ما هي الرّسالة من وراء تصدّر الضيف والسنوار احتِفالات الذّكرى السنويّة لحركة “حماس”؟ وهل سيشهد العام الجديد عودة للعمليّات العسكريّة وإطلاق الصّواريخ؟ وما هي الأسباب الستّة وراء تراجع شعبيّة الحركة في الفترة الأخيرة.. وكيف ستستعيدها؟

 ما هي الرّسالة من وراء تصدّر الضيف والسنوار احتِفالات الذّكرى السنويّة لحركة “حماس”؟ وهل سيشهد العام الجديد عودة للعمليّات العسكريّة وإطلاق الصّواريخ؟ وما هي الأسباب الستّة وراء تراجع شعبيّة الحركة في الفترة الأخيرة.. وكيف ستستعيدها؟

الإنتشار العربي :عبد الباري عطوان
لم يُفصِح السيّد يحيى السنوار رئيس حركة المُقاومة الإسلاميّة “حماس” في إطلالته الأُولى بعد اختِفاء امتَدّ لما يَقرُب من عامين، عمّا يقصده بالقول في كلمته التي ألقاها في احتِفالاتِ الحركة بعيد تأسيسها لـ”35″ بأنّ “استحقاقات وطنيّة ستتجسّد في العام المُقبل”، فهل هذا يعني أن الحركة التي يتزعّمها، ستخرج من حالة “الجُمود” العسكري التي تعيشها حاليًّا، وتعود إلى مُقاومة الاحتِلال بقُوّةٍ بالطّريقة المعهودة منها، وجعلتها تحتل موقعها القِيادي الحالي المُتقدّم في الأراضي المُحتلّة؟
الكلمة المُسجّلة للسيّد محمد الضيف (أبو خالد) قائد “كتائب القسّام”، الجناح العسكري للحركة لم تَزِد عن “دقيقةٍ ورُبع”، وكانت أكثر وُضوحًا وتحديدًا، وتَصُب في هذا المنحى المذكور آنفًا عندما قال مُخاطبًا المُحتلّين “نهايتكم في خُروجكم من أرضنا، أنتم اليوم جُبناء أكثر، وعاجِزون عن النّجاح حيث فَشِلَ أسلافكم، فلتتّحد كُلّ الأعلام، ولتُفتَح كُلّ الجبهات لهدفٍ واحد وكبير: تحرير فِلسطين”.


حركة “حماس” ونقلًا عن مصادر مُقرّبة منها، وبضَغطٍ من “حماس الخارج” اختارت طريق “المُهادَنة”، والرّهان على هُدنةٍ طويلةٍ مع دولة الاحتِلال، تُؤدّي إلى إنجازِ صفقة تبادل أسرى، وتتويجها بديلًا مقبولًا لمنظّمة التحرير الفِلسطينيّة، ووراثة الرئيس محمود عبّاس وسُلطته، ولكنّ هذا الرّهان فشَل، وسيزداد هذا الفشَل مع عودة بِنيامين نِتنياهو إلى الحُكم على رأس تكتّلٍ يمينيٍّ عُنصُريٍّ فاشِيٍّ مُتطرّف.
كان لافتًا أنّ النّجمين الأبرز في الاحتِفال بالذّكرى الخامسة والثّلاثين للحركة، هُما السنوار والضيف اللّذان يُمثّلان الجناح العسكريّ المُتَشَدِّد في الحركة ولا يرى أيّ بديل غير العمل العسكري، ولعلّ افتتاح مَعرِضٍ بهذه المُناسبة، بضمّ صواريخ حديثة من طِراز “إس 50” و”إم 75″، وتحليق طائرات مُسيّرة في سَماءِ غزّة هو أحد أبرز الأدلّة على ما نقول.
مثلما كان لافتًا أيضًا أنّ كلمة السيّد إسماعيل هنية المُسجّلة في الحفل لم تَحظَ بالاهتِمام المطلوب، والشّيء نفسه يُقال عن قِيادة حركة حماس في الخارج التي لم تقم الاحتِفالات الجماهيريّة المُماثلة، والمُتوقّعة، في العواصم التي تربطها بها علاقات جيّدة خاصَّةً في إسطنبول وبيروت، ولا ننْسَى الدوحة في هذه العُجالة.
صحيح أن الحركة عرَضَت بُندقيّةً قالت إنها تعود إلى ضابطٍ إسرائيليٍّ يُدعى هدار غولدن أسَرته الحركة أثناء معركة “الجرف الصّامد” عام 2014، وللمرّة الأولى، وكان هذا الكشف العُنصر الجديد في الاحتِفال، ولكنّها على لِسان السيّد السنوار لم تُحدّد زمن المُهلة النهائيّة لإغلاق مِلف الأسرى، قبل إغلاقه بصُورةٍ نهائيّة، واتّباع وسائل أُخرى لتحريرهم من سُجون الاحتِلال، الأمر الذي زادَ الأمْر غُموضًا.
شعبيّة “حماس” تراجعت في بعض أوساط الشّعب الفِلسطيني في الفترة الأخيرة، وخاصَّةً في الأراضي المُحتلّة، لأسبابٍ عديدةٍ نُوجِزها في النّقاط التّالية:
أوّلًا: عدم وقوفها إلى جانب حركة الجهاد الإسلامي في معركتها ضدّ الاحتِلال في شهر أيّار (مايو) الماضي التي استمرّت ثلاثة أيّام أطلقت خِلالها الحركة عشَرات الصّواريخ والقذائف انتِقامًا لاعتِقال كوادرها في الضفّة الغربيّة، ومنْعها جميع الفصائل، بِما فيها حركة الجِهاد، من إطلاق أيّ صواريخ تستهدف المُستوطنات الإسرائيليّة في مُحيط غِلاف غزّة، أو ما بعدها.
ثانيًا: عدم نجاحها في الإفراج عن مِئات الأسرى في صفقة تبادل جديدة رغم وعودها المُتكرّرة في هذا الصّدد، ورغم الانخِراط في مُفاوضاتٍ غير مُباشرة عبر وُسَطاء عرب.
ثالثًا: عدم رفع الحِصار عن قِطاع غزّة وتخفيف مُعاناة مِليونيّ مُواطن يخضعون لحُكمها.
رابعًا: وقف أو تجميد عمليّات المُقاومة العسكريّة للاحتِلال بِما في ذلك القصف الصّاروخي للمُستوطنات، علاوةً على عدم تصدّرها لعمليّات المُقاومة في الضفّة الغربيّة لما تملكه من إمكانيّاتٍ هائلةٍ في هذا الصّدد.
خامسًا: فرض ضرائب عالية على المُواطنين الفِلسطينيين في قِطاع غزّة، الأمر الذي زاد من مُعاناتهم، وعدم الحُصول على خدماتٍ جيّدةٍ في المُقابل.
سادسًا: ظُهور جماعات فِدائيّة شابّة مُقاتلة خاصَّةً في الضفّة الغربيّة، أخذت الكثير من شعبيّة الحركة مِثل “كتائب جنين”، و”عرين الأسود”، و”كتائب نابلس”، والقائمة طويلة.
بعض المُقرّبين من الحركة فسّروا أسباب حالة “الجُمود العسكري” لحركة “حماس” بأنّها تعود إلى أسبابٍ عديدةٍ من ضِمنها تعهّدها للحليف القطريّ بعدم الإقدام على عمليّاتٍ يُمكن أن تنعكس سلبًا على تصفيات كأس العالم النهائيّة التي أُقيمت في الدوحة على مدى الأربعين يومًا الماضية، وقالت مصادر في بيروت إن “حزب الله” التزم بالشّيء نفسه أيضًا، ولكن لم يَصدُر أيّ تأكيدات رسميّة من قِبَل المُتحدّثين باسم الحركة أو الحزب في هذا المِضمار.
مُسابقة نهائيّات كأس العالم الكرويّة تصل إلى نهايتها بعد غَدٍ الأحد عندما تُقام المُباراة الحاسمة بين فريقيّ الأرجنتين وفرنسا، وبعدها يتمّ إسدال السّتار على هذا الحدث الرياضيّ العالميّ الأوّل من نوعه إلى أرضٍ عربيّة.
السُّؤال الذي يطرح نفسه بقُوّة: هل ستعود حركة “حماس” إلى العمل العسكريّ المُقاوم، مع بدء العام الجديد، وفشل الرّهان على العمل السّياسيّ ومُفاوضات تحرير الأسرى، وطُموحات وراثة البعض فيها للسّلطة العبّاسيّة مع عودة نِتنياهو؟
الإجابة المُرجّحة: نعم كبيرة.. والأيّام بيننا.


Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *