هل بدأت المقاومة “الوطنية” السورية الاستعداد للعمل العسكري ضد التطبيع والتقسيم؟ ما هي قصة تنظيم “اولي البأس” وتوحيده عدة فصائل في الجنوب والشمال السوري تحت قيادته؟ ومتى سيّطلق الصاروخ الأول على دولة الاحتلال؟

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان
أصبحت “سورية الجديدة” تحتل العناوين الرئيسية في وسائل الاعلام بشقيها العربي والعالمي، من زاوية التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي واللقاءات السرية والعلنية للمسؤولين في قيادتها مع نظرائهم الإسرائيليين في عواصم متعددة ابتداء من أبو ظبي، ومرورا بفرنسا وانتهاء بباكو عاصمة أذربيجان، بترتيبات أمريكية ووساطة العديد من “السماسرة” العرب.
تركيزنا على التطبيع واللقاءات لا يعني تجاهل حالة الفوضى الأمنية، والمجازر التي وقعت في الساحل الشمالي واستهدفت العلويين، او في السويداء ضد بعض أبناء الطائفة الدرزية سقوطا في مصيدة الفتنة الإسرائيلية التي جرى بنائها بأحكام، ولا تجاهل القصف الإسرائيلي لمحيط القصر الرئاسي، ومقر رئاسة هيئة اركان الجيش، ومبنى وزارة الدفاع، والتوغل الاستخباري الإسرائيلي العسكري في العاصمة السورية، واعتقال من هو مدرج على قوائمهم، فسورية “الجديدة” باتت منزوعة المخالب والأنياب، ومنفصلة كليا عن محيطها العربي والإسلامي المقاوم وراضخة للإملاءات الامريكية والإسرائيلية “مجانا”، ودون مقابل غير البقاء ويكفي الإشارة الى استمرار حصار “قيصر” الخانق، وضعف الاقتصاد السوري، وتدهور الأحوال المعيشية رغم كل هذه التنازلات.
ad
من الطبيعي ان تكون هناك ردود فعل وطنية سورية على هذا التطور المأساوي، الأول سياسي “سلمي” بحت من قبل مجموعات مجتمع مدني أشهرت سيف المعارضة للنظام الحاكم في دمشق، سواء بسبب الحرمان من المشاركة فيه، او اخذ حصتها من الكعكة السورية، او انعكاسات لخيبة امل من بناء دولة ديمقراطية حديثة ومستقرة ولكل أبنائها:
الأول: إقدام مجموعة من 200 شخصية سورية عامة من المعارضة السورية للنظام السوري السابق من بينها رجال اعمال، ومثقفين وسياسيين سابقين، وتتخذ هذه المجموعة أوروبا مقرا لانطلاقها وانشطتها.
الثاني: فصائل سورية مسلحة قررت النزول الى الميدان والتوحد في إطار تنظيمي عنوانه الرئيسي مواجهة الاحتلال والخيانة والتبعية، والتمسك بالثأر لدماء الشهداء وايمانا عميقا بالثوابت الوطنية، والحفاظ على وحدة التراب السوري.
المقاومة العسكرية هي الأخطر والأكثر تهديدا لسورية الجديدة المدعومة أمريكيا وبعض الدول العربية المطبعة بكل تأكيد، وبدأت تطل برأسها في وضح النهار، ولا تتردد في الكشف عن هويتها، ونشر وإذاعة أسماء فصائلها وقياداتها بعد أقل من تسعة أشهر من اسقاط النظام السوري السابق.
صحيفة “النهار” اللبنانية كانت اول من علق الجرس، عندما نشرت اول تقرير بالصوت والصورة، للقاء مع “ابي جهاد رضا” الذي وصفته بأنه القائد العام للمقاومة الإسلامية في سورية، التي تحمل اسم “اولي البأس” وأكدت انه سيلقي كلمة في أقرب وقت ممكن في اول ظهور علني له، يعلن فيه اندماج العديد من فصائل المقاومة في كيان واحد مقاوم مثل تنظيم المقاومة الوطنية في لواء اسكندرون بقيادة علي كيالي (معراج اورال) المجرم والمطلوب تركيا، والجبهة الوطنية لتحرير الجولان، ومجموعة سرية مسلحة في الشمال السوري باسم المقاومة الشعبية.
لا نعرف ما دقة هذه المعلومات التي نشرتها صحيفة “النهار” اللبنانية عن هذا الكيان السوري المقاوم الجديد، ولكن ما نعرفه ان درجة مصداقيتها ومهنيتها عالية، مضافا الى ذلك تصاعد واتساع المعارضة السورية الرافضة لسياسة ما يسمى “بسورية الجديدة” في التطبيع مع دولة الاحتلال، والدخول في اتفاقات أمنية معها، أبرزها نزع سلاح معظم الجنوب السوري الذي بات تحت احتلال إسرائيلي واضح.
كل الظروف مهيئة في رأينا لتحول الأرض السورية الى قاعدة انطلاق لمقاومة سورية عربية إسلامية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وإعادة انضمام سورية لمحور المقاومة والتنسيق مع أذرعه الضاربة في لبنان، واليمن، وفلسطين، والعراق وايران.
هناك أكثر من 300 الف جندي جرى القذف بهم الى الشوارع بعد حلّ الجيش العربي السوري، وأكثر من 150 ألف رجل أمن كانوا ينتمون الى اكثر من 17 جهازا أمنيا، وجميع هؤلاء على درجة عالية من الجاهزية القتالية ولا يحتاجون الى تدريب، والأهم من كل ذلك انهم لا يحتاجون الى أسلحة من الخارج، فسورية غابة سلاح.
الأيام والاسابيع والاشهر القادمة على سورية ستكون حافلة بالمفاجآت التي لن تكون في صالح إسرائيل وامريكا وحلفائها المطبعين وغير المطبعين العرب، سورية ستستعيد هويتها، وكرامتها الوطنية، وريادتها، ومكانها القيادي في محور المقاومة.. والأيام بيننا.