تركيا وسياسة التراجع….
تركيا وسياسة التراجع، والبدء بالنزول من عن الشجرة، والمستنكرين في سورية كثر، وقلة ترحب، والدولة والقيادة في سورية حذرة صامتة لا تصرح تشجيعاً ولا ترفض التقارب، بل تراقب منتظرة الافعال، ليس حباً بتركيا وسعياً وراء صداقتها ولكن لتغلق جبهة من جبهات الحرب، الملفت للنظر ان الذين كانوا يروا في مسيلمة عصرنا اردوغان خليفة لهم ويرونه تقياً مؤمناً حرقوا علمه، ورفضوا تصريحات وزير خارجيته حين اصدر لهم امراً قطعياً بصيغة جواب على سؤال في مقابلة صحفية ان (المعارضة السورية) ستتواصل مع القيادة في دمشق ليتفقوا على مجريات امور مستقبلية، وبذلك تكون تركيا قد رسمت للمرتزقة السورين الخطوط العريضة للقادم من الايام، ان الدور الذي تلعبه تلك المجموعه (المعارضة) انتهى، وان الذبيحة تعد للذبح لكل من يرفض الامر، وذبحاً سيكون مصيرهم ان شكلوا عرقلة لما يريده سيدهم الذي اوجدهم وارسلهم رسل الموت للسوريين.
ستعود العلاقات بين المحتل التركي وسورية بعد الانسحاب، الذي بدء لفظياً، وستعود العلاقات مع مهلكة الشر السعودية، وستعود مع معظم دول العدوان فذلك ما يقال عنه، سياسة، وفي السياسة لا صداقات دائمة ولا عداء أزلي، ذلك واقع تفرضه الجغرافيا ويفرضه تشابك سكاني اجتماعي، وتفرضه بعد ذلك مصالح شعوب من تجارة وتصدير واستيراد، فلا تعيش دول ولا تتقدم شعوب متقوقعه مغلقة على نفسها الحدود، لكن علينا الحذر كأفراد وشعوب، وعلينا ان لا ننسى ان مقولة -عدو جدك لا يودك- فهي اثبتت حقيقة معانيها خلال حرب عشر سنوات ونيف كانت تركيا فيه رأس الحربة في العدوان وسرقة خيرات الوطن، فالتركي عدو جدي الارمني، التركي عدو جدي المسيحي، التركي عدو جدي العلوي، التركي عدو جدي المسلم، التركي عدو جدي الكردي، التركي عدو جدي العربي، التركي عدو جدي السوري، التركي عدو سورية التي تختصر كل ما سبق ممن عاداهم التركي.
السياسة ستفرض حلول لا نحبذها ولكن الواقع اننا لا نملك القدرة على رفضها دون ان يستمر الاحتلال والتقسيم وسفك الدماء، وقد آن الأوان ان ترتاح سورية، ان تضمد الجراح، ان تتفرغ لمراجعة ما كان ولماذا وكيف كان الاختراق، وكيف نحصن الوطن والمواطن من غدر الزمان ان عاود المعتدون العدوان، آن الأوان ان نعيد بناء قواعد الانتماء وما الذي تعنيه كلمة وطن ومسؤلية المواطن تجاه الوطن وما الذي يجب ان تقوم به القيادة تجاه هذا المواطن الذي كان جندي وعامل ومعلم وطبيب ومهندس ومزارع وفلاح، الذي دون تضحياته لما كان هناك وطن لما كانت هذه القيادة تقود مدعومة بشرعية شعبية حققت الأنتصار، فساد وتسلط وسرقات وبطش يجب ان توضع خطة لوئد تلك الممارسات وتتوقف المحسوبيات، اللائحة طويلة ومعقدة لمسؤوليات جمة تواجه قيادة البلاد في المرحلة المقبلة وتلك امور دون التحرير وانسحاب المحتل لن تكون، ويصبح وهماً الكلام عن تحسين حال ومكافحة فساد يحميه وضع لا تملك الدولة فيه سيطرة كاملة ولا يفرض فيه القانون احكام القضاء.
الطريق للقادم من الايام وعر معقد لكنه سيكون ارحم وافضل من السابق، معالجة اثار العدوان ستكون مؤلمة وتتطلب قوة في الأيمان والانتماء والولاء، وفي سورية كان، ولازال، السوريين قدوة في الإيمان بوطن ومستقبل الأجيال، حمى الله وطناً رائع الجمال وحمى شعب قدم امثولة رائعة في الصبر والإيثار والإيمان، حمى الله سورية ومحبيها وجعل لنا في القادم من الايام انتهاء حرب وخلاص حال مأساوي، ورضى وراحة بال. —