مطران عطا الله حنا : ” لن تنحرف بوصلة المسيحيين في هذا المشرق وفي فلسطين بشكل خاص رغما عن الاصوات النشاز التي نسمعها بين الفينة والاخرى”
الإنتشار العربي – قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس اليوم بأنني تلقيت يوم امس رسالة من احد اباء الكنيسة الارثوذكسية في لبنان وقد احزنتني هذه الرسالة اذ قال لي هذا الاب الذي ينتمي ويا للاسف الى الكنيسة الارثوذكسية (اترك الامور السياسية وابقى فقط في كنيستك) وقد آلامتني كثيرا هذه الرسالة لانها لم تأتي من شخص عادي بل أتتني من كاهن يقال انه لاهوتي وكاتب لعدة مؤلفات ومقالات روحية .لن ارد على هذا الكاهن وادعاءه الباطل والغير مبرر ففي النهاية هو حر في ان يقول ما يريد وان يعبر عن موقفه ولكن نحن من واجبنا ان نوضح بعضا من الامور التي لربما يجهلها هو وغيره ايضا .اولا : المسيحيون في فلسطين ليسوا اقلية في وطنهم وليسوا جالية اوتي بها من هنا او من هناك وليسوا من مخلفات حملات الفرنجة كما يصفها البعض او غيرها من الحملات فهم اصيلون في انتماءهم لفلسطين .ونحن كمسيحيين فلسطينيين عندما ندافع عن فلسطين انما ندافع عن وجودنا وعن قضيتنا وعن تاريخنا وتراثنا وعراقة حضورنا في هذه البقعة المقدسة من العالم .ثانيا : اقول لهذا الاب وغيره بأن الدفاع عن فلسطين وشعبها وقضية هذا الشعب العادلة انما هو انحياز للعدالة ودفاع عن اعرق واقدم حضور مسيحي في هذه البقعة المقدسة من العالم .ثالثا : ان ايماننا المسيحي يحثنا دوما على ان ندافع عن المظلومين والمتألمين في كل مكان ونحن عندما ندافع عن الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة لا نقوم بهذا من منطلقات سياسية فنحن لسنا سياسيين ولن نكون سياسيين ولا ننتمي الى اي تيار او حزب سياسي بل ننتمي الى الكنيسة الاولى وننتمي الى فلسطين الارض المقدسة ارض القيامة والنور ، ومن واجبنا كمسيحيين ان ندافع عن الشعب الفلسطيني المظلوم كما وعن اي شعب مظلوم في هذا العالم .رابعا : لقد قلت لي في رسالتك ابقى في كنيستك وانا باقٍ في كنيستي وسأبقى وانطلاقا من انتمائي لكنيستي وايماني ادافع عن وطني وعن شعبي ولن نسمح لاية جهة في هذا العالم ان تملي علينا ما يجب ان نقوم به وان نفعله ، فكنيستنا كانت وستبقى كنيسة منحازة لقضايا العدالة والحرية والكرامة الانسانية .خامسا : للاسف الشديد هنالك من يفكرون بنفس طريقة هذا الاب ويعتقدون بأن المسيحية محصورة بين جدران الاديرة والكنائس في حين ان المسيحية لا يُعبر عنها فقط داخل دور العبادة والكنائس والاديرة بل في المجتمع ايضا من خلال الدفاع عن حقوق الانسان والانحياز للمظلومين والمتألمين في كل مكان .سادسا : اقول لهذا الاب ولغيره بأن مواجهة الداعشية والتطرف في مجتمعاتنا لا يمكن ان تكون من خلال التقوقع والانعزال والمواقف العدائية فنحن لسنا بحاجة الى داعشية مسيحية بل يجب ان تبقى رسالتنا دوما رسالة المحبة والاخوة والسلام والقضاء على المظاهر الداعشية في مجتمعاتنا يجب ان يكون من خلال التوعية والمبادرات الخلاقة والحوار الاخوي بين كافة مكونات شعبنا وليس من خلال التقوقع والانعزال والتخلي عن الانتماء الوطني ، وهذا ما يتمناه اعداءنا الذين يروجون للفكر الداعشي بهدف تمزيقنا وشرذمتنا واثارة الضغينة في صفوفنا وبين ظهرانينا .سابعا : لن تنحرف بوصلتنا كمسيحيين فلسطينيين ومشرقيين واذا ما كان هنالك نفر قد انحرفت بوصلتهم وتسممت عقولهم وابتعدوا عن القيم المسيحية القويمة الحقة فإننا ندعو بأن يعودوا الى رشدهم ونصلي من اجلهم ، فنحن لا ندعو بالشر على احد حتى اعداءنا نحن نصلي من اجل توبتهم فكم بالحري عندما يكون هذا مع اولئك الذين يختلفون عنا بالرأي وهم احرار في ذلك ولكن يجب ان يستمعوا ايضا الى الرأي الاخر وان يتقبلوا الرأي الاخر.ختاما اقول اتمنى من القيادات المسيحية كلها في هذا المشرق وفي فلسطين بشكل خاص الا تنجر وراء من يريدوننا ان نكون منعزلين عن مجتمعاتنا وقضايانا الوطنية فأوطاننا هي لنا كما هي لغيرنا ، ونحن لسنا اقليات او جاليات في اوطاننا بل نحن كنا ويجب ان نبقى ملحا وخميرة لهذه الارض ومصدر خير وبركة لبلداننا ولفلسطين بشكل خاص.