هدنة جديدة بآمال ضئيلة تدخل حيز التنفيذ في السودان والقتال يتوقف بين الجيش وقوات الدعم السريع ومعاناة الملايين مستمرة.. و13 قتيلا جراء اشتباكات داخل مخيم للنازحين

الإنتشار العربي :دخلت هدنة جديدة بين الجيش وقوات الدعم السريع حيز التنفيذ صباح السبت في السودان، حيث أبقى سكان آمالهم متواضعة حيالها بعدما خرق الطرفان كل الاتفاقات السابقة ولم يتيحا لهم فرصة التقاط الأنفاس في نزاع يقترب من شهره الثالث.
ومنذ بدء المعارك في 15 نيسان/أبريل بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أبرم الجانبان أكثر من اتفاق لوقف إطلاق النار، سرعان ما كان يتمّ خرقها.
ودخلت الهدنة حيز التنفيذ رسميا عند الساعة السادسة (04,00 ت غ)، على أن تستمر ل24 ساعة فقط.
وأفاد سكان في الخرطوم وكالة فرانس برس في وقت مبكر السبت بأن الوضع الميداني كان هادئا، وهو أمر غالبا ما يكون معتادا في هذا الوقت.
وقال محمود بشير الذي يقطن وسط ضاحية بحري بشمال العاصمة “هدنة يوم واحد اقل من طموحنا. نتطلع الي إنهاء شامل لهذه الحرب اللعينة”.
من جهته، قال عصام محمد عمر الذي هجّر من منزله وسط الخرطوم الى ضاحية أم درمان “هدنة لا تخرج قوات الدعم السريع من منزلنا الذي اخرجونا منه قبل ثلاثة أسابيع لا تعني لي شيئا”.
وكما سابقاتها من الاتفاقات، تهدف الهدنة الجديدة بشكل أساسي إلى تأمين وصول المساعدات الانسانية الى السكان المقدّر عددهم بنحو 45 مليون نسمة، ويحتاج أكثر من نصفهم الى مساعدات في بلد كان أصلا من الأكثر فقرا في العالم قبل النزاع الراهن.
وشكك مراقبون في أن تكون هذه الهدنة أفضل من سابقاتها، خصوصا وأن ظروف النزاع لم تتبدّل.
وقال الأستاذ في جامعة غوتنبرغ السويدية علي فيرجي لوكالة فرانس برس “للأسف الحوافز لم تتغيّر بالنسبة الى أي من الطرفين، لذا يصعب تصوّر أن هدنة تقوم على الارتكازات الأساسية ذاتها، وخصوصا لهذه المدة الوجيزة، ستكون نتيجتها مختلفة بشكل جذري”.
وأضاف “مع ذلك، سيكون بعض التراجع في مستوى العنف أمرا مرحّبا به من قبل من يعيشون تحت الرصاص”.
وأودى النزاع بأكثر من 1800 شخص، حسب مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد). إلا أن الأعداد الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.
ووفق المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، تسبّب النزاع بنزوح حوالى مليوني شخص، بينهم أكثر من 476 ألفا عبروا الى دول مجاورة.
وجاء الإعلان عن الهدنة الجديدة في بيان مشترك سعودي-أميركي، أعرب فيه الطرفان اللذين يقودان منذ أسابيع وساطة بين المتحاربين، عن خيبة أملهما من فشل كل محاولات التهدئة.
وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان الجمعة إن الرياض وواشنطن “تتشاركان مع الشعب السوداني حالة الإحباط من عدم الالتزام بالهدن السابقة، وعليه تم اقتراح هذه الهدنة لتيسير وصول المساعدات الإنسانية وكسر حالة العنف والمساهمة في تعزيز تدابير بناء الثقة بين الطرفين مما يسمح باستئناف مباحثات جدة”.
وأعلن الوسيطان الأسبوع الماضي تعليق المباحثات بعد قرار الجيش الانسحاب منها. لكنهما حضّا طرفي النزاع على إبرام اتفاق جديد، وأكدا بقاء ممثلَي الجانبين في جدة على رغم تعليق المفاوضات المباشرة.
وحذّرا من أنه “في حال عدم التزام الطرفين بهذه الهدنة، فسيضطر المسيّران الى تأجيل محادثات جدة”.
ورأى فيرجي أن الرياض وواشنطن، وعلى رغم فشل محاولاتهما وغياب أي أفق لحلّ، تواصلان السعي لتهدئة “لأنّ مهمة الوسيط هي مواصلة المحاولة حتى متى بدت الأمور قاتمة”.
إلى ذلك قتل 13 شخصاً وأصيب 20 آخرون خلال اشتباكات عرقية في مخيم لحماية المدنيين تابع للبعثة الأممية في جنوب السودان حسبما أعلنت وكالة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوشا) الجمعة.
وقُتل الخميس فتى يبلغ 14 عاما من مجموعة الشلك العرقية طعنا في مخيم ملكال على بعد نحو 520 كيلومترا شمال العاصمة جوبا في ولاية أعالي النيل.
وذكرت الوكالة الأممية في بيان أن هذه الواقعة “تسببت في اندلاع أعمال عنف عرقية”، متحدثة عن سقوط ما مجموعه “13 قتيلا و 20 جريحا”.
وقالت إن مناخ انعدام الأمن هذا يعوق الأنشطة الإنسانية، مشيرة إلى تعليق عمليات “نقل الجنوب سودانيين الفارين من الصراع في السودان من النقاط الحدودية نحو ملكال”.
نال جنوب السودان استقلاله عام 2011 لكنّه غرق بعد عامين في حرب أهليّة استمرّت خمس سنوات بين الخصمين رياك مشار وسلفا كير، وخلّفت قرابة 400 ألف قتيل وملايين النازحين.
انتهت الحرب رسميّا في أيلول/سبتمبر 2018 باتّفاق سلام ينصّ على مبدأ تقاسم السلطة. لكنّ هذا الاتفاق لم يُنفّذ إلى حدّ كبير بعد أكثر من عامين على تشكيل حكومة وحدة وطنيّة ضمّت كير وعدوّه اللدود مشار نائب الرئيس حاليًّا.
وتتّهم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي قادة جنوب السودان بالحفاظ على الوضع الراهن وتأجيج العنف وقمع الحرّيات السياسيّة واختلاس أموال عامّة.