كنعان النشرة الإلكترونية السنة الثالثة والعشرون – العدد 6600
31 تمّوز (يوليو) 2023
في هذا العدد:
صُدَّها: حيث هي ثقافة بلا انتماء ومتخارجة!
حين يكون المثقف والمقاتل أداة تخارج كالحاكم!
د. عادل سماره
ننشغل جميعاً في توصيف المرحلة التي يمر بها الوطن الكبير فنطلق الأوصاف والتسميات وهذا مشروع بالطبع. وقد يكون منطقياً أن نصف شخوص المرحلة مما يخدم بشكل أفضل لفهم المرحلة. فالمرحلة تعبير مجرد يجد ويحقق تجسيداته في الناس، أو كأن نقول نمط الإنتاج الرأسمالي أو الإقطاعي…الخ فهو تعبير مجرد نجد ملموسيته في الناس، في التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية، الطبقات الاجتماعية.
أقصد بعنوان المقالة أن الثقافة، في مرحلة التردي، قلما تعني انتماء ما، قلما تقود إلى انتماء ما أو على الأقل، يكون الانتماء زلِق متغير وصولاً إلى الانتقال إلى نقيضه وخاصة في حالة المثقف الفرد دون أن يشعر بأي حرج، فما بالك بأكثر.
ولا أخفي قناعتي بأن أحد اسباب فوضى الانتماء الثقافي هو التفكك أو التجزئة الجغرافية في هذا الوطن لدرجة عدم وجود قوى سياسية أو حزبية عابرة للوطن كما كان قبل قرابة قرن مضى، هذا حتى لو وُجدت أحزاب تحمل تسمية عربي أو اشتراكي، فهي غالباً ما انكفأت بعد بُعدها التأسيسي الواسع إلى مستوى قطري وإن احتفظت بالتسمية الواسعة.
وبالمقابل، فإن قطاع مثقفي الدين السياسي كامتداد لقوى الدين السياسي يمثلون تواصلا أو امتدادا وانتماء اوسع ولكن غالباً ما يعنيهم هو الدين/السياسي وليس الوطن أو القومية، بل هم، وخاصة في الوطن العربي، ضد العروبة فينتمون في تخارج طائفي هنا أو هناك.
هل هذا الانتماء المتغير والمرتبك والمختلط والمشوش هو نتاج استدخال الهزيمة/الهزائم؟ والإجابة نعم.
لكن استدخال الهزيمة ليس قدَراً، وبالتالي فالتأثُّر بها يبدأ من استدخالها كليا أو جزئياً وصولاً إلى مواجهتها ورفضها حتى لو قبل أن تُهزم ولن تُهزم إلا برفضها.
وهنا يكون الفيصل هو درجة الوعي العميق والوعي النقدي. فلا يكون ثباتاً في الموقف والانتماء إن لم تكن خلفيته الفكرية عميقة وجرى استيعابها بدقة وبمعزل عن الشعارات.
إثر هزيمة 1967 تراجعت أحزاب عن موقفها وحتى بنيتها على مستوى الوطن الكبير وتحولت إلى منظمات قُطرية. صحيح ان بعضها تمسك بالبعد الوطني وبالبعد الأممي لكن تجاهل البعد القومي فظلت هذه القوى دون عامود فقري مقصوفة الظهر، ولذا، ما أن تفكك الاتحاد السوفييتي حتى انتهت قطرية بحتة أو عادت تستجمع ماضيها القومي فكان ذلك مثابة تعويض تاجر بعد إفلاسه أخذ يلملم بقايا بضاعته التي تجاوزها مزاج المستهلك.
لقد لاحظنا في الوطن العربي كيف تراجعت كثير من الأحزاب والمنظمات الشيوعية واليسارية حتى عن تسمياتها، وهذا ناجم بالطبع عن كون انتمائها شعاراتي اي هي يسار سياسياً لا فكريا ونظرياً متأثر بوجود قلعة الاشتراكية التي انهارت بانهيار الاتحاد السوفييتي. وحينما نهضت روسيا الاتحادية أخذ يستعيد البعض تسميته السابقة ولكن أطروحاته بقيت بلا روح لأن شيوعيته الجديدة خالية من الأصالة.
مع تراجع وحتى هزيمة التيار العروبي في الستينات وما بعد ذلك وانهيار مصر كدولة عربية مركزية حيث هبطت كما جلد الثور، وبالطبع فشل الوحدة المصرية السورية، فُتح الباب امام ظواهر رجعية متخلفة متخارجة الانتماء كالطائفيات وخاصة سنة وشيعة بدل عروبة، والجهويات كالخليج، والهلال الخصيب وتعدد المغارب العربية، وانتعشت الإثنيات خاصة بتحريض ودعم غربي بهدف تجزئة كل قطر عربي من داخله، ووصل الأمر إلى شعور البعض بأن أمانه في التبعية لدولة إقليمية هي اساساً في تناقض مع العروبة، وصولاً وانحداراً إلى شعور البعض أن أمانه في العشيرة. لذا كان انتعاش ما يسمى الأمازيغ بدل البربر، والفينيقية بدل العروبة، والاشورية، والكردية…الخ. أما اللبرالي فجلس مسترخياً على أريكته يقهقه في زاوية لأنه ازداد اقتناعاً بأن التخارج للغرب إكسير البقاء.
لم يقتصر الأمر على تخلي كثير من الأحزاب عن كونها عروبية ومن ثم انحصارها قُطرياً، فضمن هذه التغيرات والتساقطات تغيرت مواقف قوى ومنظمات حتى من القضايا الوطنية، فلم تعد تسمية “تحرير فلسطين” تعني لدى العديد من الفصائل الفلسطينية سوى دولة في المحتل 1967. وذهب البعض منها إلى موقف عدمي لا يعدو كونه هروب إلى الأمام بالدعوة لدولة واحدة مع المحتل ينظر لها المحتل بازدراء وكبرياء ويُفرز لهؤلاء بعض من يتأستذ عليهم من طراز إيلان بابيه أو أمنون راز كروكستين أو من هم أقل شأنا وأدنى كعباً.
قاد تراجع المد القومي في الوطن عموماً إلى درجة من الانحطاط الأخلاقي الناجم عن مصالح طبقية كمبرادورية في الأساس أو حتى قرار “أنج سعد هلك سعيد” فوجدنا جيوشاً عربية تعتدي على العراق عام 1991 في ذيل الجيوش الغربية بحجة أن الكويت دولة تعترف بها الأمم المتحدة. حينها تحديداً كان يجب ان يقول الغرب بجدارة وملئ فمه “ها قد عدنا يا صلاح الدين”! وقد قالها الجنرال الفرنسي غورو بعد معركة ميسلون على ابواب دمشق واستشهاد يوسف العظمة الأسطورة الحقيقية التي يجبن الكثير عن تقديسها!
منذ خيانة الكام للعراق عام 1991 أصبح تجنيد نظام عربي مقود بنظام كمبرادور شديد التبعية ضد آخر أمر طبيعي في خدمة الإمبريالية حيث جرى إرساء تقويض العروبة بالعرب! فكان العدوان من عرب يقودهم الغرب والكيان ضد ليبيا ومن ثم سوريا واليمن والبحرين…الخ.
لقد كان ولا يزال وراء ذلك اجتثاث شأفة القومية العربية وحصل هذا إلى درجة كبيرة.
هذا المناخ المعمم من الهزيمة أرخى بذيوله على بعض الأقطار العربية بحيث تقوم الإمبريالية بتنصيب أنظمة على بلدان كالعراق وليبيا هي أدوات للإمبريالية وذات توجهات بين طائفية بغيضة أو/و دين سياسي مضاد للعروبة بوضوح ومتقبِّل لسيده الاحتلال ونهب الثروات وفاسد وشريك وصيع في نهب البلد.
تمفصلت عن هذه الانهيارات والهزائم المعممة ظواهر ثقافية فردية انفلتت إلى حد لم يعد لها مداراً محدداً. اصبحتَ تجد مثقفاً انتقل من الماركسية إلى الدين السياسي وجرى الاستماع له كما لو أن شيئا لم يحصل، أو مثقف قومي ينطلق من تحرير فلسطين إلى منادٍ بشرعية دولة الاحتلال أو مثقف يستجدي العدو الأمريكي لاحتلال العراق. أو اتحاد كتاب من قُطر أو على صعيد عربي يتزلف ثقافيا لمشايخ الخليج للحصول على جائزة ممن لا علاقة له حتى بفك الحرف. أو مفكر له تراث ونتاجٍ لامعٍ ينتهي مترزِّقاً على فضائيات الخليج كي يتحدث بنصف لسانه ماسحاً من ذهنية مريديه ما قد أنتج ولا أدلُّ على ذلك من تحول قَطَرْ إلى “جمهورية أفلاطون الثقافة العربية”! وما أكثر الحجيج إلى هناك.
هناك ظاهرة لافتة تقع بين برزخ انعدام الحريات في الوطن العربي وبين فرصة التنفيس بنقد الكيان الصهيوني. فكثير من القوى والمثقفين في الوطن العربي يجدون بعض الحرية في رفض الكيان الصهيوني ونقده وإعلان تأييدهم لفلسطين وذلك من صنفين:
الأول: عروبي حقيقي
والثاني: ليس عروبياً بل طائفياً أو يساريا او لبراليا سطحياً بالطبع…الخ يتوكأ على زعم تأييد فلسطين ليجد فرصة للتعبير والتنفيس وهذه تيارات أو اتجاهات أو افراد لا يُعوّل عليها.
التخارج الجديد
لم يتغير ارتباط وتبعية مثقفي اللبرالية بالغرب. بقي هؤلاء على ولائهم، بل وشعروا بأنهم التقطوا “الحقيقة” باكراً وبأن الغرب قوة ابدية الوجود هائلة القدرة وبأن تبعيتهم له دليل على رؤية دقيقة لما يجب الانتماء إليه والانحياز له حتى لو كان دورهم في مستوى الخيانة والأنجزة وكتابة التقارير…الخ.
ولكن تخارجاً آخر قد طرأ على الصعيد العالمي بعد تفكك الاتحاد السوفييتي الذي كان الأمل الكبير للكثيرين بأنه سيحرر العالم وهم ضمنه دون أن يتكلفوا تعب الثورة! ما يحصل اليوم هو حلول النظام الصيني الحالي محل السوفييتي وبالتالي تتكون قشرة ثقافية في الوطن العربي تُتوِّج الصين عليها.
لعل آخر ما صدر عن هذه القشرة موافقة عديد الأحزاب الشيوعية في الوطن العربي وفصائل فلسطينية على حل الدولتين كما ترى الصين بما يعني تجديد موقف الاتحاد السوفييتي السابق من الصراع العربي الصهيوني. ومن اللافت أن دعوة الصين لهذا المؤتمر بعد قرابة شهرين من وساطتها بين طهران الشيعية والرياض الوهابية أما الخاسر المباشر من ذلك فهي فلسطين حيث جرى تمرير الموافقة على المبادرة العربية لتصفية القضية الفلسطينية. لذا، كان من حضروا مؤتمر الصين على علمٍ ببيان المؤتمر قبل انعقاده، ذهبوا موافقون.
ومع ذلك، فإن القشرة الثقافية صينية الهوى ترى اي نقد للصين مثابة نكرانٍ لجميلها العجيب!!! وبأنه نقد لا اساس له. لقد خلط هؤلاء بقصد بين كون الصين نقيضا لأمريكا أو بالأحرى كون أمريكا تعتبر الصين نقيضاً لها وبين وجوب اتخاذ العربي موقفه على اساس المصلحة العروبية الواسعة دون تبعية لأي قطب.
وبالمقياس نفسه، نشأت قشرة ثقافية في الوطن العربي وخاصة لدى الفلسطينيين تعتبر إيران فوق اي نقد، وتصر على وجوب كيل المديح للسياسات الإيرانية تجاه الوطن العربي مما يُخرج هذه القشرة من انتمائها العروبي وخاصة من يهلوسون بالحسين على ما لا يقبل به الحسين نفسه.
فإيران الداعمة مالا وتسليحا لفصائل فلسطينية إنما تفعل ذلك من باب مشروعها الهيمني القومي الفارسي في المنطقة وهي ترى في فلسطين المدخل الأفضل لتجذير شعبية لها. بينما إيران في العراق تستغل العراق شاهد الفيديو عن نهب ايران لنفط العراق:
كما تدخل إيران في عملية تقاسم مع أمريكا وخاصة في نفط العراق وعائداته، هذا دون أن نشير إلى تساهل أمريكا مع البلدين فيما يخص طبيعة العقوبات الأمريكية ضد إيران مقارنة بالحرب الاقتصادية على العراق 1991-2003 وعلى سوريا حتى اللحظة! وحتى تستغل إيران مساعداتها لليمن بحيث تمد هيمنها إلى هناك.
يفتح هذا على التفكير والموقف بالقطعة، فيقول قادة من فصائل م.ت.ف:”السيد إسماعيل قائاني قال لنا خذوا مالا وسلاحا بلا حساب” ! جميل، ولكنه قائد سلاح البحرية الإيراني ينادي باحتلال البحرين!
وهذا لا يختلف عن صمت مثقفي إيران العرب عن احتلال الأهواز، فما قولهم في قائد بحرية إيران حيث يعتبر البحرين أرضاً إيرانية!
صحيح أن قيادة إيران إسلامية ولكن صحيح ايضاً أن هذا الإسلام حامٍ لها من التفكك نظرا لتعدد القوميات هناك بحيث يبدو من يطالب بحقوق قومية من غير الفرس كأنه ضد الإسلام. وهذا جميل لإيران، ولكن حين يُسوِّق هذا مثقف عربي بأن إيران موقفها تجاه فلسطين “عقدي/عقائدي” فهو يكذب على نفسه لأن إيران تبغي الهيمنة بإسلامها على الوطن العربي اي على من ليسوا رعاياها، وتمريرها ل “المبادرة العربية” مؤشر واضح ومؤسف..
وفي كل الحالات، هذا من حق إيران دولة تحاول إقامة واقع جيوسياسي لصالحها لكنه يتناقض في التحليل الأخير مع المشروع العروبي. لا توجد دولة في العالم بلا طموح هيمني.
وفي هذا السياق، فإن إيران تتمتع بفرصة مميزة لمد هيمنتها مستفيدة من تجزئة الوطن العربي وبالتالي التعاطي مع كل قطر بالمفرق مما يخفي هدفها في خصي المشروع القومي العربي ويساعدها في ذلك كون الأنظمة العربية عدوة للأمة مما ينتهي في التحليل الأخير بأنها شاءت ام ابت هي أنظمة خادمة للهيمنة الإيرانية.
هناك طبعاً كثيرا من الإنفاق الإيراني على مواقع وشخوص ومؤسسات تخدم هيمنتها وبالتالي ينبري كثير من المثقفين لتجميل وجه إيران بالمطلق يتبعهم العديد من اشباه قارئي اللغة وغلمان التواصل الاجتماعي (غلمان ثقافيا وعقليا) كأصحاب مواقع أو قُرَّاء أو معقبين.
لا تنحصر مرتكزات الهيمنة الإيرانية هنا بل تأخذ شكل خطة متكاملة من حيث:
· الزعم بأن إيران وخاصة الخامنئي هو امتداد لآل البيت وكأن إيران وريثة بيولوجية لنسل الرسول!
· تقديس الحسين ليس لقداسته بل بهدف الطعن في التاريخ العربي وخاصة ضد الأمويين رغم أن العودة لذلك الزمان:
o إما لتحرير التاريخ بشكل علمي
o أو كضربٍ من العبث
o أو، وهو الأخطر توظيفها ضد العروبة بما في ذلك شجب الفتوحات العربية الإسلامية مع أن أولى الفتوحات كانت في عهد النبي نفسه، معركة مؤتة مثلاً.
· التصوير بأن موقف إيران من فلسطين والمقاومة هو موقف عقدي وكأن هذا ليس موجودا لدى المقاومة الفلسطينية، هذا مع أن أدبيات الدولة الإيرانية تدعو إلى حل ديني في فلسطين وهو حل مضاد لحق الشعب العربي الفلسطيني.
· إفلات مشايخ من لبنان حتى طهران وصولاً إلى تونس والرباط يروجون ضد التاريخ العربي داعين للشيعية مما يؤلِّب الطائفيين السُنّة.
ولا يختلف كثيرا موقف الأنظمة وقوى ومثقفي الدين السياسي الأتراك. فإضافة إلى العدوان المتواصل من إرهابيي الدين السياسي بقيادة الاستعمار التركي المتجدد، فإن تمويل هؤلاء خليجي بشكل معلن.
وينادي هؤلاء بإعادة السلطة التركية على الوطن العربي باسم الخلافة إلى درجة تأييد هؤلاء لاحتلال تركيا أراض سورية منذ قرابة قرن وتوسع ذلك اليوم أي من إسكندرون وحتى الفرات وأراضٍ عراقية ايضا وتصر على احتلال الموصل وضمها وبعلانية. وهو موقف مثير للسخرية حيث يبرر لمسلم احتلال ارض مسلم آخر، ناهيك عن تغوُّل تركيا في ليبيا.
وتركيا “الخلافة الإسلامية” عضو في الأطلسي وعلى علاقة تطبيعية تحالفية مع الكيان الصهيوني منذ بداية الخمسينات وهي علاقة إستراتيجية متجددة.
وبالتوازي مع القوات وأجهزة الإعلام التي تخدم السياسة الإيرانية في الوطن العربي هناك شبكة مشابهة تخدم الهيمنة بل حتى الاستعمار التركي ضد الوطن العربي.
يمكنك فهم ولاء “المعارضة السورية” لتركيا بما هي أداة دين سياسي لا أرضية وطنية لها، مارست المذبحة ضد الوطن. وها هي تركيا تُذل السوريين هناك وتحاول جعلهم جداراً خائنا على الحدود بين سوريا وتركيا. وحتى هذا الجدار لم تفكر فيه تركيا إلآ بعد ان عجزت عن احتلال كامل سوريا!
(شاهد الفاشيين الترك يقتلون تاجر سوري هو واصدقائه ي وضح النهار
صحيح أن علاقات الدول لا تُحدد بحادث فردي، ولكن من يدري عن كل ما يحدث، ويكفي أن أردوغان يُعلن أنه لن يسحب عدوانه الحربي من الأراضي السورية.
أما ثالثة الأثافي فهي تراكم آلاف السياسيين الفلسطينيين فصائلاً ومثقفين في تركيا باعتبارها “قلعة” مؤتمرات وإقامة هؤلاء! كيف يطيق فلسطين تتويج تركيا قائدة ل “نضاله”؟ أليس هذا موقف تابع وطائفي سُني ضد إيران الشيعية! لكن المهم أنه حين تحضر الطائفية تغيب العروبة.
وهنا من المهم الإشارة إلى أن تنافس الترك والفرس على الوطن العربي يجري بالنيابة عنهما بين العرب وفي الوطن العربي نفسه بينما النظامين على علاقة تهادن قوية وواضحة، اي أن عرب هذا وذاك يقتتلان من أجل هذا وذاك. ولعل من المثير للسخرية السوداء أن تقرأ لمثقفين عرباً تحليلات موسعة عن تاريخ وحاضر الاستعمار التركي وجميعه صحيحاً ولكنه لا يذكر قط أن أرضا عربية تحتلها إيران ولو من قبيل المعلومات. أنقول هذا المثقف جباناً أم مرشياً!
وهكذا، فإن رؤية المشهد كما نراه دائما يطرح التحدي بمعنى:
· هل يحق لنا طرح المشروع العروبي كحق لنا؟
· هل طرح المشروع العروبي هو عداء لتركيا وإيران أم حق وواجب عروبي.
· هل ضعف الوضع العربي وعداء الأنظمة العربية للعروبة هو مبرر أن نكون تابعين كما كان الغساسنة والمناذرة. وطالما الإسلام العربي أنهى تلك التبعية فلماذا نخسر الإسلام العربي اليوم بل يتحول مجدداً كأداة للطرفين ضدنا؟
· هل نهديهما الإسلام كي نشجع الإلحاد الفج والهروبي بل وحتى التبعية للغرب وصولا إلى تبرير المثلية؟
· إذا كان الإسلام هو أن الناس شركاء في ثلاثة: “الماء والكلأ والنار” فهذا ينفي الملكية الخاصة وبالتالي لماذا نتبرع به للغير بدل أن يتبعه الغير كما هو اصلاً! فهذا التشارك يرفض راس المال والبرجوازية والفقهاء ورجال الدين السياسي ويقاطع الغرب ويرفض التبعية لشرق لم يعد اشتراكياً…الخ
هناك قشور ثقافية تعتقد بأنه لولا إيران لضاعت القضية الفلسطينية وسقطت سوريا، وهذا تحقير للنضالين الفلسطيني والسوري. فمساعدة الحليف لا تحل محل الأصيل. فالمال حتى والسلاح لا يخلقان ثورة بل هما أدوات لها. فما من ثورة بدأت مسلحة وغنية، ومن يُثري الثورة يقتلها. هل هناك أكثر من 2 ترليون دولار من الخليج “لثوار” سوريا؟ بل كم دولة في العالم لديها دبابات واسلحة كما ل “ثوار” سوريا! إيران تدعم سوريا لأن صمود سوريا يحمي إيران ويحمي روسيا كما يقول بوتين بوضوح وهو اصدق من غيره بكثيييير. وإيران تمول وتسلح فلسطينيين فليس أربح من فلسطين لمشروع الهيمنة الإيراني الذي اسس له السيد الخميني. ومع ذلك شكراً إيران ولكن لستِ سيدتي.
العجزة والمتقاعدون والهاربون والتوكليون المتواكلون من الفلسطينيين الذين يرتعبون من مجرد عدم مدح إيران لأنهم يرون أنه لولا إيران لمتنا جميعاً هؤلاء إيران أفضل منهم بألف مرة.
مثقفون في ارتباك بنيوي:
متى ننتهي من:
· مثقفين ماركسيين يجزعون من مجرد النطق بأن لدولة ما مشروع هيمنة
· مثقف “عروبي” هتف أمس ضد أردوغان وهتف اليوم معه ليكسب الانتخابات
· مثقف، والله أعلم، حين ننتقد أو حتى نلوم إيران على العراق يقفز للقول: لماذا لا تهاجموا امريكا في العراق! فهل من به عقل لا يفهم أننا ضد أمريكا في أمريكا نفسها!
· مثقف ماركسي يكاد يغتالك حين تقول: “ماذا لو انتصرت عائشة على علي”! بينما لا يستفيد من انتصار فاطمة على علي حيث منعته من الزواج عليها واصرت على بقاء خادمتها معها.
· يساري يرفض نقد إيران لأنها أعطت حماس 400 مليون دولار! كيف عرفت؟ بينما ينتقد قبض حماس من قطر!
· مثقف ماركسي مع تحرر المرأة ولا ينتقد مشكلة مهسا اميني وغطاء الرأس وبالطبع ربما سافر أو سوف يسافر للمتعة التامة إلى أنطاليا في تركيا.
· مثقف ماركسي عقيديا كما يزعم ولا يتناقض مع عقيدية الدين السياسي سواء سلفي سني أو شيعي.
· ماركسي عروبي لكن ولائه لولي الفقيه وولاية الفقيه لا اصلا دينيا لها، فلا رهباينة في الإسلام. ونُضيف، مع تقديرنا لستالين “لا ستالينية في العرب”
ولمن رغب فليسأل: ومن انت!
لست سوى: “رجل من قريش يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ويأكل القديد” إذا صح هذا عن النبي الكريم والمظلوم بكم/ن. انا عربي عروبي متمسك بهذا بتماسُك.
________
تابعونا على:
- على موقعنا:
- توتير:
- فيس بوك:
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org