكار وأرضية خصبة للتحضير ثم لإطلاق كل هذه المشاريع المحضرة جيدا ، إذا كان الانسان العادي المتفق مع الفطرة الخلقية هو وحدة بناء الأسرة والمجتمع والشعوب ثم الأمة فإن الشاذ هو وحدة تفكيك اجتماعي قصوى لكل هذه البنى .
العالم المنظور الجديد ينتظر التبلور كنتيجة بعد كل هذه السياقات الجارية من القضايا المعلقة ، هذا العالم لا يمكن فهمه ولا تحليله بالاعتماد على الأطر التقليدية التي يعتبرها البعض مسلمات سياسية يمكنها تفسير كل شيء بناءا عليها ، كلنا سنكون في موقع السذج عندما نحاول تفسير العالم الجديد بناءا على معسكر شرقي وغربي او شيوعية ورأسمالية أو كما يطيب للبعض ترديد مصطلحات فقدت طعمها ومكانها وقوتها واستهلكت ألاعيبها مثل : اخوان مسلمين ، مكافحة ارهاب ، نحن اولا ، وطن بديل ، حكومات طائفية ، توافق وطني ، وكل هذه المصطلحات التي أستهلكت بمجرد افتتاح بوابات التطبيع الخياني ، من السذاجة النظر إلى كل المجريات التي نعايشها ونضعها في قوالب قديمة تناسب معطيات القرن تحت العشرين ، لقد انتهى زمن اللعب والتأويل وتفصيل الأشياء حسب المقاسات التي تناسب العفن السياسي المعشش في النظم القديمة الفاشلة والعاجزة وجاء الان وقت الاستحقاقات التي كان يفترض فيها أن يكون لنا كلمة سواء وكلمة كرامة وكلمة حق ، القادم المنتظر سيمحق كل هذا الفكر ويضع الكل أمام مسؤولياته التي فرط فيها .
إطلاق وفرض اللوطية على المجتمعات البشرية هو مشروع جريمة مضافة من جرائم النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة ولا يتعدى هدفه الأولي تحقيق التناغم بين مشروع السيطرة الرقمي السايبورغ على البشر وتحضير الإنسان المؤهل لهذا العالم الجديد ، إنها جزء صغير من خطة كبيرة ذات أبعاد استعمارية قصوى ، هدفها خلق إنسان مكسور الإنسانية من داخله وفاقد للقدرة على أن يكون حرا بفطرته التي جبلها الله في جيناته ، هذا الإنسان هو مشروع الفوز المظفر للنظام الجديد على روسيا وعلى الصين وعلى سائر دول العالم لأنه جندي مقيم داخل هذه الدول ينتظرمن يعززه ويؤيد حقوقه ويمنحه صلاحيات مطلقة ، إن المثلية بمثابة تجديد البيعة لجيش الشيطان ليحل على الأرض بلا أي اعتراض، والمحطمين هم خير أتباع.
في القريب العاجل سوف تبوء كل القضايا العالمية بالفشل الذريع مهما كانت حالتها أو حجمها او صيغتها او عمرها بمجرد تدفق توابع القبول بالمثلية ، لأننا سوف نبتلى بقضية ناخرة وقارضة داخل القضايا الكبيرة ، سوف نبتلى بمعركة بين الإنسان والإنسان المجاور له من خلال صناعة معركة الإنحلال ونقض الطبيعة البشرية وإحلال كارثة فادحة داخل المجتمعات لن يكون من الممكن بعدها النظر الى اية قضية أو مشكلة أو طرح قبل انهاء هذه القضايا لثانوية التي ستستولي على القضايا الأساسية.
نحن الان في ذروة موجة الهجمة العصرية التي تسمى ذروة العولمة باستغلال سلاح تقني – اجتماعي اسمه الذكاء الصناعي سيدفع بالعالم نحو الإنحلال والانقلاب على الله ، الإسلام في قلب المعركة بكامل أركانه طوعا وقسرا ، وفي القالب الديني نحن الان في ذروة الحكم الجبري حيث استضعاف الشعوب المسلمة والعربية ، وفي الترجمة الميدانية فنحن نعايش سنوات ذروة العسرة ، نحن سنواجه ونعايش سنوات قادمة طاحنة بلا رحمة ، سنوات يكون فيها الحليم حيرانا والقابض على عقله ودينه سيكون قابضا بالفعل على الجمر ، هنالك صدامات تتحضر لم تكن لتدور في خلد أشد المتنبئين ذكاءا ، العالم سيترقب السنوات الأشد فتكا والأكثر عذابا للجنس البشري .
الحديث يطول وبالتأكيد أنني أثقلت عليكم وعلى الصحيفة الغراء لكنني سألقاكم في الجزء الثاني من هذه المقالة .
كاتب عربي فلسطيني