مملكة عبّاس ستان.. الثورة التي حوّلوها لثروة!

الإنتشار العربي :د. محمد أبو بكر
أخت من مدينة القدس المحتلة ناشدتني الكتابة عن السلطة الفلسطينية ، ونصّا قالت لي .. أكتب عن ( مملكة عباس ستان )، وأضافت بأنها تشعر بالحسد تجاهنا نحن الذين نعيش في الأردن ، مضيفة أنها بالمقارنة مع ما يحدث في الضفة الغربية تحت حكم السلطة فأنتم لديكم عمر بن الخطاب .
ضحكت من هذا الطلب ، وهو ضحك يشبه الكوميدياء السوداء التي نعيشها فعلا ، وفي مختلف أقطارنا العربية ، وأنا أدرك وأعي حجم المأساة التي يعيشها شعبنا العربي الفلسطيني في الضفة الغربية ، والذي يرزح تحت إحتلالين وليس احتلالا واحدا فقط .
ياسيدتي ؛ ماذا عساي أن أكتب عن تلك المملكة التي استطاعت تحويل الثورة إلى ثروة بين يدي حفنة من الإنتهازيين ، الذين لا همّ لهم سوى جمع المزيد منها ، وهم يدركون بأن الشعب هناك بات يحيا في ظلال فقر وعوز وفي ظلّ فساد استشرى دون حسيب أو رقيب ، وهل أكتب عن تنسيقهم الأمني مع الصهاينة ، هذا التنسيق المخزي والمخجل ؟
ماذا نكتب ياسيدتي ونحن نرى في أرقى أحياء عاصمتنا عمّان القصور والفلل الخاصة بتلك الحفنة والسهرات الماجنة ذات الألوان التي تشبه ألوان المثليين ، الذين باعوا كل شيء في سبيل إرضاء المحتل الصهيوني ؟
قبل أكثر من عامين كنت أسير مع صديق لي على أطراف عمّان ، فلمحت من بعيد قصرا فاخرا يربض فوق تلّة جميلة ، فسألت صديقي عن ذلك البناء الجميل ، فأجابني بأنه لأحد ثوار حركة …..!
يعيشون ببذخ وترف وحياة مرفّهة ، وخادمات من الفلبين ودول أوروبية شرقية ، ينفقون أموالهم بجنون ، يدفعون هنا وهناك ، وكم من المرتزقة يعيشون حولهم لزوم الجاه والفخفخة ، إنّهم من الذين لفظهم شعبنا منذ زمن ، غير أنّهم ما زالوا يتحكّمون بكل مفاصل حياتهم البائسة .
هو احتلال من نوع آخر ، ولكنه الأسوأ والأخطر والأشد مضاضة ، احتلال يقوم على خدمة احتلال آخر ، والضحية هم أبناء شعبنا الصابر المرابط الذي ينتظر ساعة الفرج ، ينتظر الساعة التي يرى فيها عرين الأسود ومن شابههم وقد انتشروا في كلّ حيّ وزقاق من ضفتنا المحتلة ، حينها سيهرب كل هؤلاء وأزلامهم وأعوانهم كالجرذان .
باتت السلطة هي مملكة العائلة ، مملكة عباس ستان فعلا ، ولا ننسى المحيطين به من حملة المباخر ، والزاعقين والناعقين والمنافقين والأفّاقين الذين باعوا ما تبقّى من ضمير ، وما ذا تبقّى لديهم ليبيعوه بعد أن اشترى الصهاينة ببخس الأثمان كل شيء منهم على عتبة الذلّ والعار .
شعبنا ياسيدتي لن يسامح ولن يغفر لكل من باع وساهم في البيع أو شارك فيه أو كان وسيطا ، الشعب الفلسطيني معتاد على الصبر والتحمّل ، وفي لحظة ما يتغيّر كل شيء أيتها المقدسية التي نحنّ للحجّ إلى حيث أنت .
سيدتي .. في معظم بلاد العرب هناك مايشبه مملكة عباس ستان ، لستم وحدكم الذين تعانون ، كم من شعب يرزح تحت ظلم وجور وبطش في هذا الزمان اللعين ؟ ولكن ؛ أسألك بالله العظيم بأن لا تحسدوننا ، نحن في الأردن لا نحتمل عين الحسود ، لأننا جميعا من الشمال إلى الجنوب وحتى المخيمات والبوادي نعيش أفضل مئة مرّة من جماعات السويد وسنغافورة والدانمارك .
فحياتنا في الأردن ؛ هادئة ، رائعة ، كلّ شيء متوفر بكثرة ، المعيشة رخيصة جدا ، والرواتب للقطاعين الخاص والعام في أعلى مستوياتها ، والناس تعيش في أجمل البيوت ؛ من فلل فخمة وشقق فسيحة ، وحدائق غنّاء في كلّ مكان ، وسيارات نستخدمها آخر موديل ، فأنا قبل شهر استبدلت سيارتي موديل 2021 بسيارة موديل 2023 ، عزّ وفخفخة وراحة بال ومو ناقصنا شي وحياتك ، لذلك لا تحسدوننا دخيلك !!
أيّها القرّاء الكرام .. ياجماعتنا في رأي اليوم ؛ إذا وجدتم أنني توقّفت عن الكتابة لمدة أسبوع واحد فقط ، فاعلموا أنني بعد هذا المقال .. الله يرحمه أبو بكر ، والله كان زلمة كويّس وخسرناه !
كاتب من الاردن