عدالة القضية أقوى من أسلحتهم.. الذكرى الـ22 لاستشهاد الطفل الفلسطينيّ فارس عودة الذي أذلّ دبابة (الميركافا) الإسرائيليّة… الاحتلال قتل خلال الانتفاضة الثانية حوالي 826 طفلاً فلسطينيًا

 عدالة القضية أقوى من أسلحتهم.. الذكرى الـ22 لاستشهاد الطفل الفلسطينيّ فارس عودة الذي أذلّ دبابة (الميركافا) الإسرائيليّة… الاحتلال قتل خلال الانتفاضة الثانية حوالي 826 طفلاً فلسطينيًا

الإنتشار العربي :من صفوف الشعب العربيّ الفلسطينيّ خرج الأبطال، وما زالوا يُقاوِمون الاحتلال الإسرائيليّ الغاشِم، وعلى الرغم من عدم تكافؤ القوّة العسكريّة بين الطرفيْن إلّا أنّ سلاح الفلسطينيّ أقوى لأنّه يتسلّح بعدالة قضية شعبه وإصراره على التحرّر كباقي شعوب العالم من الطغيان.
ومن هؤلاء الأبطال، الشهيد فارس عودة، طفل ولد في 3 كانون الأول (ديسمبر) 1985، عرف في الأوساط الفلسطينية بأنّه الطفل الذي تحدى دبابّة “الميركافا” وأذلها، ووقف أمامها غير مبال بالآلة العسكرية الإسرائيلية خلال المواجهات الشعبية إبان انتفاضة الأقصى عام 2000، ليكون الى جانب الشهيد محمد الدرّة من أيقونات هذه الانتفاضة التي ارتبطت باستهداف جيش الاحتلال للأطفال.
قتل الاحتلال الطفل عودة في الثامن من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2000 برصاصة اخترقت رقبته قرب معبر المنطار (حاجز كارني) شرق قطاع غزة بينما كان يرمي الحجارة خلال الشهر الثاني من الانتفاضة على دبابة لجيش الاحتلال.
وثّق مصور صحفي من وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكيّة لحظة تصدي ابن الـ 15 عاماً للـ “ميركافا” وتصدرت هذه الصورة آنذاك صفحات الصحف والمجلات العالمية والفلسطينية.
لم تكن تلك المرة الأولى التي تحدّى بها الطفل عودة جيش الاحتلال وجنوده، اذ يذكر أنه كان ناشطًا في فعاليات الانتفاضة فكانت له خططه في الاختباء والتخفي. وقرب المدرسة كان عودة يخبئ ملابسًا يستخدمها يوميًا خلال المواجهات، وحين ينتهي يبدلها بملابسه النظيفة التي خرج بها صباحا للمدرسة قبل أنْ يعود الى بيته.
وفي حديث سابق مع الاعلام الفلسطيني، قالت والدة الطفل (أنعام) “50 مرة أحضرته من مواقع المواجهات، وفي بعض الأحيان يبقى في المواجهات حتى العاشرة مساء، في أجواء ماطرة وباردة”.
وتابعت الوالدة الثكلى: “صبيحة يوم 8/11 عند التاسعة والنصف اتصل بي مدير مدرسته وأخبرني أنّ فارس لم يحضر للمدرسة، وفي تلك الساعة كان فارس قد أُصيب برصاصة من العيار الثقيل اخترقت رقبته، واستمر ينزف ساعة كاملة، اذْ أنّ الاحتلال منع الأطقم الطبية من إسعاف الطفل الذي كان عند نقطة قريبة من الدبابة الإسرائيلية”.
فارس هو الابن السادس في أسرة مكونة من تسعة أبناء (7 أولاد اثنان منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، وبنتان)، قُصف منزلهم في العدوان الاسرائيلي على القطاع في عام 2014، وأصيب شقيقه برصاص الاحتلال بعد ثلاثة أشهر من استشهاده، وكتبت في فارس عشرات القصائد وكان اسمه يلمع بين سطور عدد من الروايات المقاومة، كما غنت له الفنانة الملتزمة ميس شلش والفنانة ريم تلحمي.
جديرٌ بالذكر أنّ الاحتلال قتل خلال سنوات الانتفاضة حوالي 826 طفلاً فلسطينيًا (لم يبلغوا الـ 18 عامًا)، من أصل 4412 شهيد بالإضافة الى 48 ألفا و322 جريحًا. ومنذ استشهاد الطفل الدرة الى اليوم بلغت حصيلة الشهداء الأطفال 2230 شهيدًا، أغلبهم استشهدوا في الحروب الأربع السابقة على غزة، الى جانب 17 طفلاً استشهدوا خلال عدوان الاحتلال على القطاع في آب (أغسطس) من العام الجاري 2022.
وكانت انتفاضة الأقصى قد اندلعت في شهر أيلول (سبتمبر) من العام 2000 بعد اقتحام رئيس حكومة الاحتلال آنذاك أرئيل شارون للمسجد الأقصى، وخلالها عمّت المسيرات والمواجهات الشعبية قطاع غزّة وتحوّلت خلالها هذه الفعاليات الى عمليات واشتباكات مسلحة انتقلت من الحجارة والسكين الى صناعة عسكرية أكثر تطورًا، كما بدأ تبلور التشكيلات العسكرية للفصائل الفلسطينية.
استمرت الانتفاضة الثانية حوالي الـ 5 سنوات، وقام الجيش الإسرائيليّ عام 2002 بإعادة احتلال الضفّة الغربيّة، ولكنّه بعد ثلاثة أعوامٍ، وتحديدًا في العام 2005، انسحب الاحتلال من قطاع غزّة ليكون أوّل أرض فلسطينية محررّة منذ إقامة إسرائيل على أرض فلسطين.
وفي تفاصيل الميركافا التي وقف فارس عودة في وجهها: هي دبابة قتالية تابعة لجيش الاحتلال، بدأ بصناعتها عام 1970، واستخدمت للمرة الأولى في عام 1979، وحملت في وقتها اسم ميركافا (1)، وصممت لتناسب الطبيعة الوعرة لشمال فلسطين ومرتفعات الجولان السورية، ثم تطورت في عام 1983 إلى ميركافا (2) وركز مصمموها على ملاءمتها لحروب المدن بعد خبرة حرب لبنان، تلتها ميركافا (3) في عام 1990، والتي شهدت زيادة القدرة النيرانية لها بمدفع من عيار 120 ملم ذي البطانة الملساء، مع بعض التحسينات الأخرى على تدريعها وبرجها، الاستخدام العسكري الأبرز للطراز الثالث يتمثل في اقتحام المدن الخاضعة للحكم الذاتي الفلسطيني والمخيمات الفلسطينية، لكن نجاح المقاومين في إعطاب هذا الطراز عجل بنزول الطراز الرابع إلى الخدمة، وفي عام 2004 دخلت الدبابة ميركافا (4) مستخدمة ذات المدفع من عيار 120 ملم، مع المزيد من التحسينات على نظام السيطرة على النيران والتدريع وبعض المساعدات الدفاعية.
وتتسع الميركافا لطاقم مكون من 4 جنود ويبلغ طول الدبابة 7,6 متر وعرضها 3,72 متر وارتفاعها 2,6 متر وتبلغ من الوزن حوالي 63 – 65 طن. كل هذه التفاصيل المرعبة والتي تصلح لدراسات المحللين العسكريين وللخطط الحربية، لم يأخذها فارس في الحسبان، وهو العارف أنّ حجره أقوى إرادة.

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *