لماذا لم ينفذ عباس أي قرار ضد إسرائيل؟.. ومن الذي يمنعه؟.. ما مصير التنسيق الأمني والاعتراف بإسرائيل؟ وهل “عجزه” ضوء أخضر لاستمرار العدوان؟.. أسئلة شائكة تبحث عن إجابات أمام واقع فرض متغيرات صعبة

 لماذا لم ينفذ عباس أي قرار ضد إسرائيل؟.. ومن الذي يمنعه؟.. ما مصير التنسيق الأمني والاعتراف بإسرائيل؟ وهل “عجزه” ضوء أخضر لاستمرار العدوان؟.. أسئلة شائكة تبحث عن إجابات أمام واقع فرض متغيرات صعبة

الإنتشار العربي :الكثير من الأوراق السياسية والأمنية التي هددت السلطة الفلسطينية باستخدامها كـ”رد أولي” للتعامل مع التصعيد الإسرائيلي الذي حرق الأخضر واليابس، وزادته حدته بشكل مُقلق ومخيف خلال الشهور الأخيرة، في ظل حكومة إسرائيلية مُتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو.
“سنوقف التنسيق الأمني بكل أشكاله، ونُعلق الاتفاقيات السابقة مع إسرائيل ونسحب الاعتراف”، لعل هذه كانت أبرز التهديدات التي يلجأ لها أبرز قادة السلطة الفلسطينية وحركة “فتح”، في محاولة لـ”ردع” دولة الاحتلال عن أي جريمة ترتكبها، لكن تلك التهديدات لم تجد حتى هذه اللحظة أي طريق للتنفيذ.
هذا التعطيل “المُتعمد” من قبل قادة السلطة، فتح باب التساؤلات في الساحة الفلسطينية واسعًا حول من يقف ورائه، ولماذا يد الرئيس عباس لا تصل لمرحلة التنفيذ وتطبيق كل تهديداته، بوقف التنسيق الأمني، وتعليق الاعتراف بإسرائيل وتعطيل الاتفاقيات السابقة؟، أم أن هناك ضغوطات عربية ودولية وأمريكية تحول دون ذلك؟، وكيف تتعامل إسرائيل مع تلك التهديدات؟
ويقول مسؤول كبير في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، إن مثل هذه الخطوة الإستراتيجية (وقف التنسيق) يمكن تنفيذها إذا ما تغيرت قواعد العلاقة بين السلطة وإسرائيل.
ويضيف المسؤول أن وقف التنسيق قد يؤدي إلى اشتباك مسلح بين جنود الاحتلال الذي يداهمون المناطق المحتلة كل ليلة والشرطة الفلسطينية، وسيفضي إلى انهيار السلطة الفلسطينية، مشيرا إلى أن وقف التنسيق بين الجانبين يؤثر بشكل أساسي على استقرار السلطة التي تدير مناطق الضفة الغربية يوميا.
– لمصلحة من؟
كما أن وقف التنسيق يضر بالسلطة الفلسطينية أيضا، فهي تعتمد الترخيص الإسرائيلي للعديد من صلاحياتها الأساسية، منها جواز السفر الفلسطيني حيث حاولت السلطة إصدار جوازات سفر يكتب عليها “صادرة من دولة فلسطين” بدلا من السلطة الفلسطينية، لكنها تراجعت بعد أن هددت إسرائيل برفض أي وثيقة تحمل هذا التوصيف، وفق موقع “ميدل إيست آي”.
ورغم أن المطالبة الشعبية بوقف التنسيق مرتفعة، فإن مسؤولين مقربين من عباس يقولون إنه لن يتم اتخاذ مثل هذه الإجراءات إلا إذا كانت ضرورية للغاية، لأنها قد تشهد نهاية السلطة الفلسطينية.
وفي هذا الصدد قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني، إن “القيادة الفلسطينية تدرس عددًا من القرارات التي ستتخذها لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية، بما فيها مراجعة كافة الاتفاقيات الموقعة”، موضحًا في تصريحات نشرت له أن إسرائيل تدفع نحو تفجير الأوضاع من خلال قرارات وقوانين تتخذها.
وقال محذرًا: “أعتقد أن الوضع على شفى الهاوية والانفجار، ولا أحد يمكنه أن يتوقع ردة الفعل”.
وذكر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أن القيادة الفلسطينية تدرس الآن بعض الإجراءات والقرارات التي ستتخذها في مواجهة التنصل الإسرائيلي من الاتفاقيات الموقعة مع قيادة منظمة التحرير”.
وردًّا على سؤال حول ما إذا كانت القيادة الفلسطينية ستوقف التنسيق الأمني أو تعلّق الاعتراف بإسرائيل، قال: “بوضوح شديد كل الاتفاقيات مع إسرائيل ستُراجع”، متابعًا: “لن نكون الطرف الوحيد الملتزم بهذه الاتفاقيات في الوقت الذي تراجعت فيه إسرائيل عنها، وأي إجراءات ستتخذ من شأنها أن تحافظ على الحقوق الوطنية”.
وفي حديثه لفت المجدلاني إلى أن “هناك مسؤولية دولية وإسلامية وعربية، ولا يجوز الاستمرار بسياسة المعايير المزدوجة”.
وتعتزم حكومة إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو، فرض مزيد من القيود على الفلسطينيين، وسنّ تشريعات من شأنها ضمّ أراضي الضفة الغربية وتشريع بؤر استيطانية والتضييق على الأسرى.
وفي 6 يناير/ كانون الثاني الجاري، أعلنت الحكومة الإسرائيلية تبنّي 5 عقوبات ضد الفلسطينيين على إثر تحرّكهم لمواجهتها في مؤسسات الأمم المتحدة.
وأقرت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، الجمعة الماضية، إجراءات ضد السلطة الفلسطينية؛ بسبب توجهها إلى محكمة العدل الدولية، فيما علقت الرئاسة الفلسطينية، أنها ستواصل نضالها القانوني والسياسي والدبلوماسي، من أجل إنهاء الاحتلال.
وتشمل الإجراءات التي اتخذتها حكومة الاحتلال تحويل 139 مليون شيكل (39 مليون دولار) من أموال السلطة إلى عائلات قتلى إسرائيليين قتلوا في عمليات فلسطينية، كما تقرر خصم فوري لدفعات السلطة الفلسطينية إلى الأسرى وعائلات الشهداء في العام 2022، وتجميد بناء الفلسطينيين في المناطق “ج”.
وقررت حكومة الاحتلال سحب “منافع لشخصيات فلسطينية “تقود الصراع القضائي السياسي ضد إسرائيل”.وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت الأسبوع الماضي لصالح طلب فتوى من محكمة العدل الدولية حول الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
– أسباب عجز الرئيس عباس
المحلل السياسي راسم عبيدات قال : “لا أعتقد أن الرئيس عباس قادر على تنفيذ وعوده بإلغاء الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية والسياسية مع دولة الاحتلال، فهو يدرك تماماً أن بقاء السلطة مرتبط أساساً بالتنسيق الأمني، وتدفق المال إلى هذه السلطة، وبالتالي قراره بالوقف يعني أن عليه تحمل تبعات هذا القرار، والبطانة المحيطة بالرئيس عباس نمت لديها مصالح ولديها علاقات أمنية مع دولة الاحتلال، ووكالة المخابرات المركزية الأميركية (السي آي آيه) والعديد من أجهزة المخابرات العربية والإقليمية والدولية، والتي لديها مصلحة في استقرار الأوضاع في المنطقة”.
وتابع عبيدات: “بالتالي هي لن تسمح بحل السلطة، وكذلك القوى المتضررة من حل السلطة، والتي جرى ربطها بالقروض بأشكالها المختلفة، من خلال المؤسسات المالية الدولية، من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فهي ستحارب من أجل مصالحها، وكذلك هو قطاع رأس المال”.

وقال إن “هناك قضية أخرى تمنع أبو مازن من حل السلطة ووقف ومراجعة الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية والسياسية، وهي عدم قدرته على الخروج عن طوع حاضنته العربية الخليجية، وفي مقدمتها السعودية، التي تشكّل الممول الرئيسي لسلطته وللطبقة السياسية المحيطة به، وكذلك هو يخشى، إذا ما فتح القرار والخيار الفلسطينيان على أرحب فضاء عربي – إسلامي، أي الذهاب لمحور إيران – سورية – “حزب الله”، أن يتم القضاء على سلطته وإيجاد بديل عنه”.
يُشار إلى أن القيادة الفلسطينية قررت منذ سنوات التحلل من الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال، بما فيها الأمنية، سواء العسكرية منها أم الأمنية أم المدنية، والسياسية والقانونية والاقتصادية، وذلك رداً على التصعيد الإسرائيلي بالقتل والضم والاستيطان وسرقة الحقوق الفلسطينية، إلا ن تلك القرارات لم تنفذ حتى هذه اللحظة.
وكشفت وسائل إعلام عبرية، عن موقف السلطة الفلسطينية من الاستمرار في التنسيق الأمني، بعد العقوبات التي فرضتها حكومة الاحتلال على السلطة، وأكدت أن السلطة الفلسطينية لا تنوي وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، رداً على العقوبات المفروضة عليها حتى لا تؤدي إلى تفاقم الأزمة مع حكومة نتنياهو.
ووفقاً للإعلام العبري، فإن الرئيس عباس، ينتظر قيام الرئيس بايدن بالضغط على حكومة نتنياهو لإلغاء العقوبات المفروضة عليها.
وأمام هذا التطور يبقى السؤال الأهم والأبرز.. من يمنع الرئيس عباس من قطع العلاقات مع إسرائيل وتنفيذ تهديداته؟

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *