نشرة “كنعان”، 15 يونيو 2023
كنعان النشرة الإلكترونية
السنة الثالثة والعشرون – العدد 6565
15 حزيران (يونيو) 2023
في هذا العدد:
“كنعان” تتابع نشر كتاب “صين اشتراكية أم كوكب اشتراكي ودور الثلاثي الثوري”، لمؤلفه د. عادل سماره، الحلقة 27 والأخيرة
هل الصين إمبريالية؟
مثلما يدور جدال متواصل حول رسملة أو مدى رسملة الصين، يدور الجدال بالضرورة حول تحول الصين إلى دولة إمبريالية. وهذا يستحضر نقاش قديم بدأه جون هوبسن في كتابه“الإمبريالية/كدراسة“1902 منذ نهايات القرن التاسع عشر وصولاً إلى كتاب لينين “الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية (1916) ” حيث اعتبر هوبسن الإمبريالية مجردة من ما تزعمه من إطار أخلاقي، وبأن الإمبريالية نتاج للرأسمالية وخاصة كضرورة اقتصادية لمعالجة الركود الاقتصادي في الداخل[1]، ورأى هوبسن، اللبرالي، وكذلك ثورشتاين فبلن بأن معالجة الإمبريالية ممكنة عبر نظام عالمي يعتمد القانون والنظام. لكن فبلن ذهب أبعد بضرورة إلغاء الراسمالية والوطنية لكنه لم يلامس الإشتراكية، فهل هذا ممكناً، وإن حصل فهل يحصل بشكل ذاتي طوعي أم نظراً لعوامل خارجية تحول دون ذلك؟.
الإمبريالية هي حالة قوة عدوانية عسكرياً واقتصادياً، هي بوضوح إقتحام. وهذا يفتح على سؤال: هل ما زال الاقتحام العسكري ممكناً، أم أن الاقتحام الثقافي بل وأكثر الاقتصادي أكثر فاعلية وهل هذا ما تقوم به الصين، وإن حصل بالمعنى التبادلي فهل تصبح الصين بموجب ذلك إمبريالية؟ وإذا قلنا أن هناك دول تستدعي الإمبريالية، فهل هذا تطور في مسار الإمبريالية من الاقتحام إلى الاستدعاء؟ كما إن قراءة الإمبريالية في القرن العشرين وهذا القرن تبين كذلك إعتماد الإمبريالية أيضاً على العامل الثقافي والإعلامي تحديداً بمعنى التعمية الإعلامية كتغطية على جرائم الإمبريالية بما هي جرائم مشهودة، وهذا ما يمكننا تسميته الاقتحام الثقافي[2].
في سياق الإجابة على هذه الأسئلة يفرض التحليل اللينيني للإمريالية نفسه.فلا يزال عمل لينين حول الإمبريالية صالحًا للتحليل التقدمي والنقدي والطبقي الحالي للنظام الرأسمالي العالمي، ولكن بالإضافة إلى ذلك، يجب علينا النظر في التطورات العالمية الجديدة لبناء تحليل عملي ودقيق.
على سبيل المثال، هل هناك انماطاً جديدة للإمبريالية بعد عهد لينين، وهل التقسيم العالمي للعمل لا يزال كما كان، وإلى أي مدى تتخذ الإمبريالية أشكالًا جديدة وفقًا للجغرافيا، أي هل بعض البلدان المحيطية أصبحت إمبريالية، أو إمبريالية تابعة/رثة، أو إمبريالية وسيطة أو شبه إمبريالية… إلخ.
الإمبريالية بالنسبة للينين هي:
(1) “تطور تمركز الإنتاج ورأس المال إلى مرحلة عالية أدت إلى نشوء احتكارات تلعب دورًا حاسمًا في الحياة الاقتصادية”:
إنها في الواقع تقود الآن الحياة البيئية / السياسية والاجتماعية والثقافية في كل من بلدان المركز والأطراف. ولكن منذ سبعينيات القرن الماضي، تم نقل حجم كبير من مواقع الإنتاج عبر الشركات متعددة الجنسيات، وليس الدول، إلى دول الأطراف، من المركز إلى المحيط. هذه ظاهرة جديدة على الرغم من حقيقة أن معظم فائض القيمة قد تم تحويله مرة أخرى إلى المركز حيث تتواجد إدارة وقرار الاستثمار الذي يحتكره المركز أيضًا.
ولكن، ماذا عن الطرف الصيني الذي أصبح مركزا عالميا للإنتاج وشريك متقدم فيما يخص تركُّز رأس المال أو التراكم الهائل. فهل الصين بهذا المعنى وبموجب هذا البند تحديداً إمبريالية؟ أم هي اختراق لاحتكار الإمبريالية الغربية لكل من تركز راس المال وتمركز الإنتاج؟ ولأن الصين وصلت هذا الوضع، اي أخذ حصة من قاعدة الإنتاج وحصة من التراكم على الصعيد العالمي، فهل مارست بهذا دور إمبريالي؟ أم كما يرى البعض أن الصين قد خففت أو لجمت الجموح الإمبريالي الغربي؟ بكلام آخر، هل كان على الصين أن لا تدخل السوق العالمية ومنظمة التجارة العالمية وأن تنحصر داخل مجتمعها الواسع كي تكون تطهرية مثلاً؟
(2) “دمج رأس المال المصرفي مع رأس المال الصناعي، وعلى أساس رأس المال المالي هذا جرى خلق او تبلور الأولغارشية المالية”.
السؤال أين؟ هنا تلعب الجغرافيا دورًا حاسمًا حيث أن الإنتاج والاحتكارات لم يبقيا في المركز تمامًا. أدى هذا إلى تغيير في معنى وممارسة سيادة الدول التي تم تعزيزها في المركز وتقريباً اقتلاعها في الأطراف.
شهدت هذه الظاهرة تغيرًا جذريًا إلى حد أنه بينما لا يزال المركز يسيطر على معظم رأس المال العالمي، إلا أن راس المال يتخذ أشكالًا مختلفة أكثر فأكثر على النطاق العالمي:
• فهي ممولنة جدا في المركز الذي يتمولن بشكل كبير من خلال المضاربة حيث يولد المال المال في عملية تراكم غير منتجة تولد الكثير من الأموال الكسولة!
• تركزت مواقع الإنتاج بشكل أكبر في الأطراف.
كي نترجم الاندماج أو الاندغام بين راس المال الصناعي والمصرفي لا بد من تبيان الأساس الطبقي لهذا الاندماج أو الأوليغارشية المالية. والسؤال هنا، هل حصل هذا الاندماج في الصين وعلى اساس طبقي؟ وحيث أن العملية الإقتصادية وخاصة الإنتاجية تُدار بإشراف الدولة فهل يمكننا وصف الحزب الشيوعي الصيني على أنه طبقة، أو الطبقة، المتحكمة بهذا الاندماج، وهل هي التي تملكه؟أم أن القرار الإداري بيد الدولة بينما راس المال والقاعدة الإنتاجية تتشارك فيها الدولة مع راس المال الخاص؟ هل يمكننا القول بأن الاندماج هنا يُميِّع التبلور الطبقي، ولكن: إن حصل فإلى متى؟
(3) “إكتسب تصدير رأس المال باختلافه عن تصدير السلع أهمية استثنائية”
يشهد تصدير رأس المال عدة تغيرات، حيث قلل المركز الاستثمار الداخلي وبالتالي فهو يصدر الحجم الهائل لرأس المال الكسول الذي نشأ عن طريق أزمة التراكم في شكل استعمار دول الأطراف عن طريق شراء الأراضي هناك، أي الاستعمار بالامتلاك، وأصبحت بعض الدول الطرفية من الدول المصدرة لرأس المال، أي اقتصادات الريْع..
في سياق عرضنا لمختلف المواقف بمن فيها سياسات النظام الصيني، فإن الصين لا تقوم بتصدير راس المال على شكل مستعمرات اقتصادية لها، مثلا الاحتلال المنجمي في بلدان المحيط، كما أنها لا تقدم مجرد سيولة مالية للدول الأخرى بل تقيم مشاريعا سواء في البنية التحتية أو في الإنتاج. وفي الوقت نفسه تقوم بتصدير سلعي موسع.
في الواقع، فإن تصدير راس المال أو تصدير السلع هو نفسه في مختلف الحالات، ولكن التصدير الإمبريالي المألوف هو تصدير بعد الاقتحام، أما التصدير الصيني فهو عبر علاقات مفتوحة ومتكافئة إلى حد ما، او على الأقل كما يُزعم في الصين. ولذا وجدنا دولا تخلت بشكل حر عن الإتفاقات أو لم تُبرمها. وهنا تبرز أهمية الأنظمة التقدمية في علاقتها بالصين بحيث تكون نِداً ومحاوراً لا تابعاً.
هناك جدل فيما يخص “حزام واحد وطريق واحد” وهو مشروع هائل، ولكنه ليس إقتحامياً. فهل تستقبله دول معينة مضطرة بحكم الحاجة؟
4- “تكوين اتحادات رأسمالية احتكارية عالمية تتقاسم العالم فيما بينها”.
لكن الآن، هناك شركاء جدد مثل الصين والكيانات الخليجية المستأجَرة التي تحتكر الكثير من الثروة العالمية على الرغم من الاختلاف بين طرق الإنفاق وحجم كل منها من حيث عدد السكان والجغرافيا. هذا يطرح السؤال عما إذا كانت تلك الدول إمبريالية؟ على الأقل هم شركاء في تراكم الثروة.
يعني التقاسم، في العادة، شكلا من اشكال التصالح أو المهادنة. ولكن، إذا كانت الصين راسمالية تماماً، كما يحاجج البعض، فإن المحتكرين الغربيين يرفضون دورها وبدلا من مهادنتها والإقرار بحضورها ودورها والتقاسم معها يقومون بأكثر من حرب ضدها. فهل سبب هذا جشع الرأسمالية الغربية؟ أم السبب عدم الارتياح لنموذج رأسمالي جديد ومختلف إلى حد ما؟
وفيما يخص راس المال الريعي في الخليج، فهو يمتاز بسمتين:
الأولى: إنه سيولة مالية متأتية من الريع وليس الإنتاج
والثانية أنه رأسمال في خدمة الإمبريالية الأم لا يتصرف بشكل مستقل، ولذا هي تلعب دور راسمال تدميري، تصدير التدمير.
(5) “اكتمال تقاسم العالم بين أكبر القوى الرأسمالية”.
لقد اكتمل التقاسم في زمن لينين، لكنه تغير بشكل جذري وما زال يتغير طالما تغير ميزان القوى بين الإمبرياليات حيث مال التقاسم والسيطرة لصالح الإمبريالية الأمريكية، أصبحت معظم المستعمرات “مستقلة” سياسيًا بالشكل الذي أُطلق عليه، بشكل زائف، “ما بعد الاستعمار”. أخذت العلاقة بين المركز والأطراف شكل التبادل الاستعماري غير المتكافئ أكثر من احتلال عسكري ازداد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
تغير تقاسم العالم منذ انتصار الثورة البلشفية عام 1917 حيث برز قطب آخر في العالم ليس إمبريالياً بالطبع. وصار مجرد وجود القطب السوفييتي لجاماً يكبح جماح الإمبريالية قدر الإمكان. ثم كان دور حركات التحرر الوطني التي خفَّفت قبضة الإمبريالية على الأقل في المستوى السياسي. لكن فشل حركات التحرر الوطني في نقل التحرر إلى المستوى الاقتصادي وسيطرة الرأسمالية الكمبرادورية في العديد من هذه البلدان إضافة إلى تفكك الكتلة الاشتراكية أعطى تقاسم العالم شكلا جديدا إلى درجة تسمح بالقول بأن هناك “طبقة” معولمة تحكم العالم مكونة من رأسمالية المركز مجسدة في الشركات الكبرى ومن راسمالية المحيط الكمبرادورية. وهذه الطبقة تسيطر على معظم العالم مما حوله إلى “قطاع عام راسمالي معولم[3]” لهذه الطبقة العبر-عالمية.
هل علاقة كمبرادور المحيط الذي يستدعي الاستعمار كعلاقة هذا الكمبرادور مع الصين؟ ليس لدينا ما يؤكد هذا. في خريطة العالم هذه، نجد أن كيانات الخليج تلعب في عدة مستويات دور إمبريالية خادمة للإمبريالية الأم، فالخليج لديه ريع هائل ويقوم بتصدير راس المال لكنه ريع لم ينتج عن قاعدة إنتاجية صناعية ولا زراعية من جهة وموظف لدور تخريبي في الوطن العربي وأبعد من جهة ثانية! كما أن الخليج يفتقر إلى الكثافة البشرية بمعنى أنه ديمغرافيا اصغر بكثير من دول المركز الإمبريالي التي تقتسم العالم رغم أنها تشكل، حسب لينين/ قرابة 20 في المئة من سكان العالم.. وهذا يفتح على النقاش عن رؤية لينين للإمبريالية بأن الأنظمة الإمبريالية قليلة العدد تسيطر على معظم العالم، ولكن الخليج أصغر بكثير ديمغرافيا بحيث لا تنطبق عليه مقولة لينين.
الحالة هنا ريعية، وهذا لم يتحدث عنه لينين، ولأنها ريعية فهي سوبر/ربح ” بروفيت” لأن راس المال مجاني ولكن ليس من واقع إنتاجي!. وحتى لو صح أن الخليج يعيش بقدر أو آخر من قص الكوبوات، فهو يقوم بطرد راس المال خارج حدوده ويوظفه في دور أو خدمات سوداء لأغراض الإمبرياليات الأم. لعله أمر مفارق أن الإمبرياليات “الأصيلة” تحقق الربح الأقصى، بينما الخليج يحرق ذلك الربح الأقصى في دور تخريبي. مثلاً، قطر والإمارات أنفقتا مئات المليارات على تجنيد مئات آلاف الإرهابيين “إرهابيي الدين السياسي” وتسليحهم ودفع رواتبهم لتخريب سوريا واحتلال اليمن ودعم سد النهضة الإثيوبي ضد مصر والسودان!.
ولكن، هل يجب أن يتم تقاسم العالم بعد حرب عالمية؟ ليس شرطاً، فما تُسمى اليوم “التفاهمات الكبرى” هي تقاسم العالم دون حروب بين المتقاسمين. والسؤال: هي يرضى هؤلاء جميعاً أم لا بد من حروب بينهم أو على الأقل حروباً بالإفنابة كما تُنذر أزمة أوكرانيا وتزحيف صواريخ الناتو من حدود بولندا باتجاه روسيا؟.
التشابه والإختلاف في تبني الحوافز المادية
الصين والاتحاد السوفييتي.
تنافس الخطة والمدير…وتغييب العامل
هل كررت الصين بعد ماو تجربة خروتشوف/نظرية ليبرمان؟ هذا ما احاول قرائته في التالي:
أعود في هذه المسألة إلى أكثر من خمسين سنة. كنت قرأت عام 1965 دراسة عن ما أُسميت “نظرية ليبرمان” في مجلة الحرية التي كانت تصدرها حركة القوميين العرب في بيروت، وكذلك وصايا تولياتي وأمور مشابهة كانت تُطرح حينها “كأطروحات تجديدية” في الماركسية.
ولاحقاً، في السجن لدى الكيان الصهيوني أحضر لي أخي عبد الكريم من بين الكتب التي أحضرتها والدتي في الزيارات[4] كتاب فريديرك هايك بالإنجليزية
The Road to Serfdom “الطريق إلى العبودية” كما يصف الاشتراكية والشيوعية.
كنا نُصدر نشرة شهرية بعنوان “الشرارة[5]” وكتبت فيها، إلى جانب الرفاق، موضوعات اقتصادية كانت من بينها معالجة لنظرية ليبرمان.
المقتطفات التالية من نشرة “الشرارة” تلك التي كنا نصدرها في سجون الكيان الصهيوني بخط اليد ( النص في الأصل بخط الرفيق فوزي مالول) وخاصة في أعوام 1971-72. وهذا لا يعني توفر كتباً بالمعنى المرجعي الحقيقي أو الكافي. لكننا كنا نحاول التأسيس للفكر الاشتراكي في السجون وتأسيس أنفسنا أيضا في مرحلة الشباب.
المقتطفات التالية متعلقة بنظرية إفزي ليبرمان فيما يخص الحوافز. واضح أننا لم نراها في حينه بعين نقدية وعمق كما يجب وإن كان لنا تحفظا طفيفا حولها مقارنة بغيرها الأكثر ذهابا لصالح الحوافز. وأعتقد ان عدم نقدنا لها بشدة يرتد إلى هيمنة التحريفية السوفييتية حينها على ذهنيتنا وبالطبع بساطة درجة الوعي النظري. وعلى أية حال نوجزها هنا لأمرين:
- الأول لأنها متعلقة بما جرى في الصين لاحقاً،
- والثاني: كونها تذكير بمحاولات أولية وفي ظروف السجن كقتال من أجل الوعي بما فيه عدم تطورنا جذريا بالطبع، وليس التحرير الوطني فقط.
تضمنت اطروحات ليبرمان: “… عدم إلغاء التخطيط المركزي، ولكنه قدم اقتراحات لتعديل نظام الحوافز في الاقتصاد السوفييتي، والحوافز نظرا لكونها مكافآت مالية على النشاط في الانتاج والإخلاص في العمل فهي اذن تزيد معدل الإنتاجية العامة للاقتصاد الوطني”(ص 127 من الدفتر).
” لا بد من إعطاء حرية إدارية مع وجوب ربط الإثنين معا بشكل مناسب، وإن كان هذا الربط سيحقق حرية أكثر للإداريين فهو لن يجعل هذه الحرية على حساب الخطة المركزية” (ص 128 من الدفتر)
“… يقترح ليبرمان الاستفادة من نظام الأرباح، ومعدلات الفائدة وتقدير الأسعار ويتم هذا خلال إشراف الدولة بحيث تحدد مجالات تحصيل هذه الأرباح ومستوى معدل الفائدة المسموح به، ومدى انحراف الأسعار ضمن السقف الذي تعيِّنه الدولة فيما يتعلق بكلفة الإنتاج – والسقف هو مستوى معين من السعر يمنع البيع بأعلى منه” ( ص 128 من الدفتر).
“…إن المدراء في الاقتصاد يتمتعون بفعالية كبيرة جدا حيث يشرفون على كل ظروف العمل والإنتاج. هذا الوضع الحساس والهام لا بد وأن يُستفاد منه جيدا في اي اقتصاد اشتراكي، فالمدراء هؤلاء لكي يلبوا حاجة الخطة الاقتصادية التي تضعها لهم لجنة التخطيط المركزي ولكي يجعلوا كلفة الانتاج قليلة من خلال سلوكات وتطبيقات ادارية دقيقة وذكية ولديها صلاحيات كافية ومناسبة لا بد لهم من حوافز معينة بحيث تخدم هذه الحوافز ايضا كثيرا في تحسين الناتج الاقتصادي طبقا لأهداف الخطة الاقتصادية. وهكذا، إلى جانب الخطة يرى ليبرمان ضرورة وجود المكافآت والأرباح وتحسين وضع المدراء” (ص 129 من الدفتر)
يقول كوسيجن: “يجب تحسين الإدارة الصناعية وإكمال التخطيط، وزيادة الحوافز الاقتصادية في الإنتاج الصناعي” (النشرة الدورية للمطبوعات في الاتحاد السوفييتي، ص 131 من الدفتر).
كب ف.سيتينين رئيس لجنة الدولة للتخطيط ولجنة الأسعار في الاتحاد السوفييتي:
“… إن مشاركة الأسعار يجب ان تكون على اعتبار انها تحث التقدم التكنولوجي… إن الشيء الرئيسي الثابت في تحديد الأسعار الصحيحة يكمل نموذج أي انتاج، وبالعكس، فإن ناتج المشروع يجب ان يقسم لسبب غير واضح إلى مربح وغير مربح… وبناء على ذلك فإن هذا لا يعني أن الربح في الإنتاج في جميع البنود يجب أن لا يؤثر بشكل متساوي في وضع الأسعار وإنه لأساسي استعمال هذه الرافعة الاقتصادية الهامة جدا لحث ناتج نماذج التقدم التكنولوجي للسلعة التي هي ذات صفة عالية وتتمتع بطلب كبير… إن التطور الاقتصادي قد أثبت ان الأسعار التي هي مرتبطة بالأوضاع الجديدة في الإدارة الاقتصادية هي وظيفة معقدة جدا وتكمن جودتها في عملية ابتدائه” ( مقالة سيتينينن الواردة هامة في الإدارة، 1 ديسمير 1965، ص 133 من الدفتر).
اما ف. جانوفسكي فيركز إلى حد بعيد على ضرورة تقليل صلاحية التخطيط على اعتبار أن هذه الصلاحيات لا تفسح المجال المطلوب أمام المبادرة الفردية ( ف، جانوفسكي، دور الربح في الاقتصاد الاشتراكي ص 133 من الدفتر).
إننا في الواقع نستطيع أن نلاحظ أن جانوفسكي يطرح وجهة نظر متطرفة بالمقارنة مع ليبرمان.
وحين دخل الاقتصادي البولندي أوسكار لانجه على الخط ركز على سلطة المستهلك كقانون راسمالي وليس على سلطة السوفييت، فمن بين اطروحات لانجه أن المستهلك هو السلطة في السوق، فهو حر في اختيار ما يريده وكونه في هذا الوضع يعني أنه هو الذي يقود السوق طبقا لتفضيلاته اي لعملية تفضيله شراء سلعة بدل أخرى” (ص 136 من الدفتر).
نلاحظ أن المدراء عند أوسكار لانجه وخاصة في صناعات الاستهلاك يتمتعون بسلطة قوية في الأسواق كمحتكرين، وكخبراء أسواق ذوي معرفة تكنولوجية عالية، وبذا فإنهم يراقبون السوق ويتمكنون بذلك من تحصيل أرباح عالية.
بدوره يسعى ليبرمان لأن يحصل المدراء على أرباح لمشاريعهم ولكن بشرط أن تبقى هذه الأرباح غير ذات تاثير على الخطة أو دالة تفضيلات الدولة، وأن ليبرمان قادر على التمكن من ذلك لأن مشاريع مدرائه لا تمت بصلة إلى الملكية الخاصة، بينما عند لانجة ذات طابع حر وخاصة أن المستهلك هو قائد السوق. ( ص 138 من الدفتر)
“…علاوة على أن الحوافز تنضوي تحت إطار قانون – من كل حسب طاقته وله قدر ما أنجز من عمل- فالعامل الذي ينتج مقدارا كبيرا من الوحدات السلعية لا بد وأن يأخذ أجرة أعلى من التي يأخذها عامل آخر في نفس العمل وينتج وحدات سلعية اقل، وما دام هذا القانون موجودا في النظام الاشتراكي فلا بد أن يأخذ مجراه إذن” ( ص 138 من الدفتر).
ملاحظات:
كانت هذه قرائتنا قبل أكثر من خمسين سنة حيث كان الخلاف الصيني-السوفييتي في أوجه! وما يمكن قوله اليوم، هو أن هذا الجدل بين الإقتصاديين والساسة السوفييت في حينه يدل على عدة اختلالات أو توجهات تحريفية أو تأسيس للتحريفية.
واضح أن جدال ليبرمان ومن معه متعلق بالشك في درجة أو قدرة المخطِّط المركزي على متابعة تفاصيل الوضع الاقتصادي دون أن يسحبوا الشك أو القلق على الوضع أو الأثر الاجتماعي والعقائدي. أي موقع التثقيف والوعي الطبقي الاشتراكي.
لقد رأى ليبرمان أن العلاج هو في تقليص الإشراف المباشر للخطة لصالح المدراءة في مواقع الإنتاج، الأمر الذي ترتب عليه تعميق البيروقراطية وتكوين طبقة من المدراء لا تختلف كثيرا عن المدراء في النظم الراسمالية الغربية، وهي الظاهرة التي تبلورت في النومنكلاتورا وهي الشريحة/الطبقة التي لعبت دوراً مركزيا في تفكيك الاتحاد السوفييتي ووراثته بتحويله إلى الراسمالية.
لقد تصرف المدراء كأصحاب مشاريع وإن كانوا لا يملكونها بالمعنى القانوني، وهذا بالطبع يتناقض مع بلد باتجاه التحول الاشتراكي مما انتهى إلى التحول الراسمالي.
لعل أخطر ما في تقوية دور المدراء وانحصار الجدل وحتى الصراع بين المدراء والمخططين هو تغييب العمال تماماً! فلم يرد لا دور ولا ذكر للطبقة العاملة لا من حيث موقفها من “الإصلاحات” ولا من حيث وعيها الطبقي ولا حتى دورها النقابي ولا الرقابي. بالطبع، اتضح من سياق عديد المواقف في الفصول السابقة تراجع دور الطبقة العاملة في الصين ما بعد الماوية وهذا التشابه الأساسي في الانحراف الطبقي في التجربتين.أي هذا ما أخذته الصين ما بعد الماوية عن الخروتشيفية.
وعليه، فإن التناقض بين الأطراف الثلاثة اي المخططين /بيروقراطية السلطة، والمدراء والعمال تم حله على حساب الطرف المنتِج اي العمال بضرب وعيهم الاشتراكي لصالح الحوافز والأرباح مما قاد إلى خصي نضالاتهم.
وإذا كان لا يسهل على العمال التواصل مع المخططين، فإن بوسعم لعب دور رقابة العمال على المدراء الأمر الذي لم يحصل. ولا شك بأن الهرمية البيروقراطية كانت قد ركزت تهيُّب الأدنى من الأعلى!
لذا، غاب في مختلف النقاشات دور العمال وغياب مجالسهم، وكذلك غياب الحديث عن العامل الفكري الثقافي، حيث انحصر الحديث في المستوى التقني عن السعر والربح…الخ. ورغم أن هناك رطانة عالية في الصين اليوم عن الماركسية والتعميق النظري، فإن التركيز الملموس عملياً، هو المُختصر في “ليس المهم أن تكون القطة سوداء أو بيضاء، بل المهم انها تصطاد الفئران”. أي الحديث عن الربح وأعلى معدل نمو ممكن. نعم، غريب حقاً أن يتخذ النقاش منحىً فنيَّاً بحتاً في بلد يفترض أنه اشتراكي.
حين نقرأ التجربة الصينية بحقبتيها:
- الماوية
- وما بعد الماوية
لا يعود صعبا الاستنتاج بأن دينغ اشتغل على بعدين مترابطين بالضرورة:
- اعتماد جوهر نظرية ليبرمان في تقديم المدراء أي السلطة على العمال والحوافز المادية على الوعي الطبقي.
- وهذا يقود بالضرورة إلى الانفتاح على الغرب الراسمالي للحصول على التكنولوجيا من أجل تطور صناعي وزيادة الإنتاج التي طبقاً لتجربته هي الأهم من مجتمع المساواة الماوي.
صحيح أننا لا يمكننا القول إن تجربة دينغ في تجاوز الماوية هي نسخ عن تجربة خروتشوف في القضاء على اللينينية وحتى على ستالين، ولكن هذا ايضا لا يعني عدم ملاحظة الكثير من ذلك التطابق.
اشرنا سابقا إلى كون تجربة خوروتشوف بعد ستالين هي المدرسة الأم ألتي قادت إلى صعود جورباتشوف وتصفية النظام الإشتراكي في الاتحاد السوفييتي. لذلك، فيما يخص الحوافز المادية نُشرت مقالة بعنوان الاصلاح الاقتصادي في الاتحاد السوفييتي : الحوافز المادية هي جزء من اعادة الهيكلة” وتم توزيعها في الولايات المتحدة في آذار 1987 من قبل وكالة نوفوستي للانباء كتصريح صحفي وكان كاتبها جينادي بيسارفسكي والذي وصف بانه محلل سياسي حيث كتب:
” ان مبدأ “من كل حسب طاقته، ولكل حسب ما أنجز من عمل”، هو المبدا الاساس لتوزيع المنافع المادية في ظل الاشتراكية. فكلما عمل الشخص افضل كلما اخذ من المجتمع. ان هذه هي العدالة الاجتماعية كما نراها ولكننا نرى الان انه تم خرقها… وللأسف فان الكثير من قدرتنا على مراقبة كمية ونوعية العمل قد تلاشت. ونتيجة لهذا فان ما يكسبه كل من العمل السيىء والجيد هو نفسه الى حد كبير. فأجور العمالة غير الماهرة والماهرة لا تختلف كثيرا “[6]
لاحظ ان الكاتب لم يذهب الى تحسين اداء العمال باستخدام تكنولوجيا افضل وإدارة جماعية ورفع تخصصات العمالة غير الماهرة ذلك لأنه مهووس بالحصول على الانتاج وحسب بأفق تفكير برجوازي.
“… لقد تم في فترة نيكيتا خروتشوف اعتماد الأجرة على اساس الساعة وليس على اساس القطعة وهو ما ادى الى ارتفاع كبير في اجور المدراء على حساب الاجور الدنيا”[7]
“… وهذا قوى دور المدراء الذين بدورهم اخذوا حق اصدار قرارات من جانب واحد برفع مكاسب افضل المتخصصين بربع اجورهم او رواتبهم….دون العودة لاتحاد العمال”[8]
بعد ثلاثة عقود بدوره قال جورباتشوف:
” من كل حسب طاقته ولكل حسب ما أنجز من عمل هو مبدا اساسي في الاشتراكية”[9]
لكن لينين اعتبرهذا معيارا برجوازيا وهو موجود في الحالة الأولية للاشتراكية كدرجة من الشيوعية. وان مجرد تحويل وسائل الانتاج الى ملكية عامة لكل المجتمع (والمسماة عموما اشتراكية) لا تحذف اختلالات التوزيع وعدم المساواة في (الحق البرجوازي) والتي تستمر طالما ان المنتجات يتم تقسيمها طبقا لكمية العمل المُنجز”.[10]
في نفس سياق رسملة الاتحاد السوفييتي، أو الردة للرسملة كتب سام مارسي:
“واضح ان اكثر الحماسة لتحويل الروبل الى العملات الاخرى اتىت بالضبط من الاصلاحيين البرجوازيين في الاتحاد السوفييتي المعروفين جيدا بدورهم في الدفع لتوسيع السوق الراسمالية، والتعاونيات الخاصة، وتوسيع القطاع الخاص اكثر واكثر”
كما كتب جريجوري خانين في الدورية السوفييتية نيو تايمز وهو اقتصادي واحصائي:
” متى سيصبح الروبل متحولا… منذ وقت ونحن نفكر في كيف نجعل من المشاريع التي تملكها دولتنا مشاريعا ملكيتها عامة”.
يقول مارسي: ماذا يعني هذا؟
ملايين العمال في العالم طالما اعتقدوا بأن مشاريع الدولة في الاتحاد السوفييتي هي عامة.ولكن، طالما ليست ملكية وسائل الانتاج عامة، فان الاقتصاد المخطط واحتكار التجارة الخارجية هي السمات الاساسية للاتحاد السوفييتي كدولة عمالية؟ولكن الطريق الى جعل وسائل الانتاج ملكية عامة كما يرى هذا الاقتصادي والاحصائي، اي خانين، هو:” تحويل المشاريع المملوكة للدولة الى شركات مساهمة بمشاركة الدولة، والشغيلة، والمواطنين الاخرين كملاك خاصين ومنظمات بمن فيها اجنبية”[11]
الشركات المساهمة، “ستكون هناك حاجة إلى بورصة لبيع الأسهم وغيرها من الأسهم”
“عملية الإصلاح لا يمكن أن ينجزها البيروقراطيون في الاقتصاد والعلوم”
يظهر تقرير من موسكو في منتصف نوفمبر 1989. رئيس الوزراء نيكولاي آي. ريجكوف قال في حديث في مؤتمر وطني للطلاب أن الحكومة تأمل في خفض ملكية الدولة من 85 في المائة من الاقتصاد إلى 30 في المائة “[12].
يقوم التحليل ومن ثم الموقف الماركسي على قراءة المسألة الطبقية بما هي الحاسمة عمليا ونظرياً، وهذا يقود إلى التساؤل: إذا كان التنامي الطبقي، تنامي الفوارق الطبقية في الاتحاد السوفييتي قد أودت بالنظام إلى ما أودت إليه في قرابة اربعة عقود بعد ستالين، فماذا عن تطور الأمر نفسه في الصين؟ وقد استغرق تنامي الطبقية في الصين الفترة نفسها؟
على الرغم من أن غودمان يؤكد على هيمنة قطاع الدولة في الصين، فإنه يوضح كيف أن هناك قطاعات طبقية متطورة مرتبطة بالأهمية المتزايدة لرأس المال. في عام 1978 لم يكن هناك رواد أعمال أو أصحاب أعمال خاصة. في عام 1988 كانوا يمثلون 3.1 في المائة من السكان النشطين. في عام 2001 كانت النسبة 8.1 في المائة، وبحلول عام 2006 وصلت إلى 10.8 في المائة. وفي الوقت نفسه، كان المديرون، الذين يمثلون 0.2 في المائة من القوة العاملة في عام 1978، 2.6 في المائة في عام 2006. وفي الوقت نفسه، زاد عدد المديرين في الشركات الحكومية والعامة والبيروقراطية الحزبية من 1 في المائة من السكان العاملين إلى 2.3 في المائة.. إذا استبعدنا الأخير، فإن ما لا يقل عن 13.4 في المائة من السكان يمتلكون أو يديرون رأس المال الخاص. التقنيين والمهنيين والموظفين التجاريين والعاملين في المكاتب، الذين شكلوا في عام 1978 7 في المائة من السكان العاملين، وصلوا إلى 23.4 في المائة في عام 2006.[13]
هل الصين النامية إقتصادياً بشكل فوق العادة معصومة بموجب ذلك من التفكك كما حصل في الاتحاد السوفييتي الذي كان ضعفه الاقتصادي هو الآلية الفعلية لتفككه وتحول البلاد إلى الراسمالية تماماً؟
قد يعيدنا هذا إلى ما بدأنا الكتاب به أي اطروحة دينغ هيساو بينغ بأنه بغض النظر عن حدود النسخ الصيني عن السوفييتي، فإن تدهور الوعي الطبقي وتراجع التنظير والتثقيف به قاد إلى التجاوز عن المساواة الاجتماعية ارتكازاً على أن المساواة في الأجور هي مسألة مثالية. لكن العبرة ليست هنا، بل في أن وجود مبدأ الاقتناع بحق الناس في المساواة هو الأساس بغض النظر عن فرص تطبيقه تماما أم لا، وعن المدى الزمني الذي سيأخذه خلال التطبيق.
وضع البنك المركزي…اختلاف الصين عن روسيا
في الوقت الذي تمثّل فيه الولايات المتحدة مصالح الاحتكارات الخاصة والمصالح المصرفيّة، تسعى الصين إلى تنفيذ ديناميكية السوق بشكل كلي. مثال: في الغرب يوجد يوتيوب واحد، بينما يوجد في الصين عدد كبير من المتنافسين. البنوك الصينية الكبرى مملوكة للدولة، بينما تحصل البنوك الخاصة الغربية على أموال دافعي الضرائب.
إذا صح تقديرنا بأن الصين أخذت أو تقاطعت مع نظرية ليبرمان واعتماد الحوافز المادية اي كان هناك تشابه بين انحراف السوفييت وكذلك الصين ما بعد ماو باتجاه الحوافز المادية، فإن الصين لم تأخذ بسياسة خصخة المصرف المركزي، وهذا اختلاف جوهري.
رأيت وجوب التركيز ايضا على البنوك/المصارف نظراً لدورها في تكريس سيطرة الأوليغارشية المالية على صعيد عالمي وتمكينها الإمبريالية من التحكم بالعالم بأدوات حتى غير عسكرية لا سيما في حقبة العولمة. هذا من جهة، ومن جهة ثانية، فإن تبني استراتيجية فك الارتباط لا بد أن تشمل فك الارتباط المالي بالدولار الذي تشرف عليه أوليغارشية مالية وحتى أسرية وليست حتى حكومات الإمبريالية، هذا دون أن نتجاهل ارتكاز “فك الارتباط” على الإنتاج المحلي أولاً وحتى، بل وخاصة بعد وباء كوفيد19 الذي أعاد الاعتبار للإنتاج الغذائي[14].
وفي سياق موضوع الكتاب وهو تحديداً “ما هي الصين اليوم وكيف نلجم انحرافها” يغدو نقاش مسألة البنوك والربا أمر محوري نظراً لأن الحكومة في الصين هي المتحكمة بالبنك المركزي، وهذا قد يضيىء على طبيعة النظام هناك.
في أكثر من كتاب وفيديو[15] يشرح الاقتصادي الروسي فالنتين كاتاسانوف حقيقة البنوك المركزية في العالم، بمن فيها الاتحاد الروسي من حيث تبعيتها لبنك الاتحاد الفدرالي الأمريكي الذي يسيطر على البنوك المركزية في العالم من جهة ومن حيث أنه ليس تابع مباشرة للحكومة الأمريكية من جهة ثانية ولكنه في خدمة الراسمالية الأمريكية ومن هنا عدم التناقض بين كونه ملكية شركاتية خاصة وكونه ليس تحت السيطرة المباشرة للإدارة الأمريكية أي انه ملكية خاصة للاحتكار المالي/الربوي وخاصة لروكفلر وروتشيلد. بينما لم يكن الوضع كذلك في فترة قيادة ستالين للاتحاد السوفيييتي إلى حين رحيله حيث تغير الأمر تدريجيا إلى أن تم تفكيك/تفكك الدولة السوفييتية.
يقول كاتاسانوف:” بنك الإحتياطي الفدرالي الأمريكي خاص وهو بديل البنك المركزي وكل البنوك المركزية مرتبطة به وجميعها خارج سلطة الدولة ويتحكم به روتشيلد وروكفلر” (ص 149)
يقوم اهتمامنا بهذا الموضوع على قراءة موجزة بالطبع لعلاقة البنك المركزي والدولة في كل من روسيا الاتحادية والصين الشعبية بعد تحولهما رأسمالياً لا سيما تمسك الصين الحالية بسيطرة الدولة على المصارف والتحكم بالعملة الصينية وهذا ما يدفعنا لقراءة مقارنة لهذه المسألة من باب تعلقها بقرائتنا للتجربة الصينية بعد الماوية.
فيما يخص رفض الاتحاد السوفييتي الانضمام إلى بريتون وودز كتب كاتاسانوف:
“… أما الوفد السوفييتي إلى بريتون وودز فكان فقط بنائب وزير الخارجية، كان مجرد حضور شكلي. كان ستالين على شك هل يدخل السوفييت الاتفاق والإنضمام. كان يدرك أنها ستكون أممية مالية. وعلى روسيا النأي بنفسها عن ذلك. بقي السوفييت حتى بداية الثمانينات، خارج هذا النظام الائتماني، وهذا ما اوردته في كتابي “اقتصاد ستالين”. المختلف عن النظام الإئتماني الغربي وهي…احتكار الدولة للشأن المصرفي، واحتكار الدولة في مجال إصدار النقد، الترشيد العالي لإدارة النظام النقدي الائتماني وإخضاع هذا النظام لما يتطلبه حل المسائل الاقتصادية الاجتماعية في المجتمع الاشتراكي، وتخطيط التداول النقدي، وضبط المنظومة النقدية الائتمانية والرقابة الدائمة من جانب المصارف على النشاط المالي الائتماني، واحتكار الدولة لشؤون العملة، واستعمال أساليب خاصة للمحافظة على القدرة الشرائية لوحدة البلد النقدية الروبل، وضمان دعم الدولة لإصدار العملة، ومضاعفة احتياطي البلد من الذهب كمورد استراتيجي، والإستناد إلى المصادر الداخلية للتمويل والإقراض في الاقتصاد الوطني.
لم يكن اقتصاد ستالين ربويا لأن الربا يدمر كل ما حوله والمجتمع لأن الاقتصاديين السوفييت كانوا يعرفون بأن النظام المالي القائم على تحصيل الفائدة هو ربا. لذا، فإن الاتحاد السوفييتي لم يشهد أزمات مالية كسوق العقارات والبورصات وانهيارها حيث وجد الناس انفسهم في الشوارع. كان الناس مطمئنين لغدهم. لم يكن هناك ملايين المتسولين كما في الولايات المتحدة.
حينما وصل ستالين للسلطة كانت إصلاحاته الاقتصادية الاستقلال عن راس المال الخاص حيث تراجع عن سياسة ” ال نيب” في نهاية العشرينات. مع العلم ان جميع المصارف تم تأميمها عام 1917، وفي عام 1921 تأسس المصرف المركزي مصرف الدولة، أي أن ستالين ومن معه تأكدوا أنه لا يمكن إنشاء مجتمع يعتمد على المصارف الخاصة والربا ويكون مجتمع ينعم بالاستقرار.
بقي النظام المالي السوفييتي ممتازا في الثلاثينات والاربعينات والخمسينات وبدأ يسوء في الستينات، حيث اقحم البعض آرائهم في الترشيد مثل خروتشوف، وإفزي ليبرمان، ورئيس الوزراء كوسيجين، (كما أشرنا أعلاه، ع.س)، البشر هم المشكلة، البشر قبل التكنولوجيا”.
ولكن كاتاسانوف يقدم لنا صورة مقلقة عن ما آل إليه المصرف المركزي الروسي، اي انقلب الأمر تماماً بعد تفكك الاتحاد السوفييتي ليصبح المصرف المركزي الروسي خارج يد الدولة، وتحديداً ضمن سيطرة الفدرالي الأمريكي! وهنا يجب أن نلاحظ أن الصين ما بعد ماو تمكنت من إبقاء المركزي بيد الدولة. يضيف كاتاسانوف:
“… نائب رئيس ديوان المحاسبة في مجلس الدوما الروسي سابقا يوري بولديريف عند سؤاله: ما هو البنك المركزي في بلادنا ؟ فأجاب بكلمات معروفة للشاعر بوشكين ” ليس فارا ولا ضفدعا، بل انه حيوان غير معروف” فقد حاول يوري بولديريف اجراء تحقيق في نشاط تلك المؤسسة الغامضة التي هي بنك روسيا وهذا ما كلفه منصبه في اعلى هيئة للرقابة المالية في البلاد… لقد جاء في دستور روسيا الاتحادية ان البنك المركزي لروسيا الاتحادية – “هيئة من هيئات ادارة الدولة”، بيد انه لا توجد شروحات تحدد إلى اي “فرع ” من فروع السلطة (التشريعية او التنفيذية او القضائية) تنتمي هذه المؤسسة. وأما القانون الاتحادي “حول البنك المركزي لروسيا الاتحادية (بنك روسياا) فيتضمن عبارة في منتهى الغموض : ” بنك روسيا غير مسؤول عن التزامات الدولة، والدولة، غير مسؤولة عن التزامات بنك روسيا “(المادة 2) ( كاتاسانوف ص 215).
“… حاول فلاديمير بوتين تاميم البنك المركزي عام 2000 من خلال ادخال مجموعة من التعديلات الجوهرية على القانون الفدرالي حول البنك المركزي في روسيا الاتحادية بنك روسيا [16](ملاحظة 316 في الأصل) الا ان انصار “استقلالية” البنك المركزي للبلاد عن الحكومة كانوا يملكون (وما زالوا يملكون) جماعة ضغط قوية جدا في الدوما مما افشل تلك المحاولات. حتى حزب السلطة حزب روسيا الموحدة لم يدعم بوتين في ذلك، بل لم يدعم اي حزب تلك المحاولة بما في ذلك الحزب الشيوعي الروسي[17]
حاول بوتين ذلك مجددا عام 2003… كما تضمن التصريح الغاء معدل الفائدة على القروض اي ان يصبح صفريا وقد سوغ ذلك بضرورة وضع احتياطي الذهب والعملات الصعبة الرسمية تحت رقابة الدولة… والتي يمكن للحكومة ان تستعين بها في تسديد التزامات الديون الخارجية، وكذلك تمويل الاقتصاد من دون نسبة فائدة. بطبيعة الحال فقد واجهت وسائل الاعلام الجماهيري الروسية ومن يقف خلفها من الاولغارشيين مثل هذه الاقتراحات بعداء “( ص 644)
“… مع تهرب البنوك التجارية من توفير قروض للمشاريع طويلة الامد والتي تتطلب راسمالا ضخما / مفضلة ان تمنح قروضا قصيرة الى جانب المضاربة في الأسواق المالية. يدور الحديث عن تاسيس بنوك التنمية بحيث تمنح وضعا خاصا خارج دائرة تاثير البنك المركزي. وتمنح قروضا طويلة الامد وبفائدة اقل بكثير من البنوك الخاصة….وهي لا تدخل في منافسة مع البنوك التجارية الخاصة. وتحديث النظم النقدية بواسطة بنوك التنمية لا تمس كقاعدة بسلطة المرابين، وعلى وجه التحديد، يحظر على بنوك التنمية الدخول في منافسة مع البنوك التجارية الخاصة ” (ص 642) لكن والحق يقال” ,,, نجحت في تلك الفترة السلطات الحكومية في تمرير قانون مجلس الدوما يسمح بانشاء صندوق الاستقرار. على ان تجري مراكمة جزء من عائدات التصدير في ذلك الصندوق، وبحيث يكون خاضعا لسيطرة الحكومة”. (ص 644)
ارتكازاً على أقوال كاتاسانوف المقتطفة مطولا اعلاه بشأن روسيا الاتحادية، وهو كما يبدو وطني تقدمي روسي وليس ماركسياً، تتركز جهوده الفكرية ضد المصارف والربا وفرض الفائدة ووجوب تأميمها، لكنه لا يذهب إلى تأميم المصانع، بأن هذه الدولة هي حالة وسطية من حيث سيطرة البنك الفدرالي الأمريكي على البنك المركزي الروسي بأن بوتين حاول الفكاك وإخضاع المركزي الروسي للدولة. وهنا تظهر مسألتان:
الأولى: أن على روسيا كي تصل حالة من التحالف الفعلي مع الصين أن تتخلص من السيطرة البنكية الأمريكية.
والثانية: أن إقامة كتلة بريكس بدون مغادرة سيطرة الدولار، ليست ممكنة، ناهيك عن أمور أخرى متعلقة بعدم جاهزية انظمة الهند وجنوب إفريقيا والبرازيل لمواجهة الولايات المتحدة، هذا إن لم نقل أن بعضها يعادي الصين، حالة الهند.
في تجربة اخرى لمسألة البنوك المركزية، لقد حاول الرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت إخضاع البنك المركزي للدولة ولكن لم يتمكن.
تفيد هنا الإشارة إلى تجربة الولايات المتحدة في هذا السياق حيث كتب كاتاسانوف[18]:
تعيدنا سياسات روزفلت إلى الجدل بين أنصار النظام الصيني الحالي ومعارضيه. فخضوع البنك المركزي الصيني للدولة هو الذي سمح بإقامة سلسلة ضخمة من البنايات بل المدن والتي نظر إليها البعض كاستثمار استراتيجي بينما رآها البعض هدراً للموارد. وبغض النظر عن ايهما الأدق، فما يهمنا هو خضوع البنك المركزي للحكومة وأهمية ذلك في احتجاز سيطرة راس المال الخاص.
وهنا يكون السؤال، بعد مغادرة النظام الحالي للسياسات الماوية، هل هذا ما نقلته السلطة الصينية الحالية عن تجرية الولايات المتحدة هذه؟ أي بمعنى هل النظام في الصين هو نظام مركَّب في أكثر من حالة أي:
- أخذ نظرية ليبرمان في تبني الحوافز المادية على التحفيز الفكري والوعيوي من الاتحاد السوفييتي بعد ستالين بغض النظر عن مدى تطبيقها وآلية تطبيقها في الصين، ولكن ذلك لم يقد إلى انهيار الدولة كما حصل في روسيا بقيادة يلتسين ولا إلى نهبها من الإمبرياليات الغربية بل قاد إلى نمو عالٍ جدا وهذا معيار رأسمالي. هذا من جهة ومن جهة ثانية، أخضع الطبقة العاملة لاستغلال معولم، ومن جهة ثالثة أخرج 750-850 مليون صيني من دائرة الفقر.
- وأخذ تجربة روزفلت من الولايات المتحدة فيما يخص البنك المركزي، وذلك طبعا بعد مغادرة السياسة الماوية؟
- وأخذ تجربة هنري فورد في أمريكا، رفض التراكم كسيولة مالية،أو أخذ بعضها (انظر أدناه).
- وأخذ من تجربة نابليون في فرنسا، ولاحقاً تجربة ميتران.
وكل هذا يردنا إلى السؤال الكبير لهذا الكتاب بأنه بغض النظر عن كيفية صياغة النظام الصيني الحالي، هل إمكانية استمرار الاشتراكية أمر وارد؟ وإلى اين ستقود هذه التجرية؟
قد يكون النظام الصيني الحالي قد إطلع على تجربة نابليون بونابرت مع البارون روتشيلد[19]. والسؤال الآن: هل المغادرة الجزئية أو النسبية لاستقلال البنك المركزي، كما هو في حالتي فرنسا نابليون وأمريكا روزفلت، هي مغادرة رجراجة لا تلبث أن تُهزم على يد ضواري المال؟ وهل هذا ما ستؤول إليه التجربة الصينية الحالية؟
ربما من خلال الاطلاع على هذه التجارب توصل النظام الصيني الحالي إلى التمسك ببقاء المصرف والعملة بيد الحكومة الصينية.
في الصين هناك ثلاثة بنوك حكومية عملاقة تحمل اسماء غير رسمية “سياسية” البنك الحكومي للتنمية، والبنك الصيني للتصدير والاستيراد، والبنك الزراعي الصيني. تقدم قروضا بفوائد ضئيلة وحتى صفرية او سالبة
الضخ البنكي في الصين يستخدم لمد سكك الحديد وطرق اوتوسترادات الى جانب مرافق اخرى من البنية التحتية وتحفيز القطاع الانتاجي من الاقتصاد من خلال زيادة الطلب على سلع الاستهلاك والخدمات وهو ما أشرنا إلى اختلاف الموقف منه.
“… حيث البنك المركزي (بنك الصين الشعبي) يعتبر جزءا من الحكومة وهو المسؤول عن السياسة النقدية للبلاد”( (فالنتسين كاتاسانوف نفس المصدر ص 200 ).
يقول كاتاسانوف: ” من اللافت، أن دستور هنغاريا الجديد يمنح البلاد فرصة النأي عن مبدأ استقلالية البنك المركزي (نفس المصدر ص 201).
ومن جهة أخرى، هل استفادت الصين من تجربة هنري فورد الرأسمالية :
كان هنري فورد يدرك جيدا ان السبيل الوحيد للانتصار على المصرفيين في وول ستريت – عن طريق اقامة علاقات طويلة الامد وذات منفعة متبادلة بين رجال الأعمال وبين المستهلك وطرد الوسطاء الماليين خارج هذه العلاقة[20].
يمكننا ملاحظة أن ما تسمى ديكتاتوريات قد أصرَّت على احتفاظ الدولة بالسيطرة على البنوك المركزية، اي نابليون، ستالين، ماو، الهنجاري فكتور اوربان. فهل يعني هذا أن الاستقلال الاقتصادي يشترط تمركز السلطة البنكية بيد الدولة بمعزل عن توصيفات ديكتاتور أم لا! قد تكون محاولة هنجاريا مؤشر على توجهات في العالم للتخلص من احتكار مصرف الإحتياطي الفدرالي أو حقيقة قبضة آل روتشيلد وروكفلر.
وقد لا يكون شرطاً أن يكون الحاكم ديكتاتورا حتى يتمسك بسياسة مستقلة بنكية أو سياسة وطنية عموما، وهذا ما تبينه تجربة دي غول في فرنسا سواء في تجميد عضوية فرنسا من الأطلسي أو عدم الثقة في إيداع الذهب في الولايات المتحدة[21]:
” يومذاك قام الرئيس الفرنسي بجمع كل ما كان لدى فرنسا من دولارات ورقية بقيمة 750 مليون دولار، وفي اثناء زيارته الرسمية الى الولايات المتحدة الامريكية قام وبعد فضيحة كبيرة بمبادلة الدولارات الورقية بالذهب. عاد ديغول الى وطنه وهو يحمل شحنة تساوي 66,5 طنا من الذهب” ( نفس المصدر ص 242).
لاحقاً قام الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران بتأميم البنك المركزي 1981 ولكن أعاده من بعده الرئيس اليميني جاك شيراك 1986 لآل روتشيلد.
هل من سمات ماوية في النظام الصيني الحالي؟
تتداخل محيطات/أطراف النظريات لكن تحتفظ كل نظرية بجوهرها
حدود تداخل ماو ودينغ
سار ماو أو إتبع خط التحليل الذي اختطه ماركس وطوره لينين ولاحقا ستالين بأن قوى الثورة ليست فقط الفلاحين ولكن طبقات ومجموعات أخرى في المجتمعات ما قبل الرأسمالية يمكنها المشاركة في مرحلة الثورة الديمقراطية او المرحلة الديمقراطية للثورة، وبأن سلوك عديد من الطبقات في بلد معين تتاثر تُصاب جرَّاء السيطرة الأجنبية.
فمن ناحية، فإن الذين يركزون على مرونات ماو في تكتيكاته ومهارته في تكييف نفسه طبقا للظروف او الشروط المتغيرة يجادلون (كما فعل الماركسيون السوفييت في الستينات) بأن ماو كان إما استسلامي، نظرا لما قدمه من تنازلات عام 1938 و 1945 وفي أوائل الخمسينات “للبرجوازية القومية” أو أنه انتهازي لا مبدئي او كلتيهما.
لقد قام ماو بتوسيع ما بين ساقَيْ الفرجار حيث رأى ماو باكرا منذ 1928 بأنه حتى المشردين الريفيين وعناصر أخرى مشابهة لهم يمكن تحويلهم إلى مقاتلي طليعة بروليتارية بدمجهم انخراطهم في دراسة ومشاركة في الممارسة الثورية وقد سار هذا الخط وامتد طوال نصف قرن من تفكيره.
بودنا الإشارة هنا إلى أن معظم الأطروحات تتقاطع محيطاتها مع بعضها البعض، ولكن لا يصل التقاطع إلى الجوهر. لذا، كان بوسع دينغ الزعم أن فريقه امتداد لماو. كما ان الاختلاف واسع بين ماو وماركوزه، ولكن الأخير أخذ طرح ماو بأن المشردين أو “البروليتاريا الرثة” يمكن أن يكونوا ضمن قوى الثورة. ماركوزه ذهب بعيدا إلى الاقتراب من تسليم هؤلاء قيادة الثورة او أن يكونوا طليعتها متحمساً للثورة الطلابية في فرنسا 1968، وغاب عنه طبعاً ضرورة وجود الحزب الثوري الذي يرشدهم ويبلورهم.
لا يمكنك التقليل من خبرة ماو النضالية الميدانية والقاعدية تماما. بل إن كل من جرَّب العمل الجماهيري وعاش بين الطبقات الشعبية يمكنه التقاط نزعة التمرد لدى المشردين ونقلهم إلى درجة من الوعي الثوري ليكونوا او يكون بعضهم مناضل شرس.
كما أن خبرة ماو نفسها قبل السلطة وبعدها علمته ان البرجوازية ليست مسألة هواية او انحراف فكري بل مصالح طبقية راسخة واصحابها جاهزون للقتال من أجلها. أليس القمع المعولم جميعه برجوازي من أجل راس المال.
لذا، تنبه ماو لهذا داخل الحزب متأخراً، فهُزم تياره.
لكن التيار المنتصر كان يعلم جيدا بأن عليه المناورة كي يثبت في السلطة، فأبقى على بعض تراث ماو وقام بلوي أعناق بعض مواقفه كي يمرر ما يرى.
يُصر قادة الصين ما بعد ماو على الزعم بأن النظام الذي طبقوه هو امتداد للمستوى الإيجابي في التجربة الماوية.ومن حيث الشكل يتم الاحتفاظ بصورة ماو إلى جانب الزعماء الجدد وإبقاء صورته على العملة وتدريس تعاليمه…الخ.
في مقال نُشر في منصة Qiao Collective :
“أكد Isak Novak على الاستمرارية بين مشروعي Mao و Deng، بأن ماو رأى أهمية البرجوازية الوطنية في التنمية الاقتصادية للبلاد وأن الصين يجب أن تستخدم الرأسمالية للارتقاء بالاقتصاد ومستوى معيشة الشعب ؛ ولكن مع الاحتفاظ بهياكل مؤسساتية التي تضمن بدورها عدم سيطرة البرجوازية على الدولة. وبالمثل، علّم دنغ أن تطوير قوى الإنتاج أمر أساسي للبناء الاشتراكي. لذلك دعا إلى رأسمالية محدودة شديدة التنظيم مع ملكية الدولة للقمم الاقتصادية المسيطرة”
فتركيز دينغ على الإنتاج لا يختلف مع ما أرساه ماو حيث كان النمو في الصين في فترة ماو عاليا وهو الذي اسس للنمو بعد ماو. ولكن دينغ ومن بعده أخذوا الأمور إلى السماح بعودة البنى الطبقية في المجتمع الصيني. لعل الفارق أن ماو كان يُسخِّر كافة الجهود والطبقات لتعظيم البناء الاشتراكي مع لجم النتوءات البرجوازية. أما اليوم، فإن ما يحصل في الصين هو “قمم” طبقية من المليارديرات.
هل السبب أن الحزب واثق بأن قياد البلد بيده وبوسعه أن يُطيل الحبل للبرجوازية وبوسعه شده؟ أم أن الحزب يأخذ الصين إلى راسمالية جديدة يبنيها حزب شيوعي؟
لعل الخلاف في التقييم في هذا المستوى تحديداً هو أكثر ما يختلف عليه الكثير من الباحثين. ولذا، يبقى القرار مفتوحاً بناء على الشد والجذب الطبقيين داخل الصين نفسها من جهة، ودور الثلاثي الثوري في لجم الانحراف في الصين نحو الراسمالية من جهة ثانية.
سباق وصف الصين ومآلها
كما أشرنا في غير موضع، إن التعدد والتنافر والتناقض في تقييم التجربة الصينية يقود إلى الضياع بقدر ما يقود إلى اليقين. لذا اخترنا تركيز وتوضيح ذلك في اختصار نماذج عن تلك المواقف.
إذا صح الضخ النظري بوجود التراجع الهائل للدولة عن قطاعات واسعة من الاقتصاد، هنالك مبرر لوصف الاقتصاد السياسي الصيني بأنه "ليبرالي جديد بخصائص صينية"، كما كتب الاقتصادي الماركسي ديفيد هارفي. أما والدن بيلو "التروتسكي المتحمس" فيقول، ربما يكون من الأفضل وصفها بأنها اقتصاد سوق مع جزر استراتيجية للإنتاج الخاضع لسيطرة الدولة مع مراقبة اقتصادية كلية واسعة تمارسها الدولة المركزية.
ولكن كما كتب Ho-fung Hung، فإن الصين “بعيدة كل البعد عن أن تصبح قوة تخريبية من شأنها أن تحول النظام النيوليبرالي الحالي لأن الصين نفسها هي واحدة من أكبر المستفيدين من هذا النظام. يؤكد هونغ على تمسك الصين بجميع الجوانب التي تدفع الصين للحفاظ على مشاركتها في الحفاظ على النظام الحالي، بما في ذلك بأن وقف تمويل الولايات المتحدة يمثل خطرًا على الصين نفسها. لكن فرضياته غدت في موضع سيىء للغاية في السنوات الأربع منذ نشره، حيث تصاعدت المواجهة بين البلدين
في موقف معاكس لموقف هونغ، نجد النظرية القائلة بأن الصين لا تصعد بالفعل بشكل لا يمكن كبته فحسب، بل إنها تفعل ذلك من خلال لعب دور حميد في النظام العالمي – أي بشكل “تخريبي” مؤثر في النظام الإمبريالي. هذا ما يقترحه جيوفاني أريغي مقتطفاً في عمله ( آدم سميث في بكين 11 آدم سميث في بكين (لندن: فيرسو، 2007) كما أشرنا سابقاً. لقد حدد عناصر في تاريخ الصين قبل الغزوات الأوروبية لتحديد وجود اقتصاد السوق غير الرأسمالي – أي غير الاستغلالي -. وهو يجادل بأن هذا، وليس الإصلاح البرجوازي، هو ما يمكن أن يطفو على السطح الآن وهو ما ستعرضه الصين على بقية العالم.
لعل استناد أريغي المتفائل، وهو من رواد مدرسة النظام العالمي هو استناده للتطور التاريخي، ولكن المعضلة التي لا يسهل حلها هي إلى اي حد يتكرر التاريخ وإلى اي حد يمكننا توقع ذلك، وباي شكل يتكرر؟
إن توقعات سميث بأن الصين سترتفع إلى شبه محيط مما يهدد النظام العالمي وتوقعات لي بأنها ستبقى تابعة لا يقدمان كثيرا في تحديد مسار تطور الصين. بينما يرى Ho-fung Hung، أن الصين “بعيدة كل البعد عن أن تصبح قوة تخريبية من شأنها أن تحول النظام النيوليبرالي الحالي لأن الصين نفسها هي واحدة من أكبر المستفيدين من هذا النظام. ونكرر هنا بأنه لم يحسب بأن الأمر ليس فقط في حدود رغبة أو مصلحة أو مخطط الصين، فما تقوم به أمريكا منذ فترة ترامب قلبت هذا راساً على عقب. وبالمقابل، فإن تفاؤل أريغي يوحي بأن الصين تأخذ العالم باتجاه تاكيد أن النظام الاقتصادي الراسمالي هو الأخير!
يو يضع الصين في خانة أضعف وهي أن عليها قبل ان تصبح امبراطورية ان تحرر تايوان، وهذا براينا يعني: احتمال الصراع مع الولايات المتحدة التي هي بهذا الاتجاه، أي إضطرار الصين لهذا.
يضيف يو: “…الصين قوة دولة رأسمالية مميزة وقوة توسعية، وهي ليست على استعداد لأن تكون شريكًا من الدرجة الثانية للولايات المتحدة. فالصين بالتالي جزء من النيوليبرالية العالمية وهي أيضًا قوة دولة رأسمالية تقف بمعزل عنها. هذا المزيج الغريب يعني أنها تستفيد في نفس الوقت من النظام الليبرالي الجديد وتمثل تحديًا له “.
وهكذا، كأنه يصنف الصين كحالة وسطية، أهي براجماتية أم انتهازية؟
بيير روسيت مثل انترناسيونال فيو بوينت يقطع بأن الصين إمبريالية في طور التكوين بغض النظر عن عناصر نجاحها.
ولكن، بعيداً عن تناقض التوصيفات، تهمنا الإشارة إلى روبنسن: “إن السياق الحالي يبدد توقع ظهور طبقة رأسمالية عابرة للحدود بمشاركة الصينيين والأمريكيين. إن اختيار مسار مختلف عن النيوليبرالية ليس السبب الوحيد لهذا الطلاق (روبنسون، 2017). لم تتضمن جمعية “أمريكا الصينية” – قبل أزمة عام 2008 – أي اندماج للطبقات الحاكمة ولا الخطوط العريضة لدولة مشتركة ناشئة”.
ليس شرطاً أن تتبلور طبقة راسمالية عابرة للحدود بمشاركة الصين، فالطبقة حتى في البلد الواحد تتضمن شرائح وحتى تناقضات، ولكنها تبقى عموماً طبقة على الأقل في مواجهة الطبقات الأخرى. وهذا ما نقصده بوجود أو تبلور أكثر لتحويل الكوكب إلى قطاع عام راسمالي معولم لصالح الطبقات الرأسمالية تتفق هنا وتقتتل هناك ولكنها تبقى هي مكونات النظام الراسمالي الذي يجب الحفاظ عليه بمختلف الأساليب المراوحة بين الهيمنة والسيطرة.
وهنا نصل إلى تساؤل في: الواقع والخيار الصيني.
فيما يتعلق بالواقع فالصين منخرطة في النظام العالمي كما ورد في عديد صفحات هذا الكتاب.
هذا هو الواقع، فهل يكون خيار الصين تعميق الانخراط وهل تسمح به الإمبريالية أم هل يمكنها تكوين قطاعها المعولم الخاص بها مع الجنوب الذي تحدث عنه سمير أمين؟ ولنقل وصولاً به إلى قطاعها الإشتراكي المعولم إذا بقي التوجه الجذري بقيادة زعيمها الحالي؟
إن قراءة المشهد الحالي لا تشي بتشارك صيني غربي في قطاع عام راسمالي معولم ولكنه يؤكد على أهمية دور وجذرية دول من المحيط تتعاطى مع الصين بمعنى لجم التحول الصيني باتجاه الراسمالية أكثر أو تقوية التحول الإشتراكي ناقلة القطاع المعولم إلى أممية اشتراكية. هل هذا من قبيل الحلم؟ ربما لكنه يقوم على الضرورة التاريخية
هذا التضارب في التحليلات قد يأخذنا إلى أمرين:
الأول: أن المسار العملي للصين يحول دون أن نصل إلى قرار علمي قطعي بطبيعة النظام ومآله وليس إلى قرار أو حكم إيديولوجي أو سياسي أو حتى طبقي.
والثاني: أن علينا النظر إلى الصين في سياق الدول أو الأمم التي لم تأخذ طريقا راسماليا بمعنى اللحاق وكيف يمكن تغيير مسارها وكيف يمكن توظيف الصين لصالح هذا التوجه أي أخذ مسارها باتجاه:
- التنمية بالحماية الشعبية
- وفك الارتباط
- والاشتراكية.
وكيف يمكن توظيف الصين لصالح هذا التوجه. هذا هو السؤال وهو في الوقت نفسه مشروع الضرورة التاريخية.
وبعـــــد:
ما سبب أن هجوم اليسار على الصين اشد من هجوم اللبراليين؟ هل السبب غياب أممية؟ انغلاق إيديولوجي فئوي وهل يخدم او يتقاطع هذا مع بوادر عدوان إمبريالي؟ وهل هذا هو اليسار بالمعنى الحقيقي أي الشيوعي؟
هل يسير مؤيدو الصين باتجاه كومنترن صيني أم أممية حرة؟ وهل الأممية الجديدة التي دعى لها سمير امين ستكون نسخة عن الكومنترن!
هل وصل التواضع الثوري إلى درجة من المرونة بحيث اصبح المطلوب طبقة وسطى عالمياً نموذجها المحتذى هو الصين الحالية؟ وهل هو تواضع أم مساومة أم تحريف.
مقال برونو جريج لملحق العرب والصين. الصين مجتمع الطبقة الوسطى:هل وضع الصين انتقالي كطبقة وسطى أم نهائي؟ يعيد هذا إلى الذهن النمط الاشتراكي لمصر الناصرية حيث كان الشعار تحويل مصر إلى طبقة وسطى.
هل هناك تطوير لا مباشر لأطروحة ولرشتين عن شبه المحيط بالعمل لعالم طبقة وسطى لتبريد التناقض ليكون هذا مثابة وسادة/مخدة نظام الهيمنة، لكن هل سيبقى نظاماً عالميا. هل الصين وسادة وخاصة لأنها ليست كالدول التي رضيت بوضعها الوسطي وهي برأينا عدم الانحياز.
هل صعود الصين كأمة هو أُحجية ؟ أم الأحجية هي طبيعة النظام إيديولوجياً وربما طبقياً?
يعني السؤال بأن هناك صعود صيني بغض النظر عن طبيعة النظام أي طبقيته تحديداً، فهو نظام وطني/قومي وغير تابع للإمبريالية الغربية خاصة، وهذا أمر هام حتى لو كان منافسا لها على نفس الساحة بل إن كونه منافسا ليس شرطا أن يكون مثلها توجها وموقفاً. وبالطبع ليس اشتراكياً بالمعنى اللينيني المألوف كما يوحي هو نفسه او كما يحاجج مؤيدوه وقياديوه وخاصة الرئيس الحالي. ولأن هذا النظام مثار جدل كبير، يجد الباحث نفسه في حالة من الحيرة. فمن يكتب ويحلل وينشر لا يكتب لنفسه مذكراته، ولو كان يكتب لنفسه لاحتفظ بذلك كخصوصية. ولأن النشر هو مشاع للغير فهذا يضع الكاتب على المشرحة.
غلفت الإمبريالية وخاصة الأمريكية عدائها للصين الشعبية وللآتحاد السوفييتي بأنهما نظامين شيوعيين يصادران الملكية الخاصة والحريات وحقوق الإنسان وبأنهما على راس الأنظمة الشمولية والاستبدادية ومؤدلجة وتقتل المبادرة الفردية…الخ.
قاد هذا الضخ الإعلامي الخطير إلى الإدخال في روع البشرية أن المشكلة الإنسانية هي في وجود أنظمة اشتراكية سواء بالفعل أو بالنوايا والتوجهات. وعليه، فإن إسقاط أو سقوط هذه الأنظمة سيحول العالم إلى واحة السلام الرأسمالي. أو كما كتب، ثم تراجع، الياباني الأمريكي فرانسيس فوكوياما بأن الراسمالية هي نهاية التاريخ، اي أن الإنسان الراسمالي هو الإنسان الأخير. وبالطبع غني عن التذكير بأن الإنسان الأخير مقولة تنفيها قوانين الديالكتيك.
لكن تفكك الكتلة الاشتراكية، أوروبا الشرقية والاتحاد السوفييتي وتغير النظام في الصين الشعبية أعطى الرأسمالية فرصة الكشف عن جوهرها الدموي وخاصة حيث التهمت اقتصادات اوروبا الشرقية والاتحاد الروسي، في فترة حكم يلتسين، وألحقتها بالسوق الراسمالية كتوابع ومستهلكين وحتى اصبح بعضها مواقع للناتو بعدوانيته ضد روسيا الاتحادية رغم أن الأخيرة غدت راسمالية! وواصلت الرأسمالية تغولها لتشن على العالم الحربين الباردة والساخنة. ورغم تعافي الاتحاد الروسي بعد يلتسين، إلا أنه لم يعد ضداً مكافئاً للرأسمالية الغربية مما جعل منافسته لها على نفس الأرضية الراسمالية وإن كانت شروط روسيا أقل توحشا من الراسماليات الغربية الإمبريالية الكلاسيكية.
ولم يختلف الأمر تجاه الصين الشعبية من حيث عدوانية الغرب، وإن اختلف من حيث عدم التمكن الغربي الإمبريالي من نهبها أو تقشيطها كليا رغم حصوله منها على ربح كبير، اي أن الصين مثابة مستفيد ولكن بثمن كبير تدفعه للشركات الغربية من الفائض القومي وما يقع كاستغلال أجنبي على الطبقة العاملة التي تخسر القيمة الزائدة للخارج ناهيك عن كونها تُستغل داخليا. ورغم كافة هذه السمات الرأسمالية واصل الغرب العداء ضد الصين!
لا يقتصر الموقف ضد الصين على الأنظمة البرجوازية ونظامها الراسمالي بل يتعداه إلى كثير من الاتجاهات اليسروية كالكثير من الماويين واليسار الشكلاني ممثلا في التروتسكيين كما وضعنا في فصول هذا الكتاب.
لكن ما يهمنا في نهاية هذا الكتاب:
- ما هي الصين
- وموقف الإمبريالية ضد الصين خاصة وهو موقف يصل احيانا حافة حرب عالمية.
- وما موقف قوى الثورة عالميا من الصين.
وهذا يشترط النقاش فيما اذا كان الغرب باتجاه حرب فعلية أم سلسلة مناورات لتقييد طموحات الصين، أي قد يصل الغرب الى قناعة بأن عصر احتلال بلد حتى بحجم العراق أو أفغانستان لم يعد سهلاً. وعليه، فإن احتلال الصين أو هزيمتها بالمعنى الاستسلامي بالاستعمار الكلاسيكي مستحيلة وخاصة دون النووي، الذي بادر ماو في حيازته باعتباره شرطا اساسيا لحماية تنمية وطنية مستقلة، وعليه يرى الغرب أن لا بد من هدنة ما أو آليات احتواء وتقييد ما. وهنا لا تكون الهدنة تحول إنساني لدى الإمبريالية بل موقف مؤقت واضطراري.
ولكن هل تفيد تجربة العالم بأن الرأسمالية يمكن أن تتأنسن؟ وهو ما نفاه ماو بقوله: “لا يمكن للرأسمالي أن يتحول إلى بوذا”. ونحن نعلم أن الرأسماليات لا تتصالج حتى مع بعضها البعض. فتآخي اللصوص كما كتب ماركس، هو مؤقت طالما هناك خصما لهم جميعاً. والخصم موجود. فهل يعني هذا أن الطريق بأن تنخرط الصين في بنية الإمبرياليات الغربية على قدم الموقف ضد الأمم الأخرى؟ وهذا يعني عدم أنسنة الصين نفسها وبالطبع عدم أنسنة الإمبرياليات الغربية على حد سواء وربما لتشكل جميعها حكومة عالمية، وهذا سيناريو خطير وبمشاركة الصين يصبح اخطر.
يكتب كثير من إيديولوجيي الغرب بأن هذا الغرب غفل عن الصين لينتبه وإذ بها قد صعدت وصار من الصعب لجمها، وربما من الأجدى أو لا مناص من شن الحرب ضدها. وهذا تفسير ضعيف بمعنى أن الغرب كان يرى مسار الصين ويغض الطرف عنه لأكثر من سبب منها:
- تمتعه بما يربح بالتبادل اللامتكافىء مع الصين على الأخص في أجرة الطبقة العاملة وكان يعلم أن الصين تقتبس أو “تسرق” أو تحرر التكنولوجيا الحديثة.
- الاقتناع بأن الطريق الراسمالي الذي تسير فيه الصين سيقوِّض توجهها الاشتراكي لا محالة لأن نهاية هذا الطريق هو فقط الراسمالية.
- ولأن تطور الصين سيبقى تابعا وملحقاً، ولن تصل مستوى المنافسة كما هو حال الهند والنمور الآسيوية أي سيبقى تطورها تابعاً، ولذا جرى غض الطرف حتى عن رحيل الصناعات منها إلى الصين مع قناعة لديه أن بوسعه لجمها في لحظة ما.
هل اعتقد الغرب الإمبريالي بأن الحزب الشيوعي الصيني حتى لو تمسك بالماركسيةـ فإن التطور الاقتصادي، حركة راس المال ستخلق طبقة راسمالية ستجرفه نحو نظام راسمالي لا محالة، وحتى راسمالي تابع؟ أي أن الحزب سيفشل في قيادة البلد وأن الصين في التحليل الأخير إما ستنهار مثل روسيا يلتسين أو سوف تترسمل رسملة تابعة.
توصلنا هذه الأمور المفتوحة على عديد الاحتمالات إلى عدم الجزم بما سيؤول إليه وضع الصين. فمن حيث علاقات الانتاج، اي العلاقات الاجتماعية الطبقية في الصين هي علاقات مزدوجة وربما مختلطة بين:
علاقات إنتاج رأسمالية في القطاع الخاص وعلاقات ملكية عامة في القطاع الدولاني. والسلطة الحزبية تحديداً لا تزال ممسكة بعملية التوازن ما بين القطاعين أي ما بين القوة الاجتماعية الطبقية في القطاعين. بل ومن جهة أخرى إلى جانب القطاع المعولم الأجنبي.
وهذا يفتح على السؤال: هل يمكن ان تبقى هذه السلطة في وضع من يمسك زمام المهادنةالطبقية؟ بالقياس النظري، فالجواب لا، ولكن من حيث التجربة العملية، حتى اليوم نعم. وقد يدعم هذا ما ورد من صينيين في سياق البحث بأنهم يهتمون بدور الحزب في انتشال البلد، واعتقادهم ان الديمقراطية الغربية تمنح فئة قليلة السيطرة على المجتمع، أو حتى طبقا لأطروحة أريغي فإن الصين ستأخذ العالم إلى غير الرأسمالية.
والسؤال الآخر، هل الصين المنخرطة في النظام العالمي في السوق العالمية وحتى بدور قيادي هل هي إمبريالية؟ أو هل سوف تتحول إلى إمبريالية بالضرورة؟ والجواب، استنادا إلى أطروحة لينين كما سبق، ليس شرطاً، أو حتماً، لكنه في ظروف ما أمر ممكن، اي ان شروط لينين تضيىء ولكن لا تكفي.
هل على الصين أن لا تنخرط في النظام بل السوق العالمية كي لا تصبح إمبريالية؟ هل يعني هذا أن تفرمل الصين عجلة الإنتاج وتوجهها وتحصر طاقة إنتاجها لصالح السوق المحلية كي لا تضطر لأن تصبح امبريالية؟ والجواب هنا موقف مثالي وغير عملي لأن كثيرا من الدول سوف تتبادل مع الصين، وفي هذه الحالة هل يمكن التوصل إلى تبادل متكافىء؟ كما أنه يطلق العنان لتغوُّل الإمبرياليات على الأمم ولا يمنعها من الحرب على الصين.
إذا كان لا يمكن للصين الطلاق مع النظام العالمي من جهة، ولا بد من التصدي له من جهة ثانية، فإن هذا يجب أن يأخذ بالحسبان: طبيعة نظام الدولة/الدول الأخرى التي لها مصلحة في التبادل مع الصين من جهة ونضال القوى الثورية عالميا من جهة ثانية ونضال الشيوعيين الصينيين من جهة ثالثة.
الصين منخرطة في مجمل السوق العالمية وهي تكسب من ذلك مما يعني انها لا تستطيع وليس من مصلحتها العودة إلى الوراء أو الانسحاب إلى الداخل في حالة دفاع اقتصادي عن الذات وخاصة على ضوء العقبات العدوانية، وتراجع الاستهلاك العالمي بسبب وباء كورونا. صحيح أن الصين بدأت مؤخرا بتوسيع معدة السوق المحلية، ولكن هل هذا بهدف القطيعة مع السوق العالمية؟ بالطبع لا. بل إن مشروع الحزام والطريق يشي بأن الصين باتجاه الاعتماد المعولم على الذات. والذي ربما نقرأه على انه “اعتماد معولم على الصين”، وهذا يمكن فهمه او تفسيره بسهولة بأن الصين مركز وكل من يتعامل معها محيطاً، وهذا يعيدها إلى دائرة التحول إلى إمبريالية إذا لم يتم تفعيل الضبط من الأطراف الثورية الثلاثة بمعنى أن العلاقة جدلية بين الجميع في هذا السياق.
يزعم التروتسك كثيرا وحتى بعض الماويين عن أن علاقات الصين مع بلدان العالم كإفريقيا وأمريكا الجنوبية هي علاقات إمبريالية واستغلالية تحديدا؟
وللجواب على هذا هنالك ملاحظتين:
الأولى: ليس محسوم أمر الدور الإمبريالي للصين في هذه البلدان، والصين لا شك ليست فاعل خير، ولا شك بأنها تستهدف الربح ولكن تعاطيها مختلف جدا عن تعاطي الإمبرياليات الغربية.
والثانية: ماذا عن تلكم البلدان /الأنظمة ؟ بمعنى لماذا عليها أن تقبل علاقة التبعية؟ وهل خيارها الراسمالي هو الحقيقي، أم أن الخيار الآخر هو الأفضل اي الأخذ بما نراه:
البدء بتبني التنمية بالحماية الشعبية
والتوجه إثر ذلك نحو فك الارتباط وصولاً إلى الإشتراكية
ونقصد هنا بأن العالم ليس أمام خيارين فقط، فإما تبعية للغرب وإما تبعية للصين وتوريطها نحو الإمبريالية. ونقصد بالعالم هنا الثورة العالمية الاشتراكية تحديداً. وإذا نظرنا للعالم فقط من هذين الخيارين فقط فإننا نضع نهاية ماساوية للتاريخ، وهذا ليس صحيحاً.
وبالتحديد، نقصد ما يلي: طالما أن النظام الاقتصادي الصيني في حالة تحول ممتد نحو الإشتراكية بعد ثلاثة عقود أي أن الاشتراكية على أو بسمات صينية تؤكد بأن الوصول إلى الاشتراكية أمر يحتاج عقودا، وبأن كل ما تقوم به الصين هو بناء ذاتها والوصول حتى 2030 إلى وضعية الدول متوسطة الدخل، فإن هذا يعني، حتى لو لم تصرح بذلك، بأنها تجيز لنفسها استخدام آليات راسمالية لتسريع نموها وتطورها على اعتبار بأن القاعدة المادية المتطورة هي القاعدة/المدخل الحقيقي والمضمون إلى الاشتراكية، وهذا مدخل دينغ. وإذا صح هذا فهو يتقاطع ويكمل مشروع ماو في مرتكزاته الثلاثة:
- إرساء قاعدة إنتاجية
- الأخذ بتكنولوجيا الغرب
- وحماية الوطن بالنووي.
لذا تستخدم الصين في متاجرتها آليات مختلفة عن آليات الغرب الإمبريالي اي لا تلجأ إلى الاقتحام، بل كما يبدو تلجأ إلى الدبلوماسية الاقتصادية والمبنية على العرض والاستدعاء. من هنا يغدو من الصعب إطلاق وصف “إمبريالية” على الصين ومن الأصعب الأصرار على أن الصين لا تزال ماوية.
بناء على هذا الوضع المتحرك يجري رد السؤال أو الأمر إلى أو على ثلاثي الثورة العالمية:
- الشيوعيون الصينيون
- الثوريون/الشيوعيون في المحيط
- الأنظمة الأخرى/التقدمية التي هي في وضعية الاختيار في العلاقة بين:
- إما العلاقة مع الصين
- أو العلاقة مع المركز الإمبريالي.
ويعني الاختيار هنا أن هذا النظام أو ذاك هو نفسه الذي يختار هذه الاستراتيجية أو تلك وهو الذي يساهم في فرض أو ترويج استراتيجية مختلفة عن الإثنتين معاً بمعنى انتهاج هذا النظام أو ذاك استراتيجية تنموية اشتراكية أممية جوهريا، تبدأ بما نطرحه:
- موديل التنمية بالحماية الشعبية
- وصولا إلى فك الارتباط بالسوق العالمية وخاصة الغربية وإقامة علاقات اقتصادية مع الصين محكومة بعدم التبعية وبالحفاظ على الاستقلال الاقتصادي الذاتي بمعنى أن الصين لا تزال تسمح بذلك. وفي حال نجح هذا التوجه من بلدان المحيط، فإنه يرسي نهجاً اشتراكيا ويساهم في تضبيط التوجه الصيني بعيداً عن الراسمالية المتوحشة على الأقل.
قد ينسجم هذا الطرح من جانبنا مع التدرج والهدوء الصيني والحديث بأن وصول الاشتراكية لن يتم قبل عام 2050 بما هو مؤشر على أن الصين في فترة انتقالية مديدة مما يجعل معرفة مسارها امر صعب ولا داع لجهد كبير لتحديده له طالما أو إذا كانت تتطور وتتأنسن.
وهذا يتطلب التركيز على العامل الأكثر أهمية في التعاطي مع التجربة الصينية وهو مواقف القوى الثورية الثلاثة المذكورة أعلاه في قراءة التجربة الصينية قراءة من يراقب الصين بحذر ويتفادى كيل المديح بطريقة تابعة كما فعل البعض مع الاتحاد السوفييتي لأن الموقف النقدي والجذري علاوة على تفاديه التبعية فهو يساهم في:
عدم الإطراء والتسليم بالتجربة الصينية مما يدفعها لرؤية نفسها بشكل أفضل ويلجم توجهاتها “الإمبريالية” سواء موجودة أو جنينية ويردها ما أمكن باتجاه الاشتراكية.
ويلعب دورا حاسما كل حزب ثوري في وطنه بأن يستفيد من التجربة الصينية ويتلافى أخطائها ويبين إنحرافاتها[22]. وهذا يعني أن مسؤولية فهم الصين وتحديد جوهر نظامها هي مسؤولية أممية لا قومية صينية فقط مما يدفعنا إلى الخلوص بالقول: يبقى السؤال مفتوحا، وقيد المراقبة والدرس والتقييم وأخذ العبرة ويكون الإنجاز ليس الحكم القطعي أن الصين كذا بل ماذا نعمل كل في ساحته. وقد يأخذنا هذا الأمر إلى تحديد موقف من الصين على ضوء كل خطوة وتطور.
لقدأدرجنا في هذا الكتاب العديد من التقييمات والأطروحات، وهذا بالطبع ليس كل شي وعليه، إذا كان لدى كل فريق معطيات رقمية متضاربة سواء لسوء المعلومة أو لخبث الاستخدام فهل نعود في الحسم إلى:
- النظرية الصرفة
- أو قياس الواقع المتغير على النظرية كي تتطور؟
يأخذنا جدل العلاقة بين النظرية والواقع المتغير الذي، هو كالنظرية يصنعه الإنسان عبر العمل، عبر الحدث وفهم الحدث والإحاطة به وإحداث حدث من كل هذا، إلى أسئلة عديدة يجب العمل على إجابتها:
هل يقوم الشيوعيين الصينيون بناء نظام اشتراكي أم لا؟
وهل هي ظاهرة صحية اختلاف اليسار تجاه الصين حتى بأكثر من اختلاف اليمين ضدها؟
هل علينا الوقوف مع الصين لتفادي مذبحة عالمية تُجهِّز لها الإمبريالية مما يجعل المشكلة ليست في إثبات أن الصين إمبريالية بل في حماية البشرية؟
ما هو الموقف الصحيح؟ هل هو الوصول إلى طريق مسدود في فهم الصين أم ترك الأسئلة مفتوحة مع الشغل على حلها؟
بالقياس النظري، فإنه في المستوى العالمي اي الانخراط في السوق العالمية لا يخدم الاعتقاد بأن الصين ذاهبة إلى الجنة عبر الجحيم وخاصة أن وقود الجحيم ليس بيدها وحدها، على ضوء الوجود بل الحضور الضخم للشركات متعددة الجنسية الغربية بالطبع إلا إذا كان الحزب في وضع من الثورية بحيث يقتلعها. ولكن، على المستوى الداخلي الاجتماعي الطبقي أي العملي، فإن التبلور الطبقي يقود إلى تخندق طبقي مما يجعل الصراع الطبقي أمرا يفرض نفسه بسبب انتزاع الفائض للتراكم والذي اي التراكم يصب جزء منه في جيوب قطاعات من الحزب الشيوعي!
ليست الصين، على أهميتها، كل العالم، ولذا، فإن تغول الراسمالية بعد تفكك الكتلة الإشتراكية، وبعد ازمة 2008 وكوفيد 19 هي واقع عملي يخدم النظرية بمعنى أن هناك خيار اشتراكي في هذا العالم، وهذا يعني أن أممية متجددة يمكن أن تساهم ليس فقط في ضبط الإيقاع الصيني لصالح الاشتراكية ولكن يمكنها أخذ العديد من بلدان العالم باتجاه الإشتراكية الأمر الذ ي يقوي الاتجاهات الإشتراكية في الصين على حساب اللبرالية، نعم إن العالم أوسع من الصين رغم إتساعها.
ولكن، هناك اللاعب الآخر، فهو ليس مجرد خصم بل عدو:إنه المعسكر الإمبريالي وهو أيضاً ثلاثي:
- المركز كأنظمة حاكمة طبقياً وملكوياً
- القوى السياسية اللبرالية والنيولبرالية داخل المركز بثقافتها العنصرية ومصالحها في العيش من التقشيط والنهب.
- الأنظمة والقوى اليمينية التابعة للمركز الإمبريالي في عموم العالم بما فيها الصين نفسها.
الصراع ما بين الكتلتين قائم ويزداد سخونة ووضوحاً وتنوعاً. من مؤشرات ذلك، علاوة على إعادة الإمبريالية تدوير علاقات تابعيها لمحاصرة الصين وتعويضها عن ما تخسره في تخندقها ضد الصين، فهي وصلت حد تحريك اللبراليين والراسمالين داخل الصين نفسها. فانقطاع الكهرباء وعدم وصول الفحم إلى محطات توليد الطاقة، اي الخلل في توريد الطاقة الأحفورية، وإفلاس شركات العقارات العشرة الكبرى في الصين تشير إلى أن البرجوازية تشن الحرب الطبقية من الداخل ضد النظام[23]. صحيح أن مع النظام هناك الجيش والحزب، ولكن تحريك قطاعات منهما ضد التوجهات الجذرية للنظام أمر ممكن بناء على تجربة الثورة الثقافية.
بالمقابل، تتجه السلطة إلى ضبط الداخل عبر توسيع معدة السوق المحلية بل حتى الاضطرار للاسحاب إلى الداخل Internal Withdrawel أمام شبكة الحصار الإمبريالي سواء بانسحاب الشركات الذي بدأه ترامب، أو دفوقات الاستثمار الأجنبي المباشر مما يرغم السلطة على مزيد من فك الارتباط. وهذا يعيد إلى الأذهان تجربة الاتحاد السوفييتي في بداية الثورة حيث كانت القطيعة ضده بالحصار الاقتصادي والحرب معاً مما دفعه لتطوير الرد بفك الارتباط، بالاعتماد على الذات، حتى دون أن يبلور ذلك في نظرية في حينه. كما يذكرنا بما قام به المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين منذ عام 1918 حيث بدأ المسوطنون الصهاينة بمقاطعة المنتجات الفلسطينية مع ان العكس هو ما كان يجب أن يحصل وحتى اليوم!
بقي أن نقول أن انقشاع سماء الكوكب من الغيوم، لا يعني ابداً أن العواصف في إجازة، فأكثر ايام الشمس الساطعة في المناطق القطبية هي مقدمات لعواصف اشد، هذا وضع الصراع العالمي الذي لن تتوقف الراسمالية عنه بغير اجتثاثها.
English Abstract
Socialist China or Socialist Globe
And The Role of the Revolutionary Triad
China today and China’s future is the main topic of the daily world media, politics, military, academia and for sure economists.
For economists and others, the debate concentrates on China’s economic/ political system and its’ future:
Is China of today a socialist system?
Is it a capitalist system?
Is it Imperialist regime?
Is it a mixed regime of all of those systems?
The author made a review as much as possible to cover all main positions on China on the bases of dividing those positions as follows:
How the Chinese system describing itself “Socialism by Chinese characterizes”.
Opinions of writers who supports the Chinese system.
Opinions of writers who are liberals and in the middle.
Opinions of writers who are critical and against the Chinese system
Results, what are Chinese system and a different approach.
I found that the issue is not to judge and stand with or against China’s regime. No doubt that it is important to study, discuss China, but still the question is what after?
The people who accept and support China’s system are satisfied happy with their position, and the people who are against the Chinese system are trenched and proud of the results which they reached no matter if their findings are real or led by ideological orientations.
While all ideas and judgments are important and beneficial but I found myself unsatisfied to stand here or there despite of the fact that I am inclined to support Maoism of Mao or let’s say Mao’s politics and era.
To be interested on China it is not for the sake of China alone but for the sake of world revolution for Communist Internationalism. Accordingly, I argue that after the hot debate on what is China, how to fight for socialist Chain and socialist world?
The route is clear; it is the role of three world revolutionary trends:
The real communists in China itself through their role in the internal class struggle inside China itself
The revolutionary movement all over the world and
The progressive regimes which cooperate with China.
The joint struggle of all those three currents must fight to strengthen China’s socialist components.
Live did not stop, and revolution did not as well.
Let them busy interpretate what is China, our mission is to chage China and the World.
Adel Samara
Occupied Palestine
29 January 2022
________
تابعونا على:
- على موقعنا:
- توتير:
- فيس بوك:
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org
[1] هناك أدبيات عديدة عن الإمبريالية، وربما من المفضل الرجوع للكلاسيكيات وخاصة العودة إلى ما كتبته روزا لكسمبورغ عن الإمبريالية وحتمية التوسع الجغرافي تخلصاً من الإنتاج المتسبب عن التراكم وبالطبع عدوانية الإمبريالية.
[2] بعد تجارب هزيمة أو على الأقل الخسائر الأمريكية إثر اقتحام أفغانستان والعراق، ترى إدارة الرئيس الأمريكي الحالي بايدن أن الأفضل لها الارتكاز على أنظمة محلية تابعة والاحتفاظ بنقاط عسكرية في بلدان كالعراق وسوريا بحيث يمكن استخدامها لشن غارات جوية موجعة بدل إرسال جنود على الأرض، ومن القواعد الأمريكية لهذا الغرض قاعدة في الكويت تضم 2500 جندي، وهذا أقل كلفة على الولايات المتحدة. بكلام آخر، هذا تغيير في شكل وليس هدف الاقتحام.
[3] ما نقصده ب قطاع عام رأسمالي معولم أن التحالف الطبقي بين راسمالية المركز المنتجة والممولنة لاحقاً وبين رأسمالية المحيط الكمبرادورية قد حول إنتاج الطبقات الشعبية في العالم إلى قطاع عام معولم لصالح تحالف راس المال أو لنقل مجازاً إلى إقطاعية معولمة.
[4] رفضت قيادة السجون الصهيونية إدخال الكتب إلى الأسرى الفلسطينيين، وكان أول إضراب هو من أجل الكتب قمت به بمفردي في تموز 1968 لمدة ثمانية ايام وأوقفته بعد أن تسلمت أول كتاب وهو كتاب “الأحزاب السياسية ل موريس دوفرجيه-الفرنسي The Political parties.
وقد أورد ذلك د. اسعد عبد الرحمن بعد تحريره من السجن في كتابه “أوراق سجين“.
[5] ملاحظة: تمكنت من إخراج مقالاتي الاقتصادية المنشورة في الشرارة حيث جمعناها في دفتر. وفي إحدى زيارات والدتي حيث كنا نجلس قبالة الأهل أحيانا فوضعته أمي سريعا من فتحة صدر ثوبها الفلاحي الواسع.
[6] Sam Marcy, Perestroika a Marxist Critique WW Publishers New York, 1990, p.p. 128-29.
[7] Ibid, p. 132.
[8] Ibid, p. 134.
[9] Gorbachev, report to the 27th Party Congress, p. 56.
[10] Lenin , The State and Revolutiob , “ Collected Works (Moosco : Progress Publishers1946) Vol. 25, p.472. From Sam Marcy, Perestroika a Marxist Critique WW Publishers New York, 1990, p. 141.
[11] When will the Ruble be Made Convertible New Times, (Moscow) , July 25-31, 1989, p. 25. Quoted in Sam Marcy, Perestroika a Marxist Critique WW Publishers New York, 1990, p. 373)
[12] A report from Moscow in mid-November 1989 shows. Prime Minister Nikolai I. Ryzhkov is said to Hve told a national conference of students that the government hoped to slash state ownership from 85 percent of the economy to 30 percent” p. 374
[13] Class in Contemporary China, (The Contours of Capitalism in China
[14] انظر صفحتي في الفيس تاريخ 1 نيسان 2021
[15] https://youtu.be/9Zm6yJn9dTE
6 January 2021
خديعة الدولار الذهبي وإغراق معظم بلدان العالم بالدولار،
[16] انظر ن ستاريكوف. تأميم الروبل –طريق روسيا الى الحرية
[17] أ. ماكسون. من يملك البنك المركزي ؟ // موقع مالتشيك كيبالتشيك.
[18] “… أما فيما يخص الولايات المتحدة، فقد تم الخروج على ما كان قد أُسس هناك بأن يكون البنك المركزي خاضع للحكومة، فقد فشلت محاولة غلاس-سيجال أو ما يعرف بقانون غلاس سيجال نسبة لعُضْوَيْ الكونجرس اللذين تبنيا مسودة لمشروع القانون وهما كارتر جلاس وهنري ستيجال 1933 في عهد الرئيس فرانكلين روزفلت كوسيلة لإعادة العمل بالنظام المصرفي الامريكي الاصلي وهو نظام الكسندر هاملتون المبني على اساس تحمل الدولة مسؤولية السيطرة على العملة والائتمانات وتوجيهها نحو تطوير الاقتصاد الفيزيائي للامة وليس جني الارباح لثلة من المصرفيين والتجار والمضاربين الذين دمروا اقتصاد الولايات المتحدة بالتعاون مع مصرفيي لندن في العشرينات من القرن الماضي وادخلوا الولايات المتحدة والعالم في الكساد العظيم. “(فالنتسين كتسانوف، استعباد العالم ص 137-38)
[19] حينما اقترح على نابليون اقراضه فرفض كي يكن مستقلا عن روتشيلد واسس البنك الوطني بشرط ان يبقى تحت اشرافه الحازم فوقَّع مرسوما بانشاء بنك فرنسا بمواصفات شركة مساهمة قانونيا…وبعد افول نجم نابليون بدأت السلطة الفعلية في البلاد تنتقل بالتدريج من الحكومة الى اصحاب المصارف ” (فالنتسين كاتاسانوف نفس المصدر ص 164).
[20] ” كان هنري فورد قد قال انه اذا ما تفوقت عائدات الانتاج على التكاليف، فان هذا الفرق الربح يجب ان لا يتراكم، بل يجب ان يعاد توزيعه فورا: يجب ان يذهب جزء منه لتطوير الانتاج (وهذا سوف يزيد الطلب على السلع الاستثمارية)، وجزءا آخر – ان يعود الى المشترين والمستهلكين او ان يستعمل من اجل زيادة مداخيل العمال ورجل الاعمال نفسه (وهذا سوف يحفز الطلب على السلع الاستهلاكية)…. فقد اعاد هنري فورد اكثر من مرة المال للزبائن الذين اشتروا سياراته في تلك الحالات التي كان انخفاض كلفة الانتاج اكبر من المتوقع او المخطط له. ص 608_609
[21] في حديث ل شربل نحاس أحد المعارضين في لبنان ولكن من موقع الأنجزة واللبرالية قال: ربما مفيد بعض الحديث عن الذهب اللبناني الذي اشترته الدولة في الخمسينات والستينات قبل إقامة البنك المركزي (1964) حيث كانت الدولة تضع الفائض من المال الاحتياطي فتشتري سبائك ذهب كي تعزز العملة الوطنية، أي أن لبنان كان يبزل فائضاً لأنها كانت تحقق فائضاً فتشتري ذهبا من السوق الدولي. كانت تضعه الدولة في خزائن، ولكن نظراً للتخوف من أن تسرقه الميليشيا أُخذ قراراً بتقل اكثره لمكان محصن في فورت نوكس في ولاية كنتاكي بامريكا. طبعاً لا توجد وثيقة رسمية تحدد كم مقداره عموماً وكم منه في امريكا.
معن الامين ايضا من حركة مواطنون ومواطنات في دولة يقول:
بعد التسعينات بدأت الدولة تستدين بالدولار كيف بدها تسدد؟
منذ 1996 بدأت الدولة تقترض من امريكا بالدولار، وهي غير محمية مما يسمح لمحاكم أمريكا ان تضع يدها على موجودات لبنان في الخارج اذا عجز لبنان عن السداد والموجودات هو الذهب ومقداره 286 طن ذهب للبنان اي حوالي 12 مليار دولار. هذا الذهب موجودات قابلة للاستعمال. لذا يمكن للمحاكم الأمريكية وضع اليد عليه. وقد يكون تم التصرف بالذهب؟؟؟
المهم أن نحاس وحركته رفعوا شعار استعادة الذهب؟ بينما كانت أمريكا قد أعلنت وخاصة بعد أن استعادت المانيا بعض ذهبها بأن عاصفة في نورث فوكس أغرقت كل الموجودات الذهبية. فأية رواية بوليسية هذه!.أما مطالباتت داغر فلم تكن سوى مزايدات سياسية حيث يعرف أن ذلك مستحيلا. المهم منذ الحريرية السايسية 1990 فقد لبنان معظم مواقعه الإنتاجية!
[22] المقتطف التالي من اصدقاء الصين في زيمبابوي:
“…على عكس الولايات المتحدة المتفاخرة، فإن الصين ليست مهتمة بالسيطرة على العالم وتفضل الانتماء إلى كومنولث عالمي من القيم المشتركة…عندما واجهت زيمبابوي مشاكل مع الدول الغربية، التي شهدت هذه الأخيرة تفرض عقوبات عقابية بعد برنامج الإصلاح الزراعي في عام 1980، جاءت الصين للإنقاذ، حيث أن زيمبابوي استندت إلى سياسة نظرة الشرق الخاصة بها على العلاقات الجيدة مع الصين… يكمن مستقبل زيمبابوي في القوى التقدمية مثل الصين، التي أظهرت في عهد الرئيس شي جين بينغ القيادة والرجحان والشهامة.
Zimbabwe stands against anti-China propaganda
By Friends of Socialist China on Oct 15, 2021
هذا الموقف المتواضع لا يؤسس لموقف جذري يساهم في لجم التوجه الراسمالي وربما الإمبريالي للصين.
[23] في الآونة الأخيرة، ادعى الغرب أن الصين تقوم بتنشيط محطات جديدة تعمل بالفحم، في محاولتها للتعافي بسرعة من أزمة COVID-19، مما يعكس ازدواجية خططها البيئية (ريتشارد سميث، “حريق المناخ Xi Jinping،” System Change Not تغير المناخ، 22 نوفمبر 2020).