هل يجب ان نصدّق المسؤول الامريكي الذّي صرّح بانّ إيران كانت تخطط لهجوم على السعودية؟
الإنتشار العربي :د. محجوب احمد قاهري
بالأمس صرح السيد بريت ماكغورك منسق الامن القومي للشرق الاوسط وشمال افريقيا الامريكي في مؤتمر حوار المنامة بان إيران “كانت على وشك الهجوم على السعودية”. وفي الحقيقة هناك ثلاثة اسباب تجعلنا لا نصدق ما قاله هذا المسؤول، بل بالعكس علينا ان نفهم بان وراء هذا التصريح ما وراءه، خاصة فيما يتعلق بمزيد محاصرة إيران.
ـ اولا: يجب ان لا ننسى بانّ الولايات المتحدة الأمريكية جريئة جدا في الكذب. يثبت التاريخ بان امريكا من اجل مصالحها ونفودها ونفوذ الكيان الصهيوني دمرت العراق بكذبه كبيرة اسمها امتلاكه لأسلحة غير تقليديه وكيميائية. وكذلك هي الان تسعى الى تدمير روسيا واوكرانيا معا من خلال اطالة امد الحرب وتزويد هذه الأخيرة بالسلاح النوعي والمعلومات الاستخبارية، وصور القمار الصناعية، والجنود النوعيين، وتدّعي بانها تساعد اوكرانيا فقط للدفاع عن نفسها. وهناك ألف كذبة اخرى قامت بها امريكا على مدى التاريخ.
ـ ثانيا: الولايات المتحدة الأمريكية تخوض حربا عالميا لمحاصرة القطب الشرقي الصاعد، الذي يرتكز على الرباعي روسيا، والصين، وكوريا الشمالية وإيران. الولايات المتحدة هي الان بصدد محاصره روسيا بالعقوبات الاقتصادية الموجعة، وتستنزفها بالدم الاوكراني، وتقايض امنها بالاستسلام. وهي في نفس الوقت تهدّد الصين عسكريا وتؤلب عليها تايوان لفصلها عنها، وجعلها قاعدة تهديد امريكية جدية لها. ولا يغفل أحد علن التحرش اليومي الأمريكي وأذرعها بكوريا الشمالية، التي الى حد الان يعرف قائدها كيف يتعامل مع هذا التهديد. واما إيران التي تمثل الحلقة المفزعة للكيان الصهيوني، والتي فشلت معها كل العقوبات، وفشلت ضدها إجراءات الانسحاب من الاتفاق النووي، ها هي امريكا تلعب معها أقذر لعبة واخطرها، وهي تأليب المواطنين ضدّها، وهو ما يحدث منذ حوالي أكثر من شهر، أدى الى صنع مأزق خطير تعيشه الدولة الإيرانية، خاصة حدوث قتلى من الأمنيين ومن الجماهير، وربما أيضا بأياد صهيونية وامريكية. إيران قد تتجاوز هذه المحنة في المنظور القريب الا ان الوضع لا يبدو مريحا للسلطات الى حد الان. محاوله التخلص من هذا القطب الرباعي ووأده قبل ان يقوي أكثر هو سبب مهم يجعل امريكا تستعمل كل انواع الكذب لتبرير افعالها.
ـ ثالثا: أمريكا تحتاج الى إعادة السعودية اليها بالتخويف. شهدت في الفترة الأخيرة توجه السعودية الى المحور الصاعد، وخاصه في اتجاه روسيا، وظهر ذلك جليا بعد ان اتخذت السعودية قرارها الواضح في اوبيك بليس رفض الطلب الامريكي لزيادة انتاج النفط، وهو ما فسّره الامريكان على انه خطوات جديه من السعودية للتوجه الى الحلف الاخر. كل ذلك يؤدي الى نتيجة واضحة وهو تجرأ المسؤول الامريكي على القول بان” إيران على وشك الهجوم على السعودية” وأنها احبطت هذه العملية. مع ان الوضع التي تعيشه إيران الان لا يسمح تكتيكيا او استراتيجيا للهجوم على السعودية. وبذلك، يظهر الهدف جليا من ان امريكا تريد ان تخوّف السعودية وتزيد من الضغط على إيران.
مما لا شك فيه، فانّ التصريحات التي قدمها المسؤول الامريكي كانت في غاية الأهمية، خاصة حينما تحدث على وجود اجراءات أمنيه ستحدث في مياه الخليج، وذلك بنشر حوالي 100 سفينة، تتحرك من خلال التكنولوجيا، وهو ما يظهر جليا بان امريكا واسرائيل يتجهان الى فرض نظام القطب الواحد بالقوة من خلال محاصرة الرباعي روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران.
في المحصلة، ليس غريبا على الولايات المتحدة الأمريكية الكذب وحينما تبدأ امريكا في الكذب العلني فإنها حتما تخطط لشيء كبير بالمنطقة قد يهدد الامن والاستقرار العالميين.