لماذا يتقدم الثلاثي الصيني الروسي الكوري الشمالي بسرعة نحو زعامة العالم على أنقاض الغباء الترامبي وحرب الإبادة الإسرائيلية؟ لماذا لا يتآمر هذا الثلاثي على أمريكا ودولارها وهيمنتها العدوانية؟ وكيف أكد العرض العسكري الصيني الضخم وقمة شنغهاي هذه الحقيقة؟

 لماذا يتقدم الثلاثي الصيني الروسي الكوري الشمالي بسرعة نحو زعامة العالم على أنقاض الغباء الترامبي وحرب الإبادة الإسرائيلية؟ لماذا لا يتآمر هذا الثلاثي على أمريكا ودولارها وهيمنتها العدوانية؟ وكيف أكد العرض العسكري الصيني الضخم وقمة شنغهاي هذه الحقيقة؟

عبد الباري عطوان

عبد الباري عطوان
عندما نرى الرئيس الصيني شي جينبينغ يتوسط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على يمينه، والرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ اون على شماله، اثناء حضور العرض العسكري الضخم الحافل بالمفاجآت التكنولوجية العسكرية الحديثة الذي أقيم في العاصمة بكين امس الأربعاء، فهذا يشكل الخطوة الأهم لبناء نظام عالمي جديد مناهض لنظام غربي قديم متغطرس بزعامة الولايات المتحدة الامريكية يلفظ أنفاسه الأخيرة، ولا اسف عليه.
ما يؤكد هذه الحقيقة، مؤتمر قمة شنغهاي الاقتصادية التي سبقت هذا العرض وشارك في الاثنين (القمة والعرض) زعماء عشرين دولة، أبرزهم (غير الثلاثي المذكور آنفا) الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ورئيس وزراء الهند ناريندا مودي، والتركي رجب طيب اردوغان الى جانب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي وممثل عن فيتنام.


الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي ينشغل هذه الأيام بأحواله الصحية، وفضائحه في جزيرة عميل الموساد الإسرائيلي جيفري إبستين ، وخوض حرب تجارية ضرائبية مع معظم دول العالم، اتهم الزعماء الثلاثة شي الصيني، وكيم الكوري الشمالي، وبوتين الروسي بالتآمر ضد بلاده، وهو اتهام مثير للسخرية، ويكشف عن غباء صاحبه، فلماذا يتوقع العالم من هؤلاء الثلاثة، ومعظم قادة العالم الذين يعانون من مؤامراته ضد بلادهم وحرب الضرائب التي يشنها لتدمير اقتصادهم لإنقاذ اقتصاد بلاده المنهار من جراء الديون العامة التي وصلت الى اكثر من 43 تريليون ونصف التريليون دولار وفوائد سنوية تزيد عن تريليون ونصف التريليون دولار.
هل يتوقع ترامب من هؤلاء المتضررين من غطرسته وحروبه ان يستمروا في التصفيق له، وعدم القفز من سفينة نظامه العالمي القديم الغارقة، ولا ينضموا الى النظام العالمي الجديد الصاعد بقيادة الصين وروسيا وكوريا الشمالية؟
هذا التجمع الضخم، والعرض العسكري الحافل بالمفاجآت، وأبرزها الصواريخ الفرط صوت العابرة للقارات، والقادرة للوصول الى أي نقطة في الكرة الأرضية، يؤكد ان الصين أصبحت زعيمة عالمية، ومصدرا للأمن والاستقرار والازدهار، ولم يعد يقف في وجهها أي شي، مثلما قال رئيسها جينبينغ في كلمته الافتتاحية للعرض العسكري.
أمريكا دولة على حافة الانهيار على الصعد كافة، ويتزعمها رئيس في ذروة الغباء، ولا يديرها الا بثقافة السمسرة العقارية، وبتوجيهات من أعمدة هذه الثقافة وهم حملة الهوية الصهيونية، وأبرزهم حكام تل ابيب الملطخة أيديهم بدماء ضحايا حربي الإبادة والتجويع والتدمير في قطاع غزة، والأطفال والنساء منهم على وجه الخصوص.
نستغرب ان دولة عربية واحدة فقط هي التي شاركت الصين في احتفالها بعرضها العسكري بمناسبة ذكرى انتصارها الثمانين على اليابان اثناء الحرب العالمية الثانية، وكانت هذه الدولة مصر، ممثلة بالسيد مدبولي رئيس وزرائها، التي قررت نقل البندقية من الكتف الأمريكي الى الكتف الصيني، وأحسنت صنعا بهذا التحول الذي نعتقد انه تأخر كثيرا، ولكن ان تأتي متأخرا أفضل من ان لا تأتي ابدا.


هذا النظام العالمي الجديد وقيادته يتميز عن خصمه الامريكي بالتضامن، والوقوف في خندق أعضائه في السراء والضراء، فها هي الصين تهرع لمساعدة روسيا في حرب اوكرانيا، وها هو الزعيم الكوري الشمالي لا يكتفي بإصدار بيانات الدعم الشفهية مثل زعمائنا العرب، ويرسل آلاف الجنود مدعومين بالصواريخ والمسيّرات للقتال في حرب أوكرانيا الى جانب الحليف الروسي، بينما أمريكا تحارب حلفاءها الاوربيين وتتفاوض مع روسيا من وراء ظهرهم ودون ابلاغهم وتفرض عليهم ضرائب باهظة.
بوصلتنا كعرب وكمسلمين يجب ان تكون تلك التي تؤشر عقاربها الى الجانب المعادي لدولة الاحتلال وحرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة ولبنان واليمن والعراق وداعهما الأمريكي، أي الى الثلاثي الصيني الروسي الكوري الشمالي الذي يستعد لتزعم النظام العالمي الجديد، وهو اهل للزعامة، وانهاء هيمنة العربدة الامريكية ودولارها الذي يتحكم بالنظام المالي العالمي الحالي، والعد التنازلي لهذا السقوط الكبير قد بدأ انطلاقا من بكين وعرضها العسكري المدعوم بمنظومة شنغهاي الاقتصادية التي تفوقت على نظيرتها للدول السبع.. والأيام بيننا.

Al Enteshar Newspaper

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *