بعد الحرائق في الجزائر وتونس: أمة لا تتضامن في المحن.. أمة لا خير فيها

 بعد الحرائق في الجزائر وتونس: أمة لا تتضامن في المحن.. أمة لا خير فيها

اسيا العتروس

اسيا العتروس
هل تكفي برقيات التعازي وكل العبارات المنمقة للتعبيرعن الحزن فيمن فقدوا نتيجة الحرائق او الفياضانات اوالكوارث الطبيعية التي تجتاح العالم ومعه المنطقة المغاربية والعربية؟ والاكيد أن الاجابة بالنفي فكل برقيات التعازي حتى و ان كتبت بماء الذهب لا قيمة لها أمام كل ضحية كان يمكن انقاذها لو توفر الحد الادنى من التضامن الانساني و التعاون المفترض بين الامم والشعوب كما نراه بين غيرنا من الامم في الغرب ..
لا خلاف ان التضامن المفقود في عالمنا العربي يؤشر الى الاخطر في عالم تتجه اغلب الشعوب الاوروبية و الاسيوية و غيرها الى مزيد التضامن والتلاحم لمواجهة التحديات والمخاطر القادمة ..اغلب تلك الدول فهمت جيدا دروس محنة كورونا و هي تتجه نحو تكتلات اقتصادية و سياسية و عسكرية و امنية وثقافية وعلميةومعرفية تضمن مصالحها وتعزز قدراتها على مواجهة الاختبارات القاسية في عالم لا مكان فيه للانعزال والتقوقع ..
من الجزائر الى تونس يتجدد موسم الحرائق الغابية و يعود اكثر ضراوة من الموسم السابق ليجرف الاخضر و اليابس و يحرق الاشجار و يدمر البيوت و يشرد عائلات …فيما تقف الاطراف الرسمية شبه عاجزة على مواجهة النيران مع عدم توفراوامتلاك طائرات نفاثة للمياه وحتى وان توفرت فهي اما معطلة اولا يمكن استعمالها …
في المغرب العشرات يفقدون حياتهم جراء حادث طريق ..و قبل ذلك ودعت مصرالعشرات في حريق استهدف كنيسة ..في السودان السيول والامطار الطوفانية تجرف العشرات وفي اليمن وكأن حرب الاستنزاف المستمرة منذ عقد لا تكفي حتى اتت الامطارعلى عشرات الضحايا من نساء واطفال …مشهد مأساوي عابر للحدود ينقل معاناة كل بلد و كل شعب مع ماسيه اليومية و الكوارث الطبيعية المتواترة في ظل عجز رسمي مفضوح و انعدام للامكانيات و القدرات الكفيلة باطفاء النيران او التدخل لانقاذ الارواح خلال الفياضانات والسيول و الزلازل ..مشاهد تكاد تتكرر مع كل موسم في غياب ادنى مقومات ثقافة التضامن و التازر في الماسي والمحن …فالصراعات و الانقسامات والخلافات المتوارثة و قبل ذلك النفاق السياسي و الغباء و الاصرار على تكرار الاخطاء كل ذلك عمق حالة الاوعي بخطورة مواجهة كل دولة اوحكومة لمثل هذه الكوارث منفردة في ظل امكانيات و قدرات تكاد تكون معدومة ..و النتيجة انه في كل مرة تكون الحصيلة ثقيلة على الجميع و تكون الجهود محدودة في مواجهة الخطر ..
الواقع أن مفهوم التضامن الانساني و التضامن العربي سقط أوأسقط نهائيا من القاموس السياسي والديبلوماسي لمن يصرون على التبجح بأنهم كانوا ولا يزالون وسيظلون خير أمة أخرجت للناس ..و ربما ساد اعتقاد خلال جائحة كورونا ان هناك مؤشرات بعودة الوعي المفقود باهمية وقيمة التضامن خلال الجوائح والماسي ولكن يبدو أن ما رافق محنة كورونا من اختبارات قاسية لم يغير القليل أوالكثيرفي عقليات وتوجهات وخيارات بل و حتى خطابات الانظمة و الحكومات المغاربية والعربية التي لم تستفد القليل او الكثير من جائحة كورونا ولا غيرها من الجوائح سواء التي سبقتها او لحقتها …
ولعلنا لا نبالغ اذا اعتبرنا أن ما سجلته الايام القليلة الماضية في اطارزمني محدد حتى لا نغرق في استعراض ما فات من الاحداث و الماسي والتداعيات على الجميع, يؤكد أن معاني وقيم التضامن الانساني بين دول يفترض أن ما يجمعها اكثر مما يفرقها سواء تعلق الامربالحدود الجغرافية المشتركة أوباللغة اوالعادات والدين و الحضارة ووحدة المصير, هي في الحقيقة تفتقر لابسط مقومات وشروط التضامن المطلوب بينها …طبعا ليس ما حدث في غزة قبل ايام من عدوان همجي ارهابي استمر ثلاثة ايام على شعب اعزل و محاصر منذ اكثر من عقد و نصف بمقياس في زمن الهوان و المذلة التي تجاوزت كل الحدود ’ فقد بات التواطؤ و الصمت قاعدة والتنديد اوالاستنكار استثناء تماما كما هوالحال بالنسبة للاعتداءات الاسرائيلية المتكررة و الخروقات اليومية للاجواء السورية و اللبنانية فهي ايضا دخلت اطار السائد و المألوف و التطبيع مع العدوان المتكرر …
نظرة سريعة على الاحداث المتواترة في المنطقة المغاربية والعربية عموما خلال الساعات القليلة الماضية تؤكد حجم المحن و الماسي التي مرت و تمر بها مختلف الشعوب التي تواجه مصيرها منفردة في غياب الحد الادنى المطلوب من التضامن الانساني العربي الذي كان يمكن ان يضمن الحد الادنى من الكرامة العربية الانسانية المتبخرة ..نعم ان أمة لا تتضامن في المحن ..أمة مخترقة ولا خير فيها..
كاتبة تونسية

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *