مشروع التحرير الوطني الفلسطيني: قراءة من أجل التاريخ والمستقبل (حلقة 6)
مسعد عربيد وأسامة عمّوري
الجزء السادس
تصورات المستقبل ومهماته
منطلقات أساسية
لقد خلط ما آلت إليه القضية الفلسطينية ومجمل الأوضاع العربية الكثير من الأوراق وشوش الوعي الشعبي، فتعسر تحديد الهدف والمهام المطلوب لتحقيقه. لذا أضحى من الضروري أن نطرح ما يجب عمله كخطوط عريضة وواضحة وعملية من أجل العودة إلى مشروع التحرير الوطني، وهو ما يعني التخلي عن الاعتراف بالكيان الصهيوني وعن كافة الاتفاقيات معه (أوسلو وملحقاتها).
تنطلق هذه التصورات من رؤية قومية شاملة للصرا ع العربي – الصهيوني قوامها:
– ليس هناك حلاً سريعاً للقضية الفلسطينية والصراع العربي – الصهيوني؛
– وليس هناك حلاً سهلاً، بل نحن في مواجهة معسكر أعداءٍ عاتٍ قل نظيره في التاريخ؛
– وليس هناك حلاً فلسطينياً منعزلا بل لا بد للحل أن يكون عروبياً وأن يأخذ عمقه القومي العربي بمشاركة الشعوب العربية وانخراط القوى الثورية العربية في النضال ضد المشروع الصهيوني – الإمبريالي؛
– ضرورة بناء وترسيخ تحالفات استراتيجية متينة مع قوى المقاومة العريية والإقليمية والدولية.
المهمات
تنمية الوعي الشعبي
أ) إحياء الوعي الشعبي الفلسطيني والعربي بالثوابت الوطنية والقومية لمشروع التحرير والعودة، بحيث تتأصل هذه الثوابت وتستقر في الثقافة الشعبية العامة.
ب) وتتطلب هذه المهمة، بالإضافة إلى ترسيخ الثوابت الوطنية والقومية، تعرية الأكاذيب والأوهام التي تراكمت في هذا الوعي خلال عقودٍ من التضليل والخداع.
ج) هذه الثقافة هي الضمان الوحيد لتحصين الشعب ووعيه وأهم ركائزها:
– فلسطين قضية تحرير وطني والهدف هو تحرير كامل التراب وليست إقامة دولة/سلطة؛
– فلسطين قضية قومية عربية، لأن فلسطين هي قضية العرب المركزية، ولأن المشروع الصهيوني – الإمبريالي يستهدف الوطن العربي بأسره ويسعى إلى الهيمنة على شعوبه ومقدراتها ومستقبلها؛
– المقاومة هي آلية التحرير، والكفاح المسلح هو الوسيلة الرئيسية للتحرير إلى جانب كافة أشكال الكفاح الشعبي. فالتحرير لن يُنجز دون كفاح مسلح، دون حرب التحرير الشعبية، ودون قوى مقاومة عقيدتها الدفاع عن الشعب والوطن والقضية ومحاربة العدو الصهيوني بشكل مستمر دون مهادنة، ودون حراسة مبادئ التحرير الكامل من الانزلاق في مسارات ما يسمى تسوية الصراع أو معاهدات سلام مع الكيان الصهيوني وحلفائه.
د) التركيز على استلهام إرادة شعبنا وطاقاته وخبراته في ابتكار وسائل وأدوات الكفاح. فقد قاوم شعبنا الغزوة الصهيونية لبلادنا منذ أواخر القرن التاسع عشر، ثم نهض بعد نكبة 1948 وتدمير مجتمعه لينطلق في مشروع التحرير الوطني الفلسطيني، ومنذ ذلك لم يتوقف عن متابع الكفاح من أجل التحرير والعودة.
المستوى الشعبي الفلسطيني والعربي
– ليس النضال مقصوراً على فصائل المقاومة، بل لا بد من مقاومة شعبية شاملة، حرب الشعب، بحيث يتم جذب وزج كافة القطاعات الشعبية في النضال كلٌ حسب موقعه وقدراته. لذا، يجب أن يتسع النضال ليضم تنظيمات شعبية (جماهيرية) تلتقي على برنامج التحرير والعودة وتشمل بين صفوفها ممثلين لكل طبقات الشعب وفئاته الاجتماعية وغيرها من قطاعات ومنظمات ونقابات، كما تشمل كافة مواقع التواجد الفلسطيني (المحتل عام 1948، الضفة والقطاع، والشتات) وصولاً إلى الشعوب العربية في الوطن الكبير.
– وهذا يضمن تشغيل الشعب كله في المقاومة الشعبية بكافة أشكالها (المقاطعة ومناهضة التطبيع…)، وتفعيل دور المواطنين في النضال الوطني كل حسب قدراته وإمكانياته ووفق ظروفه. كما يضمن تطوير أساليب وأشكال المقاومة الشعبية بمشاركة كل مواطن.
– هكذا يتسنى أيضاً توسيع دور الشعوب العربية وقواها الثورية لتنخرط في النضال وتخلق المناخ القومي وتعمق البعد العروبي للنضال ضد المشروع الصهيوني – الإمبريالي.
– في المدى القصير، يمكن أن يتخذ النضال أشكال مناهضة التطبيع ومقاطعة الكيان الصهيوني وكافة المطبعين معه، وهو شكل يستطيع المواطن الفلسطيني والعربي القيام به.
فعلى سبيل المثال:
أ) مقاطعة وعدم شراء واستهلاك منتجات الأعداء الصهاينة والأتراك والغرب الرأسمالي – الإمبريالي ومنتجات القوى الشركات والدول الأجنبية التي تدعم الكيان الصهيوني.
ب) مقاطعة ومناهضة كافة أشكال وأنشطة التطبيع مع الكيان الصهيوني على كافة المستويات الفلسطينية والعربية، الرسمية والشعبية.
– تعرية طبيعة ودور الأنظمة العربية القُطْرية التابعة للصهيونية والإمبريالية والمطبعة مع الكيان الصهيوني واستنهاض الشارع العربي والحراك الشعبي ضدها.
دور الشتات الفلسطيني
هناك العديد من المبادرات والبدائل والفعاليات المطروحة في أماكن تجمعات الشتات الفلسطيني، ولكن ما يجب التأكيد عليه هو أنه على كافة هذه الفعاليات القطع المطلق مع نهج التسوية والتجارب الفاشلة والتمسك بمشروع التحرير والعودة.
– ينظم الشتات الفلسطيني أنشطة الفلسطينيين خارج الوطن المحتل، ويقوم بدعم م.ت.ف. بعد رفضها الاعتراف بالكيان الصهيوني واتفاقيات أوسلو، والتمسك بتمثيل كافة فئات الشعب الفلسطيني بما فيه الشتات؛
– على هذه الأرضية يناضل الشتات من أجل تحقيق الوحدة الوطنية ويكون جزءً منها ورافداً لها على أساس قيادة النضال الفلسطيني من أجل التحرير والعودة؛
– يحدد الشتات وفق ظروفه المحلية وخصوصياتها في شتى أماكن تواجده دوره ووسائل مشاركته في النضال من أجل تحرير وطنه في الداخل والخارج وأينما تواجد.
استعادة البعد العروبي للنضال الفلسطيني
بما أن الصراع القائم في بلادنا صراع عربي – صهيوني في طبيعته وجوهره، فإن النضال في سبيله هو جزء من حركة المقاومة والثورة العربية، وهو موجه ضد جبهة الأعداء وقوى الثورة المضادة في فلسطين والوطن العربي. من هنا، فإن انخراط الشعوب العربية وقواها الثورية هو ضرورة وطنية وقومية وتاريخية، وهو الذي يخلق بيئة التحرير وعمقها الإستراتيجي وضمان استمراها وانتصارها.
وهنا لا بد من التحديد الدقيق لقوى معسكر الأعداء، وهم: (1) الصهيونية (كياناً ومشروعاً)، (2) الإمبريالية الإميركية والغربية بشكل عام، (3) الأنظمة العربية الرجعية التابعة لسيدها الصهيو- إمبريالي، (4) القوى السياسية الرجعية المرتبطة بقوى وأنظمة الدين السياسي (النظام التركي، المنظمات الإرهابية، منظمات التطرف الديني مثل الوهابية وغيرها).
وفي هذا الصدد، تشكل حركة “حماس” إشكالية كنا قد تعرضنا لها في مكان آخر، وتتمثل في تناقض السياسات والموقف بين كونها حركة مقاومة فلسطينية تقف كقلعة صامدة في محاربة الاحتلال الصهيوني، من ناحية، ومن الناحية الثانية نرى “حماس”:
أ) تتحالف مع أنظمة عملت، ولا تزال، على تدمير قلعة المقاومة ومحورها سورية:
– تركيا التي تعادي سورية ودفعت إليها بعشرات الآلاف من الإرهابيين وتحتل أراضيها. وهنا فإننا لا ننسى ليبيا أيضاً.
– وقَطَر التي تآمرت على سورية وقدمت كافة أشكال الدعم السياسي والتمويلي واللوجستي للمنظمات الإرهابية.
ب) تقيم هاتان الدولتان (قطر وتركيا) علاقات وطيدة مع الكيان الصهيوني، وتشكلان ركيزتين أساسيتين لحركة الإخوان المسلمين وقياداتها على المستوييْن العربي والدولي.
ج) وفي بقائها والحفاظ على سلطتها في قطاع غزّة، تعتمد “حماس” على التمويل والريع بشكل كبير من هذين البلدين.
د) كما أن “حماس” تأتمر بالقيادة الدولية لحركة الإخوان المسلمين التي خدمت تاريخياً المخططات الاستعمارية في بلادنا وتآمرت على الشعوب العربية وطموحاتها في الوحدة والتنمية.
المستوى الرسمي الفلسطيني
على مدى سبعة وخمسين عاماً من عمر منظمة التحرير الفلسطينية (التي تأسست عام 1964)، لم تتوقف المطالبة ب”اصلاحها” و”إعادة بناء مؤسساتها”وغيرها من المطالب المحقة. وقد تناولت هذه المطالب طيفاً واسعاً من التغييرات طرحتها فصائل فلسطينية وقطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني، ورافقت كافة مراحل النضال الفلسطيني بدون استثناء، بدءً من هيمنة حركة “فتح” على قيادة المنظمة عام 1968، وتغيير ميثاقها من “القومي” إلى “الوطني”، مروراً بدخول م.ت.ف. العلني لنهج التسوية السياسية والسعي وراء “دولةٍ” ما (البرنامج المرحلي عام 1974)، ثم الاعتراف ب”إسرائيل” في اتفاقيات أوسلو (سبتمبر 1993) وتعديل الميثاق الوطني الفلسطيني على نحو جذري يلغي المواد الأساسية والثوابث النضالية الفلسطينية في تحرير الوطن السليب (تمّ إقرارها عام 1996 والمصادقة عليها عام 1998).
غير أنه باتَ جلياً في خضم هذه المسيرة الطويلة، أن شيئاً من هذه المطالب لم يتحقق، بل ما حصل كان العكس: تراجع تدريجي عن نهج التحرير حَسبَ أصحابُه أنه سينطلي على شعبنا وشعوب أمتنا. ولكنه باتَ جلياً أيضاً أن دون تحقيق هذه المطالب تحديات وعقبات ذاتية وموضوعية تثير العديد من الأسئلة والإشكاليات حول جدية هذه المطالب ومَنْ يقف وراءها، وحول الاستمرار في تكرارها لعقودٍ من الزمن دون تحقيق أي إنجاز يُذكر. وربما تضيء النقاط التالية على شيءٍ من التفسير لهذه الإشكالية:
1) غياب الإرادة الحقيقة في التغيير والاصلاح: وليس المقصود هنا قيادة حركة “فتح” لوحدها كفصيل مهيمن على م.ت. ف.، مع أنه من المعروف أنه كان لتلك القيادة المصلحة الكبرى في الذهاب قُدُماً في نهج التسوية السياسية من أجل الوصول إلى “دولة” فلسطينية. بل إن ما نقصده هو “غياب الإرادة” لدى كافة فصائل م.ت. ف. وعلى نحو خاص “اليسارية” منها والتي تتحمل المسؤولية السياسية والتاريخية في مناهضة ومقاومة انحراف م.ت. ف..
أليست هي التي غادرت ذات يوم اللجنة التنفيذية ل م.ت. ف. اعتراضاً على هذه السياسات وأسست جبهة الرفض الفلسطينية (1974)، لتعود وتنضوي مجدداً تحت لوائها (1979) مع إدراكها الكامل أن م.ت. ف. قد تمادت، دون رجعة، في مسيرة التسوية مع العدو الصهيوني والتخلي التدريجي عن مشروع تحرير فلسطين.
2) تجاهل مرجعية شرعية م.ت.ف.: يتجاهل الكثيرون من قوى وقيادات وفصائل وقطاعات وساعة من الشعب الفلسطيني، وربما يتلاعبون بالحقيقة واللغة، يتجاهلون حقيقة أن شرعية م.ت. ف. في تمثيل الشعب الفلسطيني تنبع من وتقوم أساساً على التزامها وتمسكها بالمقاومة والكفاح المسلح ومشروع تحرير فلسطين. من هنا يكون السؤال، كيف تستوى مطالب اصلاح م.ت. ف. وإعادة بناء مؤسساتها مع (1) اعترافها ب”إسرائيل” والتخلي عن مشروع تحرير فلسطين، ومع (2) تواجدها تحت سيطرة الاحتلال الصهيوني.
بناءً عليه، يجوز لنا أن نطرح الإشكالية على النحو التالي: إذا كان شعبنا يُجمع على:
(1) التمسك ب م.ت. ف. ممثلةً شرعيةً وحيدة له؛
(2) والتمسك بنضاله من أجل تحرير وطنه والحفاظ على الثوابت الوطنية والقومية ومناهضة نهج التسوية ورفض اتفاقيات أوسلو؛
فإنه يتوجب علينا أن نحدد مهماتنا الملحة والراهنة على النحو التالي:
أ) التأكيد على أهمية قطاع غزّة الذي يشكّل القاعدة الأساسية اليوم لقوى المقاومة الفلسطينية والعمل على حمايتها ودعمها وتنميتها لضمان استمراريتها وتطويرها كنموذج ينتقل إلى كافة مناطق فلسطين المحتلة.
ب) أن تقوم م.ت.ف. بالإقرار بمسؤوليتها عن اتفاقية أوسلو وفشلها في المفاوضات على مدى ربع قرن، والإعلان عن سحبها للاعتراف ب”إسرائيل” واتفاقيات أوسلو.
ج) مغادرة قيادات م.ت. ف. للأراضي المحتلة وفك العلاقة بين م.ت. ف. والسلطة الفلسطينية كي تتحرر الأولى من كافة الاتفاقيات والالتزامات مع العدو المحتل والإفلات من قبضتة، وحينها تصبح قادرة على الالتحاق بقوى محور قوى المقاومة في سورية ولبنان، والعمل من أجل هدف ومشروع تحرير فلسطين بإمكانياتها مهما كانت متواضعة، وتوثيق العلاقات مع القوى العربية والإقليمية والأممية.
د) بعد رفضها للاعتراف بالكيان الصهيوني واحتلاله لفلسطين وتحررها من الاتفاقيات معه،
تصبح م.ت.ف. قيادة المقاومة والنضال من أجل التحرير، وممثلةً لكافة قطاعات الشعب الفلسطيني في كامل جغرافيا فلسطين وفي الشتات الفلسطيني الذي يتجاوز تعداده أكثر من نصف الفلسطينيين.
ه) هكذا فقط يمكن إسقاط ذريعة الأنظمة والقوى العربية الرجعية التي تتذرع بقولها: “الفلسطينيون طبعوا قبلنا” و”نقبل بما يقبل به الفلسطينيون”.
و) تبقى السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ك”إدارة حكم ذاتي”، تدير الشؤون المدنية والعامة للمواطنين الفلسطينيين (تعليم، صحة، خدمات عامة…).
ز) هكذا تكون لحظة الحقيقة ويكون الفصل محسوماً وواضحاً: (1) م.ت.ف. في الخارج تمثل الشعب الفلسطيني وتقود نضاله التحريري، و(2) السلطة تدير شؤونه المدنية.
ح) يستمر الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة في كفاحه وفق ما يحدده ووفق ظروفه وإمكانياته من وسائل النضال وآليات المقاومة بكافة أشكالها المسلحة والشعبية ورفض التطبيع مع الاحتلال ومقاطعة بضائعه ومنتوجاته.
ط) يتطلب النضال الجاد في مشروع التحرير، الالتزام بسرية العمل الثوري ما يعني العودة إلى المقاومة الجدية والسرية، ولا يحتاج إلى أشكال العمل العلنية من اجتماعات ومجالس وغرف اجتماعات أنيقة وسيارات فارهة.
ي) من شأن هذه الخطوات أن تشدّ الشعوب العربية إلى نضال شعبنا تحت الاحتلال، ما يعيد العلاقة بين الفلسطيني والعربي على المستوى الشعبي إلى حالتها الطبيعية.
ك) العمل على أن تشمل م.ت.ف. كافة فصائل المقاومة بما فيها حركتا حماس والجهاد الإسلامي.
ل) اصلاح م.ت.ف.: بعد ذلك يصح الحديث عن اصلاح م.ت. ف. والذي يطال العديد من المستويات:
– إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها (انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني وكافة الأطر القيادية للمنظمة ) على أساس الثوابت الوطنية والقومية.
– يقوم هذا الاصلاح وإعادة البناء على قوانين ونظم ديمقراطية أساسها التمثيل النسبي العادل وليس التقاسم وتوزيع الحصص بين الفصائل والتنظيمات دون احترام لإرادة شعبنا واختياراته.
– إعادة بناء مؤسساتها ومقاومة كافة أشكال الفساد السياسي والاقتصادي والإداري الذي حوّل مشروع التحرير الوطني إلى مشروع “تجاري”.
– لن يكون تنفيذ هذه المطالب سهلاً حيث تقف في وجهه قوى وقيادات استولت على م.ت.ف. وانتهت صلاحياتها منذ زمن طويل.
– لكن الوقت قد حان لكل قوى المقاومة والقوى والشخصيات الوطنية ان تتحد حول هذا المطلب الأساسي وأن تجمّع طاقات شعبنا للدفع في إنجازه. فكفانا تجنباً لهذا الاستيلاء على م.ت.ف وتقزيمها وجعلها مؤسسة شبه صورية تستخدم لصالح سلطة أوسلو.
– هنا يجدر بنا التذكير بأن مقاومة الاستيلاء على م.ت.ف وعزل القيادة المهيمنة دون حق، لا يعني التخلي عن شرعية تمثيل م.ت.ف للشعب الفلسطيني. فالمطلوب، كما أشرنا في مكان آخر أن يقوم تمثيل المنظمة للشعب الفلسطيني على رفض الاعتراف بالكيان الصهيوني والاتفاقيات معه، ناهيك عن انتهاء صلاحية القيادة المستولية عليها منذ سنوات. وهذا الشرطان يضمنان عزل هذه القيادة، ويتطلبان وضع ضمانات وأنظمة صارمة تمنع أياً من القوى او الأشخاص من العودة إلى السيطرة على م.ت.ف. و منع انتقال القيادة وتجددها عبر انتخابات حقيقية.
– إذا كان شعبنا يعتبر م.ت.ف. قائدة نضاله في مشروع تحرير الوطن المحتل، وأنها الكيان الفلسطيني السياسي الممثل لكافة قطاعات شعبنا، فإن عدم إصلاحها و إخراجها من حالة العجز الحالية سيحول دون تحقيق الإنجازات المصيرية لشعبنا و المساهمة في تحقيق اهداف امتنا العربية. وعليه، فإن عدم اعتبار معالجة أوضاع م.ت.ف. أولوية بالغة الأهمية والراهنية، إنما يعبر عن تقصير كبير لقوى المقاومة وكافة القوى الوطنية الفلسطينية.