هل بدأ الصراع التركي الأمريكي بتحريض إسرائيلي على سورية بالصدامات الدموية الأخيرة في حلب؟ ولماذا لا نستبعد جولات جديدة قادمة؟ وكيف خدع ترامب صديقه الحميم اردوغان؟

 هل بدأ الصراع التركي الأمريكي بتحريض إسرائيلي على سورية بالصدامات الدموية الأخيرة في حلب؟ ولماذا لا نستبعد جولات جديدة قادمة؟ وكيف خدع ترامب صديقه الحميم اردوغان؟

عبد الباري عطوان

عبد الباري عطوان
ربما توقفت الصدامات المسلحة التي شهدتها حلب في اليومين الماضيين التي راح ضحيتها 4 قتلى وما يقرب من العشرين جريحا، وبدأت الحياة تعود بحذر تدريجي الى احياء المدينة، ولكنه هدوء مؤقت، لأن الصراع الحقيقي ليس بين قوات سورية الديمقراطية “قسد”، وقوات جيش سورية الجديدة، وانما بين الشريكين الرئيسيين في اسقاط النظام في سورية، أي الولايات المتحدة الامريكية وتركيا.
فاللافت ان هذه الصدامات، التي بدأتها القوات الكردية “قسد” حسب الرواية الرسمية، تزامنت مع وصول وفد تركي رفيع المستوى يضم أهم ثلاثة مسؤولين في تركيا بعد اردوغان، الأول هاكان فيدان وزير الخارجية ورئيس جهاز المخابرات التركي السابق، والخليفة المرجح للرئيس رجب طيب اردوغان في زعامة حزب العدالة والتنمية الحاكم، والثاني فهو يوشار غولر وزير الدفاع، اما الثالث فهو إبراهيم كالن رئيس جهاز الاستخبارات والمستشار الأول السابق للرئيس اردوغان.


المفارقة ان الخصمين المتقاتلين في مدينة حلب مدعومان عسكريا وماليا وسياسيا من الولايات المتحدة الامريكية، اما تركيا التي تحاول قيادتها الحالية اللعب على كل الحبال، فهي حليف قوي للإدارة الامريكية، وعضو مؤسس في حلف الناتو، ويتباهى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليل نهار بأن نظيره التركي اردوغان صديق حميم، ولهذا فان السؤال الاكبر هو لماذا اوعزت واشنطن لحليفها الكردي بالبدء بالهجوم على القوات السورية في حلب، وخلط الأوراق، واحراج الرئيس السوري المؤقت الذي جاء الى السلطة في دمشق على ظهر الدبابة التركية الامريكية المشتركة؟
الإجابة: فتش عن “إسرائيل” فهي اللاعب التخريبي الرئيسي في سورية التي فتحت أبواب التنسيق السري مع هيئة الحكم الذاتي الكردي في الشمال السوري، وخدعت النظام التركي بتوريطه في مؤامرة تغيير النظام في سورية، وتستخدم ادارة الرئيس ترامب الامريكية كأداة في مخطط مدروس من اعدادها، والادمغة الصهيونية العالمية، لإضعاف محور المقاومة وتفكيك سورية أحد أبرز أذرعته، بما في ذلك إقامة عدة دول على أسس عرقية او طائفية في شمالها، وجنوبها، ووسطها.
لا يمكن ان تعرقل قوات سورية الديمقراطية “قسد” الاتفاق الذي تم التوصل اليه في آذار (مارس) الماضي بدعم امريكي الذي نص على دمجها (أي قسد) وجميع مؤسسات إدارة الحكم الذاتي الكردي في مؤسسات وجيش سورية الجديدة وهو الاتفاق الذي وقعه الرئيسان الشرع ومظلوم عبدي، دون الحصول على ضوء اخضر من الإدارة الامريكية، الراعي الأكبر.
تركيا التي قال وزير خارجيتها “الداهية” فيدان بكل صراحة وأكثر من مرة في مقابلات صحافية “ان هدف تركيا الاستراتيجي يتمثل في انهاء وجود وحدات حماية الشعب الكردي، وان “قسد” امام خيارين لا ثالث لهما: الاول ان تحل نفسها سلميا وتطوعا، والثاني ان تواجه القضاء عليها عسكريا وبالقوة”. ولا نعتقد انها ستقبل بأي من الخيارين، وستستمر في المناورة وكسب الوقت.
هذه الاستراتيجية التركية ما زالت قائمة، بل وتزداد قوة، خاصة بعد ان خفف حليفها الشرع من ولاءاته قليلا، وبات أكثر قربا للولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين (السعودية) في الأشهر الأخيرة، وانعكس هذا التقارب في أوضح صورة اثناء زيارة الشرع لواشنطن، واستقباله اللافت من قبل الرئيس ترامب.
حالة الفوضى وعدم الاستقرار التي تسود سورية حاليا، والتي بدأت تقترب من طرف الثوب التركي في حلب، ستنتقل عدواها وفيروساتها الى العمق التركي، ان آجلا او عاجلا، ولعل الأنباء المتداولة في الأيام القليلة الماضية، والتي تحدثت عن حلف سياسي عسكري ثلاثي جديد بقوات عسكرية موحدة، يضم إسرائيل واليونان وقبرص هو اول الغيث.


أي دولة سورية “الجديدة” هذه التي تسيطر القوات الإسرائيلية على جنوبها بالكامل، وتحوم طائراتها في أجواء عاصمتها دمشق بشكل يومي، وتمول إسرائيل تمردا درزيا في السويداء، وآخر في الشمال الشرقي الكردي تحت حماية القوات الامريكية التي تسيطر على ثروات البلاد النفطية والغازية، ولا ننسى في هذه العجالة الاحتلال التركي لشمالها الغربي؟
هذه التطورات المتلاحقة، وفي اقل من عام وبضعة أسابيع من تغيير النظام السابق واسقاطه، تقدم درسا لكل القيادات العربية التي تقف في الخندق الأمريكي، وتنخرط في المشاركة في مخططاته لتغيير المنطقة بتحريض إسرائيلي تنفيذا للتعليمات الامريكية.
بإختصار شديد هذا الوضع الحالي في سورية تبدو فرص استمراره محدودو او بالأحرى معدودة، فالتغيير الوطني العربي والإسلامي قادم.. والأيام بيننا.

Al Enteshar Newspaper

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *