الغرب يُطيل لكن لن يغير مجرى الحرب … ولا يلجم تفاعلاتها الطبقية​

 الغرب يُطيل لكن لن يغير مجرى الحرب … ولا يلجم تفاعلاتها الطبقية​

د. عادل سماره

بذلت وتبذل امريكا وأوروبا وحلفاؤهما جهداً متواصلاً لإنجاز هدفين كبيرين مباشرين لغرض تقويض اسس الحرب الحالية كما وضعتها موسكو:

الأول: استمرار الحرب وحتى توسيعها لإشغال روسيا وإهلاك إمكاناتها للاستمرار في الحرب وصولا إلى درجات من الهدف الأول بمعنى الإهلاك، الإنكماش ، التفكك الداخلي وحتى استباحة روسيا في التحليل الأخير وتقسيمها. ولذا يُغدق هذا المعسكر على أوكرانيا فيضاً من أحدث وأفتك الأسلحة.  ولكن في هذا المجال تحديداً، فإن روسيا كما يبدو كانت قد بذلت جهداً كبيراً في التفوق التسليحي. ونعتقد بأنه لولا أن الغرب يعلم أن روسيا قوية بما يكفي لصد الناتو، وربما اكثر لما تردد الغر ب في تحويل روسيا إلى عراق جديد وفي افضل الأحوال سوريا جديده.

والثاني: تجاوز الطبيعة الريعية للحرب التي فرضت روسيا توقيتها واستغلال حاجة السوق الأوروبية للطاقة قبل أن تجد مورِّدين آخرين أو تنتج طاقة بديلة وحتى تجنُّباً للاضطرار لاستيراد الطاقة الفائقة الأسعار من امريكا فأوربا إذن بين ضغط  خصمها الروسي المتخيّل وصديقها/سيدها الأمريكي الواقعي، فأية خيارات صعبة على قارة طالما استبدَّت بالكوكب.

صحيح ان جولات الأمريكان على بلدان المحيط المنتجة للنفط وعقد اتفاقات شراء متفاوتة الحجم بعضها مباشر وبعضها ملتوٍ ، قد أثمر حملها لكشكول الاستجداء  إلى حد ما في توفير نسبة من الطاقة البديلة للطاقة الروسية. ومع ذلك لم يحصل لا نجاح كبير ولا اتفاق جماعي حول هذا . كما أن الضغط على أوبك لزيادة الضخ لم ينجم عنه ما يُتوخى. أضف إلى أن الجمهور في الغرب لم يصله الوجع الحقيقي بعد، وهذا يشكل نقطة ضعف في التوجه الرسمي الغربي لإطالة الحرب أي تناقض الشعبي والرسمي.

وروسيا بدورها كانت قد توقعت ما تسمى العقوبات ودرجات العقوبات ولذا عقدت اتفاقات توريد لبلدان أخرى ونشَّطت دبلوماسيتها بالجولات المتكررة لوزير خارجيتها المحنك لافروف.

ما لم يتوقعه الغرب، وربما ما لا يمكنه إفشاله هو السلعة الريعية الثانية بعد النفط أي القمح.

كتب كثير من المحللين أن خطة روسيا العسكرية تعثرت وأنها تاخرت في إنجاز ما تهدف إليه وبأن الجيش الروسي ضعيف التدريب والخبرات…الخ.

 لندع هذا للخبراء العسكريين.  ولكن الحرب دائماً ليست بأداة واحدة كما أن قلة من الدول تعلن أهداف حربها مباشرة وعلى الملأ بل تترك لك فرصة الاستنتاج.

تحمس الغرب ودفع أوكرانيا لتلغيم المياه التي تقع عليها موانىء تصدير القمح الأوكراني. وبدورها قامت روسيا برد مزدوج.

·        محاصرة الموانىء الأوكرانية مما حال دون تصدير القمح الأوكراني مما انتهى إلى صراخ جماعي من مختلف القارات.

·        عدم تصدير القمح الروسي للدول غير الصديقة.

دفع هذا الغرب للكذب بأن روسيا تجوع العالم! ولكن، من الذي يصرخ؟ إنه الغرب الرأسمالي الذي جوَّع العالم لأكثر من ثلاثة قرون متواصلة، بل إن حربه ضد روسيا هي لمواصلة التحكم بأعناق أهل الكوكب.

جاء الرد الروسي بأن على أوكرانيا نزع الألغام البحرية التي تعيق التصدير وأبقت على حقها في السماح بتسيير ناقلات القمح، وكذلك تسيير أساطيلها من البحر الأسود إلى المياه الدافئة.

وهكذا، فإذا تمكن الغرب من التحايل على جزء من الحرب الريعية التي اختارتها روسيا أي الحصول على بعض النفط، فإن مصدري النفط انفسهم هم ريعيان نفطيا وليسوا ريعيين غذاءً بل مصابين بالصلع الغذائي، وبالتالي فإنهم حتى مجبرون على تلبية جزئية لحاجة الغرب النفطية كي يوقف اعتماده على نفط روسيا لأن هذه البلدان لا تنتج القمح بل حتى معظم الأغذية، ولذا فإن عدم اندلاقها لتحقيق مطلب الغرب في حرق النفط الروسي هو موقف انتهازي وضعيف وخبيث واضطراري أي “مكره أخاك لا بطل”.

لذا، إن صح تقديرنا فإن لافروف في جولاته وخاصة في الخليج بدا مرتاحاً. فهل الخليج صديق روسيا، بالطبع كلا، ولكنه لا بد شرح لهم ما يلي:

·        روسيا لم تبدأ الحرب

·        روسيا حاولت اقتحام أوكرانيا لتنظيفها من النازية ولمنع عضويتها في الناتو

·        أمريكا تريدها حربا مديدة.

·        هذا يعني أنكم قد تشربون النفط لكن لن تأكلوا مخلفاته السوداء بدل القمح.

صحيح أن هناك مستعمرات زراعية لبعض كيانات الخليج العربية اقامتها في بلدان إفريقية كالسودان حيث يتم سحب كامل إنتاجها إلى الخليج، ولكن كما يبدو فإن هذه المستوطنات لا تنتج ما يكفي من جهة كما أن محاصيلها ليست جميعها من القمح.

وهكذا يتضح أن إطالة أمد الحرب هي مسألة تناقض طبقي على الصعيد العالمي.

·         فمن جهة، فإن إطالة أمد الحرب تُكسب الشركات الكبرى أي مالكيها أرباحا طائلة جرَّاء ارتفاع اسعار الطاقة والقمح واضطرار الجمهور لشراء هذه الحاجات الملحة، وهذه الشركات وطنها هو التراكم.

·        ومن جهة ثانية، فإن الطبقات الشعبية والوسطى في مركز النظام العالمي ومحيطه مضطرة لتغيير نمط حياتها بحيث تدفع أكثر لحصول على حاجتها من الطاقة والغذاء، وهذا تقشف إجباري على حساب التعليم والصحة والرفاهية…الخ.

كم سوف تتحمل هذه المليارات من البشر هذا الاستغلال الغربي الوقح؟ لا ندري.

ولكن، في حالة زحف المجاعة في بلدان إفريقية وهي تزحف فعلاً، فهل سيتم اقتحام مزارع الخليج وأوروبا  ومصادرة ما فيها أو تخريبها رغم ان عليها حراسة من أبناء تلكم البلدان؟ هذا أمر يمكن توقعه. وحصول هذا التمرد قد يفضي إلى اهتزاز و/أو سقوط انظمة تُعتبر بالنسبة للغرب محيطاً تستغله منذ قرون! بل إن هذا برسم الحركات الثورية كي تلتقط كل في بلاده لحظة فارقة الصفة والنتائج. فلا ننسى أن العالم لم يتجاوز مأزق كوفيد19 مما يجعل إطالة أمد الحرب تحدٍ آخر إضافي.

)لقد اشرت إلى فظاعة مزارع الخليج وغيره في إفريقيا في ورقتي عن كوفيد 19  بعنوان:

Capital and Capitalized Coved-19 in Class War against Labor,  It is the Matter of Accumulation,  Adel Samara Occupied Palestine, in a Bulletin published by :Bureau D Information.Alba Granada North Africa , 2021. Coordination.genintalba @gmail.com

_________

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *