كيف أذهل زهران ممداني ترامب المتغطرس وأجبره على التراجع مهانا عن جميع تهديداته ومواقفه؟ ولماذا نحمد الله انه لم يهاجر الى أي دولة عربية؟ وهل سيجرؤ نتنياهو على زيارة نيويورك بعد اليوم؟
عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان
ظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمظهر القزم الذليل امام العملاق المسلم الاشتراكي الديمقراطي زهران ممداني في المؤتمر الصحافي الذي عقداه بعد اجتماعهما في مكتب البيت الأبيض، فقد تراجع ترامب الذي “ضبع” كل الزعماء العرب والمسلمين الذين التقاهم، عن اتهاماته وانتقاداته لخصمه، بينما تمسك هذا الخصم الشاب اللاجئ بجميع مواقفه، ولم يتنازل مليمترا واحدا، ولم يعتذر عن أي منها، وخاصة اتهامه لترامب باستخدام أموال الضرائب الامريكية بتمويل حرب الإبادة والتجويع والتطهير العرقي في قطاع غزة.
هذا “الغضنفر” ترامب الذي فرش له العرب سجادا مطرزا بأكثر من 5 تريليونات دولار في زيارة لم تزد عن ثلاثة أيام، كان مثل الحمل الوديع امام زهران، وتراجع معتذرا عن وصفه بالشيوعي، والمتطرف، والمجنون، مثلما تراجع مهانا عن تهديداته بسحب الجنسية الامريكية منه وسجنه وطرده من الولايات المتحدة الامريكية، وقال ان زهران رجل عقلاني، وليس جهاديا متطرفا، ويريد ان يجعل، وهو الديمقراطي، مدينة نيويورك عظمى مرة أخرى، ووعد بدعمه ماليا لتحقيق هذا الهدف.
ترامب لم يجرؤ مطلقا على الرد على مسألة اعتقال بنيامين نتنياهو اذا وطأت قدماه ارض مدينة نيويورك، وعندما سئل من قبل الصحافيين عن هذه المسألة، تهرب من الإجابة، وقال انها لم تكن مدرجة على قائمة البحث والمناقشة.
تراجع ترامب المخجل عن كل مواقفه العدوانية العنصرية مقابل تمسك زهران ممداني الصلب بكل مبادئه وقيمه الإنسانية وأبرزها الانتصار لشهداء غزة ودمائهم الزكية، هو اول وأقوى تجسيد علني للتغيير الكبير والجذري الذي لم يعد مقصورا على الولايات المتحدة الامريكية، وانما بات يجتاح العالم بأسره، فلا مكان اليوم للعنصرية والاضطهاد، والافكار والممارسات الاستعمارية، سواء في الغرب او الشرق، او الشمال او الجنوب.
زهران ممداني هذا الشاب الذي لا يزيد عمره عن 34 عاما، بات رمزا للشباب الأمريكي الذي ثار على سلطته الاستعمارية المتغطرسة في الجامعات والشوارع، وهو التجسيد للديمقراطية الغربية الجديدة، ولم يصل الى زعامة نيويورك أكبر مدينة، وربما أغنى ولاية أمريكية بالوراثة، او بالتزوير، او بدعم اللوبي الصهيوني، او المال العربي والإسلامي، وانما بأصوات الشرفاء والفقراء الذين انحاز لهم، وأكد في حملته الانتخابية بأنه سيسخر جهده لتوفير وتحسين الخدمات المجانية الجيدة لهم، وتخفيض تكاليف المعيشة في ولايتهم.
نحمد الله ان زهران الهندي المسلم هاجر الى الولايات المتحدة الامريكية وليس الى الدول العربية الغنية، والا لجرت معاملته كمهاجر بلا حقوق، او احترام، او تجنيس، او هوية، او انتماء، وعومل كمواطن من الدرجة الواحدة والخمسين.
الأمتان العربية والإسلامية ولادتان ومرحلة الذل والهوان التي تعيشانها حاليا بسبب ولائهما لأمريكا واسرائيل وليس لشعوبهما وعقيدتها لن تدوم وستصل إلى نهايتها حتما وأسرع مما نتوقع.
زهران ممداني جديد سيظهر قريبا جدا، زعيما للربيع العربي مهتديا بقيم واخلاق وانجازات إرث السلف الصالح ورموزه في مختلف الميادين.. زهران القادم لن ترهبه “إسرائيل”، ولن يركع مقبلا أحذية ساكن البيت الأبيض.. والأيام بيننا.
