نشرة “كنعان”، 6 مارس 2023
السنة الثالثة والعشرون – العدد 6494
في هذا العدد:
■الإمارات: دور تخريبي في اليمن، الطاهر المعز
■ من الإعلام الروسي | في الذكرى 70 على وفاة ستالين:
- ستالين معنا في المعركة: أصبح ستالين سلاحًا في المعركة بين روسيا والغرب، بيتر أكوبوف، تعريب د. زياد الزبيدي
- الستالينية قادمة، أندري فيفيلوف وإيغور شيشكين، تعريب د. زياد الزبيدي
✺ ✺ ✺
الإمارات: دور تخريبي في اليمن
الطاهر المعز
شاركت الإمارات في احتلال اليمن ودعمت المجموعات السَّلَفِيّة والمليشيات القَبَلِيّة، إلى جانب السّعودية، بدعم مباشر من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والعديد من أعضاء حلف شمال الأطلسي الذين أرسلوا ضُباط وخُبراء التّجسس والاتصالات وصيانة الأسلحة إلى اليمن، وكانت الإمارات مُهتمّة بالسيطرة على جنوب اليمن وخصوصًا على ميناء “عَدن” الذي تمكّنَتْ من إدارَتِهِ لفترة قصيرة، إثْر الفوز، سنة 2008، بمناقصةٍ شَابَهَا الغش والفساد، قبل أن تعود إليه بالقوة وبفعل الدّعم الأمريكي، سنة 2015، وهو ميناء يتميز بعمقه الطبيعي، وبإمكانه استقبال السفن والحاويات الكبيرة، ولم تَشأ الإمارات ضخ الاستثمارات الضرورية لتطويره، كي لا يُنافسَ ميناء دُبَي، لكن تعمل على إحكام سيطرتها على مدينة “عدن” التي تمتلك بها مشاريع اقتصادية هامّة، وشنّت حملة تطهير تمثلت بطرد مواطنين يمنيين يحملون بطاقات هوية صادرة في مدن أُخرى، في إطار تَيْسِير مراقبة المدينة ومينائها وسّكّانها…
تذرّعت الإمارات بمحاربة الإرهاب لترسل، بإذْنٍ أمريكي، قوات مُسلحة يُشكّل المُرتزقةُ معظمَها، لاحتلال أرخبيل سُقَطْرَى، وهي محمية طبيعية يَمَنِيّة، بها أكبر جزيرة عربية على الإطلاق، حيث لم يُوجَدْ أي تنظيم إرهابي قبل احتلالها من قِبَل الإمارات التي مَكّنت الكيان الصهيوني من موطئ قدم والتّواجد العَلَنِي في سُقطرى، ذات الموقع الإستراتيجي للتّجسُّس على إيران، بذريعة السياحة والإستثمار المُشترك…
يهتم الكيان الصهيوني بأرخبيل سُقطْرَى لموقعه الاستراتيجي ولأنه يمثل نقطة ارتكاز للمراقبة ولعدوان محتمل على إيران، وفقًا لتحليل نشره، سنة 2020، “معهد واشنطن” الصهيوني الذي أسّسته منظمة “آيباك”، أكبر لوبي صهيوني عالمي، وفي كانون الثاني/يناير 2022، نشرت العديد من وسائل الإعلام صورًا لأشخاص – قيل إنهم “سائحون”- يحملون علم الكيان الصهيوني في سقطرى التي دخلوها بتأشيرة صادرة عن الإمارات، في حين طردت قوات الإمارات والمليشيات التابعة لها قرابة ثلاثة آلاف صياد من أرخبيل سقطرى، في إطار برنامج لتحويل عدة جزر إلى قواعد عسكرية صهيونية وإماراتية، وخطفت مليشيات مرتزقة الإمارات والسعودية أكثر من ألفي صياد يمني، منذ سنة 2014، بحسب بيان صادر عن وزارة الثروة السمكية التابعة لحكومة الإنقاذ الوطني اليمنية بصنعاء (22 شباط/فبراير 2023)، وتتزامن عمليات الإخلاء القسري هذه مع وصول ضباط صهاينة إلى سقطرى (20 شباط/فبراير 2023) ومع بناء ثكنات ومنشآت عسكرية جديدة في جزيرة “عبد الكوري” ومنطقة “القصير”.
تم إغلاق موقع ” إنسان” المنظمة اليمنية للحقوق والحريات، بعد نشر تقرير بتاريخ 16 شباط/فبراير 2023 بعنوان “مآسي خفية في البحر الأحمر”، أورَدَ إحصائيات تفصيلية عن اعتقال وترحيل القوات المسلحة السعودية والإماراتية (أو مليشيات المرتزقة) لصيادين يمنيين في البحر الأحمر منذ بداية الحرب، وأدّت هذه العمليات إلى مقتل أكثر من 274 صيادا وإصابة 215 بإعاقات خطيرة وتدمير 476 قارب صيد يمني بالبحر الأحمر، وتعتقل البحرية الأمريكية الصيادين الفارين من القصف لتُسلّمَهُم للجيش السعودي الذي يحتجزهم في مُعْتَقَل يقع ببلدة “خميس مشيط” بالسعودية.
قبل الحرب، كان صيد الأسماك يدعم أكثر من 2,5 مليون شخص في اليمن وهو أحد أهم القطاعات الاقتصادية في البلاد، ومنذ انطلاق الحرب، تقوم مجموعات من المرتزقة المدعومين من الإمارات والسعودية، بنهب الأسماك باستمرار من الصيادين ومن أسواق اليمن لصالح الشركات الأجنبية، بحسب تقرير نشرته وكالة سبأ بتاريخ 23 شباط/فبراير 2023، كما تنهب الميليشيات المرتبطة ب”القاعدة” النفط والآثار اليمنية…
قال “عبد الملك الحوثي”، زعيم حركة المقاومة اليمنية أنصار الله، في كانون الثاني/يناير 2023 “رغم الجهود المبذولة لتجديد وقف إطلاق النار الإنساني الذي توسطت فيه الأمم المتحدة، لا تزال البلاد في حالة حرب تغذيها الولايات المتحدة وحلفاؤها …”، واتهم، في كلمة بثها التلفزيون في 23 شباط/فبراير 2023، الولايات المتحدة بتخريب أي مبادرة تهدف إعادة السلام والاستقرار في اليمن، وقال “إن تواجد القوات الأمريكية والبريطانية والسعودية والإماراتية في اليمن غير مقبول وأن للمقاومة الحق في معاملتهم كمعتدين ومحتلين … الولايات المتحدة هي مُطْلِقَة العديد من الحروب والصراعات التي تدور في العالم، لكي تستفيد شركاتها من تجارة السلاح … هي وراء مصادرة حقوق الشعوب في الحرية والاستقلال كما الحال في فلسطين .. عملت الولايات المتحدة على إطالة عمر الحروب والأزمات الإنسانية بما في ذلك أزمة اليمن، لجني أرباح طائلة من مبيعات السلاح.. نحن ندين الجرائم المروعة التي ارتكبت تحت رعاية الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا وغيرها… نقول للأميركيين والبريطانيين والسعوديين والإماراتيين، غادروا كل محافظاتنا ومياهنا الإقليمية”.
بخصوص الكيان الصهيوني نشر موقع “معهد أبحاث الأمن القومي” الصهيوني بحثًا سنة 2022، يعتبر إن الكيان الصهيوني طرفٌ مُشاركٌ في العدوان على اليمن، يُراقب عن كثب دقة التخطيط والتنفيذ وإصابة أهداف في عمق الإمارات والسعودية، من قِبَل المقاومة اليمنية، رغم الحماية الأمريكية التي أصبحت غير فَعَّالة، ويدرس التّداعيات الإقليمية للتحولات الجارية في اليمن والتي قد تصل إلى ميناء “أُمّ الرّشراش” (إيلات) بجنوب فلسطين الذي احتله الصهاينة سنة 1949 ليكون منفذًا لهم إلى البحر الأحمر…
أصبحت الإمارات (مع سلطة أوسلو) رائدة في إدماج الكيان الصهيوني، إدماجًا مُهَيْمِنًا، بسُرْعَةٍ فائقة، في الوطن العربي الذي يُصبح تابعًا وخاضعًا ليس للإمبريالية لوحدها وإنما أيضًا لربيبتها الصهيونية سياسيا واقتصاديا (عبر اتفاقيات كويز والغاز والربط الكهربائي والمعدّات الأمنية والاستخباراتية…) وإيديولوجيًّا، باعتبار وجوده “طبيعيًّا” بيننا، بل أصبح كيانُ الاحتلال حليفًا عسكريًّا ضد شعوب إيران، ما يعني شطب حق الشعب الفلسطيني في وطنه وشطب حق العودة لضحايا الاحتلال الاستيطاني…
يتميز اليمن بحضارته العريقة وبمعالمه الأثَرِية، كما يتميز بموقعه الإستراتيجي بين الخليج وبحر العرب والبحر الأحمر والقرن الإفريقي، ولذلك احتلّته بريطانيا (1839 – 1967) ثم أوكلت الإمبريالية لآل سعود عملية زعزعة استقراره، خصوصًا منذ إعلان الجمهورية سنة 1962 بالجنوب قبل تحرير كامل البلاد سنة 1967، بدعم من النّظام المصري النَّاصِرِي، وساهمت دولة آل سعود في إطلاق النزاعات الداخلية المُسلّحة طيلة العقود الخمس الماضية، قبل احتلاله باسم تحالف عربي وَهْمِي – بالوكالة عن الإمبريالية الأمريكية – بداية من سنة 2014…
من الشائع أن اليمن بلد فقير ولذلك ما فائدة احتلاله أو السيطرة عليه؟
في الواقع لا تمثل الثروات الطبيعية سببًا وحيدًا لاحتلال البلدان، ولكن يُمثّل الموقع الإستراتيجي أحد الأسباب الهامة، ويتمتع اليمن بثروات نفطية كبيرة تريد السعودية والإمارات السيطرة عليها وحرمان دولة وسكان اليمن منها، لكي يبقى اليمن خاضعًا، كما تتمتع البلاد بموقع استراتيجي هام جدًّا، على الطريق البحرية الرابطة بين إفريقيا وآسيا، والمُؤَدِّيَة إلى البحر الأبيض المتوسط، عبر البحر الأحمر وقناة السّويس، وهي الطريق التي تعبر منها نسبة حوالي 40% من تجارة النّفط البحرية، وتمر هذه الطريق الإستراتيجية ب”باب المندب” الذي أغلقته السلطة النّاصرية المصرية، في محاولة للسيطرة على حركة الملاحة ومحاصرة العدو الصهيوني من البحر، وخَنْق ميناء “أم الرشراش” (إيلات)، وتمر الطريق كذلك بجزيرَتَيْ “تيران” و “صنافير” اللّتَيْن فَرّط بهما النّظام المصري لآل سعود، بموافقة صهيونية وأمريكية، كما أن هذه الطريق المائية تطل على السواحل البحرية لبلدان شرقي إفريقيا (جيبوتي وإريتريا والصومال والسودان ومصر…)، وتَربط الخليج العربي بالمحيط الهندي، ولهذه الأسباب يُسدّد شعب اليمن ثمنا مُرتفعًا لموقع بلده المُجاور (من سوء الحظ ! ) لما أصبح يُسمى “السعودية”، وكيل الإمبريالية بالمنطقة، لحراسة طريق تجارة النفط (إلى جانب الكيان الصهيوني) والسلع الأخرى، وحراسة السّفن الحربية العابرة للمنطقة أو الرّاسية بها…
أصبح الوضع خطيرًا جدًّا بعد تنازل النظام المصري عن جزيرَتَيْ تيران وصنافير لصالح السعودية وبعد سيطرة الإمارات على ميناء عدن والعديد من المواقع اليمَنِيّة، منها جزيرة سُقَطْرى التي تحتلها بمشاركة الكيان الصهيوني، بالتزامن مع تسارع عملية التطبيع العَلَنِي، ما يجعل من المواقع الإستراتيجية بالخليج العربي والبحر الأحمر وخليج عدن والقرن الإفريقي، منطقة عسكرية أمريكية-صهيونية وقواعد تجسّس، تستهدف الضفة الإفريقية والضفة العربية، فضلاً عن مراقبة إيران وطرق تجارة الصين التي تمتلك قاعدة عسكرية بجيبوتي (إلى جانب قواعد أمريكية وفرنسية وغيرها) وتُريد الصين أن تجعل من البحر الأحمر محطة هامة لبرنامج “الحزام والطّريق” أو “طريق الحرير الجديدة” الرابطة بين الصين ودول آسيا وإفريقيا وأوروبا، وهي من بين أساليب الهيمنة الصينية من خلال القوة النّاعمة، خلافًا للهيمنة الأمريكية، من خلال القوة العسكرية وتغيير أنظمة الحكم بالقوة، وتُخَطِّطُ الصّين لمرور الحزام والطريق من “باب المندب”، ولذلك وقعت اتفاقية، سنة 2019، مع حكومة المقاومة اليمنية بصنعاء التي تشن ضدها السعودية والإمارات حربًا شعواء، نيابة عن القوى الإمبريالية، وبخصوص الإمارات التي تنازل حُكّامها عن ثلاث جزر لشاه إيران، منذ خمسة عقود، فهي تحاول السيطرة على المنافذ البحرية اليمنية، وطرد سُكّان السواحل والجزر والمواقع الإستراتيجية، ومشاركة الكيان الصهيوني في استغلالها، ما يزيد من خُطُورة الدّور الإماراتي في الوطن العربي وفي جوارِهِ…
✺ ✺ ✺
من الإعلام الروسي | في الذكرى 70 على وفاة ستالين:
- ستالين معنا في المعركة: أصبح ستالين سلاحًا في المعركة بين روسيا والغرب، بيتر أكوبوف، تعريب د. زياد الزبيدي
- الستالينية قادمة، أندري فيفيلوف وإيغور شيشكين، تعريب د. زياد الزبيدي
✺ ✺ ✺
(1)
ستالين معنا في المعركة
أكثر من مجرد تاريخ: أصبح ستالين سلاحًا في المعركة بين روسيا والغرب
بيتر أكوبوف، كاتب صحفي روسي
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
5/3/2023
توفي ستالين منذ 70 عامًا – وهو وقت طويل، خاصة بالنظر إلى أنه يمكن مقارنته بحياته التي عاشها بأكملها البالغة 74 عامًا (رسميًا 73). لكن هل أصبح ستالين مجرد تاريخ – مع لينين ونيكولاس الثاني أو بطرس الأكبر؟
لا، لا يزال ذا صلة، لأنهم يلجأون إليه، وينادونه، ويخيفون به، ويقارنون معه. وليس فقط هنا في روسيا، ولكن أيضًا في العالم.
ولم تعد النقطة هنا في الشخصية التاريخية الحقيقية لجوزيف ستالين، ولكن في الأسطورة التي أصبح عليها. لا تزال هذه الأسطورة تستخدم في الحرب – أيديولوجيا وإعلاميا.
أكثر معادلات المقارنة شيوعًا الآن هما “ستالين-هتلر” و “ستالين-بوتين”. الأول يستخدم من قبل الغرب وطواغيته المناهضين للسوفيات: الاشرار، القتلة، مجرمي الحرب، الذين استولوا على نصف أوروبا. الثاني شائع في الغرب وفي بلدنا، ولكن إذا استخدمه خصومنا على أنه استمرار لتشبيه هتلر من أجل أن ينتهي به الأمر مع “بوتين هتلر”، فإن المقارنة مع ستالين في بلدنا تأتي مجاملة لـ أو توبيخ بوتين أنه ما زال “لم يصل مرتبة ستالين”.
كما هو الحال في أي حرب، فإن ستالين الحقيقي ليس مهمًا للغاية هنا – فالصورة والأسطورة هما المهمان.
أي، اتضح أن نسختين من ستالين يتقاتلان فيما بينهما: من جانبنا، هذا هو المنتصر، باني دولة عادلة قوية ونظام عالمي جديد، وعلى الجانب الغربي، طاغية شعبه وظالم شعوب أوروبا. وليس مصير روسيا فحسب، ولكن مستقبل أوروبا وبقية العالم يعتمد على أي ستالين منهما سيفوز.
لماذا هو مهم جدا؟ ولماذا لا تستطيع روسيا التخلي عن ستالين، على الأقل في معركة الأساطير هذه؟
ألا يمكننا أن ننسى “الجنراليسيمو” ونتخلى عنه – كم عدد الشخصيات المهمة الأخرى في تاريخنا التي يمكننا الالتفاف حولها حتى في مواجهة الغرب؟ لماذا يجب أن ندافع عن القائد، الذي يوجد على يديه الكثير من دماء مواطنيه، وحتى المدافعون عنه مجبرون على الاعتراف بذلك، مبررين أنه خرج من الثورة والحرب الأهلية، تلك كانت قوانين الدولة.. كل هذه الأسئلة ستكون منطقية إذا لم تتخلى بلدنا بالفعل عن ستالين مرتين، مع عواقب وخيمة.
تم التبرؤ منه لأول مرة بعد ثلاث سنوات من وفاته، عندما بدأ خروتشوف 1956 معركة علنية ضد عبادة الشخصية وعواقبها. كانت الخطوة الصحيحة هي إدانة القمع – الذي كلفنا ملايين الأرواح، ليس فقط من “الطبقة الحمراء”، ولكن أيضًا من المواطنين العاديين، بما في ذلك بقايا “الطبقات المستغِلة”. لكن رفض القمع الجماعي حدث حتى في عهد ستالين – وكان ذلك في النصف الثاني من الثلاثينيات، لذلك لم تكن هناك ثورة معينة هنا. لكن إدانة وفضح زعيم الأمس اتخذ طابع انتقام الفئران من أسد ميت – كانت موازين خروتشوف وستالين لا تضاهى، وفي كل هذا شعر المرء بنوع من انتقام الاول من الثاني لإذلاله في الماضي.
تم تتويج الفائز في الحرب الأخيرة لأول مرة، ثم تحول إلى شخصية صامتة: بعد خروتشوف (في سنوات بريجنيف)، لم يعد ستالين يوبخ بشكل خاص – لقد حاولوا ببساطة عدم ذكره، باستثناء ظهور نادر في الأفلام الروائية الطويلة عن الحرب.
نتيجة لذلك، في البيريسترويكا، تحول ستالين فجأة إلى كبش ضد الحزب الشيوعي والاتحاد السوفياتي – كشف فظائعه الحقيقية والخيالية لم يطغى على كل مزاياه فحسب، بل جعله أيضًا “هتلرًا ثانيًا”. من الصعب المبالغة في تقدير إسهام الحملة المعادية للستالينية في انهيار الاتحاد السوفياتي نفسه.
ولكن كان هناك أيضًا الجانب الجيوسياسي لفضح زيف ستالين الطائش: فقد بدأ الخلاف بين بلادنا وحليفتها الرئيسية، الصين الماوية. لم تفهم بكين لماذا كان “الأخ الأكبر” يدوس بتحدٍ على الخالق الفعلي لدولته والنظام الشيوعي العالمي بأسره.
أدت الخلافات الأيديولوجية في النهاية إلى تمزق وصراع مع عواقب جيوسياسية ضخمة. لو كان الاتحاد السوفياتي قد توصل في الخمسينيات من القرن الماضي إلى صيغة تتعلق بستالين، مثل تلك التي طبقها الصينيون لاحقًا على ماو – كان على حق بنسبة 70 في المائة، وكان خطأ بنسبة 30 في المائة – لكان التاريخ (وليس فقط العلاقات السوفياتية والصينية السوفياتية، ولكن أيضًا تاريخ العالم) يمكن أن يسير بطريقة مختلفة تمامًا.
لكن في النهاية، كان من المقرر أن تصبح الخلافات حول ستالين أداة لتدمير الصلة أولاً بين موسكو وبكين، ثم الاتحاد السوفياتي نفسه. بعد ذلك، أرادت دوائرنا الليبرالية المتطرفة أيضًا تنفيذ “إزالة الستالينية نهائيا”، أي شيطنة ستالين تمامًا وتحريمه على هذا النحو.
لكن في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لم يكن هذا ممكنًا: بدأت عملية عكسية تمامًا – عملية إعادة تأهيل ستالين من الأسفل. الآن لم يصبح ستالين هو المنتصر في الحرب العظمى فحسب، بل أصبح أيضًا عاصفة رعدية على الأعداء الداخليين، وآفة للمسؤولين والخونة الفاسدين، وسيفًا عقابيًا للنخب الفاسدة، وباني نظام عادل.
لقد أصبحت صورة ستالين هذه راسخة أخيرًا في الذاكرة الشعبية – ولهذا السبب وضعته جميع استطلاعات الرأي تقريبًا الآن في المرتبة الأولى بين جميع الشخصيات التاريخية في تاريخنا.
إن محاربة هذا ليس فقط عبثًا، ولكنه أيضًا خطير، وشبه انتحاري، لأنه عند القيام بذلك سيكون عليك أن تأخذ جانب أسطورة “ستالين الأسود” – وهي أسطورة لم تعد معادية للسوفيات منذ فترة طويلة، ولكن معادية للروس، تهدف إلى تقسيم وهزيمة روسيا. ويجب أن يعمل ستالين لصالح روسيا، ويساعدنا في النصر – كان سيريد ذلك بنفسه.
(2)
بمناسبة مرور 70 عاما على وفاة ستالين
الستالينية قادمة
عودة ستالين في مرحلة جديدة من التاريخ الروسي أمر لا مفر منه
أندري فيفيلوف، صحفي روسي، ناشر ومحرر صحافي وتلفزيوني
إيغور شيشكين، مؤرخ روسي، بروفيسور، نائب رئيس معهد رابطة الدول المستقلة
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
3/3/2023
إيغور شيشكين. في العام الماضي، احتفلت- بضجة واضحة -أوكرانيا وأوروبا الغربية والولايات المتحدة وكندا بالذكرى التسعين لما يسمى “المجاعة الكبرى”.
أقر العديد من البرلمانات الأوروبية قوانين تجادل بأن “غولودومور” Holodomor كانت إبادة جماعية للشعب الأوكراني نفذتها حكومة الاتحاد السوفياتي 1932-1933. ومع ذلك، لم يعودوا يتحدثون الآن عن الحكومة والاتحاد السوفياتي، لكنهم يعلنون بشكل مباشر: روسيا هي المسؤولة عن الإبادة الجماعية للأوكرانيين. بالمناسبة، سيتم اعتماد قانون مماثل قريبًا في ألمانيا.
يمكنك بالطبع ان تلعن الأوغاد الكذابين، وهم يخلقون صورة البرابرة الروس الذين يشربون دماء الأوكران التعساء. ومع ذلك، ينبغي للمرء أن يسأل سؤالًا مثيرًا للاهتمام يتعلق بحقيقة أن كل هذا “Holodomorism”، على الرغم من أنه اختراع بريطاني منذ وقت طويل، بدأ بنشاط في الإنتشار والتجذر في وعي مواطني أوكرانيا بعد “الميدان” 2014، وفي تلك الأيام، اسمحوا لي أن أذكركم، روسيا كان لديها مع أوكرانيا فضاء معلوماتي واحد. لقد أدخلوا بنشاط مفهوم “المجاعة الكبرى”، وكانت روسيا صامتة… لماذا؟ نعم، لأنه في الاتحاد الروسي في ذلك الوقت تم تنفيذ سياسة الدولة المتمثلة في اجتثاث الستالينية باستمرار. يتمثل جوهر هذه السياسة في الترويج لموضوع “غولاغ” (معسكرات الاعتقال السوفياتية كان نزلاؤها يعملون لتنفيذ مشاريع الدولة مقابل أجور رمزية، خلال 50 عاما مات خلالها مليون معتقل- المترجم) وضحاياها الأبرياء الذين يُفترض أنهم لا حصر لهم، وهو في الواقع مطابق لموضوع المجاعة الكبرى.
في عام 2010، تم تعيين وزير يلتسين السابق ميخائيل فيدوتوف رئيسًا لمجلس حقوق الإنسان (HRC) في عهد رئيس الاتحاد الروسي. بعد بضعة أشهر من تعيينه، أعلن عن برنامج لاجتثاث الستالينية في البلاد، تضمن العديد من الإجراءات المختلفة. تم دعم هذا البرنامج بحماس من قبل بعض الشخصيات التي تعيش داخل وخارج البلاد.
اقترح رئيس هيئة رئاسة المجلس العام للسياسة الخارجية والدفاعية، سيرجي كاراجانوف، في اجتماع مع الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف، ليس فقط نزع الستالينية، ولكن أيضًا الشيوعية:
“لا يمكن لمجتمع أن يبدأ في احترام نفسه وبلده بينما يخفي عن نفسه خطيئة رهيبة – 70 عامًا من الحكم الشمولي، عندما قام الشعب بثورة، واوصل إلى السلطة ودعم نظامًا بربريًا معاديًا للإنسان.”
وفقًا للبروفيسور زوبوف من معهد موسكو للعلاقات الدولية، كان يجب أن يكون إلغاء الستالينية جزءًا من اجتثاث الشيوعية، والذي يجب أن يتم بطريقة نزع النازية في ألمانيا بعد عام 1945.
رحب رئيس الوزراء الليتواني أندريوس كوبيليوس باقتراح مجلس حقوق الإنسان، ووصفه بأنه اعتراف بمسؤولية الاتحاد السوفياتي عن الإبادة الجماعية للسكان والحرب العالمية الثانية.
أندريه فيفيلوف. أولاً، يجب أن نعلم قرائنا أن فيدوتوف، والحمد لله، كان غائبًا منذ فترة طويلة عن مجلس حقوق الإنسان في عهد رئيس روسيا. وأثناء الحرب في أوكرانيا، طُرد من عمل على غسيل دماغ الآخرين، بالإضافة إلى عملاء أجانب محتملين آخرين، من هناك بركلة لطيفة. الآن لا يوجد Zasursky Jr. ولا Svanidze Nikolai Karlych. كان هناك هجرة جماعية كبيرة لاعداء الستالينية من مجلس حقوق الإنسان.
إذا تحدثنا عن ما يسمى “هولودومور”، فهذا مجرد جزء صغير، بل هو جزء ثانوي من مفهوم تاريخي قوي ومتفرع طوره “شركاؤنا” السابقون، والآن أعداء واضحون، حتى أثناء وجود الاتحاد السوفيتي.
منذ أكثر من 100 عام، في عام 1922، أرسلت الحكومة السوفيتية بشكل غير حكيم عشرات البروفيسورات إلى الغرب بواسطة الزوارق البخارية، مثل بيردييف وفرانك وإيليين وفيشيسلافتسيف… وانضم إليهم فيدوتوف (فيدوت، ولكن ليس ذلك الشخص) بعد ثلاث سنوات. العديد من الفلاسفة الآخرين بدأت رعايتهم من قبل المنظمة الدولية YMCA، التي كانت مهمتها إنشاء قاعدة أيديولوجية قوية ومتعددة الأوجه للنضال ضد روسيا السوفيتية. لقد كونت “القوة الفكرية الضاربة” بالدعم المالي للرعاة الغامضين. بعد 50 عامًا، طارت كرة اسمها Solzhenitsyn في نفس الجيب ووفقًا لنفس المخطط. اسمحوا لي أن أذكركم أن المجلد الأول من The Gulag Archipelago تم نشره بواسطة دار نشر YMCA-Press.
وفقًا للمفهوم الذي تم تطويره في هذا المقر الدولي، فإن الفترة السوفيتية بأكملها عبارة عن ثقب أسود مرعب، ليس فقط في التاريخ الروسي، ولكن في تاريخ العالم بأسره. كان من المفترض أن الاتحاد السوفياتي كان أفظع دولة وأكثرها ظلمًا وأقسى دولة إجرامية بدون الحق في الوجود. كان بطل الجرائم، والقاتل الرئيسي لكل العصور والشعوب. مقارنة بالفترة السوفيتية، فإن عمليات الإعدام الجماعية للمتشردين في إنجلترا، وسانت بارثولوميو، ومحاكم التفتيش، وتجارة الرقيق، والإبادة الجماعية للهنود الحمر – هي ألعاب صبيانية.
كما اتضح، حتى هتلر – كان مجرد ظل شاحب للطاغية الكابوس ستالين. ليس من قبيل المصادفة أن ممثلة وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، كتبت في مدونتها قبل بضع سنوات: “ستالين يحترق في الجحيم بشدة تبلغ ضعف هتلر”.
نشأت موضة مقارنة ستالين بهتلر، والاتحاد السوفيتي مع الرايخ الثالث في الغرب في أوائل الثلاثينيات، وليس بدون مشاركة نفس الأساتذة من السفينة البخارية للفلاسفة الروس المنفيين، عندما ظهر مصطلح “الفاشية الشيوعية” في أعمال Fedotov وBerdyaev (قبل سنوات طويلة من 1990، عندما بدأ تلطيخ الحركة الوطنية في روسيا بالطلاء الأحمر والبني).
إيغور شيشكين. كل هذا يتناسب تمامًا مع فكرة مراجعة نتائج الحرب العالمية الثانية: من المفترض أن شيطانين قاتلوا فيما بينهم، والدول المسالمة، مثل بولندا، سقطت في أحجار الرحى في معركة اثنين من الوحوش الشمولية.
أندريه فيفيلوف. نعم، لقد تم مؤخرًا الترويج لهذه الأطروحة بنشاط في الغرب من أجل إعادة كتابة تاريخ القرن العشرين. يلقي الأيديولوجيون الغربيون الحديثون اللوم في اندلاع الحرب العالمية الثانية على دولتين – الاتحاد السوفيتي وألمانيا النازية.
أصدر البرلمان الأوروبي في أبريل 2009 قرارًا بعنوان “الضمير الأوروبي والاستبداد”. هذه الوثيقة تساوي بين الهتلرية والستالينية والأنظمة الفاشية والشيوعية. بعد بضعة أشهر من هذا القرار، قال الشخص الثاني (في ذلك الوقت) في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، وهو شخصية تلقت تعليمًا علمانيًا في بريطانيا العظمى، المطران هيلاريون (ألفييف): “أعتقد أن ستالين كان وحشًا… لقد أطلق العنان للإبادة الجماعية ضد شعب بلاده ويتحمل المسؤولية الشخصية عن موت ملايين الأبرياء. وفي هذا الصدد، يشبه ستالين تمامًا هتلر… لا يوجد فرق كبير بين ساحة تدريب بوتوفو وبوخنفالد، بين الغولاغ ومعسكرات الموت النازية “.
بالمناسبة، بعد بداية الحرب في أوكرانيا، خسر هيلاريون كل مناصبه في هيكل الكنيسة الأرثوذكسية الروسية وغادر إلى أوروبا.
تم تطوير موضوع “الغولاغ” وجرائم الستالينية بنشاط في الاتحاد السوفياتي خلال فترة البيريسترويكا. مجلة فيتالي كوروتيتش “اوغنيوك”، صحيفة بافل جوسيف “موسكوفسكي كومسوموليتس”، برنامج ألكسندر ليوبيموف “فزجلياد” خلق صورة الاتحاد السوفياتي الستاليني على أنه “مملكة من القذارة والعنف”.
قاد هذه “الاوركسترا” كبير الأيديولوجيين في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، “منظر البيريسترويكا” ألكسندر ياكوفليف.
غُرِسَ في فكر المواطنين أنه في عهد ستالين، “كان نصف السكان في السجن، والنصف الآخر كانوا حراسًا”.
هذا على الرغم من حقيقة أنه حتى في عام 1937 القاسي، كان أقل من 2 ٪ من سكان الاتحاد السوفياتي في السجن.
قدم نفس الأشخاص أطروحة مفادها أن جميع الإنجازات التي حققها ستالين – كانت نتيجة العمل المجاني للسجناء بالسخرة، على الرغم من أن حصة العمل الجبري في الاقتصاد الستاليني الواسع كانت ضئيلة للغاية. في كتاب ألكسندر جالوشكا “بلورة النمو” يوجد فصل كامل مكرس لهذه الأسطورة.
بالمناسبة، عمل السجناء لم يكن مجانيًا على الإطلاق، وكان العمل مدفوع الأجر، وإن كان بمعدل متواضع. هناك دراسة مثيرة للاهتمام حول هذا الأمر من قبل المؤرخ ستانيسلاف كوزمين، الذي عمل لسنوات عديدة في أرشيف وزارة الداخلية. نُشرت مقابلة معه في جريدتنا.
مفهوم “الاتحاد السوفياتية – هو ثقب أسود في تاريخ العالم”، كل هذه الأساطير، الميمات، التطورات جاءت إلينا “من هناك”، تم تشكيلها في المختبرات الأيديولوجية للولايات المتحدة وبريطانيا. وقد تم بناء أسطورة الغولاغ بشكل حاذق ومتكامل وموهوب في الغرب.
عبر عنها سولجينتسين من خلال منظمة YMCA المذكورة أعلاه، والتي درست بلادنا منذ أيام الإمبراطورية الروسية. بالمناسبة، هذا يستحق قراءة محادثتي مع المؤرخة إليزافيتا باشكوفا.
إيغور شيشكين. أعلن سولجينتسين بالعين الزرقاء أن 67 مليون مواطن من الاتحاد السوفياتي قتلوا على يد البلاشفة. في الوقت نفسه، لا يزال البعض يعتبر أعمال هذا الرجل موثوقة تاريخيًا.
أندريه فيفيلوف. لقد تم تضخيم عدد ضحايا عمليات التطهير الستالينية بشكل كبير من قبل جميع الأجيال من الليبراليين العرقيين والسياسيين على جانبي الحدود. اعترف رئيس منظمة ميموريال المتطرفة الآن، أرسيني روغينسكي، قبل وفاته بوقت قصير: “كل ما أخبرنا به الأشخاص المحترمون تمامًا عن الأرقام حتى الآن ليس صحيحًا”.
بالنسبة إلى سولجينتسين، نحن هنا نتعامل مع مفارقة. عمل الرجل طيلة حياته لمصالح دول معادية، وكتبه مدرجة في المناهج المدرسية عندنا. صرحت زوجة سولجينتسين: “دعا ألكسندر سولجينتسين إلى القضاء على الإمبريالية الروسية وعلى الإمبراطورية”، وأبناؤه، الذين عملوا في مناصب جيدة في الشركات الروسية، في بداية الحرب، غادروا على عجل إلى وطنهم التاريخي – الولايات المتحدة. ولا يعرف الآن على وجه اليقين أين أرملته. تقول ويكيبيديا: “بعد 24 فبراير 2022، غادرت عائلة سولجينتسين روسيا.”
زور سولجينتسين نفسه وشوه التاريخ الوطني طوال حياته، وأدخل إلى الوعي العام الأطروحة التخريبية القائلة بأنه حتى عام 1917 كانت هناك “روسيا التاريخية”، ثم جاء شيء غير معروف ليس له علاقة بالتاريخ الروسي أو بروسيا. فيما يلي بعض الاقتباسات الخرقاء ولكن الواضحة للغاية من سولجينتسين:
“… لقد خسرنا وضحينا في حرب” عبثية” لا مبرر لها تسمى ” الحرب الوطنية العظمى”، بل كانت مدمرة للذات – ثلث سكاننا.
ولذا أرى: من الضروري أن نعلن بوضوح وبصوت عالٍ: ثلاث جمهوريات من دول البلطيق، وثلاث جمهوريات عبر القوقاز، وأربع جمهوريات من آسيا الوسطى، ومولدوفا، إذا كانت أكثر انجذابًا إلى رومانيا، فهذه إحدى عشر جمهوريات – نعم! – سيتم فصلها بالتأكيد وبشكل لا رجعة فيه.
يسلط المؤلف نفسه الضوء على عبارة “سيتم الفصل بالتأكيد وبشكل لا رجعة فيه”. أو هنا سؤال آخر: “بالطبع، إذا أراد الشعب الأوكراني حقًا الانفصال، فلن يجرؤ أحد على إمساكهم بالقوة. كل ما قيل ينطبق تمامًا على بيلاروسيا…”
“… من الضروري إعلان الحق الذي لا شك فيه في الإنفصال التام لتلك الجمهوريات الاثنتي عشرة دون تأخير وحزم. وإذا تردد بعضهم، هل ينفصلون؟
عندها، وبنفس اليقين، فإننا، نحن الباقون، مضطرون إلى نعلن انفصالنا عنهم “.
“يجب أن نتوقف عن التكرار مثل الببغاء:” نحن فخورون بأننا روس “،” نحن فخورون بوطننا الشاسع “،” نحن فخورون”…
يجب أن نفهم أنه بعد كل ما كنا فخورين به بجدارة، استسلم شعبنا للكارثة الروحية عام 1917، ومنذ ذلك الحين، للأسف لسنا متشابهين، ولم يعد من الممكن أن ننجر في خططنا للمستقبل: كيف نستعيد قوة الدولة والعظمة الخارجية روسيا السابقة”.
كل هذه الدعاية المعادية مأخوذة من كتاب “كيف نجهز روسيا” (1990). في الواقع، هذا برنامج سياسي لتقطيع أوصال روسيا الكبرى، ودليل لتدمير بلد عظيم.
وإليكم سطور مقال “أرخبيل غولاغ” المفروض على تلاميذ المدارس: “و أنصار بانديرا “، مثل” انصار بيتليوروف “، هم جميعا نفس الأوكرانيين الذين لا يحبذون حكم شخص آخر…. لماذا نحن منزعجون من رغبتهم في الانفصال؟ هل نشعر بالأسف على شواطئ أوديسا؟ وفاكهة تشيركاسي؟… أظهرت لي التجربة الرائعة للتواصل الودي مع الأوكرانيين في المخيمات مدى مرضهم… نحن ملزمون بإعطائهم القرار – الفدراليون أم الانفصاليون، ومن منهم سيقنع الاخر “.
تمت قراءة الأحاديث التافهة حول “فواكه تشيركاسي” و “شواطئ أوديسا” بطريقة مختلفة تمامًا خلال فترة الحرب في أوكرانيا.
لماذا وُضِع تمثال وكيل فيرمونت هذا على قاعدة، لماذا نُصبت له نصب تذكارية؟ ما هو المنطق؟!
بعد كل شيء، ما يحدث: في عام 1989، غادرت القوات السوفياتية أفغانستان، وفي أوائل التسعينيات غادرت أوروبا الشرقية. سرعان ما احتلت وحدات الناتو المكان الذي تم إخلاؤه. خلال كارثة عام 1991، دمرت العديد من الشركات السوفياتية، وامتلأت الأسواق بالمنتجات المصنعة في المصانع الأجنبية. بدلاً من وجهة نظرنا السيادية لتاريخ القرن العشرين، تم إلقاء دمية قبيحة علينا في الخارج، والتي قام سولجينتسين بدور نشط في إنشائها.
ولكن الآن (بعد بداية الحرب في أوكرانيا ضد الغرب الجماعي – المترجم) تأرجح البندول في الاتجاه الآخر، فقد تحولت عجلة التاريخ في الاتجاه المعاكس.
إن المسار المتبع نحو بناء دولة قوية ذات سيادة لا يعني ضمناً أي نزع للستالينية. محاربة تاريخكم، قضم ماضيكم – كل هذا سيتوقف!
اسمحوا لي أن أذكركم أن آلة “هدم الجدار”، التي بنيت في الاتحاد السوفياتي وفقًا للرسومات الغربية في فترة البيريسترويكا، عملت لمدة ثلاثة عقود. في الصحافة الروسية طوال هذه السنوات كانت هناك حصص معادية للستالينية.
تم تنفيذ عملية الرمي بالوحل والأوساخ على عصر ستالين وبشكل واسع بسبب وبدون سبب. لقد دفعوا جيدًا مقابل هذا.
ليس من قبيل المصادفة أن المنظمات غير الحكومية الغربية والمحلية المعنية بحقوق الإنسان انتشرت كثيرًا في روسيا. الآن كلهم حصلوا على صفة “عملاء أجانب”، تم إعلان جمعية “ميموريال” منظمة متطرفة وأغلقت. ومع ذلك، لا تزال ما تسمى ب “شرفة الصحافة” موجودة في في مطعم سي دي إل. ألم يكن يتم هناك توزيع أوامر بمحتوى مناهض للستالينية؟ ما الذي يستمرون في التهامس عنه في أيام السبت؟
في هذا السياق، يجدر إلقاء نظرة فاحصة على مشروع “العنوان الأخير”، الذي تم تنفيذه بمشاركة من حكومة موسكو.
اليوم، تم تجهيز العديد من مداخل المنازل في وسط العاصمة بألواح تحمل أسماء الأشخاص المضطهدين في عهد ستالين.
المشكلة هي أن المواد الخاصة بهذه المبادرة قد أعدتها جمعية ميموريال، أي منظمة متطرفة تخريبية.
هناك معلومات تفيد بأن مبادرة “العنوان الأخير” لا تستند إلى بيانات محددة عن أماكن إقامة سكان موسكو المضطهدين، أي أن الأسماء حقيقية قد تم اتخاذها، وتم اختيار العناوين بشكل تعسفي. ما هذا إن لم يكن مجرد بروباغندا؟
إيغور شيشكين. الفكرة نفسها تم استعارتها من برنامج تخليد ذكرى ضحايا الهولوكوست. في ألمانيا، تم تثبيت نفس لوحات الأسماء على المنازل التي عاش فيها اليهود الذين قتلهم النازيون.
أندريه فيفيلوف. مرة أخرى المساواة بين النازية والستالينية!
المهمة واضحة: غرس عقدة الذنب في روسيا، لجعلها تدفع الثمن وتتوب…
وبنفس الروح، تم إنشاء نصب تذكاري لضحايا القمع – ما يسمى بـ “جدار الحزن” في موسكو. يذكرنا
هذا المبنى بشكل مؤلم بالآثار المنتشرة في جميع أنحاء أوروبا والمخصصة لضحايا الهولوكوست.
هذا المبنى مهين، أولاً وقبل كل شيء، لأحفاد المضطهدين، لأنه عبارة عن فوضى قاتمة من الفولاذ، “مولد للظلام”، مجموعة من الزومبي الكئيب في وسط العاصمة الروسية.
إيغور شيشكين. من المهم التأكيد على أن عقيدة نزع الستالينية السائدة في الغرب قد خدمتها وطبقتها المجموعة الليبرالية المحلية عندنا. هؤلاء الأشخاص أنفسهم، بعد بدء الحرب في أوكرانيا، غادروا إلى الغرب ويريدون الآن هزيمة روسيا علانية. صدفة؟ لا أظن ذلك…
أندريه فيفيلوف. ولا أعتقد أنها مصادفة. هنا محور واحد يهدف إلى تقويض الوعي الروسي، وإدخال الشعور بالذنب، وحرمان المجتمع من غريزة الحفاظ على الذات.
حان الوقت الآن للتوقف عن فرض العلاقات العامة السوداء على المجتمع، بناءً على خرافات سولجينتسين وتزوير مجلة أوغونيوك خلال فترة البيريسترويكا.
لكن تجدر الإشارة إلى أن هذا النظام الواضح لتدمير الوعي التاريخي قد فشل قبل ذلك بكثير، مع استعادة “يوم النصر” باعتباره عطلة رسمية رئيسية في البلاد.
كانت ولادة الحركة الشعبية “الفوج الخالد” على شكل موكب نصف مليوني في موسكو وأعمال جماهيرية في مدن أخرى اكتشافًا وصعودًا روحيًا وانتقال المجتمع إلى دولة أخرى: “أصبح السكان شعبًا” مرة أخرى.
إن “القائمين على الافتراءات على روسيا” صُعقوا وماتوا غيظا.
ثم بدأوا في تلطيخ الفوج الخالد بالقطران، وأعلنوا أنه عملية سياسية أخرى للكرملين.
لكنها ليست تقنية. هذه أيديولوجية، أو بالأحرى، تطبيق قوي وملموس لها. التطبيق قوي جدا ومحدد! كان الفوج الخالد بمثابة ضربة مدمرة للعولمة، لأنه ظهر فيه بديلاً للعقيدة ما بعد الإنسانية والمناهضة للإنسان في المستقبل.
إن ظاهرة “أيديولوجية النصر” تتجلى تدريجياً وتتبلور في الوعي العام. هذه هي أيديولوجية الانتصار على الموت! عقيدة روسيا الخالدة.
تشير “حركة الفوج الخالد” في التاريخ إلى العودة إلى السياق السياسي والأيديولوجي لاسم ستالين. تتضمن ممارسة الستالينية فكرة سلامة واستمرارية التاريخ الروسي. بعد كل شيء، لم يكن جوزيف ستالين مجرد استراتيجي وباني عظيم. إنه موحد للعصور، ممسكًا بيده مقاييس الماضي والمستقبل. كان ستالين هو الذي تغلب على الاضطراب الكبير وحقق التزاوج بين الشياطين الحمر والبيض في مايو 1945.
ستالين – هو منشئ أسلوب حياة خاص، لا يقوم على المال، بل على الروح.
تحت حكم ستالين، تم إحياء الأفكار القديمة حول القضية المشتركة، وهي الدفاع عن وطننا الأم وتحسينه، في روسيا. لقد أعلن الجيل الستاليني عن الروحانيات والتفاؤل والأخلاق العليا، والتي أثبتت عمليًا أن “المستحيل ممكن”. كان ستالين رائد البديل الروسي، ورائد نظام اجتماعي جديد، خالٍ من سلطة رأس المال الدولي، ومن المبادئ المنخفضة للداروينية الاجتماعية.
ستالين – هو رمز للوطنية الديناميكية. يحثنا ستالين على ألا نتوقف، لا أن نتعربش بالحاضر، لا أن نتحصن في الأسس القائمة، ولكن لنقتحم جدران الواقع، لاقتحام المستقبل.
الستالينية الإمبراطورية، القائمة على المبادئ الأساسية للوعي الشعبي، تفتح الإمكانات الإبداعية المغلقة للأمة، وتعلن عصر العباقرة، وتولد واقعًا روسيًا مشمسًا على الرغم من الاصنام الألمانية الرومانسية القمرية.
إيغور شيشكين. كل هذا مهم للغاية، لكن يجب أن ننتبه اليوم إلى قرارات ستالينية محددة، إلى النظام الستاليني لإدارة الاقتصاد والثقافة والمعلومات. ستضمن هذه التجربة إنجاز المهام التي تواجه البلاد.
أندريه فيفيلوف. نعم، ممارسات ستالين المرتبطة بمسؤولية أكثر صرامة ستساعد البلاد على البقاء والفوز في أصعب ظروف المواجهة مع الغرب الموحد.
ليس من قبيل المصادفة أنه على البطانة الرخامية الداكنة للردهة الأرضية لمحطة مترو “باومانسكايا”، فوق قوس السلم المتحرك مباشرة، تم نقش الكلمات “الجبهة والداخل يمثلان لدينا معسكرا قتاليا واحدا لا ينفصل”.
الاقتباس موجود، لكن لم يتم الإشارة إلى مؤلفه. لم تنجح محاولة إعادة اسم المؤلف في عام 2015. ثار “الجمهور الديمقراطي”. لكن أين هذا “الجمهور” الصاخب الآن، في ليتوانيا أو إسرائيل؟
إيغور شيشكين. يكفي بالفعل في مسألة الذاكرة التاريخية الانغماس في نقد الخونة المحترفين وغيرهم من العملاء الأجانب!
أندريه فيفيلوف. كانت الضربة التي وجهت لستالين ضربة ليس فقط للماضي، وليس فقط للنظام، ولكن لفكرة الدولة الروسية. لقد كانت ضربة للنماذج الروسية، لأن ستالين ليس مجرد اسم، بل جزء من الوعي القومي.
هذه الضربة الرهيبة لم تصل إلى المرمى. نجت صورة ستالين.
عودة ستالين في مرحلة جديدة من التاريخ الروسي أمر لا مفر منه. الستالينية إلى روسيا قادمة!
________
تابعونا على:
- على موقعنا:
- توتير:
https://syndication.twitter.com/srv/timeline-profile/screen-name/kanaanonline?creatorScreenName=kanaanonline&dnt=true&embedId=twitter-widget-0&features=eyJ0ZndfdGltZWxpbmVfbGlzdCI6eyJidWNrZXQiOltdLCJ2ZXJzaW9uIjpudWxsfSwidGZ3X2ZvbGxvd2VyX2NvdW50X3N1bnNldCI6eyJidWNrZXQiOnRydWUsInZlcnNpb24iOm51bGx9LCJ0ZndfdHdlZXRfZWRpdF9iYWNrZW5kIjp7ImJ1Y2tldCI6Im9uIiwidmVyc2lvbiI6bnVsbH0sInRmd19yZWZzcmNfc2Vzc2lvbiI6eyJidWNrZXQiOiJvbiIsInZlcnNpb24iOm51bGx9LCJ0ZndfbWl4ZWRfbWVkaWFfMTU4OTciOnsiYnVja2V0IjoidHJlYXRtZW50IiwidmVyc2lvbiI6bnVsbH0sInRmd19leHBlcmltZW50c19jb29raWVfZXhwaXJhdGlvbiI6eyJidWNrZXQiOjEyMDk2MDAsInZlcnNpb24iOm51bGx9LCJ0ZndfZHVwbGljYXRlX3NjcmliZXNfdG9fc2V0dGluZ3MiOnsiYnVja2V0Ijoib24iLCJ2ZXJzaW9uIjpudWxsfSwidGZ3X3ZpZGVvX2hsc19keW5hbWljX21hbmlmZXN0c18xNTA4MiI6eyJidWNrZXQiOiJ0cnVlX2JpdHJhdGUiLCJ2ZXJzaW9uIjpudWxsfSwidGZ3X2xlZ2FjeV90aW1lbGluZV9zdW5zZXQiOnsiYnVja2V0Ijp0cnVlLCJ2ZXJzaW9uIjpudWxsfSwidGZ3X3R3ZWV0X2VkaXRfZnJvbnRlbmQiOnsiYnVja2V0Ijoib24iLCJ2ZXJzaW9uIjpudWxsfX0%3D&frame=false&hideBorder=false&hideFooter=false&hideHeader=false&hideScrollBar=false&lang=ar&maxHeight=1000px&origin=https%3A%2F%2Fkanaanonline.org%2F2023%2F03%2F06%2F%25d9%2586%25d8%25b4%25d8%25b1%25d8%25a9-%25d9%2583%25d9%2586%25d8%25b9%25d8%25a7%25d9%2586%25d8%258c-6-%25d9%2585%25d8%25a7%25d8%25b1%25d8%25b3-2023%2F&sessionId=b1d754ee05264ac2d280ace580013ffa5c1fb76e&showHeader=true&showReplies=false&transparent=false&widgetsVersion=aaf4084522e3a%3A1674595607486
- فيس بوك:
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org