هل هي فضيحة وطعنة في ظهر الفلسطينيين؟ أم قرار سياسي مُحنك؟.. سحب مشرع قرار الاستيطان من مجلس الأمن يثير زوبعة من الجدل والانتقادات والمتهم الأول الرئيس عباس وغموض حول دول الإمارات.. صفقة سياسة “غريبة” تعطل قرار حساس.. لمصلحة من؟ وهل رضخ “أبو مازن”؟

الإنتشار العربي :حالة كبيرة من الجدل والغضب تدور في الساحة الفلسطينية، بعد القرار المفاجئ والصادم الذي صدر عن دولة الإمارات بسحب تمرير قرار متعلق بإدانة كافة العمليات الاستيطانية الإسرائيلية ووقفها بشكل كامل، قبل لحظات من طرحه بشكل رسمي والتصويت عليه من قبل الدول الأعضاء.
ورغم أن بعض تسريبات الإعلامية قد خرجت قبل ساعات من قرار الإمارات وتحدثت فعليًا عن توجه لتأجيل أو تعطيل الخطوة، إلا أن الأمر كان مُفاجئًا حين تم الإعلام رسميًا عن سحب مشروع القرار بالكامل، والاكتفاء بإصدار بيان رئاسي رسمي.
ووفق قوانين الأمم المتحدة، فإن “البيان الرئاسي” يعد أمرا رمزيا غير مُلزم.
الغريب بالنسبة للشارع الفلسطيني، كان موقف السلطة في رام الله التي يترأسها محمود عباس، والذي لوح “أبو مازن” شخصيًا لهذه الخطوة التي سماها في السابق بـ”الحاسمة”، لكن حتى إعداد هذا التقرير لم يصدر أي تعقيب أو تصريح أو حتى توضيح من قبل مسئولي السلطة أو حركة “فتح” للتعقيب على هذه خطوة.
هذا الموقف “الغامض” من قبل السلطة الفلسطينية ومؤسسة الرئاسة، فتح باب التساؤلات واسعًا حول وجود حوارات وضغوطات سرية أثرت على هذا القرار، في حين رجح الكثير بأن “صفقة سياسة” ما قد تم التوصل لها بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل وأمريكا ودولة الإمارات التي كانت سباقة في تقديم المشروع والتأكيد على التمسك بالحقوق والثوابت الفلسطينية.
تفاصيل الصفقة
موقع عبري حاول أن يُفسر هذا الغموض، فنشر على صفحاتها ما أسماه بـ”تفاصيل الصفقة” السرية والتي أدت لسحب دولة الإمارات لمشروع قرار وقف الاستيطان من التصويت في مجلس الأمن.
وقال موقع “واللا” إن عناصر التفاهمات بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية حسب مصدران إسرائيليان هي:
– التزام إسرائيل بتجميد لعدة شهور خطط بناء إضافية في المستوطنات.
– تجميد لعدة شهور هدم منازل الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
-التجميد لشهور إخلاء الفلسطينيين من منازلهم في المناطق المصنفة “ج”.
-التخفيف من عمليات الاقتحام الإسرائيلية للمدن الفلسطينية.
-موافقة إسرائيل على إجراء بعض التغييرات في مجال الضرائب على جسر اللنبي حيث ستدخل لموازنة السلطة أكثر من 200 مليون شيكل سنوياً.
-السلطة الفلسطينية وافقت على تنفيذ الخطة الأمنية التي وضعها المنسق الأمني الأمريكي مايك فنزل لإعادة سيطرة السلطة على جنين ونابلس.
– موافقة السلطة الفلسطينية على العودة لمحادثات لإعادة التنسيق الأمني مع إسرائيل
– الإدارة الأمريكية التزمت بدعوة الرئيس أبو مازن لواشنطن خلال العام القادم للقاء الرئيس الأمريكي بايدن.
– الولايات المتحدة التزمت أمام السلطة على تقديم طلب لإسرائيل لفتح القنصلية الأمريكية في القدس.
هذا الأمر لم يعجب حركة “حماس”، فاستنكرت بشدة استجابة السلطة الفلسطينية في رام الله للطلبات الأمريكية بسحب مشروع قرار لإدانة الاستيطان في مجلس الأمن.
وأدان حازم قاسم الناطق باسم حركة حماس، في تصريحٍ صحفيٍّ، بشدة استجابة السلطة الفلسطينية في رام الله للطلبات الأمريكية بسحب مشروع قرار لإدانة الاستيطان في مجلس الأمن، وعدّ ذلك سلوكا خارجا عن الإجماع الوطني.
وقال قاسم : يبدو أن السلطة مُصرة على شراء الوهم من الإدارات الأمريكية وحكومات الاحتلال، وهذا لا يعبر عن موقف الشعب الفلسطيني، مضيفًا “هذا السلوك من السلطة يقدم خدمة مجانية للاحتلال، ويعمل على تجميل صورته البشعة أمام الرأي العام العالمي، ويشجع مسار التطبيع البغيض”.
وشدد على أن شعبنا الفلسطيني سيواصل نضاله حتى طرد الاحتلال عن كامل أرضنا وكنس كل مستوطناته، ولن تمر الخطة الأمريكية لوأد ثورة شعبنا.
عباس المتهم
ومساء أمس الأحد، أعلن ممثلو دولة الإمارات، عن إلغاء التصويت على مشروع قرار كانت ستقدمه بطلب فلسطيني، لمجلس الأمن الدولي، بهدف إدانة الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية.
وبحسب المراسل السياسي الإسرائيلي الموثوق باراك رافيد، فإن الإمارات أرجعت هذه الخطوة إلى ما وصفتها بـ “المحادثات الإيجابية” بين مختلف الأطراف، والعمل الجاري لتجهيز مسودة بيان رئاسي سيحظى بإجماع من كل الأطراف.
وجاءت هذه الخطوة بعدما كشفت مصادر عبرية، ، عن اتفاق بين السلطة والاحتلال برعاية أميركية لإجهاض الانتفاضة المتصاعدة، عبر ما يسمى “خفض حالة التوتر والتصعيد القائم” في الضفة الغربية.
ونقل موقع واللا العبري، عن تلك المصادر المطلعة كما وصفها، فإن الطرفين (السلطة والاحتلال) سيعلقان الإجراءات أحادية الجانب لبضعة أشهر، بعد أن مارس الأميركيون ضغوطًا شديدة للدفع باتجاه هذه التفاهمات خشية من اندلاع تصعيد في شهر رمضان لدى المسلمين، وعيد الفصح لدى اليهود في حال استمرت التوترات.
بدوره قال رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) صلاح عبد العاطي، :”إن الخطة الأمريكية التي وافقت عليها السلطة تهدف في شقها الأمني للقضاء على المقاومة بالضفة الغربية وإعادة الثقة ومنع الإجراءات الأحادية لحماية حل الدولتين”.
وأضاف عبد العاطي، “أما الشق السياسي للخطة فيرتكز على مطالبة السلطة بوقف التحركات أمام الأمم المتحدة بما في ذلك إلغاء جلسة مجلس الأمن بشأن للتصويت على جرائم الاستيطان الاستعماري ومنع التصعيد في مقابل يوقف الاحتلال خطط البناء في المستوطنات وإخلاء وهدم المنازل”.
وتابع “قبول قيادة السلطة بالخطة الأمريكية يعني استمرار الرهان على الأوهام وقبولها بطلب وقف التصويت أمام مجلس الأمن على مشروع قرار يجرم الاستيطان الاستعماري يشكل فضيحة جديدة وطعنة في خاصرة الشعب الفلسطيني”.