هل سيدشن لقاء الشرع ترامب يوم الاثنين التطبيع السوري الإسرائيلي؟ ولماذا تُرفع العقوبات عن الرئيس ووزير داخليته ويبقي حصار “قيصر” سيفا مسلطا على رقاب الشعب السوري؟ وكيف نرى السيناريو القادم والوشيك؟

 هل سيدشن لقاء الشرع ترامب يوم الاثنين التطبيع السوري الإسرائيلي؟ ولماذا تُرفع العقوبات عن الرئيس ووزير داخليته ويبقي حصار “قيصر” سيفا مسلطا على رقاب الشعب السوري؟ وكيف نرى السيناريو القادم والوشيك؟

عبد الباري عطوان

عبد الباري عطوان
لقاء القمة المتوقع يوم الاثنين المقبل بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب، والسوري احمد الشرع (ابو محمد الجولاني سابقا) في البيت الأبيض قد يؤدي الى نقطة تحول رئيسية ليس للدولة السورية وإرثها العربي والقومي والإسلامي، وانما للمنطقة بأسرها.
“سورية الجديدة” التي يعكف الرئيس ترامب على رسم ملامحها بإشراف إسرائيلي تخطو خطوات متسارعة نحو الانضمام الى منظومة “السلام الابراهيمي” وإقامة علاقات تحالفية وثيقة مع دولة الاحتلال، بدءا من الاتفاق الأمني، وعقد لقاء قمة مع بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ربما يتم الاتفاق على مكانه وزمانه اثناء مباحثات قمة البيت الأبيض، فليس صدفة ان يتم التمهيد لكل هذه الخطوات برفع اسم الرئيس الشرع، ووزير داخليته انس خطاب من قائمة الإرهاب، وقرار مجلس الأمن برفع العقوبات عن سورية، فمثل هذه الخطوات المتسارعة لا يمكن ان تتم دون ثمن جوهري، لن يقتصر على التطبيع فقط، وانما تحويل سورية الى قاعدة عسكرية أمريكية كبرى، مقرها الرئيسي العاصمة دمشق، وفروعها في شرق الفرات (قاعدة العمر) في الشمال الكردي، وفي منطقة التنف جنوبا للتحكم بمثلث الحدود، العراقية والاردنية والسورية.


“سورية الجديدة” باتت ارضا تتزاحم فيها القواعد العسكرية الأجنبية في الشمال، والجنوب، والشرق والغرب، فهناك الروسية والتركية في الشمال، والأمريكية والإسرائيلية في الشرق والجنوب والوسط، وهذا يعني انعدام “شبه كامل” للسيادة، وربما خطوة رئيسية على طريق إضفاء شرعية على التقسيم الترابي على أسس عرقية وطائفية، القائم على الأرض حاليا، لتغيير منطقة الشرق الأوسط وحدودها وهويتها وفقا لمخططات نتنياهو.
الولايات المتحدة الامريكية تقول ان قرارها ببناء قاعدة عسكرية جوية في مطار المزة في قلب العاصمة السورية لمراقبة تطبيق وحماية استمرارية الاتفاق الأمني المتوقع، بل والوشيك، بين سورية الشرع ودولة الاحتلال الإسرائيلي، التي باتت قواتها تسيطر على معظم الجنوب السوري “المنزوع السلاح”، وتصول وتجول فيه، وتقيم حواجز أمنية جنوب العاصمة للتحكم بمن يدخله او يخرج منه بحرية مطلقة، ناهيك عن عمليات اغتيال او اعتقال من تريد من أبناء المنطقة الذين تعتقد انهم يشكلون خطرا على وجودها.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو عن استمرار العمل بحصار وعقوبات قانون “قيصر” الأمريكي التجويعي للشعب السوري، رغم كل هذه التنازلات من قبل “النظام الجديد” فهل من المنطقي ان يتم رفع العقوبات عن الرئيس ووزير داخليته وبقائه على ما يقرب من 26 مليون مواطن سوري بات يعيش معظمهم على الكفاف، ولا يجدون قوت يومهم، وفي ظروف أسوأ من السابق.
هناك تقارير تتحدث عن ممارسة جهات عديدة يقال انها مدعومة من البيت الأبيض، ضغوطا على الكونغرس لرفع عقوبات “قيصر” من بينها منظمات مجتمع مدني وشخصيات أمريكية بارزة على رأسها الحاخام السوري الأمريكي هنري يوسف حمرا الذي زار سورية الجديدة ولقي حفاوة لافتة من قيادتها الجديدة، ويؤكد في جميع لقاءاته ان رفع العقوبات سيؤدي الى إعادة ترميم المعابد والمقابر اليهودية، ولكن لا توجد أي مؤشرات توحي بأنها ستنجح في رفع العقوبات قريبا، لان عددا كبيرا من أعضاء الكونغرس من الحزبين الجمهوري الحاكم، والديمقراطي المعارض، يبدون حذرا كبيرا حيال رفع العقوبات بشكل كامل، لان لديهم الكثير من الشكوك حول استمرار السلطات الحالية في السلطة، وتنفيذ وعودها بالالتزام بالحكم الشامل وحماية الأقليات، وضمان الحريات الدينية، وتحقيق العدالة للجميع، انها مسرحية محبوكة جيدا ومتفق على فصولها مسبقا.
اكثر ما يخشاه الكثيرون، ونحن من بينهم، ان يؤدي هذا المخطط الأمريكي الإسرائيلي المدروس بشكل جيد، والذي يجري تطبيقه على مراحل الى وضع سورية تحت “الانتداب” الأمريكي الإسرائيلي المباشر، كمقدمة لتقسيمها الى عدة جيوب مستقلة او حكم ذاتي، على غرار مخطط “سايكس بيكو”.


ما زلنا على قناعة راسخة نحن أبناء سورية الكبرى ومعنا أهلنا الشرفاء العرب والمسلمون، بأن الشعب السوري الذي أقام الامبراطوريات الحضارية طوال تاريخه الذي يمتد لأكثر من ثمانية آلاف عام، سواء في المنطقة العربية او حتى في الاندلس، وخاض اربع حروب ضد دولة الاحتلال انتصارا لفلسطين والأمة، ورفض التنازل عن بضعة أمتار من اليابسة المحيطة ببحيرة طبريا مقابل الانسحاب الكامل من أراضيه المحتلة، لن يقبل بهذا المخطط الأمريكي الإسرائيلي الإرهابي العنصري التفتيتي، وسيقاومه مهما تعاظمت التضحيات، فالهوان العربي الحالي لن يدوم طويلا، ودولة الاحتلال على حافة الانهيار وفشلت في تحقيق أيا من اهدافها في غزة ولبنان واليمن، وامريكا الداعمة لحرب الإبادة والتجويع بدأت دخول مرحلة التغيير انطلاقا من تسونامي نيويورك، والتخلص من الهيمنة الصهيونية يتعمق ويتسارع.. والأيام بيننا.

Al Enteshar Newspaper

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *