ليس تمييزاً عنصريا ولا حتى تطهير عرقي: لسنا نسخة عن جنوب إفريقيا
نشر موقع الحوار مقالا في باب راي، بعنوان” دروس للفلسطينيين من نضال السود في جنوب افريقيا للكاتب ران غرينشتاين. ترجمة علاء الدين ابو زينه. والمراجعة منشورة على موقع الغد الأردنية. نُشر هذا المقال بعنوان What lessons can Palestinians Really take from the Struggle of Black Africans?
(موقع الحوار alhewar@alhewar.com via groups.outlook.com |
ليس ما اكتبه هنا ردا ولا نقدا لموقع الحوار وإنما توضيح من جهة ودفاع وطني عروبي شيوعي من جهة ثانية عن وطننا في وجه هجمة خطيرة بدأت ربما عام 1995 إثر تفكيك السلطة السياسية العليا في جنوب إفريقيا مع بقاء الأرض والصناعة بل كل القمم الاقتصادية هناك بيد البيض. اي فقط حصل السود على طربوش اسود لبلد انحصرت تغطيته لراس الأكثرية السوداء /البرجوازية تحديدا وبقي الجسد الأسود عاريا كما كان.
فالمؤتمر الوطني الإفريقي لم يُعد الأرض للسود ولم يلجأ إلى حل وسط بتأميمها، بل لم يُجري ما يسمى حل المسألة الزراعية the Agrarian Question إن صحت الترجمة، ولم يؤمم الصناعات. لذا كتبت حين زرت تلك الدولة عام 1995 مقالا في كنعان العدد 54، إن كنت اذكر “دولة بيضاء بوشاح اسود”.
ليس هذا نقداً لتجربة جنوب إفريقيا فقط بل اساساً لنقد هجمة خلق التطابق بين حالتنا وحالة جنوب إفريقيا وخاصة زعم أن ما يحصل في وطننا هو تطهير عرقي. كلا ابداً. إنه الاقتلاع المستدام إلى يوم القيامة أن تمكَّن.
الاختلافات عديدة تقود إلى الاختلاف الجذري.
مقالة غرينشتاين من نفس النسق الذي يفرض المطابقة قسراً ولكن بمهارة وبلاغة النصح. فهي تحتوي على أكثر من خلل ومخالطة ومغالطة.
أولا: هنا لا ينطبق وصف الفصل العنصري. هنا اقتلاع وليس حتى تطهيراً عرقياً محدوداً بل شاملا ودائَماً.
ثانيا: اليهود ليسوا قومية بل اصحاب ديانة، وليسوا جميعا متدينين بل دمجوا بين الإيديولوجيا الصهيونية والدين السياسي تم استجلابهم من مئة قومية كما الأمم المتحدة. ربما إذا نجحت الأوراسية في هدم الأمم المتحدة تبقى أو لا تبقى بعدها “الأمم المتهودة المتحدة”!!!
ثالثا: الصراع عربي صهيوني ليس فلسطيني صهيوني وكل من ينفي عروبة الصراع لا يدرك أنه يعاند التاريخ وانتماء الشعب العربي بل كل أهل هذا الوطن أي العروبيين لوطنهم الكبير ويخدم هدف الثورة المضادة والصهيونية منها خاصة في هدم العروبة لأن هدمها هو بقاء الكيان واندماجه في الوطن العربي اندماجا مهيمناً.
رابعاً: فيما يخص الدولة الواحدة ستكون دولة واحدة لكن عربية ونحن جزء منها أما الأرض فتعود لنا، أما الذين يستجدون من الصهيوني التخلي عن الإيديولوجيا الصهيونية ويبقى مغتصب الأرض والبيت وبالتالي ينتهي الصراع فهذا الاستجداء ليس أعلى من الافتخار باستدخال الهزيمة من اشخاص لا يمثلون أحداً خاصة وأن الوطن لا يُمثَّل بأفراد ولم يحصل في التاريخ أن جرى استفتاء شعب على التخلي عن وطنه أو تقاسمه مع أحد.
وخامسا فيما يخص مصير الكيان الاستيطاني فهذا منوط لما بعد التحرير حينها من يبقى منهم يعامل كشخص عادي مع تجريده مما اغتصب.
سادسا: قيادة المؤتمر الوطني الأفريقي ساومت لكن قيادتنا فرَّطت.
سابعاً: التناقض في جنوب إفريقيا كامن وإن كانت مقاومته بوتيرة بطيئة أما في حالتنا فالمقاومة تشتد وتتسع كمحور ممتد من طهران لدمشق للضاحية الجنوبية.
ثامناً: ما جرى في جنوب إفريقيا هو تفكيك السلطة العليا، أما في حالتنا فلا يعني التفكيك سوى التحرير.
تاسعاً: إن من ساعد على تفكيك قمة السلطة في جنوب إفريقيا أي تبديل الطربوش هو المتروبول العالمي (المتروبول هو حاجة الكيان الاستيطاني إلى دولة أم راعية) خوفا على مصالحه وشركاته وهذه كانت الصفقة مع مانديلا الذي في الحقيقة خان شعبه وطبقته وحتى لونه بأن تصالح وتقيد بتخليد الاستغلال الطبقي والقومي لشعبه. قد يكون ما دفعه لذلك أن سقوط النظام العنصري جاء في فترة تفكك الكتلة الاشتراكية وانهيار الاتحاد السوفييتي اي في لحظة انتصاروية رأسمالية معولمة على العمل. المتروبول الدولاني العالمي هو الداعم الخارجي للمستوطنات الرأسمالية البيضاء وهنا ايضا يختلف وضعنا عن جنوب إفريقيا، فمتروبول الكيان هو كامل النظام الرأسمالي العالمي أما في جنوب إفريقيا فلم يكن كامل النظام العالمي هو الداعم والمؤسس لنظامها الاستيطاني.
عاشراً: مهم الانتباه بأن معظم من يركزون على التشابه بين حالتنا وحالة جنوب إفريقيا هم كتاب من الديانة اليهودية والتابعية “الإسرائيلية” ومن التروتسك. وهم في الحقيقة مقابل نقدهم الناعم للكيان، لا يبدأ موقفهم من حقنا في تحرير الوطن بل يطالبوننا مقابل تعاطفهم معنا أن نقبل بأن يبدأ النقاش بعد الإقرار بأن المحتل 1948 اي الكيان ثابت لا يُناقش.
وهنا يكون كل من يرى المسألة بل يُقزِّمها في مسألة التمييز العنصري هو تابع فكريا وثقافيا، مثقف متخارج على الأقل.
ملاحظة1:For discussion to this issue, see: Adel Samara, Debatable Issues: Polemic Critique, 2020, p.p. 68-83,
ملاحظة 2: الفيديو المرفق عن نفس الموضوع، مع الاعتذار للمستوى الفني المتواضع،