الكيان يكذِب على نفسه بإعادة التحقيق بعملية صور الاستشهاديّة بـ82 التي أسفرت عن مقتل 91 إسرائيليًا.. الموساد: التفجير وقع بسيارّةٍ مُفخخةٍ وليس “عطلاً” ويجِب المُجاهرة بالحقيقة

الإنتشار العربي :لا تزال عملية الاستشهاديّ أحمد قصير التي دمرت مقر الحاكم العسكري الإسرائيليّ في مدينة صور، تقض مضاجع الإسرائيليين، شعبًا وقيادةً، وتحفر في ذاكرتهم هزيمة بمستوى فاجعة على الرغم من مرور 40 عامًا على تنفيذها.
وفي هذا السياق، قال موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ إنّ سلطات الاحتلال قررت تشكيل طاقم تحقيق مؤلف من جهاز الشاباك، والجيش والشرطة، من أجل فحص مواد تتعلق بظروف كارثة صور الأولى في العام 1982، التي قتل فيها 91 شخصًا (بين ضابط وجندي من الجيش الإسرائيليّ، من بينهم الحاكم العسكري نفسه).
وتابع الموقع نقلاً عن مصادر أمنيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب أنّ هذا “قرار إنشاء طاقم التفتيش الجديدة بعد 40 عامًا من الحادثة، يجيئ في ظل تراكم معلومات إضافية وإضافة أدوات تكنولوجية حديثة، يتم من خلالها التحقق من وجود أساس لتفتيش رسمي متجدد للحدث”، على حدّ تعبير المصادر.
وعلى الرغم من إعلان حزب الله مسؤوليته عن هذه العملية واسم منفذها الشهيد أحمد قصير، واتخاذ تاريخ تنفيذها محطة ومناسبة سنوية يحتفل بها كيوم الشهيد في مختلف المناطق اللبنانية، يتحدث فيها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كيوم مجيد من أيام المقاومة، إلّا أن دولة الاحتلال ما زالت متمسكةً برواية “تسرب الغاز” الذي يزعم أنّه تسبب بالانفجار الضخم وانهيار المبنى المؤلف من ثماني طبقات، وحوله إلى ركام، وكلّ ذلك في محاولة لتجنب الاعتراف بالهزيمة التي أجبرت الاحتلال الإسرائيليّ على الانسحاب من مناطق واسعة من الجنوب اللبناني.
علاوة على ما جاء أعلاه، لفت الموقع العبريّ في سياق تقريره إلى أنّ “كارثة صور في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 1982، حيث انهار مبنى الحاكم العسكري الإسرائيلي في صور في لبنان. قتل في الحادثة 91 شخصًا، من بينهم جنود، وعناصر شرطة وشاباك. بعد الحادثة تمّ تعيين لجنة تحقيق برئاسة اللواء في الاحتياط مئير زورع أُعلن في ختامها وقوع الكارثة نتيجة تسرب غاز”.
وأضاف الموقع العبري: “مع ذلك، مع السنوات سمعت ادعاءات مختلفة وفيها أن الأمر كان يتعلق بهجوم مخطط له. كذلك أيضًا، بعد الكارثة، حزب الله، الذي كان حينها تنظيمًا صغيرًا، أعلن مسؤوليته عن ذلك”.
ونشر الموقع بيانًا صادرًا عن الأجهزة الأمنية الاسرائيلية جاء فيه: “احترامًا للقتلى والسعي وراء الحقيقة، اتفق رئيس الشاباك ورئيس الأركان ومفوض الشرطة على تشكيل طاقم مشترك ليخوض في المعلومات المتراكمة بعد عمل لجنة زورع ويفحص استخدام التقنيات الحديثة التي لم تكن موجودة وقت عمل اللجنة”.
وأكّد البيان أنّه “وبعد إجراء الاختبارات، سيتم تحديد ما إذا كانت هناك إمكانية للحصول على أدلة من شأنها أنْ تشكل الأساس لفحص رسمي جديد، فيما يتعلق بظروف الحادث”، على حدّ تعبيره.
جديرٌ بالذكر أنّ صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة كانت قد نقلت في العام 2020 عن مسؤولٍ كبيرٍ سابقٍ في جهاز الشاباك قوله: “بعد 38 عامًا ما زال القلب مكسورًا.. عرفنا في الجهاز الحقيقة، ولكننّا بموجب التقليد المعمول فيه التزمنا الصمت.. اليوم أقول إنّ غزو لبنان في العام 1982 كان نتيجةً لحربٍ غيرُ مُبرّرّةٍ، التي اتسّمت بإهمالٍ جسيمٍ، حيثُ عملت الكثير من القوى المؤثّرة على تزوير الأحداث وإخفاءها عن العائلات وعن الجمهور في إسرائيل”.
وطبقًا للشهادات التي جمعتها الصحيفة فإنّه كان بمقدور جيش الاحتلال والمُخابرات الإسرائيليّة منع العملية الثانية في صور، التي وقعت بعد نصف سنةٍ من العملية الأولى، ولكنّ الاحتلال لم يستخلِص العبر والنتائج.
بالإضافة إلى ذلك، شدّدّ المُحلّل رونين بيرغمان، المُقرّب كثيرًا لأجهزة المُخابرات الإسرائيليّة، على أنّ شهادات المسؤولين العسكريين والأمنيين التي جمعها، لكونهم كانوا في مناصبهم وليس فقط شهود عيان، تؤكّد أنّ الجميع كانوا على علمٍ بحقيقة ما جرى، ولكنّهم آثروا السكوت، ونقل عن مسؤولٍ أمنيّ سابقٍ ورفيعٍ، طلب عدم الكشف عن اسمه، نقل عنه قوله: “منذ سنواتٍ عديدةٍ وأنا أؤمن بأنّ التفجير الكبير نتج عن سيارّةٍ مُفخخةٍ، وبأنّ الحديث لا يجري عن “عطلٍ”.. وأيضًا في هذه العملية سيطر التوجّه القاضي بالتستّر على الحقيقة”، على حدّ تعبيره.
من ناحيته قال أفنير أزولاي قائد بعثة الموساد في لبنان، خلال حرب لبنان 1982 للصحيفة العبريّة إنّه كان واضِحًا لجهاز الاستخبارات الخارجيّة أنّ الحديث يدور عن عمليّةٍ عسكريّةٍ ضدّ القوّات الإسرائيليّة في لبنان، وأنّ عملية صور كانت بدايةً لسلسة عملياتٍ فدائيّةٍ ضدّ الوجود الإسرائيليّ في بلاد الأرز، على حدّ قوله.
بالإضافة إلى ذلك،، قال الجنرال احتياط عيدو شيفاح، الذي تبوأ مناصب رفيعة في سلاح البحريّة الإسرائيليّة إنّه من المؤسف جدًا أنّه بعد 38 عامًا على العملية ما زالت منظومة التستّر وإخفاء الحقيقة هي المُسيطرة، لافِتًا في الوقت عينه إلى أنّه آن الأوان لكشف المستور والمجاهرة بالحقيقة، رغم مرارتها، وفق توصيفه.